موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

مدرسة «اختلف الفقهاء»

29 شوال 1427 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وأزواجه وصحبه، أما بعد:


فإن ((مدرسة الفقهاء)) ليس لها مقر ولا مبنى، وإنما هي منهج له أتباعه وأفراده، كلما تكلموا في مسألة شرعية أو أجابوا عن سؤال سائل أو استفتاء مستفتٍ قالوا: اختلف الفقهاء، دون بيان الراجح والمرجوح، بل لا يبينون في كثير من الأحيان الحقَّ من الباطل حتى يبقى السائل أو السامع في حيرة من أمره، لم يزدد بعد سؤاله علماً ولا حكماً، وإنما ظفر بشيء واحد فقط، هو أن الفقهاء اختلفوا في حكم كذا وكذا إلى أقوال وآراء ربما تبلغ أربعة أو خمسة أو ستة أو أكثر من ذلك!!


إذن ما الدوافع التي بسببها ظهرت هذه المدرسة وبرز أساتذتها ومشايخها الذين هم في الحقيقة لا بركة فيهم ولا نفع من ورائهم إلا ما شاء الله؟!
 لا شك لهذا أسبابه التي منها:

ضعف علم ذلك الشيخ أو الأستاذ أو الدكتور فلا يمكنه التحقيق والترجيح، فتجده يقول اختلف الفقهاء وتنازع العلماء، وهذه مسألة خلافية، ونحو هذه العبارات التي يستعملها وسيلة للهروب من الجواب والتستر بها على ضعف مستواه العلمي.

الهروب من بيان الحق والصدع به، فتراه للمجاملة والمداهنة والتزلف والتقرب أقرب، لا يقول للناس كذا وكذا حرام، وكذا وكذا واجب عليكم، وإنما يقول في المسألة خلاف وأقوال، ولكلٍ دليله ووجهته!!

التظاهر للناس بسعة العلم والاطلاع والإحاطة بالأقوال والمذاهب.

التعصب المذهبي والعقدي لأئمةٍ أو متبوعين، فبعضهم يدرك أن مذهبه خطأ أو ضعيف، فيستدل بالخلاف ليبرر أنه قول من جملة أقوال وآراء، ولكلٍ وجهته وتعليله واستدلاله.

ومنهم من عنده طمع ورغبة في جمع المال والحصول على المكافآت المالية، فتجده يقدم برنامجاً في وسائل الإعلام يحشوه بأقوال ينقلها من هنا وهناك ويكثر من استعمال (اختلف الفقهاء) و(اختلف العلماء) إلى نهاية البرنامج.

ومنهم من يتزلف ويتقرب لبعض الجهات أو لبعض الأشخاص ويرى أنه لو قال الحق لخسر منصبه أو منصباً يرجوه، فتجده يلبس الحق بالباطل مستعملاً سلاح (اختلف الفقهاء).


أخي القارئ الكريم، هذه بعض الدوافع وقد تكون في نفوس كثير من الناس ودوافع أخرى سوى ما ذكرت، تجعلهم ينتسبون إلى مدرسة (اختلف الفقهاء). 

 أخي القارئ العزيز، قد تقول فما البديل النافع عن هؤلاء؟ 
فأقول وبالله أستعين قد قال الله تعالى (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (7)) [الانبياء]، والمراد بالذكر القرآن وأهله هم الذين يفتون بالكتاب والسنة ويهدون الناس بأمر الله تعالى.
 فإذا تكلموا فبالآية والحديث مع توضيح الحق وبيان الراجح وتحقيق مسائل الخلاف، ورد الضعيف منها والشاذ، فهم علماء بحق استحقوا لقب «ورثة الأنبياء»، كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم.


أخي القارئ وفقني الله وإياك، إذا أردت أن تعرف لمدرسة "الفقهاء في الدين" نموذجاً ومثالًا فانظر ـ غير مأمور ـ إلى فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى لتعرف كيف تكون الفتوى، ولتستفيد خلاصة مفيدة نافعة بحمد الله تعالى، وفتاوى الشيخ ابن باز مطبوعة مقروءة، ومسجلة مسموعة، ولقد تجاوزت عشرة آلاف، فيها علم ونور ونصيحة مبنية على الكتاب والسنة ويُكثِرُ من قول الراجح كذا وكذا أو يقول الحكم كذا وكذا في أصح أقوال العلماء أو في أصح قولي العلماء. والله أسأل أن يجازيه عنا وعن كل من استفاد منه خير الجزاء، ورحمه الله تعالى وغفر له، وجعل الجنة مثواه ومأواه.


أخي القارئ، خلاصة القول: عليك بمدرسة ((الفقهاء في الدين))، وإياك ومدرسة ((اختلف الفقهاء))، وأسأل الله التوفيق والسداد لي ولك ولجميع المسلمين، والحمد لله أولًا وآخراً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات