مغالطات عدنان عبد القادر على التنبيهات
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد سبق أن كتبت مقالات ثلاث إثر مقابلة بثتها إحدى الفضائيات أجريت مع الأخ عدنان عبد القادر القادري غفر الله له ولوالديه ذكرت فيها تنبيهات مهمة كنت أرجو أن يستفيد منها لكن للأسف الأخ عدنان كتب على إثر تلك التنبيهات سبع مقالات أكثر فيها من المغالطات مما جعلني أتعقبه على مغالطاته وإليك أخي القارئ الكريم هذا البيان لعل الله تعالى أن ينفع به كل من وقف عليه فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:
المغالطة الأولى: قال الأخ عدنان غفر الله ولوالديه: «ما المانع أن نتحاور بأسلوب راق بعيدا عن صراع المراهقين؟» انتهى كلامه.
فأقول: ومن قال إن ثمة مانعاً يمنعك من الحوار؟ ولماذا توهم القراء بأن الأسلوب الذي رددت به عليك لم يكن راقياً؟ بل ما الذي حملك على تكرار مقدمة ردودك السبعة بديباجة ملأتها بالتهجم والتجريح؟ تأمل مفرداتك في المقدمة وغيرها «صراع المراهقين» «مصارعة»، «ضربة قاضية»، «الاستخفاف»، «الانتقاص»، «الازدراء»، «الاتهام»، «سيل الاتهامات والبغي»، «الترعيد»، «التهديد»، «لجم الأفواه»، «كأننا مراهقون»، «ليتصارع معه في الشارع ويسبه ويشتمه»، «رائحة التحدي»، «التهديد بالفضيحة والتشهير»، «دماء المسلمين وأعراضهم ليست هدراً»، «دين الله تعالى لا يتلاعب به»، «إباحة الغيبة» إلى غير ذلك مما لم أذكره اختصاراً!!
فأين الأسلوب الراقي الذي تدعو له يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك؟! أليست هذه مغالطة كبرى؟ لقد حاولت جاداً ومجتهداً تثبيت صورة سيئة في نفوس القراء عمن انتقدك أو قوّمك وكان الواجب عليك أن تتقي الله ربك وتحفظ حرمة المسلمين أما أن ترد مثل هذه الاتهامات التي سخرت لها قلمك سبع ليال فهذا لا يشك مسلم بأنه حرام.
المغالطة الثانية: الواجب على من ادعى دعوة أن يقيم البينات على دعواه وهذا هو الأصل، فلماذا لم تذكر نص كلامي الذي بنيت عليه وصفي بتلك الأوصاف؟ فكان الواجب عليك أن تقول قولك «كذا وكذا» أسلوب ليس راقياً وقولك «كذا وكذا» تهديد وقولك «كذا وكذا» سب وشتم وقولك «كذا وكذا» مصارعة وقولك «كذا وكذا» تشهير وهكذا ليحكم القارئ بنفسه ويعرف إن كنت صادقاً أو غير صادق بما تقول أو أنك دقيق أو غير دقيق أو انك مبالغ أو غير مبالغ أما هكذا تلقي كلامك جزافاً فلا أراك إلا أخطأت خطأً كبيراً أسأل الله أن يغفر لك ولوالديك.
المغالطة الثالثة: طبق الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه المثل الذي يقول: «رمتني بدائها وانسلت» فلقد أغرقني بسيل من التهم عظيم وجمع فيّ من صفات السوء كلها إلا قليلاً وكرر ذلك في مقدمة سبع مقالات ثم جاء في الختام ليصفني بأنني دائما انتهك حرمة المسلمين وأنني اتهجم عليهم واتتبع أخطاءهم ولسان حالي «الرجل الجبار» و«لا أتواضع للعلم» «واغتاب الناس» و «أسيء بهم الظن» و «أن اخواني ساكتون عني لا لضعف بل يدخرون ذلك لآخرتهم لا سيما عند الوقوف بين يدي الله تعالى» و «ليس عندي رفق ولا حلم» و «اقصد بالحوار التحدي وكسر الرأس» إلى غير ذلك مما لم أذكره اختصاراً فأقول: غفر الله لك ولوالديك يا أخ عدنان لم يبق إلا أن ترميني بالكفر والنفاق أكل هذا فيني؟! بل فاتك ما يقال عني في بعض المجالس وفي الإنترنت بأني قدياني وعميل أمريكي وفي رواية يهودي وكذاب ودجال وجبان وفاجر وزنديق و و و إلخ، تلك القواميس من الشتائم والتهم وكل ذلك المقصود منه حتى أتوقف عن الردود عليهم. كلا والذي نفسي بيده لن أتوقف إلا أن يشاء ربي شيئاً وسع ربي كل شيء علماً.
وليعلم كل من يقرأ كلامي أن دين الله تعالى لا يقوم بعد توفيق الله وإحسانه إلا بالتضحيات ولولا التفات الغزال ما صادها الأسد. لذا لن ألتفت إلى هذه الاتهامات وبهذا أنصح كل داع إلى السنة والعقيدة وأشد من أزره فأقول علينا بالثبات على الحق مستعينين بالله وحده متجردين من كل حول وقوة إلا حول الله وقوته. وأقول يا أخ عدنان إن كنت كما وصفتني فاسأل الله أن يغفر لي ويهديني وإن كنت لست كما وصفتني فأسأل الله أن يغفر لك ويهديك.
المغالطة الرابعة: لما قلت في تنبيهات على الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه بالحرف الواحد «يا أخ عدنان لقد تغيرت كثيرا فمنذ متى استدل السلفيون بفتاوى الأزهر؟ ومنذ متى أخذ الأزهر بفتاوى علماء السنة؟ فالازهر يبيح أكثر من ذلك بكثير في العقائد والعبادات والمعاملات فأخشى أن نرى لك كلاماً عن قريب تقول قال الشعراوي وقال القرضاوي وقد أفتى الترابي» انتهى كلامي. ثم عقب الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه في مقاله الثاني من المقالات السبع بالآتي: «لماذا الاعتراض على لجنة الأزهر» «لا تستخف بأهل القرآن» «الشعراوي لا يختلف عن الشوكاني والآلوسي والطاهر عاشور» وقال «لا تستهن بمن كان له دور كبير في نشر الإسلام» وقال «لماذا حجرت المسائل الفقهية على السلفيين فقط؟» إلى غير ذلك مما لم أذكره اختصاراً وبإمكانك أخي القارئ أن ترجع إليه للتأكد منه وقراءته كاملاً بسياقه وتمامه.
فأقول: غفر الله لك يا أخ عدنان يا ليتك ذكرت نص كلامي ليحكم القارئ بنفسه هل الحق معك بأني استخففت بأهل القرآن واستهنت بمن له دور كبير في نشر الإسلام؟ والآن اسألك بالذي لا إله إلا هو هل في كلامي استخفاف بأهل القرآن واستهانة بمن له دور كبير في نشر الإسلام؟ يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك من هم أهل القرآن؟ أهل التوحيد أو أهل التجويد؟ هل أهل القرآن هم الذين يقيمون حروفه دون حدوده؟ أليس أهل القرآن هم الذين (يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ) [البقرة: 121]. يا أخ عدنان اقرأ فصلا جميلا من كتاب مفتاح دار السعادة لابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى بعنوان "التلاوة هي الاتباع" لتعرف من هم أهل القرآن؟ يا أخ عدنان ألا تعلم أن الذي يقرأ القرآن ويتعتع به وهو عليه شاق له أجران؟! بينما الذي يقرأ القرآن ولا يوحد الله تعالى لا يدخل الجنة؟َ
يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك لا تغرر أهل السنة بأولئك الذين يفسرون القرآن بأهوائهم فيجلس أحدهم في مسجد بجانب قبر يطاف به كما يطاف بالكعبة ويسجد له كما يسجد لله ولا تسمع له كلمة واحدة ينكر بها عليهم!! (١) يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك لا تقارن هؤلاء أهل الحشيش والدخان بالنووي وابن حجر والشوكاني والله هذا حرام، أوصيك ونفسي بتقوى الله عز وجل.
المغالطة الخامسة: لماذا يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك توهم القراء بأني «استهنت بمن له دور كبير في نشر الإسلام»؟! هل مجرد مغالطة أو تحريض للقراء لأني رددت عليك؟ لا يخفى عليك أن الذين أشرت إليهم بأنهم نشروا الإسلام هم الذين نشروا التصوف والأشعرية وعبادة الأولياء والدنيا طافحة بآثارهم السيئة فهؤلاء الأولى أن نتصدى لهم بدلاً من تلميعهم والدفاع عنهم فهم يكرهون السنة وأهلها ويروّجون البدع ويحاربون التوحيد ويلمزون أهله لا ترجع بنا إلى الوراء فأهل السنة فقدوا الثقة بهم وتوجهوا للعلماء العاملين المتمسكين بالدليل والفضيلة إذ وجدوا فيهم وعندهم الغنية عن أولئك الذين أفسدوا الدين والدنيا.
المغالطة السادسة: قال الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه وللمسلمين: «ثم انظر إلى هدي علماء السلف في هذا العصر من الذي استقدم القراء من الأزهر إلى المملكة لتعليم القرآن؟ أليس الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى؟ وأصر على ذلك» انتهى كلامه.
أقول: لا أدري إلى ماذا يريد أن يصل الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه؟ هل يلزم من استقدام قراء من الأزهر إلى المملكة أن نعتمد على فتاواهم في التمثيل ونحوه؟! سبحان الله هذه مغالطة كبيرة منك يا أخ عدنان هداك الله لرشدك.
أخي الكريم لعلك تعلم أنني من أبناء جامعات المملكة العربية السعودية، وأني شاهدت بنفسي كما شاهد غيري أن هؤلاء القراء من أجهل الناس في العقيدة والفقه بل يؤتى بهم تحت مراقبة شديدة ويحجر عليهم الكلام والخوض في العقيدة والفتوى ويقتصروا على تعليم القراءة والتجويد بل ويؤتى بهم لدعوتهم إلى السنة وتصحيح اعتقادهم حتى أن منهم من يستفيد ويرجع عن اعتقاده الباطل إلى عقيدة أهل السنة فيرجعون عن الحلف بغير الله وتجده يعفي لحيته ويتبع السنة ومن يظهر عليه العناد والاستكبار يُنصح ويُنبه عليه مرة أو مرتين فإن شهد عليه الطلاب بأنه يفسد في عقيدته يفتي بالباطل أو يسيء الخلق أو يشرب الدخان فإنه ينهي عقده ويرحل من البلاد. فلا تظن يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك أن استقطاب قراء الأزهر دليل على صحة فتاواهم بالتمثيل!!
المغالطة السابعة: قال الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه في مقاله الثاني من المقالات السبع ما نصه: «هل نحارب تقليد الأئمة ثم نأمر طلبة العلم بتقليدنا ومن خالفنا فهو شاذ؟» وقال: «ديننا يقوم على الاتباع لا التقليد» وقال «أيحبس قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا يمر على الجسر إلا بإذن فئة محدودة من العلماء» إلى آخر كلامه حذفت منه للاختصار من غير إخلال.
فأقول: منْ تقصد يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك بالذي يحارب تقليد الأئمة ثم يأمر الطلبة بتقليده؟ هل تتكلم عن أشباح أو أشخاص؟ إن كنت تقصد أحداً بعينه فسمه لنا واذكر نص كلامه الذي فهمت منه ما تقول، أما إذا كنت تقصد الاستدلال بأقوال العلماء تقليداً فأنت فعلت ذلك في مقالاتك فكم مرة قلت قال فلان وقال فلان فلماذا المغالطة؟ ثم من الذي رد الحديث وحبسه على الجسر ألست أنت؟ فلقد ضعفت حديث صيام ستة من شوال وأنكرت حديث ثوبان أن يكون شاهداً لحديث أبي أيوب وخالفت العلماء الذين بوبوا بحديث ثوبان وحديث جابر والأثر الموقوف على أبي أيوب في باب صيام ستة من شوال وجعلت ذلك عاماً في جميع أيام السنة وألغيت تقييده بشوال وحكمت أن فلاناً وفلاناً قد ضعفوا الحديث مع أنهم تكلموا في الراوي ولم يضعفوا الحديث بل وركبت إسناداً على متن ليس له إلى غير ذلك من الفوضى العلمية التي استشهدت بها ثم جئت الآن ترمي غيرك بالتقليد وحبس الحديث على الجسر إن هذا لشيء عجاب.
المغالطة الثامنة: يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك لقد قارنت نفسك بالشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى لما قال عن حديث الجساسة في النفس منه شيء ثم قارنت نفسك بتضعيف الألباني رحمه الله لبعض حروف صحيح مسلم رحمه الله تعالى. وهذه لا شك مغالطة كبيرة فأين أنت من هؤلاء الأئمة الجبال؟! إن فعلك هذا يفتح باب شر كبير لصغار طلبة العلم لا شك سيتجرؤون على الصحيحين بحجة أن فلاناً وفلاناً من العلماء قد تكلموا في بعض الأحاديث.
المغالطة التاسعة: قال الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه: «لذا ينبغي أن نعيد تدريس كتاب (بدعة التعصب المذهبي) هذه الدعوة المباركة لها أثر كبير في تغيير العالم الإسلامي من التقليد إلى الاتباع بل كبار دعاة التقليد انتهجوا هذا الطريق في مجامع الفقه الإسلامي والندوات والمؤتمرات ونحن ننتكس إلى الوراء؟» انتهى كلامه.
فأقول: والله ما الانتكاس إلى الوراء إلا تقليدك لفتوى لجنة الأزهر الذين حرموا تمثيل كبار الصحابة دون صغارهم لماذا يا لجنة الأزهر؟ قالوا «لقداستهم» سبحان الله كيف سمحت لك نفسك يا أخ عدنان أن تستدل بهذه الفتوى التي الله أعلم من أين استخرجتها؟! أي مغالطة أكبر من هذه يا أخ عدنان غفر الله لك ولوالديك.
المغالطة العاشرة: قال الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه: «فإن كنت ترى أن الإمام مسلم اعلم بالحديث من الإمام مالك فخذ برأي مسلم وإن كنت ترى أن الإمام مالك اعلم بالحديث منه فخذ رأي مالك وهكذا» انتهى كلامه.
أقول و لي مع هذه المغالطات ثلاث وقفات:
الوقفة الأولى: إلى الآن يا أخ عدنان عجزت أن تقف على كلام صريح للإمام مالك يقول فيه بتضعيف حديث أبي أيوب في صيام ستة من شوال الذي أخرجه مسلم في صحيحه. فأثبت لنا أولاً أن الإمامين مالك ومسلم رحمهما الله تعالى قد اختلفا في هذا الحديث فصححه أحدهما وضعفه الآخر.
الوقفة الثانية: ليس بالضرورة إذا كان مالك أعلم بالحديث من مسلم أو العكس يكون الحق مع أعلمهما في كل حديث يختلفان فيه، فهذا تقرير لم تسبق إليه فيما أعلم، وإنما ينظر في كل حديث اختلف فيه العلماء إلى ما يرجح قول بعضهم على بعض.
الوقفة الثالثة: لو عملنا بكلامك هذا الغريب وقلنا في حديث صيام الستة من شوال: فإن كنت ترى أن الإمام مسلم أعلم بالحديث من الأخ عدنان عبد القادر فخذ برأي الإمام مسلم وإن كنت ترى أن الأخ عدنان عبد القادر أعلم بالحديث من الإمام مسلم فخذ برأي الأخ عدنان عبد القادر!!
والآن سأترك الحكم للإخوة القراء ليحكموا على الأخ عدنان غفر الله له ولوالديه وللمسلمين.
أخي القارئ الكريم لم انته من التعقيب على كلام الأخ عدنان في مقابلته الفضائية ومقالاته السبع فقد بقيت عدة نقاط ومسائل ولا أدري أأستمر في التعقيب عليه أو اكتفي بهذا؟ لكني لن أترك القلم وإنما سأكتب حسبما يقتضيه الأمر.
تابعوني في الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى في موضوع مهم جدا والله تعالى أسأل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(١) أعني بذلك محمد متولي شعراوي الذي كان يدرس في مسجد الحسين في القاهرة!!