موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات

5 رمضان 1428 |




الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:



فإن من أساليب أهل الأهواء وأسلحتهم التي يستعملونها دفاعاً وهجوماً وذباً عن مناهجهم وبدعهم وانحرافاتهم ما يزعمون بين الحين والآخر أن أهل السنة يطعنون بالناس ويغتابون المسلمين ولا همَّ لهم إلا الكلام بالآخرين وأنهم يَدَعُون ويتركون المد الماسوني ويشتغلون بإخوانهم وبينما يهونون من المخططات الصهيونية يهولون من شأن أخطاء المسلمين... إلخ، يتهمون أهل السنة بهذه التهم والافتراءات ونسوا أنهم لا يألون جهداً ولا يدخرون طاقة في طعنهم بأهل السنة والافتراء عليهم وبرميهم إياهم ظلماً بشتى الأساليب القديمة والحديثة.



أخي القارئ فما هي الحقيقة ومن يطعن بمن؟ ومن الظالم؟ ومن المظلوم؟ 

فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب، أن مما لا شك فيه وجوب بيان الحق والرد على من أخطأ وأضاف إلى الدين ما ليس منه والذب عن الكتاب والسنة وبيان كل ما هو دخيل عليهما ومشوه لهما.

 وما أجمل ما قاله ابن كثير الحافظ المفسر في تفسيره لقوله تعالى (إلا إبليس كان من الجن) من سورة الكهف بعد أن ذكر أقوالا للمفسرين وروايات إسرائيلية قال: (.... وقد رُوي في هذه آثار كثيرة عن السلف، وغالبها من الإسرائيليات التي تُنقل ليُنظر فيها، والله اعلم بحال كثير منها، ومنها ما قد يُقطع بكذبه لمخالفته للحق الذي بين أيدينا، وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان، وقد وُضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم أي لبني إسرائيل من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث، وحرروه وبينوا صحيحه وحسنه من ضعيفة من منكره، وموضوعه ومتروكه ومكذوبه، وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال، كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه، فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم وقد فعل).



أخي القارئ الكريم اعلم وفقك الله للسنة أن العلماء الذين هم ورثة الأنبياء قديما وحديثا قد ردوا على كل مخالف ومبطل حفاظا على الدين حتى أنهم صنفوا مصنفات بأسماء الرجال الذين يحمل عنهم الدين فتراهم خصصوا كُتُباً بأسماء الكذابين والوضاعين والمبتدعة والمتروكين كما بينوا حال كل راوٍ للحديث وكل حامل للعلم ففلان متهم بالكذب وفلان مبتدع وفلان خارجي وفلان قدري وفلان اختلط وفلان مجهول وفلان يروي المناكير وفلان قصاص وفلان حاطب ليل، وهكذا تجدهم يتقربون لله تعالى ببيان حال كل من يحمل العلم لا بقصد الطعن والغيبة والسب والشتم وإنما بقصد الحفاظ على الدين وتمييز الصحيح من السقيم والطيب من الخبيث.



ثم كثيراً ما يحتاجون إلى التصريح بالأسماء وبيان سبب رد رواية ما وبيان سبب التحذير من الراوي .

كما أن لعلماء السنة أيضا ردوداً كثيرة على أهل البدع والأهواء وسموا كتبهم بأسماء صريحة(الرد على فلان، الذب عن كذا فيما افتراه فلان * بيان كذب المفترى * دحض الشبه * الدفاع عن كذا ) وغير ذلك كثير جدا وبصريح العبارة من غير اكتفاء بالإشارة وبذكر الأسماء والأخطاء مراعين بذلك أموراً منها:

  1. الإخلاص لله تعالى في بيان الحق لا لأغراض شخصية ونفسية وانتقام للنفس ونصرة للهوى ولا لأي شيء آخر سوى ابتغاء ما عند الله تعالى.


  2. أن يكون الرد على علم وبصيرة ودراية تامة بحيث يكون الناقد بصيرا وعالما لأن الرد إنما هو من جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والذي أساسه وشرطه العلم الصحيح النافع.

  3. أن يكون برفق لأن الرفق ما كان في شيء إلا زانه ، إلا إذا كان المقام يحتاج إلى أسلوب آخر في الرد والذب فلا مانع شرعاً من ذلك قال تعالى (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) (النحل ـ125)، فقد أمر الله تعالى (بالحكمة) على إطلاقها من غير تقييد لأن الحكمة لا تكون حكمة إلا إذا كانت مشتملة على الاستقامة والاعتدال وإلا كانت ظلما وجوراً، وأما الموعظة فقيدها أن تكون حسنة لأن الموعظة هي النصيحة بشدة مع ذكر الترغيب والترهيب فاشترط أن تكون حسنة، وأما الجدال فيه أخذ ورد وسؤال وجواب وفيه طرف مخالف يجادل ويحاجج فناسب أن يأمر الله تعالى بأن يكون الجدال بالتي هي أحسن.

4- ألا يكون الرد فيه تجاوز عن الحد المشروع الذي يحصل فيه بيان الحق ورد الباطل فلا يجوز في الرد على المخالف التطاول على عرضه أو الطعن بنسبه أو الاستهزاء بصورته أو صوته ونحو ذلك مما يعتبر جرحاً فوق الحاجة.



أخي القارئ العزيز وفقني الله وإياك لكل خير إن خير من يقتدى به في هذا العصر في ردوده على المخالفين وأدائه للنصيحة هو الشيخ العلامة الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى فنصائحه كثيرة معلومة مطبوعة منتشرة هنا وهناك يمكن لمن قصدها أن يقف عليها بسهولة ويسر.

 ولقد كتب ردودا كثيرة جدا لا يمكن حصرها إلا بعسر وصعوبة وكثير من ردوده صريحة بالأسماء وبيان الأخطاء وأمر بطباعتها وتوزيعها فلم يكن ذلك منه رحمه الله طعنا ولا تشهيرا بل نصيحة وبياناً ودفاعاً عن الحق.

 اذكر منها على سبيل المثال رده على أسامة بن لادن ومحمد المسعري وسعد الفقيه والتحذير منهم ورده على وصية لشيخ الأزهر الأسبق عبد الحليم محمود عندما أوصى عند وفاته بدفنه في المسجد!! 

ورده على ما كتبه محمد علي الصابوني في صفات الله عز وجل الذي نشره في مجلة المجتمع.

 وكتب تعقيبا على مقالة لشيخ الأزهر جاد الحق علي جاد الحق بعنوان (علاقة الإسلام بالأديان الأخرى)، وكتب إيضاحا وتعقيبا على مقالة للشيخ يوسف القرضاوي في مسألة الصلح مع اليهود. 

وهكذا مئات الردود فلا يكاد يقف الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى على خطأ معلن إلا وردّ على صاحبه وبذكر الاسم وكان من ردوده الجميلة النافعة رده على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق عندما تعقبه في كثير من المسائل التي ذكرها منثورة في رسائله ومن أحب أن يقف عليها فليراجع فتاوى الشيخ ابن باز (8/240) كما كتب أيضا الشيخ الدكتور ربيع بن هادي المدخلي وفقه الله كتاباً سماه جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات، حوار مع الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، تعقبه في عشرات الأخطاء والمغالطات والتي منها طعنه بالعلماء ، وأي علماء؟ علماء السنة والتوحيد والعجيب في الأمر أن الكتاب طبع في عام 1416هـ أي قبل أكثر من عشر سنوات وعنوانه استحسنه الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى وقال العنوان طيب وهذا هو الحق، كما قدم للكتاب الشيخ الدكتور صالح الفوزان حفظه الله والآن بعد أكثر من عشر سنوات وإلا بالشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يخرج مع جماعة التبليغ البدعية الهندية إلى اجتماعها السنوي في بنغلاديش!! 

والأعجب من هذا أن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق غفر الله له منذ أربعين سنة وهو يكتب عن الصوفية ويذمها وإلا به يخرج مع الصوفية!! 

لقد فرح به التبليغيون وأخذوا يحتجون به على صحة منهجهم وما علموا أن العلماء قد اكتشفوا أمره منذ أكثر من عشر سنوات فقالوا له جماعة واحدة لا جماعات وصراط واحد لا عشرات!!



أخي القارئ لم تنته العجائب والعجائب كثيرة فلقد ناظر الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق عبر إحدى القنوات الفضائية أحد الصوفية الكبار وهو يوسف الرفاعي وكان يقول الصوفي له: الصوفية صوفيتان صوفية غلاة وصوفية معتدلة وكان الشيخ عبد الرحمن يرفض هذا، فلا أدري ما جوابه لو قال له الصوفي (الرفاعي) الآن ها أنت يا شيخ عبد الرحمن أراك تخرج مع جماعة التبليغ وهي جماعة صوفية معتدلة!! فماذا سيكون جوابه؟ هل سيقول صدقت وأصبت ولقد أخطأتُ لما أنكرتُ عليك أن ثمة صوفية معتدلة!! أم سيقول كلا جماعة التبليغ ليست جماعة صوفية وإنما هي جماعة سلفية سنية!!

 الجواب عندكم!!



والله اسأل أن يهدي ضال المسلمين إلى سنة خاتم النبيين وإمام المرسلين والحمد لله اولا وآخر وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المقالات