الرجوع إلى الحق خير من التمادي في الباطل
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فما زلت أكتب في بيان خطورة كلام أحد القصاصين حتى تتم مادة مفيدة رجاء أن ينفع الله بها الشباب ويتم بها التحذير من دعاة التهييج والتكفير والجهاد المزعوم الفاشل الوهمي (1) الذي يفسد أكثر مما يصلح، وبإذن الله تعالى إذا كَمُلت المادة فسأخرج رسالة مستقلة وسيتم طبعها وتوزيعها (2) كما فعلت سابقاً واستمررت قدماً في كتابة الردود مع عدم الالتفات إلى المخالفين مقتدياً في ذلك بشيخين جليلين أحدهما الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني والثاني الشيخ العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي - رحمهما الله تعالى - فكان كل منهما قد اتبع سبيل الرد والذب والدفاع عن السنة وقمع المخالفين دون الالتفات إلى الطاعنين لا سيما الذين يقذفون الناس بالباطل وهم كثر لا كثرهم الله. نعم، لقد نفع الله تعالى بهذين الشيخين المحدثين كما نفع الله بسائر علماء السنة، ومن هنا أدعو نفسي وإخواني السلفيين الدعاة إلى السنة والتوحيد إلى التقدم والمضي وعدم الالتفات إلى من خذلهم ولا إلى من خالفهم وأبشركم أن المنهج السلفي الأثري في عافية وإقدام الناس عليه كبير، ولقد سئم الناس و ملوا الشعارات الزائفة والدعوات الحماسية واكتشفوا عدم مصداقية أولئك الدعاة الذين لا همَّ لهم سوى جمع المال والركوب على أكتاف الناس للوصول إلى أعلى المناصب، فتجدهم يدعون الناس إلى الجهاد ويقررون أنه فرض عين ويحمسون غيرهم وهم أول من يقعد عنه، فإذا أقبل الناس عليهم وقالوا: هلمَّ نجاهد، قالوا: الحكومات عطلت الجهاد ومنعت الوصول إلى العدو، وتآمروا مع أعداء الإسلام لكن عليكم بأحد أمرين، إما أن تجاهدوا بالمال وهذه صناديق التبرعات وتلك أرقام الحسابات انفقوا ما استطعتم ونحن بطريقتنا الخاصة نتسلم هذه الأموال ونجاهد في سبيل الله!! (3)
والأمر الثاني أن تجاهدوا باستهداف مصالح العدو ومطاردتهم في كل مكان وإذا لزم الأمر فلا بأس أن تجاهدوا الحكومات التي في حقيقتها هي الحصن الحصين للعدو والعملاء المستأجرين والواجب أن نبدأ بهم ، هكذا يقولون للناس بين الحين والآخر اسأل الله تعالى أن يردهم لرشدهم ويقينا ويقيهم شرهم. يتأولون القرآن على غير مراد الله تعالى دعا الاخ نبيل العوضي الى الجهاد ( القتال ) وهو من أشد الناس تقاعساً عنه إلى وجوب فتح الحدود مع العدو للجهاد في سبيل الله!! فيقول بالحرف الواحد ) :(نطالب بفتح الحدود للجهاد في سبيل الله) ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ (38) إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَيَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئًا وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (39) ( التوبة . )) انتهى كلامه.
فأقول: لست أنت الذي تقول للناس ))انفروا في سبيل الله(( بل هذا خاص بولي الأمر، كما قرر ذلك أهل العلم فقالوا: إذا أمر ولي الأمر بالجهاد فبادر لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وإذا استنفرتم فانفروا)) [أخرجه البخاري (1834) (1353) عن ابن عباس رضي الله عنهما]، وهذا ما بينه الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى فقد جعل النفير من حق ولي الأمر واستدل بالآية والحديث وليس من حق عامة الناس أن يأمروا بالنفير كما فعل الأخ الواعظ القصاص نبيل العوضي هداه الله إلى الصراط المستقيم، [ انظر تمام كلام الشيخ ابن باز في رسالتي ((ولا تقتلوا أنفسكم)) ص: 63-64 [
أين هؤلاء الملايين؟
قال الأخ الواعظ: نبيل العوضي ((إن الأمة الإسلامية مستعدة لأن تُسَيِّر إلى فلسطين على أقدامها وتقدم الملايين من الشهداء)) انتهى كلامه. (13) فأقول: أين هؤلاء الملايين؟ وهل هم على استعداد للجهاد الصحيح في سبيل الله؟ وهل جهادهم لتكون كلمة الله هي العليا؟ وهل عندهم استعداد شرعي ونفسي وعسكري و و إلخ؟ أم ان هذا وهمٌ وخيالٌ وأحلامٌ؟ أو أنه كلام خطابي حماسي؟ اتق الله يا مسلم ولا تغرر بالشباب. ثم يقول العوضي: ((فقط لو خلي بينهم وبين (يهود) لكن حماة اليهود من (العرب) هم المصيبة والكارثة)) انتهى كلامه، (4) واقول: هذه دعوة صارخة ظاهرة واضحة إلى الخروج على الحكومات العربية الذين وصفتهم بحماة اليهود وأنهم هم المصيبة والكارثة وفعلا هناك من يقول يجب أن نبدأ بحماة اليهود قبل اليهود، وهذا سمعناه كثيراً منذ عشرات السنين والآن يتجدد على لسان الأخ العوضي - غفر الله له - لم نتقول عليه ولا على غيره ولكن هذا صريح كلامه بالمنطوق والمفهوم دعوة إلى الخروج ومن لا يوافقه أو ينكر عليه وجّه له سيلاً من الاتهامات بل يكاد يصرح بتكفيرهم حسبما وصفهم به، وإليك بالحرف الواحد ماذا قال عمن لا يوافقه في عقيدته ومنهجه، فلقد وصفهم هداه الله لرشده بالآتي:
انهم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.
لا يفقهون ما يرددون.
لا همَّ لهم إلا ذم أهل الجهاد.
أنهم: يحرضون على المجاهدين في سبيل الله.
أنهم: صنف ممقوت لم ينقطع عبر تاريخ الإسلام.
سيفهم ولسانهم وأقلامهم تخذيل في جهاد المجاهدين.
ينفرون من الدعاة الصادقين.
يحذرون من العلماء المتحمسين.
يحصرون الدين كله في قضية واحدة جعلوها لب الإسلام وغايته.
أنهم: يقدسون جميع الحكام ويلمعونهم وإن كانوا غير مسلمين (نصارى).
الحكام بالنسبة لهم لا ينطقون عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى.
أن شر الجهاد عندهم (كلمة حق عند سلطان جائر) انتهى كلامه. (5)
أقول: سبحان الله لما كتبت عليه ردا وسميته القصّاص اعترض بعض الناس فمنهم من قال: هذه غيبة، ومنهم من قال: هذا تنابز بالألقاب، ومنهم من قال: هذا تشهير، ومنهم ومنهم، مع أنه قصّاص - يعني يكثر من القصص ليس إلا - بينما تجد في كلامه أطناناً من الشتائم والسب والهمز واللمز والطعن حتى كادت أن تنقطع المفردات عنده فما ترك شيئا إلا وقاله فيمن خالفه، فإن قال كالعادة لا أقصدك ولا أقصد فلانا ولا فلانا فقولوا له: من تقصد إذن؟ هل تقصد أشخاصا أو أشباحا؟! سبحانك هذا بهتان عظيم.
الشيخ العلامة صالح الفوزان يتعجب
الشيخ العلامة صالح بن فوزان آل فوزان حفظه الله تعالى ونفع به الإسلام والمسلمين وامتعنا به من خيرة العلماء وممن يتصدى لهؤلاء - دعاة الجهاد المزعوم - قال كلمة عجيبة ومتعجبا من هذه الحقيقة هذا نصها: ((هذا - يعني الذي يدعو للجهاد - يخرج أولاد المسلمين للمعارك والهلاك بدون فائدة وهو جالس هنا، العجيب أن بعضهم يخطب ويتحمس ويحث أولاد المسلمين ويحمسهم وهو جالس في بيته يأكل ويشرب ولا يذهب ولا يعمل، مع أن هذا كله باطل، لكن هذا من التناقض العجيب الذي عندهم)) انتهى كلامه. (6)
هذا الشبل من ذاك الأسد
أيها الأخ الواعظ غفر الله لك ولوالديك وللمسلمين أنت تعتبر ((حماس)) - هداهم الله - هم المجاهدون في سبيل الله حق جهاده بينما نراهم في أحضان من تلطخت يداه بدماء الأبرياء عامة وإحدى الجماعات خاصة في عام 1982 فإن قلت احداث 1982 لم تكن بيد الرئيس الحالى الذي يحضن حماس في دولته بل كانت على يد الرئيس الذي قبله فأقول (هذا الشبل من ذاك الاسد)!! فلماذا تطالب الناس بمواجهة الحكام والحكومات ولا تطالب ((حماس)) بمواجهة من يستظلون لديه في حكومته وتحت سلطته ؟!
أفتونا مأجورين
أيها الواعظ الكريم ألهمك الله رشدك لقد سبق أن قلت: ((أما محمود عباس فهو رجل خائن وعميل وأي حكومة من حكوماتنا تتعامل معه فهي مثله)) انتهى كلامه. (7) وأرجو أن توضح للقراء والمشاهدين في المستقبل القريب إن شاء الله تعالى إذا ((حماس)) تعاملت مع ((محمود عباس)) الذي وصفته بـ ((الخائن العميل)) فما حكمهم؟! أرجو أن تجهز جوابك وحكمك ((الصريح)) فالصندوق ((السحري)) الذي امتلأ بالمليارات قد اقترب فتحه وقسمة ما فيه.
النصر التاريخي العظيم
أخي الواعظ - القصاص - وفقك الله للتوبة النصوح والرجوع إلى السنة، لقد مرت ايام عصيبة على أهل غزة بكى منها كثير من الكفار فضلا عن المسلمين أسأل الله أن يجبر خاطرهم ويرحم موتاهم وموتى المسلمين، ثم إنك أيها الواعظ وأمثالك اعتبرتم أن هذه المعركة التي سميتموها ((معركة غزة)) كما يحلو لكم وإن كانت في حقيقتها مذبحة غزة ومأساة غزة، وغدر اليهود الصهاينة بتخطيط مجوسي ومباركة صليبية، المهم بما ان المجاهدين حسب قولك انتصروا في هذه الحرب ولهم هذه القدرة العظيمة على الجهاد (فلماذا لا يستمرون بالجهاد ضد الصهاينة لإتمام الهزيمة بهم وإخراجهم من القدس وتحرير المسجد الاقصى؟ فكل الناس يعلمون أن اليهود وإن خرجوا من غزة وانسحبوا منها فلماذا لا يجاهدهم ملايين المجاهدين لتطهير بيت المقدس منهم، فالمسجد الأقصى في القدس وليس في غزة؟!).
أخي الواعظ حفظك الله اتق الله في نفسك وحاسبها وتريث قبل أن تكتب وقبل ان تتكلم وأقول لك ما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (( مراجعة الحق خير من التمادي في الباطل)) [أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (10/119)].
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) كتب الاخ القصاص نبيل العوضي مقالا بعنوان عام الجهاد في سبيل الله 30/12/2008 بعد اعتداء الصهاينة على غزة ثم مضى العام ولم نرَ جهاداً كما توقع الاخ العوضي بل بعد مقاله بأقل من شهرين تزعم مهرجاناً في ما يسمى "بهلا فبراير" احيا فيه بعض الليالي بما يسمى زوراً الاناشيد الإسلامية والتي أولى بها أن تسمى الاناشيد الصوفية فأين الجهاد الذي زعمه؟!
(2) وهذه الرسالة بين يديك قد تمَّ طبعها بحمد الله كما وعدتك.
(3) وهكذا فعلوا لما اعتدى اليهود على غزة بادروا وبأسرع مايمكن فعلقوا اعلانات التبرعات وارقام الحسابات(اغيثواغزة) واغرب من ذلك تلك المهرجانات والتي فيها باعوا كوفية هنية بأرقام مرتفعة جداً.
(4)انظر مقال نبيل العوضي عام الجهاد في سبيل الله . بتاريخ 30/12/2008 جريدة الوطن الكويتية.
(5) انظر مقال نبيل العوضي يا (غزة) لن ننسى!!. بتاريخ 20/1/2009 جريدة الوطن الكويتية.
(6) وللأسف الاخ نبيل العوضي بعد احداث غزة بشهرين تقريبا عقد في مهرجان ما يسمى هلا فبراير للإنشاد وجمع فيه بعض الملحنين والممثلين ورحب بهم علناً فأين الجهاد الذي يزعمه؟!!
(7) انظر مقال نبيل العوضي عام الجهاد في سبيل الله . بتاريخ 30/12/2008 جريدة الوطن الكويتية.