ضوابط في النقد والردود
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم المرسلين وعلى آله وصحبه اجمعين اما بعد،
فان الخطأ والقصور من صفات بني آدم، وكل راد و مردود عليه و لا احد معصوم بعد الانبياء والمرسلين ولكن ثمة ضوابط وآداب ينبغي ان يراعيها كل من أراد ان ينقد او يرد على من أخطأ او جانب الصواب فأردت أن أُذَكِّر بها نفسي ثم أُذكِّر بها كل من وقف على مقالي هذا فاقول وبالله استعين.
أولاً: الاخلاص لله تعالى فالواجب على كل مسلم ان يبتغي في رده ونقده وجه الله تعالى لا لإظهار نفسه ولا للشهرة ولا للانتقام ولا يحمله على ذلك حسد او اي غرض من الاغراض او سبب من الاسباب سوى انه يريد احقاق الحق وابطال الباطل مبتغيا بذلك وجه الله تعالى.
ثانياً: ان يكون الرد على علم وبصيرة بحيث يعرف موطن الخطأ ودلالة الالفاظ ومخالفة ذلك للنصوص الشرعية حتى لا ينكر المعروف ويأمر بالمنكر ويخطىء الصحيح ويصحح الخطأ لذلك لا يجوز الرد والنقد الا بعلم وبصيرة .
ثالثاً: العدل فالرد والنقد حكم من الناقد والراد والله تعالى يقول: (وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)) سورة النساء . فلا يجوز الظلم والتعدي والتجريح والاتهام وتحميل الكلام مالا يحتمل. رابعاً: حسن الظن لكن باعتدال فلا نتجاوز بحسن الظن إلى درجة التكلف حتى نجعل لكل باطل مخرجاً ولا نسيء الظن بالمتكلم ونصرف كلامه الى اسوأ المقاصد ولكن نكون بين ذلك قواما بين هذا وهذا فالأمر دقيق ومن لا يحسن هذا المجال فليدعه لاصحابه.
خامساً: ((الرفق الرفق ))فما كان الرفق في شيء إلا زانه، نعم قد يحتاج الأمر في بعض الاحيان وفي الرد على بعض الاعيان الى شدة كما فعل بعض السلف ولكن الاصل الرفق لاسيما اذا كان المردود عليه كبيرا او له اتباع او يرجى له الرجوع وحسبنا قوله تعالى لموسى وهارون عليهما السلام لما أرسلهما إلى فرعون فقال: (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)) طه.
سادساً: ان يكون الحكم على ماظهر من الاقوال والافعال دون الحكم على النوايا والخفايا والتي لا يعلمها إلا الله تعالى وحده.
سابعاً: ان يكون الرد في السر في بعض المواطن وفي العلن في مواطن اخرى. بحيث يكون عند الناقد حكمة فيلتمس الانسب لحال المردود عليه وحجم الخطأ وهل صدر عنه بشكل معلن حتى يرد عليه بالعلن او انه خطأ شخصي يرد عليه فيما بينه وبينه سراً من غير اعلان ولا تشهير.
ثامناً: عدم التقيد بشروط وضوابط لا اساس لها وليس عليها دليل ولا برهان فمن الناس من يقول من أخطأ فلا يقبل منه حق ولا عدل ولا يسمع منه حتى آية من القرآن ومنهم من يقول لابد من ذكر الحسنات والسيئات والموازنة بينهما في مقام الرد والنقد ومنهم من يقول لاتنكر حتى تنصح أولاً فهؤلاء وهؤلاء وأولئك كل منهم قد جانب الصواب. فالحق يقبل والباطل يرد من كل انسان ولا أحد فوق مستوى النقد والرد إلا الأنبياء والمرسلين.
تاسعاً: الحكم على قول دون القائل بحيث يقال هذا القول: كفر أو ردة أو فسق او باطل او بدعة او خلاف السنة او خطأ او نحو ذلك بحسب درجة الخطأ في القول دون ان يقال فلان كافر او مرتد او فاسق او مبتدع لماذا؟ لأن الحكم على الاعيان له ضوابط اخرى ويحكم به العلماء والقضاة، مالم يكن ظاهراً لايختلف عليه اثنان فمقام الرد والنقد يختلف عن مقام الحكم على الاعيان. مثاله: كما قال بعض السلف من قال القرآن مخلوق فقد كفر، والقول بان القرآن مخلوق كفر ومع ذلك ماكفروا اعيان القائلين بهذا القول فتبنه لذلك فإنه مهم.
عاشراً: ان يكون قصد الناقد النصيحة بحيث يتمنى لو رجع المخطىء عن أخطائه ورجع إلى الصواب او تاب من ذنبه ورجع الى الحق. الحادي عشر: الرد والنقد فرض كفاية فلا يلزم كل مسلم ان يرد على المخالفين ويحفظ مواطن الخطأ عندهم.
اخي القارئ الكريم هذا ما أحببت ان اذكر به نفسي اولاً ثم اذكرك به ثانياً والله تعالى اسأل ان يوفق كل مسلم إلى الحق والصواب والحمد لله اولاً وآخراً وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.