موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

و أصبح القصاص مفتياً

22 محرم 1430 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه، أما بعد:


فإن الواجب على كل من يتصدر لتوجيه الناس عامة، والشباب المتحمس خاصة، أن يتكلم بوضوح وانتقاء للعبارة والكلمة، حتى لا يُفهم خطأ، بل عليه أن يتأكد بعد البيان والتوضيح أن السامع قد فهم عنه فهماً صحيحاً وعليه أن يكرر ويضرب الأمثلة ويتحقق من السامع، ويتجنب العبارات الغامضة والكلمات المحتملة، وربما بعد ذلك كله (لعل) و (عسى) أن يسلم ممن قد يفهمه خطأ أو يفهم خلاف قصده. 
قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) البقرة 104 قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في تفسيره: كان المسلمون يقولون حين خطابهم للرسول صلى الله عليه وسلم عند تعلمهم أمر الدين: (( راعنا )) أي: راعي أحوالنا فيقصدون بها معنى صحيحاً وكان اليهود يريدون بها معنى فاسداً فانتهزوا الفرصة فصاروا يخاطبون الرسول صلى الله علية وسلم بذلك، ويقصدون المعنى الفاسد، فنهى الله المؤمنين عن هذه الكلمة سداً بهذا الباب. ففيه النهي عن الجائز إذا كان وسيلة إلى محرم، وفيه الأدب واستعمال الألفاظ التي لا تحتمل إلا الحسن، وعدم الفحش، وترك الألفاظ القبيحة، أو التي فيها نوع تشويش أو احتمال لأمر غير لائق، فأمرهم بلفظة لا تحتمل إلا الحسن، فقال: (وقولوا انظرنا) فإنها كافية يحصل بها المقصود من غير محذور أ. هـ


وأخرج البخاري رحمه الله في صحيحه كتاب العلم (( باب من أعاد الحديث ثلاثاً ليفهم عنه (95)« عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله علية وسلم أنه ((كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً حتى تفهم عنه وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً)). وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (( ما أنت بمحدث قوماً حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة )) [رواه مسلم في المقدمة]


أخي القارئ الكريم، إذا عرفت هذا تبين لك خطر كلام الأخ نبيل العوضي ذلك الذي كتب مقالاً عن الجهاد وقدم برنامجاً أيضاً، واستعمل ألفاظاً وعبارات تفهم انها تدعو إلى التكفير والتهييج والفوضى وكان أولى به أن يتقي الله تعالى في الشباب ولا يزج بهم في طرق لطالما عادت على الأمة بالدمار والفساد.
 أقول هذا القصاص قد كتب مقالاً قال فيه: (1) )) أفتى الدكتور (عوض القرني) بجواز استهداف المصالح الإسرائيلية في كل مكان في الأرض، وأنا أقول للدكتور (القرني) سلمت يمينك وأنت الرجل في هذه الأمة وما قلته يدل على عين العقل...إلخ )) أ. هـ


أقول: هداك الله، أليس في هذا دعوى إلى التفجير والهجوم على ما يضر بالأمة ضرراً بالغاً ما زلنا نعاني آثار أمثال هذه التصرفات؟! 
هل تضمن أن الشباب المتحمس لن يفهموا منك الدعوة إلى القتل والاغتيال؟ 
ماذا يقصد بـ ( استهداف المصالح الإسرائيلية )؟ وما المصالح الإسرائيلية؟ أليس الواجب عليه أن يتجنب مثل هذه الدعوة التي قد يهلك فيها أقوام ويفتن بها آخرون؟!
والعجيب أنه لما ردَّ عليه أحد الأخوة الكرام وتعقب استحسانه الخطير لفتوى (القرني) أخذ يستعمل ما يسمى بأسلوب (الترقيع) (2) فقال: (( إن استهداف المصالح الإسرائيلية لا يعني بالضرورة ما ذهب إليه (الكاتب) بل إن الدكتور (القرني) صاحب الفتوى بيّن أن الاستهداف قد يكون إعلامياً وقد يكون اقتصادياً وقد يكون قانونيا)) أ.هـ


أقول: اتق الله في المسلمين فإنك لما نقلت الفتوى لم تنقل ما بيّنه (القرني) هذا إذا كان قد بيّن ذلك، بل قلت بالحرف الواحد (( أفتى الدكتور (عوض القرني) بجواز استهداف المصالح الإسرائيلية في كل مكان في الأرض))، فأنت إما قد بترت الفتوى فخرجت للناس بفتوى مبتورة خطيرة، وإما أصلاً لم تحمل الفتوى ذلك المعنى الذي ألحقته أخيراً بقولك (( قد يكون إعلامياً وقد يكون اقتصادياً وقد يكون قانونياً..)).
 ثم لقائل أن يقول (( وقد يكون عسكرياً أو تفجيرياً أو جسدياً)) فكلمة (استهداف) تصلح لكل هذه المعاني بل يدخل فيها هذا المعنى ويتبادر إلى الذهن قبل الاستهداف ((إعلامياً واقتصادياً وقانونياً)). 
ثم هل تضمن أن الشاب المتحمس الذي يرى صور أشلاء الأطفال والنساء والرجال ويسمع منك نداء الجهاد سيقتصر على الاستهداف الإعلامي دون القتل والتفجير؟!


لقد ذكرت في مقالك عن (محمود عباس) بأنه رجل خائن وعميل، وأي حكومة من حكوماتنا تتعامل معه فهي مثله))، فأسألك بالله العظيم أن تفسّر لنا كلامك! هب أن محمود عباس حضر مؤتمر القمة في بلادنا اليوم (3) واستقبلته حكومتنا - وهو الخائن العميل كما وصفته - فهل حكومتنا.....؟!


لا تلم الناس إذا فهموا منك أنك تكفيري واجعل اللوم على نفسك، فألفاظك وكلماتك هي السبب في ذلك. راجع قولك في مقالك - بالحرف الواحد - (4) ((هناك (صهاينة) يعيشون بيننا يتظاهرون بديننا ويتكلمون بألسنتنا، لكنهم دعاة على أبواب جهنم، ألسنتهم وأقلامهم حرب على الإسلام والمسلمين ودفاع عن الصهاينة وأعداء الأمة، هؤلاء (المنافقون) هم الخطر الحقيقي وهم عملاء اليهود المندسون بيننا)) أ. هـ


أسألك بالله الذي لا إله إلا هو الذين وصفتهم بأنهم:

  • صهاينة.

  • يتظاهرون بديننا.

  • دعاة علي ابواب جهنم.

  • حرب علي الاسلام والمسلمين.

  • يدافعون عن الصهاينة وأعداء الامة.

  • منافقون.

  • الخطر الحقيقي.

  • عملاء اليهود.

  • مندسون بيننا.

اقول اسألك بالله هؤلاء مسلمون ام كفار؟؟ أسألك بالله إذا قال لك أحد الشباب ممن يثق بك سمهم لنا، عرفنا بهم، أرنا إياهم، فماذا ستقول له؟! خصوصاً وأنك تقول بالحرف الواحد: ((هؤلاء الصهاينة العرب من السياسيين والإعلاميين يجب إسكاتهم وبيان خطرهم على الأمة وإنزال الحكم الشرعي فيهم وفضح مؤامراتهم على المسلمين...)) أ. هـ. 
فهل يعقل أنك لا تعرف على الأقل عشرة أشخاص منهم لكي يقوم بعض الشباب المجاهدين بإسكاتهم وإنزال الحكم الشرعي فيهم وفضح مؤامراتهم على المسلمين؟!
 لا تلم الناس إذا فهموا من كلامك بأنك تكفيري، فكلامك يدل على ذلك وأرجو من الله تعالى ألا تكون تكفيرياً فراجع نفسك وكلماتك ولا تتلفظ بمفردات وجمل لا يفهم منها إلا التكفير والتهييج.


أخي القارئ لم ينته التعليق والرد على كلام القصاص فكلامه خطير وأثره في الشباب كبير، فرأيت أن من الواجب الرد عليه، وأنا أعلم أني سأجد من يتهمني بالباطل فقد تعودنا أسلوب الاتهامات وكل أسبوع تصلنا رسائل غريبة فيها اتهامات أشبه ما تكون بالتكفير الصريح، فالحمد لله على كل حال.


والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


(1) مقال لنبيل العوضي بعنوان عام الجهاد في سبيل الله بتاريخ 30/12/2008 نشر في جريدة الوطن الكويتيه.
(2) مقال لنبيل العوضي بعنوان عام الجهاد في سبيل الله بتاريخ 30/12/2008 نشر في جريدة الوطن الكويتيه.
(3) وبالفعل قد حضر بعد ذلك في مؤتمر القمة الذي استضافته الكويت ، وبعد عام أي بتاريخ 6/1/2010 عاد محمود عباس إلى الكويت واستقبله الأمير وشارك في حفل تكريم حفظة القرآن وقدمت له وزارة الاوقاف هدية تذكارية. فماذا سيقول نبيل العوضي لمحبيه وانصاره هل سيقول أخطأت بقولي (كل من يستقبل محمود عباس فهو خائن وعميل) أم سيصر علي ذلك التقرير ومن ثم نريد نعرف منه الحكم صراحة فيمن استقبل محمود عباس في برنامجه ساعة صراحة.
(4) مقال لنبيل العوضي بعنوان عام الجهاد في سبيل الله بتاريخ 30/12/2008 نشر في جريدة الوطن الكويتيه.

المقالات