هُوَ سَمَّاكُمُ المُسْلمينَ
الحمد لله الذي جعلنا مسلمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن المسلم لا يَتَسَمَّى إلا بالإسلام ولا يرضى أن يسميه أحد إلا به، والإسلام هو الاسم الذي سمانا الله تعالى به وارتضاه لنا. قال تعالى: ((..... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا ...)) (الحج: 78)، والضمير في قوله هو سماكم المراد به الله تعالى، قال ذلك غير واحد من السلف كما في تفسير ابن كثير منهم ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد وعطاء والضحاك والسدي ومقاتل بن حيان وقتادة رحمهم الله تعالى. قال الشيخ عبد الرحمن بن السعدي: (هو سماكم المسلمين من قبل) أي في الكتب السابقة مذكورون ومشهورون، (وفي هذا) أي: هذا الكتاب وهذ الشرع أي: ما زال هذا الاسم لكم قديماً وحديثاً.
والإسلام اسم ظاهر الدلالة والمعنى لا لبس فيه ولا اشتباه فهو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة فكيف نَعْدل عنه إلى اسم آخر إما مجهول المعنى أو غامض او يحتمل أكثر من معنى أو له في تفسيره وجوه؟!
الليبرالية اسم متداول غامض
أسمع بالليبرالية كما يسمع غيري ويتداول الناس هذه التسمية وربما يتسمى بها البعض ولا يدرك معناها وأحياناً تطلق هذه التسمية على بعض المسلمين المصلين في المساجد فيقال فلان "ليبرالي" ولا يتحرج كثير من الناس بإطلاق هذا الاسم والأعجب من ذلك أن الذي يطلق عليه "ليبرالي" لا يحتج إما لأنه يرضى أن يُطلق عليه وقد اختار ذلك لنفسه وإما لأنه يجهل وجوب نفي هذا الاسم عن نفسه فهو بين أمرين أحلاهما مرُّ!!
ما معنى الليبرالية؟
أفادني أحد طلبة العلم - جزاه الله خيراً - وهو الشيخ عبد الله بن شبيب بالآتي: الليبرالية مصطلح أجنبي معرب مأخوذ من كلمة "إنجليزية" وهي تعني "التحررية" وهو مذهب فكري سياسي.
"يقول جميل صليبا: الليبرالية مذهب سياسي فلسفي يقرر أن وحدة الدين ليست ضرورية للتنظيم الاجتماعي الصالح وأن القانون يجب أن يكفل حرية الرأي والاعتقاد،" [المعجم الفلسفي ـ (465/1)]. ويقول دونالد سترومبرج: (إن كلمة الليبرالية مصطلح عريض وغامض، شأنه في ذلك شأن مصطلح الرومانسية ولا يزال حتى يومنا هذا على حالة من الغموض والإبهام) [تاريخ الفكر الأوربي الحديث ـ ص337]. وجاء في الموسوعة البريطانية: "ونادراً ما توجد حركة ليبرالية لم يصبها الغموض، بل إن بعضها ينهار بسببه".
حكم من قال أنا مسلم ليبرالي
أخي القارئ الكريم لقد سُئل سماحة الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان آل فوزان - عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية - :
ما قول فضيلتكم في الدعوة إلى الفكر الليبرالي في البلاد الإسلامية؟ وهو الفكر الذي يدعو إلى الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي فيساوي بين المسلم والكافر بدعوى التعددية ويجعل لكل فرد حريته الشخصية التي لا تخضع لقيود الشريعة كما زعموا ويحاد بعض الأحكام الشرعية التي تناقضه كالأحكام المتعلقة بالمرأة أو بالعلاقة مع الكفار أو بإنكار المنكر أو أحكام الجهاد... إلخ الأحكام التي يرى فيها مناقضة لليبرالية وهل يجوز للمسلم أن يقول (أنا مسلم ليبرالي)؟ وما نصيحتكم له ولأمثاله؟ فأجاب حفظه الله تعالى:
"ان المسلم هو المستسلم لله بالتوحيد المنقاد له بالطاعة البريء من الشرك وأهله، فالذي يريد الحرية التي لا ضابط لها إلا القانون الوضعي هذا متمرد على شرع الله يريد حكم الجاهلية وحكم الطاغوت فلا يكون مسلماً، والذي ينكر ما عُلًمَ من الدين بالضرورة من الفرق بين المسلم والكافر ويريد الحرية التي لا تخضع لقيود الشريعة وينكر الأحكام الشرعية من الأحكام الشرعية الخاصة بالمرأة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومشروعية الجهاد في سبيل الله، هذا قد ارتكب عدة نواقض من نواقض الإسلام، نسأل الله العافية". والذي يقول "إنه مسلم ليبرالي" متناقض إذا أريد بالليبرالية ما ذكر فعليه أن يتوب إلى الله من هذه الأفكار ليكون مسلماً حقاً. انتهى كلامه
الخلاصة
الواجب أن نتسمى بالإسلام كما سمانا الله تعالى.
لا يجوز أن نتسمى بغير ما سمانا الله به فيحرم أن نتسمى بالليبرالية وغيرها.
لا نطلق على مسلم أنه "ليبرالي" ولو أطلق على نفسه لاحتمال جهله بحقيقة الليبرالية.
الليبرالية مفهوم غربي أجنبي دخيل على الإسلام والمسلمين لا صلة له بنا من قريب ولا بعيد.
الليبرالية اسم للتحررية غير المنضبطة بالشرع.
الليبرالية يشوبها دائماً الغموض ويخفى أمرها على عامة الناس.
نبذ العلماء لليبرالية والحكم عليها بأنها مناقضة للإسلام.
لا يجوز أن يطلق المسلم على نفسه أنه "مسلم ليبرالي".
الواجب على من عرف من يسمي نفسه "مسلم ليبرالي" أن ينصحه ويبين له حكم الإسلام فيه.
لا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة يسمع الناس في الصحافة وغيرها يطلقون عليه "اسم الليبرالي" ويسكت على ذلك.
هذا والله أسأل أن يحفظني وكل مسلم من الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمدلله اولاً واخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.