موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله هو الإسلام

17 جمادى الأولى 1427 |

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد ذكرت لك في المقال السابق أن من أكبر الكبائر القول على الله بلا علم وأن من ذلك أن يقول قائل إن الله تعالى يقبل دينا غير الاسلام، قال تعالى: { إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ } [آل عمران 19]. الدين: أي الملة يقال دان بالإسلام دينا؛ أي تعبد به. والإسلام: الانقياد. قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في شرح ثلاثة الأصول : الإسلام هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والبراءة من الشرك وأهله. ا.هـ هذا معنى دين الإسلام، أما معنى الآية الكريمة (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) فقد قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره: إخبار منه تعالى بأنه لا دين عنده يقبله من أحد سوى الإسلام وهو اتباع الرسل فيما بعثهم الله به في كل حين حتى ختموا بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي سد جميع الطرق إليه إلا من جهة محمد صلى الله عليه وسلم، فمن لقي الله بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم بدين على غير شريعته فليس بمتقبل، كما قال تعالى: { وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ } [آل عمران 85] وقال في هذه الآية مخبرا بانحصار الدين المتقبل عنده في الإسلام: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) ا.هـ.

أخي القارىء الكريم إذا عرفت هذا فالزم، فالإسلام هو الدين الكامل الأوحد الذي شرعه الله لعباده ورضيه لهم، والدين الذي لا يقبل من أحد دينا سواه ولا نجاة لاحد يوم القيامة إلا به. وروى الإمام مسلم رحمه الله تعالى في صحيحه في كتاب الإيمان باب وجوب الايمان برسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الى جميع الرسل ونسخ الملل بملته حديث (153) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار». وبهذا يتبين لك ضلال بعض من عنده ثقافة وليس عنده علم ممن يقول : «لا نكفر اليهود والنصارى» وبعضهم يقول: «إنهم أهل كتاب وليسوا كفارا». والعجيب أن اليهود والنصارى لا يؤمنون بالإسلام فكيف لا يكونون كفارا؟! ثم نقول ومن قال إن أهل الكتاب ليسوا بكفار والله تعالى يقول في كتابه { لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) } [البينة 1] وقال تعالى { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) } [البينة] . ولا أقل من هؤلاء ضلالا من يقول بصحة إسلام كل من تسمى به ولو كان إسلامه لا علاقة له بالإسلام الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى. أخرج البخاري (2550) ومسلم(1718) في صحيحهما عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» وعند مسلم مسندا والبخاري معلقا عنها رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» ومعنى رد أي مردود، فهذا الحديث من قواعد الإسلام الأساسية والتي لا غنى للمسلم عن معرفته، فكل عمل لا يوافق الشرع فهو مردود على صاحبه لا يزيده من الله تعالى إلا بعداً ولن يؤجر عليه ولا ثواب له به، فإن لم تستوعب هذا فتأمل حديث المسيء في صلاته الذي رواه البخاري(724) ومسلم(397) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أساء في صلاته :« ارجع فصل فإنك لم تصل» فرجع فصلى ثلاث مرات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول له: «ارجع فصل فإنك لم تصل» ثم علمه كيف يصلي، والشاهد من حديث المسيء في صلاته أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتبر صلاته التي على غير سنته كعدمها مع أنه صلى ثلاث مرات لكن قال له: «ارجع فصل فإنك لم تصل» فما أعظم هذا الحديث والذي خط لنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم أعظم قاعدة وهي أن العمل لا يكون مقبولا عند الله تعالى ما لم يكن شرعيا موافقا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.

والخلاصة

أن الله تعالى لا يقبل من عباده سوى الإسلام الصحيح الذي أرسل به رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف نتعامل مع غير المسلمين ومع مَن إسلامهم غير صحيح؟ هذا ما سأذكره لك في المقال القادم إن شاء الله تعالى.

المقالات