موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

دعوة الكفار ربح و دعوة المسلمين رأس مال

27 ذو القعدة 1427 |



الحمد لله وكفى والصلاة والسلام على نبيه المصطفى وعلى آله وصحبه ولمن لأثره اقتفى، أما بعد:


فإن الله تعالى أمر بالدعوة إليه فقال (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) [النحل- 125]، وقال تعالى (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت- 33]، وقال تعالى (قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) [يوسف- 108[.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((بلغوا عني ولو آية)) البخاري ]3461[، وقال ((لأن يهدي الله بك رجلا واحد خير لك من حمر النعم)) البخاري ]3701[
 والأدلة في الأمر بالدعوة إلى الله تعالى وفضلها وآدابها كثيرة معلومة ويستفاد منها:

  1. أن الدعوة يجب أن تكون لله وإلى سبيل الله، فيبتغي الداعي وجه الله تعالى لا شريك له فلا يدعو إلى نفسه ولا إلى حزبه ولا إلى تجمعه ولا لرئاسة أو منصب أو مال أو شهرة أو غير ذلك من المقاصد الدنيئة الزائلة.

  2. أن تكون الدعوة إلى سبيل الله وهو صراطه المستقيم وسبيل رسول رب العالمين.

  3. أن تكون الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وضابطها أن تكون بالعلم والرفق والصبر،

    • فالعلم قبل الأمر والنهي.

    • والرفق عند الأمر والنهي.

    • والصبر على الأمر والنهي وبعدهما.

  4. للدعوة فضل عظيم فلا أحد أحسن قولا وحالا ومآلا ممن دعا إلى الله تعالى.

  5. أن الدعوة تكون بقدر الاستطاعة ولو بتبليغ آية من القرآن أو حكم من أحكام الإسلام أو سنة من سنن الرسول عليه الصلاة والسلام.



أخي القارئ الكريم وفقني الله وإياك إلى كل خير إذا أردت عملا لا ينقطع فيه الأجر والثواب فعليك بالدعوة إلى الله تعالى، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((إن الدال على الخير كفاعله)) صحيح الجامع ]1605[

.

أخي القارئ العزيز اعلم رحمني الله وإياك أن من الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى أن يعتني الداعي بدعوة المسلمين أكثر من عنايته بدعوة الكفار لأن دعوة الكفار ربح وزيادة في عدد المسلمين بينما دعوة المسلمين فيها المحافظة على رأس المال، والتاجر الناجح يسعى إلى سلامة رأس ماله ثم يسعى إلى تحصيل الأرباح. إذا عرفت هذا تبين لك أن الواجب بذل الجهد مع التركيز على دعوة المسلمين وتصحيح عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم لا سيما أن المسلمين قد دخل عليهم الشيء الكثير من الزيغ والضلال في العقائد ، والبدع والمحدثات في العبادات كما انحرف كثير من المسلمين في أخلاقهم فوقعوا في كل فاحشة ومنكر من المخدرات والمسكرات والزنا والعقوق والقطيعة وغير ذلك.
 وهذا لا يعني إهمال دعوة الكفار وترغيبهم بالإسلام وبيان محاسنه فهذا جانب له أهميته ولكن الأولى دعوة المسلمين بحيث يكون الجهد في دعوتهم أكثر منه في دعوة الكفار.
 ثم أعلم بارك الله فيك أن استقامة المسلمين برجوعهم إلى الإسلام الصحيح النقي هو بحد ذاته دعوة للكفار كما أن انحراف المسلمين فيه صد عن سبيل الله تعالى، فكم من كافر منعه من الدخول في الإسلام ما يشاهد من حال المسلمين ومما لا شك فيه أن من المسلمين وممن دخل تحت الإحصائية واعتبروه من المسلمين من لا علاقة له بالإسلام ولا يحمل من الإسلام إلا اسمه، وأعني بذلك المشركين الذين يعبدون الأولياء والصالحين من الباطنية - وهم من يظهر الإسلام ويبطن الكفر - فهؤلاء يجب على الدعاة بيان حالهم والتحذير منهم حتى لا يصدوا الناس عن الإسلام ويفتنوهم عن الدين.
 وأيضا لا بد من التركيز في الدعوة على إصلاح حال الدعاة إلى الله والمتصدرين في كل زمان ومكان فهؤلاء إذا تصدروا واغتر الناس بهم وهم على غير استقامة فلا شك أنهم سيفسدون كثيرا.



والخلاصة أن الدعوة لا بد أن تكون بالحكمة ومن الحكمة أن يعتني الداعي بدعوة المسلمين أكثر من عنايته بدعوة الكفار فيجتهد بتصحيح عقائدهم وعباداتهم وأخلاقهم ويعتني أكثر بتوجيه الدعاة والمتصدرين حتى لا ينشروا الباطل، والداعي الحكيم الناجح لا يفوته بيان حال أهل الأهواء والبدع ومن انتسب إلى الإسلام زوراً حتى لا يظن الناس أن ما هم عليه هو الإسلام.
ثم لا يفوته دعوة الكفار وبيان محاسن الإسلام وليتذكر كل داع أن الدعوة يجب أن تكون لله والى سبيل الله.


والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات