موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

ولو تقول علينا بعض الأقاويل

1 شوال 1427 |

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، أما بعد:

فإن الله تعالى قال في حق نبيه صلى الله عليه وسلم: { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ (47) } [الحاقة]

أخي القارئ الكريم، إذا كان هذا الوعيد الشديد قد قاله الله تعالى في حق نبيه ورسوله وخليله وخيرة خلقه صلى الله عليه وسلم، فكيف بمن دونه؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم معصوم وحاشاه أن يتقول على الله تعالى وهو الذي قال الله عنه { (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4) } [النجم]، إن هذا الوعيد الشديد من باب أولى ينال من كان دون النبي صلى الله عليه وسلم فيما لو تقول على الله بعض الأقاويل!! فتأمل هذا نظير هذه الآية قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)[الزمر]، فهو معصوم، عليه الصلاة و السلام، والشرك في حقه ممتنع غاية الامتناع ولكن غيره ممن دونه أولى بالوعيد!

أخي القارئ، وفقني الله وإياك إلى كل خير، إذا علمت هذا ظهر لك ومع أدنى تأمل حال كثير من الناس وأنهم على خطر ما لم يتوبوا إلى الله تعالى ويتداركهم الله برحمته. فمنهم من يتستر في الدين ويتدثر بدثار العلم وبين الحين والآخر يثير بعض المسائل مخالفاً في ذلك لأصول شرعية معلومة من الدين بالضرورة؛ كإنكار علو الله تعالى على خلقه، أو تهوينه من شأن التوحيد أو مدح أهل البدع والأهواء وتصحيح مذهبهم ومدح رموزهم وطواغيتهم، وتارة يجيز أموراً لا يقول بها مسلم، فضلاً عن أن يقول بها عالم أو حتى طالب علم. ومنهم باسم الديانة والمشيخة - وهو لا همَّ له إلا الشهرة وخطف الأضواء - يحرص حرصاً عظيماً - باسم الدين - على الإثارة وطرح المواضيع الغريبة بحيث يثيرها على أنها ظاهرة، وهي أمر محدود ونادر، وربما شاذ. لماذا هذا كله وباسم الدين ؟! للشهرة حتى يتقول ويتكلف في أحكام الدين؟!، وكما قيل ((حب الظهور يقصم الظهور)). ومنهم من يتستر بالدين ويرقي الناس ويعالجهم بالقرآن وهو لا يعرف، يقرأه من أجل المال أو النساء أو الشهرة أو من أجل هذه الأمور كلها أو بعضها أو غيرها، فسرعان ما يفتي: بهذا حسد، وهذا سحر، وهذا عين، وهذا نفس، وأنت فيك جن والآخر فيه عفاريت وغرائب وعجائب ويحمل لقب ((شيخ)) وباسم الدين!! ومنهم من يستغني بالمال الوفير في الدورات والرحلات والبرامج والاستضافات، فتجده في كل مجال فيه مكافآت وأرباح ومخصصات مالية، فهو تاجر ناجح لكن باسم الدين!! يسأل الناس أموالهم ويجمع أرصدة ويقول: أنا أُعَلِّمُ الناس مما علمني الله تعالى. ومنهم من أجل التوصل إلى أعلى المناصب تجده يتقول على الله تعالى فيظهر التسامح والتساهل ويحلل ما حرم الله ويسهل كل شيء بحسب أهواء الناس، لماذا؟ ليصل بأي طريقة، فالغاية عنده تبرر الوسيلة !! ومنهم من يحارب السنة وأهلها ويصفها بالتطرف والإرهاب والشدة والتخلف، فيسخر و يستهزئ ويحرف في الدين ويتقول على الله تعالى ويلوي أعناق الآيات والأحاديث لينال عَرَضاً من الحياة الدنيا قليلاً!!

والخلاصة أن هذا الدين «متين» ويجب الإخلاص لله عز وجل في كل ما نأتي ونذر، وألا نستغل الدين ونحرف النصوص ونتقول على الله تعالى بلا علم للوصول إلى أغراض دنيئة، فهذا من أكبر الكبائر وعقوبته عاجلة وآجلة، فالحذر الحذر من هذا المنزلق الخطير الذي زلت فيه أقدام كثير من الناس. والله أسأل أن يتوب عليّ وعلى كل مسلم أقبل على الله راجياً رحمته خائفاً من عذابه، والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات