موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

تنبيه الإخوان إلى ما وقع فيه الأخ عدنان (٣)

24 صفر 1431 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فما زلنا مع الأخ عدنان عبدالقادر القادري والتنبيه على ما وقع فيه من مغالطات وأخطاء فأقول و بالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:

التنبيه العاشر

زعم الأخ عدنان أن الإمام مالك و الإمام أحمد يضعفان حديث صيام الست من شوال و بعد البحث لم أجد صحة ما يقول حتى رجعت إلى كتابه الذي توسع فيه بكل ما أوتي من قوة، فلم يستطع أن يثبت صحة ما ادعاه مع أنه ذكر في مقابلته أنه منذ تسع سنوات يبحث في هذا الحديث.

والسؤال: أين ضعّف كل من الإمام مالك والإمام أحمد حديث صيام الست من شوال؟ (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)، أما الإمام مالك فلم يُعرف عنه أنه وقف على حديث أبي أيوب الأنصاري في صيام الست فضلاً عن أن يكون قد ضعّفه بل كان يصوم من شوال وعليه استقر مذهبه. و لعل غاية ما وقف عليه الأخ عدنان قول ابن رشد: (القول في صيام الست من شوال: وأما الست من شوال: فإنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)، إلا مالكا كره ذلك إما مخافة أن يلحق الناس برمضان ما ليس من رمضان، وإما لعله لم يبلغه الحديث أو لم يصح عنده؛ وهو الأظهر). انتهى كلامه من بداية المجتهد (٢١٠-٢١٢ / ٣).

وابن رشد رحمه الله ذكر ثلاثة احتمالات واستظهر أن الحديث لم يصح عند الإمام مالك ومثل هذا القول لا يحق لأحد يعتمد عليه ويجزم بأن الإمام مالك يضعف الحديث. فيا ليت الأخ عدنان على الأقل قال كما قال ابن رشد بأن الأظهر لم يصح عند الإمام مالك. وأما الإمام أحمد فغاية ما وقف عليه الأخ عدنان هو تضعيفه لأحد رواة حديث أبي أيوب وهو سعد بن سعيد الأنصاري، ومن المعلوم والمقرر عند أهل الحديث وأرباب صنعته أن تضعيف راوٍ من رواة حديث لا يلزم منه تضعيف الحديث، والأخ عدنان كان يجب ان يدرك ذلك مع أن تضعيف الإمام أحمد لسعد بن سعيد الأنصاري محمول على كون رتبته ليست برتبة الثقات الكبار وليس مراده أن حديثه مردود مطلقاً.

وأقول يا أخ عدنان إذا كان اعتمادك في تضعيف الإمام أحمد لسعد بن سعيد الأنصاري إذن يلزمك تضعيف كل حديث رواه مسلم؛ وانفرد بروايته سعد بن سعيد الأنصاري وهي خمسة أحاديث سوى حديث (صيام ست من شوال) وهذه مواضعها في صحيح مسلم:

  1. حديث أبي هريرة (758)

  2. حديث عائشة (783)

  3. حديث أم سلمة (918)

  4. حديث عائشة (1140)

  5. حديث أنس (1164).

أقول يا أخ عدنان! ارجع إليها واعد النظر فيها وأعلن في الفضائية أو مصلى العيد أنها ضعيفة أو ارجع عن قولك بتضعيف حديث أبي أيوب في صيام الست من شوال. يا أخ عدنان! قليل من التقوى يجعلك ترجع عن قولك بأن الإمام أحمد يضعف الحديث بل الإمام أحمد رحمه الله اخرج حديث أبي أيوب في صيام الست من شوال في مسنده (417/5، 419)، وكذلك أخرجه من حديث ثوبان (280/5)، وجابر (308/3، 324 ، 344)، وروى عبدالله بن الإمام أحمد بن حنبل في (كتاب مسائل الإمام أحمد) (622/2 برقم 895) قال: سألت أبي عن هذه الأيام التي تصام بعد رمضان؟ قال:لا بأس بصيامها إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم (ستة أيام من شوال) فإذا صام ستة أيام من شوال لا يبالي فرق أو تابع. انتهى كلامه.

وعليه استقر مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى على استحباب صيام الستة أيام من شوال، قال البهوتي الحنبلي في منتهى الإرادات (493/1)، قال أحمد: هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم وصرح بصحة »صيام الستة أيام من شوال« في رواية ابنه عبدالله. انتهى كلامه.

وقال أبو بكر الشاشي القفال في كتابه (حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء) (175/3): (يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال وبه قال أحمد). انتهى كلامه.

أخي القارئ وبعد هذا يتبين لك بطلان قول الأخ عدنان بالحرف الواحد حيث قال: (في مسألة شوال أخذت أبحث فيها من تسع سنوات كنت أشرح صحيح مسلم يوم كان بيتنا في الفيحاء، كنت اشرح صحيح مسلم في المسجد بعد صلاة الفجر مريت عليه كل ما أمر على حديث في صحيح مسلم ابحث في أقوال العلماء في الحديث مع أن صحيح مسلم صحيح لكن ابحث مع هذا أحب أن اعرف أقوال العلماء في الحديث إلى آخره. فلما وصلت إلى الحديث هذا أخذت ابحث أقوال العلماء وجدت هناك من يضعف الحديث قلت: يا جماعة! دعوني ابحث، تسع سنوات وأنا أقدم رجل وارجع رجل في البحث مستمر في البحث شرحت موطأ الإمام مالك. الإمام مالك صرح صراحة قال بأن بدعة يا جماعة أخذت ابحث تسع سنوات وأنا ابحث ماني متجرأ اقول لعظمة صحيح مسلم. لعظمة صحيح مسلم ما أستطيع لكن بعد ما تيقنت بأن هذا الحديث مو صحيح وأن العلماء ضعفوه علماء مو شويه خمسه سته سبعه ولذلك قولين للعلماء قول من يقول بالتصحيح للإمام مسلم وقول يقول بعدم صحته فرأيت بالدليل بأنه مو صحيح فتكلمت فيه سئلت فأجبت قامت الدنيا وما قعدت والقضية تسع يعني الإسلام يسع هذا. الإمام أحمد ضعفه علي بن المديني ضعفه سفيان بن عيينة ضعفه مجموعة، الإمام مالك ضعفه فما المانع لم نحجر إذا كان حق قل حق ولكن بأدب واطرح بأدب وبأدلة) انتهى كلامه.

ولي اخي القارئ على هذا الكلام مآخذ كثيرة منها:

  1. قوله وجدت من يضعف هذا الحديث واستدل بالإمامين مالك وأحمد وليس الأمر كما قال ونحن نطالبه من أين نقل هذا التضعيف؟!

  2. وأما سفيان بن عيينة فرأى أن الحديث موقوف على الصحابي أبي أيوب الأنصاري وهذا ليس بقادح في الحديث، فإن الراوي قد يروي الحديث فيرفعه للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد لا يرفعه، ومن رواه مرفوعاً وهو ثقة فهذه زيادة مقبولة؛ وبه يظهر أنه لا حجة للأخ عدنان في ذلك.

  3. وأما تضعيف ابن المديني فلم أقف على موضع تضعيفه، فأين ضعفه؟ ويا ليت الأخ عدنان بذلك يفيدنا.

  4. وأما كونه توقف تسع سنوات لا يتجرأ على صحيح مسلم فأقول يا ليتك يا أخ عدنان بقيت على عدم الجرأة، خير لك من هذه الجرأة المذمومة.

  5. وأما قولك: وجدت الإمام مالك في الموطأ صرح صراحة بأن صيام ست من شوال (بدعة) فنحن نطالبك أين صرح صراحة الإمام مالك في كتابه الموطأ؟ اذكر لنا الموضع بالضبط لأننا ما وجدناه فهل عندك نسخة أو طبعة لأحد رواة الموطأ غير التي بين ايدينا؟

    يا أخ عدنان لقد وجدنا في كتب المالكية استحباب صيام الست من شوال بل ذكر القرطبي بأن الأمام مالك كان يصوم الست من شوال في خاصة نفسه. انظر تفسير سورة البقرة الآية 187 مسألة رقم 25.

  6. أما قولك جزافا (لكن بعدما تيقنت بأن هذا الحديث مو صحيح وأن العلماء ضعفوه علماء مو شويه خمسه سته سبعه) فأقول: أين العلماء السبعة؟ سمهم لنا ومن أين نقلت عنهم ذلك؟ أما إن كنت تقصد ابن دحية الكلبي فيا ليتك تقرأ ترجمته قبل أن تستدل به واظنك إذا عرفت حاله ستستحي أن تعول عليه ثانية! وإن كنت تقصد جلال الدين التباني الحنفي فهو ليس معروفا بالحديث ولا يعول عليه وأكاد اجزم أنك لم تسمع في حياتك قط أن أحدا اعتمد على تصحيحاته وتضعيفاته لكن لعلك وجدته على طريقك في البحث وأنت مستمر في البحث تسع سنوات ففرحت به! ومثله الباجي المالكي فوا أسفا كيف اعتمدت يا أخ عدنان على الباجي في تضعيف الحديث وهو من فقهاء المالكية، واعرضت عن تصحيح ابن عبدالبر الذي هو من محدثي المالكية؟!

  7. وأما قول الأخ عدنان في تضعيف الحديث أن الذين ضعفوه علماء مو شويه. فأقول: إذا أردت التهويل والتعظيم فالذين قالوا بصحة حديث صيام ستة أيام من شوال وسنية ذلك واستحبابه وبوّبوا عليه أبوابا تدل على استحباب صيام الستة أيام من شوال اقول فهم اكثر عدداً وقدراً وعلما ممن قال بتضعيف الحديث. ومنهم صحابة ومنهم أئمة ومنهم محدثون ومحققون وفقهاء ومتقدمون ومتأخرون ومعاصرون فأين الثرى من الثريا. بل حتى من زعمت أنهم ضعفوه استقرت مذاهبهم على استحباب صيام الست من شوال.

  8. وأما ما فرحت به يا أخ عدنان من أن بروفيسورا في الحديث لما عرضت عليه الحديث ضحك وتبسم وسكت فلا أدري كيف تستدل بهذا على صحة ما ذهبت إليه في دعواك؟ فأنت لم تذكر اسمه ولا علمه ولا خبرته سوى كونه بروفيسورا في الحديث وهذا لا يعني شيئا في ميزان العلم فأنت تعلم بأن في كلية الشريعة في الكويت وغيرها كثير من البروفيسورات وبعضهم لا يصلح لأن يدرس في المرحلة المتوسطة! ولا يخفى عليك أن (ع.ش) بروفيسور في الحديث يعني (استاذ كرسي) بينما الألباني رحمه الله الذي ملأ الدنيا علما وفضلا والناس والكمبيوترات عالة عليه في الحديث لم يكن حاصلا على شهادات والتي اكثرها اليوم اصبحت شهادات زور.

  9. أما قول الأخ عدنان القضية تسع يعني الإسلام يسع هذا فأقول: ليس كل قول معتبر إلا قولا له حظ من النظر. فيا أخ عدنان تنقل خطأ وتتجرأ على تضعيف حديث في صحيح مسلم وتنسب أقوالا للأئمة لم تثبت عنهم ثم تقول القضية تسع؟!

أخي القارئ لم انته من التنبيهات فبقي منها عدد فالأخ عدنان وقع في مغالطات وأخطاء كثيرة في مقابلة لم تبلغ ساعة كاملة فكيف لو تتبعنا باقي ما يؤثر عنه وعن شيخه وعن لجنته وجمعيته لطال المقام جدا ولكن اكتفي بهذا القدر فإن احتاج الأمر اكملت ما بقي.

ملاحظة مهمة: في النهاية أريد أن أنبه على بعض ما اتوقع من الأخ عدنان:

  1. إما لا يرد بسبب العجز ويتستر بكونه آثر الإعراض بينما سبق أن رد على الدكتور عبدالله الفارسي وقسى عليه وربما سفهه بما لا ينبغي.

  2. وإما سيرد رداً إجمالياً ويهمل كثيراً من المآخذ التي أخذت عليه ويوهم الناس أنه قد رد.

  3. وإما أن يعترف بأخطائه ويتراجع عنها وهذا مستبعد جدا إلا أن يشاء الله.

  4. والأبعد على الإطلاق أنه يرد رداً علمياً على كل تنبيه أوردته عليه!

والله اسأل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولاً وآخراً وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

المقالات