غفر الله لك يا أخي عدنان (١)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد فلقد سبق أن نشرت ثلاثة مقالات بعنوان تنبيه الأخوان إلى ما وقع فيه الأخ عدنان واقصد الأخ عدنان عبدالقادر القادري تعقبته في مسائل غلط فيها نشرها في مقابلة معه عبر إحدى الفضائيات ، ثم سمعت أنه يعد ردا على ما تعقبته به وأيم الله أني فرحت لما سمعت بذلك لأمرين :
الأول : لعله ينبهني على خطأ قد وقعت فيه فأتدارك الأمر قبل أن يأتي { يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ (89) } [الشعراء]
الثاني : قلت في نفسي : لعل الأخ عدنان استفاد مما نبهته عليه فيتدارك نفسه ويرجع عن اخطائه التي نبهته عليها. لكن للأسف لم يكن من ذلك شي إلا يسيرا فلقد طلع علينا في سبعة مقالات طوال ملأها بأخطاء جديدة وهجوم على شخصي بأسلوب لطيف من جانب عنيف جدا جدا من جانب آخر مع اعراض تام عن اكثر ما استدركته على مقابلته !
والآن اجد نفسي مضطرا لبيان جديد قد يستغرق مقالين فإن وفيت الرد حقه وإلا عززته بثالث وربما إذا احتاج المقام كتبت مقالا رابعا ، فأقول وبالله استعين وعليه اتوكل إليه انيب وهو حسبي ونعم الوكيل :
سأجعل ردي من ستة وجوه :
الأول : المسائل التي نبهت عليها الأخ عدنان واهمل الإجابة عليها تماما كأنه لم يقرأها
الثاني : المسائل التي نبهني عليها الأخ عدنان واستفدت من رده
الثالث : المسائل التي كان رد الأخ عدنان فيها غير موفق
الرابع : المسائل التي اخطأ بها الأخ عدنان في مقالاته السبعة الأخيرة
الخامس : تنبيهات مهمة على المقابلة الفضائية كنت قد أجلتها سابقا اكتفاء بما ذكرته والآن اجد من الأهمية ذكرها
السادس : الرد على سيل التهم الذي صبه علي الأخ عدنان صبآ غفر الله له ولم يتق الله فيني ولم يحفظ لي حرمة! وإنما جعلت هذا الوجه آخرها لأنه أقل الوجوه الستة أهمية
الوجه الأول : المسائل التي نبهت الأخ عدنان عليها واهمل الإجابة عليها .
فأقول لقد نبهت على مسائل كثيرة تتجاوز الخمسة عشر تنبيهآ لكن للأسف لم اقرأ ردا عليها والله اعلم هل اقتنع بأنه قد اخطأ بها وسيتدارك خطأه ؟ أو اعرض عنها لعجزه عن الرد ؟ أو رآها لا تستحق الرد ؟ أو لأمر آخر لا اعلمه !
المهم مازال السؤال قائما لماذا لم تجب على المسائل الآتية :
قولك بالحرف الواحد عن صيام الست من شوال بأن ( الإمام مالك صرح صراحة بأن بدعة ) فلقد طالبتك بالمصدر الذي نقلت منه هذه الصراحة فلم تذكره في مقالاتك السبعة بل ذكرت لك نص كلام مالك في الموطأ (1 / 311) أنه قال : ( وإن أهل العلم يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان ما ليس منه ، أهل الجهالة والجفاء لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم يعملون ذلك ) انتهى كلام مالك بحروفه . فقولك يا أخ عدنان بأن ( الإمام مالك صرح صراحة بأن بدعة ) إما تدليس واعاذك الله من التدليس وإما أنك اخطأت ولكن لم تذكر أنك اخطأت وإما من وجهة نظرك أنك محق فنطالبك من أين نقلته عن الإمام مالك ؟
ذكرت في المقابلة بأن الإمام مالكا ضعف حديث أبي أيوب رضي الله عنه في صيام الست من شوال ! وطالبتك بالدليل من كلام الإمام مالك ومن أين نقلت عنه إذ لم نر تضعيفه للحديث في كتابه الموطأ ولم يذكره أصلآ بل غاية ما في ذلك أن ابن رشد وهو بعد عصر الإمام مالك بقرون قال الأظهر أنه لم يصح عند مالك ! فأنت لم تذكر أين ضعفه الإمام مالك فهذا إما تدليس منك على الإمام مالك واعاذك الله من التدليس وإما أنك أخطأت ولم تذكر بأنك اخطأت وإما أنك محق فأنا مازلت اطالبك أين ضعفه الإمام مالك؟ على الرغم أني قلت لك بالحرف الواحد ( وابن رشد رحمه الله ذكر ثلاثة احتمالات واستظهر أن الحديث لم يصح عند الإمام مالك ومثل هذا القول لا يحق لأحد يعتمد عليه ويجزم بأن الإمام مالك يضعف الحديث فياليت الأخ عدنان على الأقل قال كما قال ابن رشد بأن الأظهر لم يصح عند الإمام مالك ) .
ذكرت في مقابلتك بأن الإمام أحمد ضعف حديث أبي أيوب رضي الله عنه في صيام الست من شوال وطالبتك بالمرجع الذي نقلت عنه ذلك التضعيف فعجزت عن ذلك سوى ما نقلته عن ابن رجب من كتاب اللطائف ص 389 أنه قال : ( ومنهم من قال موقوف _ أي حديث أبي أيوب _ قاله ابن عيينة وغيره وإليه يميل الإمام أحمد ) انتهى كلامه. ومعلوم أن ابن رجب رحمه الله من علماء القرن الثامن بينما نقلت لك قول عبدالله بن الإمام أحمد في مسائله (622 / 2 برقم 895 ) قال : ( سألت أبي عن هذه الأيام التي تصام بعد رمضان ؟ قال : لا بأس بصيامها إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( ستة من شوال ) فإذا صام ستة أيام من شوال لا يبالي فرق أو تابع ) انتهى كلامه وقلت لك أيضا : وعليه استقر مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى على استحباب صيام الستة من شوال وقال البهوتي الحنبلي في منتهى الإرادات (493 / 1) قال أحمد : هو من ثلاثة أوجه عن النبي صلى الله عليه وسلم وصرح بصحة ( صيام الستة أيام من شوال ) في رواية ابنه عبدالله انتهى كلامه . وقال ابو بكر الشاشي القفال في كتابه ( حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ) (175 / 3) : يستحب لمن صام رمضان أن يتبعه بست من شوال وبه قال أحمد . انتهى كلامه يا أخ عدنان كل هذا اعرضت عنه وكأنك لم تقرأه وأنا مازلت اطالبك أين ضعف الإمام أحمد حديث أبي أيوب ؟ فأنت إما تدلس على القراء والمستمعين بأن الإمام أحمد ضعف الحديث واعاذك الله من التدليس وإما اخطأت ولكن لا تريد تعترف بخطأك وإما عندك نقل عنه فأنا بإنتظارك !
قلت لك أيضا بالحرف الواحد : ( يا أخ عدنان إذا كان اعتمادك في تضعيف الإمام أحمد لسعد بن سعيد الأنصاري أحد رواة الحديث إذن يلزمك تضعيف كل حديث رواه مسلم وانفرد بروايته سعد بن سعيد الأنصاري وهي خمسة أحاديث سوى حديث ( صيام ست من شوال ) وهذه مواضعها في صحيح مسلم:
حديث أبي هريرة (758)
حديث عائشة (783)
حديث أم سلمة (918)
حديث عائشة (1140)
حديث أنس(1164)
اقول يا أخ عدنان ارجع إليها واعد النظر فيها واعلن في الفضائية أو مصلى العيد أنها ضعيفة أو ارجع عن قولك بتضعيف حديث أبي أيوب في صيام الست من شوال ) انتهى كلامي السابق بحروفه لكن في سبعة مقالات ما رأيت لك حرفا واحدا في التعليق على هذه الفقرة !
قلت لك في ردي عليك بالحرف الواحد : ( وأما تضعيف ابن المديني فلم اقف على موضع تضعيفه ، فأين ضعفه ؟ وياليت الأخ عدنان يفيدنا بذلك ) انتهى كلامي بحروفه ، فأنت يا أخ عدنان إما تدلس وأوهمت الناس بأن على ابن المديني ضعفه واعاذك الله من التدليس وإما اخطأت فلم تبين خطأك وإما عندك المرجع الذي نقلت منه فأنا مازلت انتظر الفائدة بمعرفة ذلك .
انتقدتك لاعتمادك على ابن دحية الكلبي في تضعيف الحديث وكذلك اعتمادك في التضعيف على الباجي وهو من فقهاء المالكية واعراضك عن تصحيح ابن عبد البر وهو من محدثي المالكية ! ولم تتعقب كلامي هذا بحرف واحد
انتقدتك على اعتمادك في تضعيف حديث أبي ايوب على جلال الدين التباني الحنفي وقلت لك عنه بالحرف الواحد : ( هو ليس معروفا بالحديث ولا يعول عليه واكاد اجزم أنك لم تسمع في حياتك قط أن أحدا اعتمد على تصحيحاته وتضعيفاته عليه ولكن لعلك وجدته على طريقك في البحث وأنت مستمر في البحث تسع سنوات ففرحت به ) انتهى كلامي اقول : ولم تتعقب كلامي بحرف واحد !
ذكرت لك أن الأمة قد تلقت صحيح مسلم بالقبول وأن كل ما فيه صحيح إلا حروفا يسيرة ليس الحديث الذي ضعفه الأخ عدنان منها . فلم تتعقبني بحرف واحد تثبت فيه أن هذا الحديث من جملة الأحاديث التي انتقدت !
ذكرت لك أن حديث أبي ايوب ذكره الإمام مسلم في أصل الصحيح وساقه بسنده وليس من الشواهد والمتابعات ولم تتعقب كلامي بحرف واحد
نقلت لك عن القرطبي فقلت بالحرف الواحد : ( بأن الإمام مالك كان يصوم الست من شوال في خاصة نفسه انظر تفسير سورة البقرة الآية 187 مسألة رقم 25 ) انتهى كلامي . اقول : لم تتعقبني بحرف واحد
ذكرت لك أن مذهب مالك وأحمد الذين زعمت أنهما يضعفان الحديث قد استقرا على استحباب صيام الست من شوال . ولم تعلق على ذلك بحرف واحد
انكرت عليك بقولي ( وأما ما فرحت به يا أخ عدنان من أن بروفسورا في الحديث لما عرضت عليه الحديث ضحك وتبسم وسكت فلا أدري كيف تستدل بهذا على صحة ما ذهبت إليه في دعواك ؟ فأنت لم تذكر اسمه ولا علمه ولا خبرته سوى كونه بروفيسور في الحديث وهذا لا يعني شيئا في ميزان العلم ... الخ ) انتهى كلامي اقول لم تتعقبني بكلمة ولم تذكر اسمه مع أن ذكرك اسمه ليس من الغيبة ، وربما تخشى أن نراجعه فينكر اقراره لك على تضعيف حديث في صحيح سلم !
انكرت عليك دفع الزكاة دعمآ للتمثيل فلم ترد علي بحرف واحد بل ذهبت بعيدا وأخذت تتوسع في حكم التمثيل !
ذكرت لك توسع الجمعيات في تصرفهم بأموال الزكاة فجعلوها في الإنتخابات والبوفيهات الفاخرة لبعض المرشحين ... الخ و لم تتعقبني بحرف واحد فهل هذه موافقة منك؟
انكرت عليك مسألة التوسع بالأناشيد وتحريم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لها لما فيها من المحظورات الشرعية فاعرضت عن هذا الكلام كأنك لم تقرأه !
الوجه الثاني : المسائل التي نبهني عليها الأخ عدنان واستفدتها من رده .
نبهني الأخ عدنان عن عدم إطلاق لفظ " الشاذ " و " الشذوذ " واقول ابشر سأشطبها من البحث وسأستبدلها بكلمة الغرائب و الآراء الضعيفة والمرجوحة ولن اطبع الرد حتى ادفعه لك وكل كلمة تراها جارحة فأنا حاضر سأشطبها واستبدلها وكما يقال مالك إلا طيبة الخاطر
سأشطب التهديد في آخر ردي لكن إذا كان موجودا لأني لم اهددك كما تقول فحدد لي الكلمة التي فهمت منها التهديد وأنا حاضر سأستبدلها بكلمة ألطف منها .
ملاحظة هامة : إذا كانت الكلمة حق ولو كانت جارحة فلن اتراجع عنها فمثلا لو وجدت عندك عدم امانة في النقل فسأقول ليس عندك أمانة .
أخي القارئ الكريم تابعني الأسبوع القادم لإتمام التعقيب على التعقيب إن شاء الله تعالى.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.