هل تأثم المرأة إذا لم تشارك في الانتخابات؟!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد ظهر في السنوات الأخيرة مصطلح "الداعيات" و يراد بهن بعض النساء اللاتي يتولين التدريس والوعظ، ولقد بلغني أن بعضهن يتجرأن على الفتوى بغير علم ولا شك أن هذا مسلك خطير لأن القول على الله بغير علم من أكبر الكبائر، قال تعالى (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَـزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) [الأعراف- 33] وقال (..... وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ ) [البقرة: 168-169]، وقال (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا ) [الإسراء- 36]. ومعنى (لا تَقفُ) أي: لا تتبع.
أخي القارئ وفقك الله لكل خير إذا علمت هذا ادركت خطورة الفتوى بغير علم فهي "توقيع" عن رب العالمين وكأن المفتي يقول لو أنزل الله قرآناً لقال هذا الذي أقوله لكم!!
اخي القارئ حفظني الله وإياك من الفتن ما ظهر منها وما بطن لقد انتشرت في هذه الأيام فتاوى هنا وهناك في حلقات نسائية مصدرها بعض "الداعيات" أن المرأة "يجب" عليها أن تشارك في الانتخابات وتدلي بصوتها لبعض المرشحين وإذا لم تشارك فهي "آثمة" وتعتبر "ساكتة" عن إنكار المنكر و "مساهمة" في خذلان المرشحين المصلحين وأن الله تعالى "سيسألها" يوم القيامة!! إلى غير ذلك مما يتجرأن به على الله تعالى ويخوفن به النساء الحاضرات في الدروس ولا شك أن هذا الكلام ما أنزل الله به من سلطان ولا نعلم أن أحدا من أهل العلم قال به، بل هو أسلوب "المفاتيح" الانتخابية وليس أسلوب "الدعاة" إلى الله تعالى. فيا ليت كل من يدعو إلى الله تعالى أن ينأى بنفسه عن الانتخابات وأهلها ويقتصر على دعوة الناس إلى تقوى الله تعالى والإنابة إليه إذ بالتقوى ينال المرء سعادة الدنيا والآخرة ويدخل الجنة وينجو من النار. قال تعالى: ((وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ) [الأعراف- 96] وقال تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا *وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) [الطلاق: 2-3].
أختي المسلمة يا من تصدرت التدريس والوعظ ترفعي عن الانتخابات ولا تشغلي نفسك والأخوات بالمرشحين فإن "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" الترمذي ]2317[. فيا ليتك اقتصرت على نقل الفتاوى من مصدرها بدلا من تصدرك للفتوى وتحملك لما يترتب عليها فإن الله تعالى سيسألك يوم القيامة عن كل صغير وكبير. وفي الحديث "إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت" [رواه ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه صحيح الجامع (673) وروى البزار عن انس رضي الله عنه نحوه صحيح الجامع (674)].
وأقول لكل مسلمة " لا يجب" عليك المشاركة في التصويت وهذا هو الأصل، البراءة من التكليف بالوجوب حتى يقوم دليل شرعي يدل عليه، ونحن على البراءة الأصلية حتى يفتي العلماء و نعرف مسلكهم وما استندوا إليه من الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة.
والحمد لله أولاً وآخراً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
فوائد قيّمة
الفائدة (1)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: (ليس من حق الإنسان أن يقدح في أخيه إذا خالفه في الرأي بمقتضى الدليل عنده أما من عاند وأصر بعد قيام الحجة عليه فهو الذي يلام) أ هـ [شرح رياض الصالحين 2/377].
الفائدة (2)
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: (لا أعلم بعد قتل النفس شيئا أعظم من الزنا) [الداء والدواء ص 105- ابن القيم].
الفائدة (3)
قال الشيخ عبد المحسن العباد: (وأما "إلا رسول الله" فهذا كلام غير صحيح لابد أن يؤتى بالمستثنى منه، ولا شك أن الإساءة لله تعالى أعظم من الإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي عبارة غير مستقيمة ولا تصح). " شرح سنن ابن ماجه "
الفائدة (4)
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى: (إن كثيرا من الأزواج يريدون الحالة الكاملة من زوجاتهم، وهذا شيء غير ممكن وبذلك يقعون في النكد، ولا يتمكنون من الاستمتاع والمتعة بزوجاتهم وربما أدى ذلك إلى الطلاق، كما قال عليه الصلاة والسلام:"وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها"، فينبغي للزوج أن يتساهل ويتغاضى عن كل ما تفعله الزوجة إذا كان لا يخلّ بالدين او الشرف). [حقوق دعت إليها الفطرة- 22].
الفائدة (5)
اعلم أن البخل خصلة قبيحة والكرم والسخاء يغطي كل العيوب، قال الشاعر:
إذا كثرت عيوبك في البرايا *** أسرك أن يكون لها غطاءُ
تَسَتَّر بالسخاء فكل عيب *** يغطيه كما قيل السخاء
الفائدة (6)
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله: (لا ريب أن كل إنسان عاقل يعلم الفرق بين دعوة الإنسان الجاهل ودعوة الإنسن المعاند والمكابر ولهذا قال الله تعالى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم) فالذين ظلموا لا نجادلهم بالتي هي أحسن وإنما نجادلهم بما يليق بحالهم وظلمهم ولا بد أن يكون الداعية عالما بأسلوب الدعوة وكيف يدعو الناس وهذا أمر مهم جدا). [تعاون الدعاة وأثره في المجمتع- 7].
الفائدة (7)
ذكر الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم- 1/225" أن ابن عباس- رضي الله عنهما- سئل عن أمر السلطان بالمعروف ونهيه عن المنكر فقال: "إن كنت فاعلا ولا بد ففيما بينك وبينه".
الفائدة (8)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: (إن مقام الدعوة إلى الله تعالى مقام عظيم ومرتبة عالية لأنه مقام صفوة خلق الله تعالى من الرسل الكرام وخلفائهم الراشدين الذين خلفوهم في العلم بالحق والعمل به والدعوة إليه، فجدير بنا أن نولي هذا المقام مجهودنا ونسعى فيه السعي اللائق مخلصين لله في ذلك متبعين لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم ليكون سعينا مشكورا مقبولا). [رسالة في الدعوة إلى الله- ص3-4]
الفائدة (9)
قال الألباني في (السلسلة الضعيفة- 36): (حب الوطن من الإيمان) موضوع كما قال الصغاني (ص7) وغيره قلت: ومعناه غير مستقيم إذ إن حب الوطن كحب النفس والمال ونحوه، كل ذلك غريزي في الإنسان، لا يمدح بحبه، ولا هو من لوازم الإيمان، ألا ترى أن الناس كلهم مشتركون في هذا الحب، لا فرق في ذلك بين مؤمنهم وكافرهم؟! [السلسلة الضعيفة 1/100]
الفائدة (10)
في قوله تعالى (فأينما تولوا فثم وجه الله) [البقرة- 1115] وجه الله: اختلف فيه المفسرون من السلف والخلف فقال بعضهم المراد به وجه الله الحقيقي، وقال بعضهم المراد به الجهة. فثم وجه الله: يعني في المكان الذي اتجهتم إليه جهة الله عز وجل وذلك لأن الله محيط بكل شيء ولكن الراجح أن المراد به الوجه الحقيقي لأن ذلك هو الأصل وليس هناك ما يمنعه وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله قبل- بكسر القاف وفتح الباء- وجه المصلي والمصلون حسب مكانهم يتجهون فأهل اليمن يتجهون إلى الجنوب وأهل المشرق إلى المغرب وأهل المغرب إلى الشرق وكل يتجه جهة لكن الاتجاه الذي يجمعهم الكعبة وكل يتجه إلى وجه الله وعلى هذا يكون معنى الآية أنكم مهما توجهتهم في صلاتكم فإنكم تتجهون إلى الله سواء إلى المشرق أو إلى المغرب أو إلى الشمال أو إلى الجنوب. ذكر هذا ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره لسورة البقرة.