حكاية الشيخ عباس عبد المطلب السلفي مع الفتى التائب الأشعري
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فان أحدنا قد تقع له مواقف وقصص وحكايات كثيرة وفيها عبر كبيرة وقد لا يتسنى له تقيدها لتحفظ ويستفيد منها من بعده وقد يسر الله لي صفحة الإبانة الاسبوعية من جريدة «الوطن» لأكتب فيها شيئا من ذلك، فجزى الله خيرا كل من ساهم باتاحة هذه الفرصة.
(من هذه الحكايات ما سمعته بنفسي من الشيخ عباس عبدالمطلب الأزهري رحمه الله تعالى امام وخطيب في وزارة الأوقاف في أحد مساجد ضاحية «مشرف» في الكويت وكان أيضا مأذونا شرعيا لعقود الزواج. وذات ليلة جاء لعقد زواج أحد الأخوة وبعد الانتهاء من العقد ركب معي في سيارتي الخاصة وسألته عما حصل له مع ذلك الشاب الذي عقب عليه بعد خطبة الجمعة التي خطبها في ضاحية «مشرف». فقال: خطبت ذات يوم وتكلمت عن الكويت وذلك في بداية التحرير من الاحتلال والاعتداء العراقي وكنت أحمد الله الذي كشف الغمة عن الكويت وأهلها وعاد الأمن والاستقرار واقول ان للكويت علينا فضلاً كبيرا بعد الله عز وجل فأنا ازهري ودرست في الأزهر وتخرجت منه فوالله ما عرفت هناك في دراستي الا العقيدة الكلامية الأشعرية وجوهرة التوحيد وتفسير النسفي فوالله ما عرفنا العقيدة السنية النقية السلفية الا لما جئنا الكويت! وما عرفنا الكتب النافعة ككتاب العقيدة الواسطية وكتاب العقيدة الطحاوية وغيرهما من الكتب النافعة الا هنا في الكويت وقلت شهادة حق عن الكويت وطيبة أهلها وكرمهم وسخائهم وما كنت اتوقع ان أحدا في المسجد يزعجه هذا الكلام ويغيظه مدحي وثنائي على العقيدة السلفية السنية عقيدة الكتاب والسنة. فلما صلينا الجمعة تفاجأت بشاب قام يعقب على خطبتي وعليه علامات الغضب يدافع عن العقيدة الأشعرية وعن الأشاعرة ويقال انه كان مطرباً وتاب والله اعلم تاب الله عليه أو لا؟! لأن التائب تظهر عليه مظاهر التوبة والمهم هذا الشاب من جيل أولادي وأنا عمري فوق الستين وأخذ [يشخط] فيَّ امام الناس ولم اقاطعه وانتظرت حتى ينتهي لأعقب عليه وكان يصرخ ويشير بيده الي ويقول للمصلين أنا الآن اسأل هذا الرجل امامكم مَنْ شرح صحيح البخاري؟ ابن حجر أليس اشعريا ؟ من شرح صحيح مسلم ؟ النووي أليس اشعريا ؟ فلما انتهى انصرف فقمت لأرد عليه فصرخ بوجهي وقال: لا أريد اسمع منك ! فقلت له: أنا في سن والدك تعال اسمع مني فان كنت لا تريد العلم تعال اعلمك الأدب فذهب ولم يعد). انتهت الحكاية العجيبة والتي فيها المأساة لحال ذلك الشاب الضحية المغرر به، فانظر حال هذا الشيخ اعني الشيخ عباس عبدالمطلب رحمه الله تعالى الذي تعلم العقيدة الأشعرية الكلامية في الأزهر ثم جاء الكويت وعرف عقيدة السلف وكتب السلف فاعتقدها وتخلى عن عقيدة الأشاعرة بينما ذلك الشاب الذي كان على الفطرة لكن للأسف لم يوفق الى صاحب سنة بعدما تاب من الطرب وانما وقع في احضان بعض الأشاعرة وافسدوا فطرته مما جعله يهاجم الشيخ عباس الذي بلغ من العمر عتيا!
ثم انظر اخي القارئ الكريم كيف استدل هذا الشاب المغرر به بابن حجر والنووي رحمهما الله تعالى على صحة العقيدة الأشعرية وهذا باطل من ثلاثة وجوه: الأول: أن ابن حجر والنووي ليسا من الأشاعرة. وان كانا قد وافقا الأشاعرة في بعض المسائل الثاني: انهما ليسا حجة في صحة عقيدة الأشعرية لاسيما اذا عرفنا أنهما من العلماء المتأخرين والحجة كما هو مجمع عليه في كتاب الله وسنة رسوله وما كان عليه سلف الأمة. الثالث: استدل الشاب الأشعري بصحة اعتقاد شراح البخاري ومسلم وغفل أو تغافل عن عقيدة البخاري ومسلم أنفسهما اللذين كانا على عقيدة السلف وليسا من الأشعرية في شيء. وخلاصة القول ان هذا الشاب التائب من الطرب قد وفق الى ترك الطرب ولكن لم يوفق الى عالم هدى يتعلم منه العقيدة الصحيحة. وهذا والذي نفسي بيده ما اتمناه لهذا الشاب ليكون معنا ولنا لا علينا وضدنا.
رسالة من احدى الأخوات
والدي العزيز اعجبتني هذه الرسالة فارجو نشرها، نص الرسالة: كان الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى ينام في اليوم 4 ساعات فقط والباقي كان يجعله- فيما نحسبه- لله تعالى!! كان موعد نومه من الساعة الـ 12 ليلا وحتى الساعة الـ 3 فجرا والباقي في قيام الليل وينام ساعة واحدة بعد العصر وكان يستيقظ الساعة الثالثة فجرا فيتوضأ ويصلي ما شاء الله له أن يصلي ولم يعرف عنه أنه أذن المؤذن لصلاة الفجر وهو نائم.. ومن ثَمَّ يذهب ليصلي ويذكر الله الى الشروق ثم يذهب لعمله في الدعوة والارشاد الى العصر.. ويعود الى بيته فيصلي العصر ويدخل الى الصوان ( المجلس ) المعزول عن البيت وكان صوانه مفتوحا على مدار الساعة والوجبات الثلاث يوميا وبتكاليف الشيخ شخصيا تكرما منه.. ووقت الغداء لا يأكل سوى لقمات قليلة وحبة برتقالة حياة عجيبة لشخص أحبه الناس في كافة بقاع الأرض.. واذكر لكم بعض القصص التي تبين عظمة هذا الشيخ الجليل.
في احدى المؤتمرات الإسلامية في الهند كان نظام المؤتمر أن أول دولة تأتي الى الهند لها أولوية التحدث أولا... وهكذا وكان ترتيب المملكة العربية السعودية هو الـسادسة وبعد أيام بدأ المؤتمر بحضور 52 دولة إسلامية وتحدثت الدولة الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة حتى وصلوا الى الدولة السادسة وهي السعودية فتكلم المتحدث الرسمي للمملكة وقال: في بيان المسألة المذكورة فقد افتى الشيخ عبدالعزيز بن باز في المسألة وهي جائزة وأتى بأدلة من القرآن والسنة.. وبعد انتهاء دور المملكة أتى العجب العجاب.. فقد بقيت 46 دولة لم تتحدث بعد فقد قال المقدم: «والآن وبعد أن تحدثت المملكة العربية السعودية بافتاء الشيخ عبدالعزيز بن باز فقد حان الوقت للتصويت على فتواه»!! وصوتت 51 دولة بموافقته لفتواه في المسألة.. سبحان الله.. ما أعظم هذا الرجل!!
أما الموقف الثاني: فهو حين تم تكريم الشيخ بجائزة الملك فيصل ـ رحمه الله ـ وكان هو أول شخص يتسلمها فقال الأمير «خالد الفيصل» ان الجائزة لتتشرف بأن يتسلمها الشيخ عبدالعزيز بن باز، ثم نزل عن المنصة وقبل رأس الشيخ وسلمه المظروف وكان بداخله شيك بمليون ريال !! فأخذ الشيخ ابن باز الجائزة ونادى أن يؤتى بالمايكرفون وقال بعد ان حمد الله وأثنى عليه: ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية، وأنا أقبلها منكم، ولي الحق بالتصرف بها كما أشاء، ثم نادى مساعده الخاص وقال: اكتب خلف المظروف شيك مصدق لمراكز تحفيظ القرآن الكريم!! وأنا هنا أقول من منا يستطيع فعل مثل هذا العمل وأن يتصدق بمليون ريال تهدى اليه على طبق من ذهب..!!!
أما الموقف الثالث فهو أن الشيخ كانت له محاضرة في القصيم وكانت الساعة الثالثة عصرا فقال لمساعديه نذهب الآن براً والطريق مدته ثلاث ساعات مما يعني أن ساعة النوم بعد العصر ألغيت.. وصلوا الى القصيم ومن محاضرة الى مقابلة الى مقابلة أخرى وانتهوا حين أصبحت الساعة 1 ليلا فقال مساعدوه: لعلك تعبت يا شيخ وتريد أن تنام في أي فندق فقال: لا نتوكل على الله ونرجع الى الرياض مما يعني أنه لا يوجد نوم!! وهم في الطريق وأتت الساعة الـ 2 ليلا قال الشيخ: لعلكم قد تعبتم.. هيا لنخلد الى الراحة فأوقفوا السيارة في البر وطلب منهم أن يوجهوا وجهه للقبلة لأنه أعمى ومع جمال الليل في البر.. وتعب الجميع من الرحلة.. كان لا بد من رجل لهذه الليلة فاذا الشيخ ابن باز قائم يصلي لله والجميع نيام كالموتى.. ويقول احد المرافقين قمت فرأيت الشيخ ابن باز قائم يصلي ويقرأ ويردد قول الله تعالى: {ان تعذبهم فانهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم} وهو يبكي والدمع على وجهه وقال الشاهد: فاحتقرت نفسي.. الشيخ رجل كبير وأنا شاب ولا أقوم مثله.. فقام يصلي خلف الشيخ فما لبث أن انتهى من الركعة حتى أغمى عليه من التعب وقال: فقمت الثانية فاذا هو على نفس حاله لم يتغير ويقرأ نفس الآية.. ونمت الثالثة وعندما قمت رأيته على نفس حاله لم يتغير.. فأحس بوجودي فأسرع في إنهاء صلاته وغطى نفسه بسجادة فقمت وأذنت لصلاة الفجر فقام الشيخ من فراشه وقال: الله المستعان.. يؤذن الفجر وأنا على فراشي!! سبحان الله مع انه لم ينم.. أيضا لم يرد أن يقع في الرياء.
بالفعل رجال اخلصوا عملهم لله وأحبوا الله فاحبهم وحبب الناس فيهم، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا من خلقه، كان يقال عن الشيخ ابن باز: جسمه فقط في هذا العصر أما روحه فمع السلف الصالح والصحابة سبحان الله ما أعظم هذا الشيخ.. فقد أنار الأمة بنور علمه الغفير رحم الله الشيخ عبدالعزيز بن باز فقد كان يأتي لقيام الليل وليس معه أحد إلا الله ولعل هذا سر محبة الناس له.. انها علاقته الخاصة مع الله عز وجل وقيامه لليل وقوة تمسكه بالدليل من الكتاب والسنة.
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.