لا صليت ولا صعدت القمر
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد فلقد كتب أحد الكتاب ( ح . س) يوم الثلاثاء 20 شعبان 1430 الموافق 11/ 8 / 2009 في جريدة الوطن في العدد 12066 \ 6512 السنة 48 ، مقالآ سيئا غير موفق ذكرني بالعبارة التي شاع استعمالها قبل ثلاثين سنة وهي " الناس صعدوا القمر وأنتم مازلتم هنا "
قصة قصيرة ظريفة حكيمة
قبل ثلاثين عاما مر أحد كبار السن على شاب متمرد ومتهاون في الصلاة فقال له : يا ولدي صل صل . فرد الشاب قائلا الناس صعدوا القمر وأنت تقول صل صل فرد عليه الشيخ الكبير يا ولدي أنت لا صليت ولا صعدت القمر!!! وهكذا تماما حال صاحب المقال فقد لمز دعاة التوحيد والسنة وعاب عليهم لأنهم دافعوا عن التوحيد ونبذوا الشرك وسدوا بابه فكتبوا واجتهدوا وردوا وفندوا شبه أولئك الذين زعموا مشروعية التمسح بالقبور والتبرك بها وشد الرحال إليها بل ودعائها وإلتماس الحاجات عندها . وفي المقابل أخذ يمدح الغرب ويمجد بهم حيث وصلوا إلى ما وصلوا إليه من التقدم في الصناعة وذكر من جملة ما وصلوا إليه صناعة ( طائرة الايرباص 380 ذات الدورين وال 600 راكب ومدة طيران 13 ساعة دون توقف ) فحقا هذا الكاتب يحتاج أن يقال له : أنت لا بالتوحيد تمسكت ولا طائرة الإيرباص 380 صنعت !!
فعلا غريب جدا أمر هؤلاء الناس الذين غاية ما يدركونه هو وقوفهم على بعض ما وصل إليه الغرب ثم ذمهم للمسلمين! فمنهم من لحق بالغرب بجسده وعقله وروحه ومنهم من بقي جسده بين المسلمين لكن عقله وروحه مع الغرب أما هذا الكاتب صاحب المقال فلعل له هدفآ آخر من هذا الطرح فلا يستبعد عنه أنه يريد نصرة مذهب شيخه في تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
زعم أن شيخ الإسلام خرق الإجماع
قبل ما يقارب 25 عاما أي في بداية افتتاح كلية الشريعة من جامعة الكويت زعم أحد الدكاترة يدعى الدكتور "هيتو" آنذاك أن شيخ الإسلام قد خرق الإجماع ومن خرق الإجماع فقد كفر! فلما سأله بعض الطلبة أو الطالبات هل تقصد أن شيخ الإسلام ابن تيمية كافر؟ فقال : إلا أن يكون قد تاب ولا نعلم أنه تاب !
وبعد ذلك قام أهل التوحيد والسنة خاصة في وجهه وردوا عليه ونقلوا كلامه للعلماء فردوا عليه ونشر في الصحف وكان ممن رد عليه شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وقال كلمة مختصرة وهي : ( الذي يطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية إما أنه جاهل حاقد على شيخ الإسلام ابن تيمية وإما أن يكون حاقدا على الشريعة لا يريدها تنتشر ) والجدير بالذكر أن ذلك الدكتور الذي كفر شيخ الإسلام هو شيخ هذا الكاتب فلذا لا يستغرب منه إذا لمز كتَّاب التوحيد والسنة ونقم عليهم دفاعهم عن التوحيد واهله وذمهم لعباد القبور وسدنتها .
شعار وحدة المسلمين
اكبر شعار يتستر تحته أهل البدع والأهواء شعار وحدة الأمة وعدم تفريقها! ولا يخفى على صاحب أدنى بصيرة أن الأمة اليوم وقبل اليوم متفرقة بسبب تلك الأهواء والمناهج البدعية فإذا قام دعاة التوحيد والسنة وقالوا للناس ( تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلا نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ) [آل عمران 64 ] وقالوا للناس أيضا ( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [آل عمران 30]
اقول : كلما قام دعاة التوحيد والسنة بالدعوة إلى حقيقة "لاإله إلا الله" بتجريد العبادة والإخلاص له ودعوهم إلى حقيقة "محمد رسول الله " بتجريد المتابعة له صلى الله عليه وسلم اعترض لهم أهل البدع والأهواء فقالوا إنكم تفرقون وحدة الأمة !! سبحان الله الذي يدعو إلى وحدة الأمةُ يتهم بتفريق الأمة والذي يصر على تفرق الأمة ويمزقها يرفع شعار وحدة الأمة ، فهذا اشبه ما يكون بفرعون الذي قال عن موسى عليه السلام : ( إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ ) [سورة غافر26 ].
الكتاب الإسلاميون لم يختلفوا في مسألة التمسح والتبرك في القبور
زعم الكاتب أن الكتاب الإسلاميين قامت بينهم معارك في مسألة التمسح والتبرك في القبور فقال بالحرف الواحد : ( في الوقت الذي تجوب فيه الإرباص 380 الأجواء التي تشهد ارضها معارك كتابنا الإسلاميين حول حكم التوسل والتبرك بالميت وامثال هذه المعارك ) انتهى كلامه.
واقول : هذا كذب وزور فكل الذين كتبوا من كتاب صحافتنا كانوا في خندق واحد في الرد على المخالفين واتفقوا على بطلان هذا العمل الذي ما أنزل الله به من سلطان فلماذا تتمنى أن تجرمهم بل ولو كان لك من الأمر شي لعاقبتهم ؟! وإليك أخي القارئ نص كلامه من مقاله بالحرف الواحد يقول : ( وياليت لو كان لي من الأمر شيئ لأصدرت قانونا بتجريم من يتكلم بمثل هذه الأمور في مثل هذا الوقت ومعاقبته بجريمة تفريق كلمة المسلمين) انتهى كلامه فأقول : الحمد لله أن ليس لك من الأمر شي وإلا لزاد الفساد فسادا ولسعيت أول ما تسعى إلى قمع أهل التوحيد والسنة وبلا رحمة !!
وما بكم من نعمة فمن الله
الذي يجب على كل مسلم أن يعتقد أن النعم الظاهرة والباطنة والعامة والخاصة والسابقة واللاحقة وما علمنا منها وما لم نعلم والتي بنا والتي حولنا والتي بعيدة عنا كلها من الله تعالى كما قال جل وعلا ( وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ ) سورة النحل53 وقال تعالى ( وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) سورة ابراهيم الآية 34 وهذا الإعتقاد يجب أن لا يخلو منه قلب المؤمن ولا يلهج لسانه بغيره . إذا علمت هذا فتدبر كلام صاحب المقال بحروفه وهو يتكلم عن الغرب حيث يقول : (لأنه ما من نعمة حولنا وليس بنا إلا منهم ولا حاجة لي بأحد الثقلاء أن يذكرني إن كل ذلك من عند الله حيث أن كلامي حول ما جد حولنا مما عرفناهم بسببهم من النعم ) انتهى كلامه وانظر حتى لم يقل لولا الله ثم هؤلاء أو لولا تسخير الله لنا بل قال : ( فأنت بسببهم داخل منزلك في جو الشتاء في حين تكون الحرارة 50 درجة مئوية في الظل وتحمل نفسك وأثقالك الى أي مكان لم تكن ببالغه إلا بشق الأنفس لولا اختراعهم السيارة والطائرة واذا مسك المرض وعجز عنه اطباء قومك وما اكثر ما يعجزون ويخطئون طلبت الشفاء عندهم بل لولاهم ما وصل بنو قومك الى ذلك كل ما حولك مما استجد من النعم هؤلاء ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بما اطلع الله عليه من اخلاصهم ومثابرتهم ) انتهى كلامه ولا تستغرب أخي القارئ فهو من تربية ابن عبدالغفور القراشي والمدرسة الهيتوية الصوفية الأشعرية فأنا اكاد اجزم أنه ما قرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخ الإسلام والمسلمين المجدد محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى . فانظر إليه قال : ( طلبت منهم الشفاء ) ولم يقل العلاج والله تعالى يقول : ( وإذا مرضت فهو يشفين ) سورة الشعراء 79. ثم ما يدريك أن الله تعالى اطلع على إخلاصهم ؟ وأي اخلاص الذي تعنيه ؟ نسأل الله تعالى العافية
يعبدونني لا يشركون بي شيئا
استدل صاحب المقال في مقاله بآيتين احدى الآيتين هي آية ( الإستخلاف والتمكين والأمن ) وبتر منها أهم ما فيها وهو الشرط الذي اشترطه الله على عباده ليستخلفهم في الأرض وليمكن لهم دينهم وليبدل من بعد الخوف أمنا! واقرأ معي القدر الذي ذكره ولاحظ ما بتره من الآية قال تعالى : ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم )
اقول : بتر الآية فأفسد المعنى ، وتمامها (وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ) سورة النور آية 55 فتأمل يا أيها القارئ الكريم ماذا فعل هذا الكاتب ؟! نعم هذا ما وعد الله به من الإستخلاف والتمكين والأمن بشرط عبادته وحده لا شريك له لا التمسح في القبور والتبرك بها فإن قال الكاتب أو غيره أنه لم يتعمد ولم يقصد بتر الآية فأقول : هو مسيئ على كل حال حتى لو لم يقصد إذ لا يجوز الإستدلال بالآية على وجه يخل بالمعنى كما لو قرأ ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة) دون قوله ( وأنتم سكارى ) أو قرأ قوله ( فويل للمصلين) دون قوله ( الذين هم عن صلاتهم ساهون) فإن كان ممن يقرأ القرآن ولا يفهم معناه ولا يحسن الإستدلال به فليلزم الصمت فلقد عهدته يقرأ ( أأمنتم من في السماء ) ثم قال لي بنفسه وسمعت منه بنفسي وبكل صراحة ووقاحة : لا أقول الله في السماء !!
اخي القارئ العزيز لم انته من تفنيد كلام صاحب المقال ولعل الله تعالى ييسر لي فاكتب ما تبقى إن شاء الله تعالى والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.