موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

تنبيه الغافلين من الآباء والأمهات عن ما يحدث في بعض الرحلات والمخيمات (١)

8 ربيع الأول 1431 |

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

إن كثيرا من أولياء الأمور من الآباء والأمهات يفرحون باستقامة أولادهم وتدينهم وتوجههم إلى المساجد، وحق لهم ذلك لانهم انما يرجون صلاح اولادهم وذرياتهم ، ويأملون حسن تدينهم ، رجاء استمرار أعمالهم وآثارهم بعد مماتهم ، ورجاء الانتفاع بدعواتهم الصالحة . غير أن هناك قطاع طرق يقفون على الطريق ، يخطفون فلذات الاكباد من المساجد والمدارس والكليات ويفسدون عقائدهم وفطرهم باسم الدين والديانة والاستقامة! وربما بدأوا بهم بقراءة القرآن وحفظه ليخلوا بأبنائنا في الصيف برحلات طويلة ، وفي الشتاء في المخيمات ، ويتم من خلال هذه الفترة التأثير المركز على الشباب حتى يتمكنوا من إقناعهم بما يسمونه «مشروع الجهاد». ومن ثم يتفاجأ الوالدان بسفر ولدهما إلى جهة غير معلومة، ومن ثم يأتيهم الخبر المؤلم بأنه قد اعتقل ، أو تأتيهم الفاجعة الكبرى بأن ولدهما قد قتل في عملية انتحارية ، أو استعمل بطريقةٍ ما درعا بشريا ، أو ذهب بحادثة فدائية فضحى بنفسه فوطئ على لغم مزروع ، ونحو ذلك من المآسي التي نسمع بها بين الحين والآخر.

قصة أليمة وحالة يرثى لها

تلقيت رسالة من فتاة لم تبلغ العشرين من عمرها ، ذكرت أن شابا يكبرها بسنتين تقدم لخطبتها ، وهو في بداية استقامته، وبعد أن عقد عليها زواجه ، وقبل الدخول والبناء بها ، تعرف على شباب في المسجد ، فذهبوا به إلى أحد دكاترة كلية الشريعة فأقنعه أن يصاحبهم في رحلة صيفية إلى المدينة ، يحفظ من خلالها القرآن كله أو بعضه !!! وفعلا تمت موافقته- وسافر معهم ، والظاهر في تلك الفترة حصلت التعبئة الكاملة لإقناعه بمشروع الجهاد ، - فتفاجأت الفتاة بسفر زوجها إلى افغانستان أو العراق ، وانقطعت اخباره ولا تدري أحي يُرجى أو ميت يُبكى، وذكرت أن له والدة كبيرة تعاني من مرض القلب . وذكرت أيضا أن والدها يضغط عليها ليطلقها منه بسبب تصرفه هذا، والفتاة في حيرة من أمرها قد انقطعت حيلتها ولا حول لها ولا قوة إلا بالله.

قصة مأساوية أخرى

اتصل علي هاتفياً أحد الآباء ، وطلب مقابلتي ، ولما حضر عندي في المسجد رأيت عليه آثار الحزن ، فلما بدأ بالكلام وسمعت قصة ابنه عرفت سبب الحزن الذي ظهر على وجهه ! يقول : إن له ابنا اسمه "خ" وعمره تسعة عشر عاما ، وأنه قد تعرف على بعض الشباب في المسجد ، وتأثر ببعض كلامهم ، وكان يأتي البيت ، ويكثر الكلام في الجهاد ، ويبدي رغبته فيه ، ويقول : إن بعض المشايخ يفتونه بالجهاد ، ثم تفاجأنا باختفائه عن أنظارنا وبعد أيام تلقينا اتصالا من العراق اخبرنا المتصل بأن ابني قد استشهد !

اقول: إنا لله وإنا إليه راجعون وحسبنا الله ونعم الوكيل.

أتدري أيها الأب الفاضل وأيتها الأم الكريمة كيف يتم إقناع أولادكم ؟ وكيف يتم العبث بعقولهم؟ وكيف يجعلونهم يتمردون عليكم؟ لعل كثيرا من الناس لا يدري. لذا سأكشف لكم أساليبهم حتى تكونوا على حذر ولعلكم تتداركون أولادكم قبل أن تخسروهم فأقول وبالله وحده استعين وعليه اتوكل وإليه انيب وهو حسبي ونعم الوكيل:

أولاً: يتخلق هذا الدكتور أو ذلك المنظر بالخلق الحسن والابتسامة الدائمة وإغداق الدرجات العالية في الكلية حتى يجلب الطلبة حوله.

ثانيا : يدعو الشباب والطلبة لزيارته إلى المسجد في ساعات خارج الدوام الرسمي.

ثالثا: يركز على بعض الطلبة ليختار منهم نوعية يغلب على ظنه صلاحيتهم لمشروع الجهاد.

رابعا: يلقبهم بألقاب تجعل في نفوسهم الاستعداد للتضحية كأن يسميهم [الربانيين أو النخبة أو الحفاظ أو المجاهدين ونحو ذلك].

خامسا: يبين لهم فضل الجهاد وقدره وأهميته ويذكر لهم الآيات والأحاديث في ذلك.

سادسا: يكثر من بيان حال الأمة وضعفها وذهاب كرامتها بسبب ترك الجهاد والتخلي عنه.

سابعا: يكثر من ذكر أفعال أعداء الأمة ، وكيف فعلوا وبطشوا وسفكوا واحتلوا وهتكوا واذلوا المسلمين ، وسلبوا خيراتهم ومقتدرات بلادهم.

ثامنا: يستعملون الصور والأفلام المؤثرة التي يظهر فيها أشلاءُ القتلى وانتهاك لحرمات المسلمين.

تاسعا: يجمعون لقطات مصورة لبعض العمليات الجهادية ، وقذف الصواريخ ، والرمي بالأسلحة الخفيفة والثقيلة ، مصحوبة بالأناشيد الجهادية الحماسية والتكبير والتهليل.

عاشرا: يختارون أعمارا معينة تبدأ بـ 15 عاما إلى 20 عاما والأولوية للشباب العزاب غير المرتبطين بزوجات ولا أولاد!

الحادي عشر: يشترطون شروطا يتمكنون من خلالها رد كل من يشكون فيه أنه قد جاء ليختبرهم ، أو يتجسس عليهم ، أو أنه من النوع الذي يسِّرب الأخبار،فتجدهم مثلاً يشترطون المقابلة الشخصية قبل السفر معهم ، أو انخراطه في معسكرهم أو مخيمهم ، كما يشترطون في العضو أن يكون حافظا لخمسة أجزاء من القرآن ونحو تلك الشروط لتكون ذريعة لهم فكل من لا يرغبون فيه قالوا له إنك لم تجتز المقابلة الشخصية ، أو لأنك لا تحفظ خمسة أجزاء من القرآن.

الثاني عشر: يزهدونهم بالعلماء وطلبة العلم والدعاة الذين لا يوافقونهم على منهجهم وفكرهم ويحولون بينهم وبين لقاءاتهم والجلوس اليهم وسماع محاضراتهم .

الثالث عشر: يقنعونهم بأن العلماء الكبار لا يفقهون الواقع ، أو أنهم ساكتون أو مسكتون ، أو ليس من المصلحة أن يتكلموا عن الجهاد لكنهم أوعزوا إلى غيرهم بأن يتكلموا في امور الجهاد نيابة عنهم !!!.

الرابع عشر: يقنعونهم بأن الحكام والحكومات قد تخلوا عن الجهاد ، وتخاذلوا عنه ، أو أنهم لا يؤمنون به أصلا ولا يقرون به ، ولا يعرفون فضله ، بل انكروه وابطلوه وحاربوه وحاربوا أهله واكتفوا بجهاد شعوبهم وظلمهم.

الخامس عشر: يوهمونهم بأنه لا يشترط للجهاد الاستئذان من ولي الأمر ولا من الوالدين وإنما يجب فقط وكل من جاهد فجهاده صحيح وغاية مافي ترك الواجب حصول الاثم ، ومن المعلوم أن الشهيد يغفر له مع أول قطرة دم كل ذنوبه ، فلا يضره عدم استئذان والديه أو نهيهما له.

السادس عشر: يقومون بجمع التبرعات بصورة مذهلة ، وبطرق متعددة ، ويتسابقون لجمعها حتى أن لسان حالهم ، بل وأحيانا يصرح بعضهم بلسان مقاله (إن الأزمات التي تحدث للأمة نافعة جدا فالناس يتبرعون في الأزمات بأضعاف أضعاف ما يتبرعون به قبل وبعد الأزمات).

السابع عشر: يعلقون إعلاناتهم وبوستراتهم في المساجد من غير استئذان ولا رقيب ولا حسيب مع أن انشطتهم لا علاقة لها بوزارة الأوقاف، والوزارة بإمكانها أن تشتكي على مبراتهم لو كانوا يشتهون!

الثامن عشر: يمارسون في مخيماتهم التمارين الرياضية والفروسية والعسكرية ، والحراسات ، وكلمة السر حتى يبثوا في نفوس الشباب الاستعداد لساعة الصفر وتتهيأ نفوسهم للجهاد والتضحيات .

التاسع عشر: يتشعبون هنا وهناك وينقسمون إلى خلايا ومجموعات حتى تصعب ملاحقتهم.

العشرون: يستدعون بعض المشاهير في افتتاح مخيماتهم ، حتى ينجذب اليهم اكبر قدر من الشباب.

الواحد وعشرون: يمزجون في انشطتهم انشطة دينية ، ودروسا شرعية وحفظ للقرآن والأحاديث النبوية ، حتى يتمكنوا من استقطاب اكبر قدر من الشباب.

أخي القارئ الكريم ها أنا قد كشفت لك بعض أساليبهم وطرقهم لتحذر منهم قبل أن يسلبوا ابنك أو أخاك أو قريبك ثم تعجز عن رده. والوقاية خير من العلاج. وبعد كلامي هذا كأني اسمعك أيها القارئ تقول أو اسمع غيرك يقول أو اسمع أحدهم يقول :

  • لماذا تنكر عليهم الجهاد في سبيل الله؟

  • أليس الجهاد ذروة سنام الإسلام؟

  • أليس هؤلاء إخوانك؟

  • أليسوا مسلمين؟

  • أليس في قلبك رحمة عليهم؟

  • أليس فيهم من الخير الشيء الكثير؟

  • أليس لهم حق عليك؟

  • ولماذا تركت المنكرات التي في سائر المخيمات وجئت تتسلط على الأخوة في الله؟

  • لماذا لم تنكر على الذين يسافرون للزنا والخمر؟

  • لماذا لا تنكر على مخيمات الخمور والمخدرات والفواحش؟

  • لماذا لا تنكر على الشباب المتهورين الذين يستعرضون بسياراتهم فيقتلون أنفسهم ويقتلون الآخرين؟

  • لماذا لم تذكر البديل لأولادنا لنستغني عن هؤلاء الذين حذرتنا منهم إن كنت من الصادقين؟

فأقول: رويدا رويدا إذا أردت أن تعرف لماذا تابعني في المقال الذي بعد هذا. اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه اللهم اجعلني ممن يقول الحق ويعمل به اللهم إن كنتُ ما اقول به خالصا لوجهك الكريم موافقا لمرضاتك فتقبله مني وإن كنتُ على غير ذلك فاغفر لي جهلي واسرافي في أمري واهدني إلى صراطك المستقيم.والحمد لله أولا وآخرا وظاهر وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

المقالات