يا دكتور «المرأة عورة» حديث صحيح
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد وقفت على كلام للدكتور (ط.س) هداه الله لرشده في حلقة نقاشية حوارية عن «الحجاب» قال بالحرف الواحد: «بعض الرجال يرى [أن المرأة عورة] هذه الكلمة شخصياً اعتبرها ثقيلة حقيقة. المرأة انسانة كيان وعقل وروح وعاطفة» انتهى كلامه بحروفه.
أقول: هذا كلام خطير جداً لا يكاد يصدر من مسلم يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله الا اذا كان يجهل ان هذا حديث قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
نص الحديث
روى الترمذي في جامعه حديث رقم (1173) من طريق همام عن قتادة عن مورق عن أبي الأحوص عن عبدالله - ابن مسعود - رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «المرأة عورة فاذا خرجت استشرفها الشيطان» وقال حديث صحيح غريب.وصححه ابن خزيمة [1685] و[1686]، وابن حبان [5598] و[5599] وقال الألباني: وهذا اسناد صحيح [ارواء الغليل 1/303].
أقول: وهذا الحديث لم يؤثر عن أحد من العلماء فيما أعلم طعن في صحته ونسبته الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استدل به كثير من العلماء وتناولوه بالشرح والتعليق والبيان.لذا من باب احسان الظن أقول: لعل الدكتور (ط.س) لا يعلم ان هذا حديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم.والا كيف يقول: بعض الرجال يرى [أن المرأة عورة]؟! وكيف يقول: هذه الكلمة أنا شخصياً اعتبرها ثقيلة حقيقة؟! لأن المسلم يسلم لأمر الله ورسوله ويفترض فيه ان يصدق كلام الله تعالى في رسوله صلى الله عليه وسلم اذ قال عنه: {وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى} [النجم:4-3]. فلا يثبت لعبد ايمان ولا يستقيم له اسلام يكذب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ينتقصه أو يتعقبه أو يستدرك عليه فهذا مناف تماما للايمان به صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.
معنى الحديث
قال الشيخ بكرأبو زيد رحمه الله في كتابه «حراسة الفضيلة» وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((المرأة عورة، فاذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة الله وهي في قعر بيتها)) رواه الترمذي وابن حبان. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى [الفتاوى: 15/ 297]: ((لأن المرأة يجب ان تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خُصّت بالاحتجاب وترك ابداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل، لأن ظهورها للرجال سبب الفتنة، والرجال قوامون عليهن)) انتهى. وقال رحمه الله تعالى في [الفتاوى: 15/ 379]: ((وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر الى المحرمات، فانه يتناول الغض عن بيوت الناس، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان، وذلك ان البيوت سترة كالثياب التي على البدن، كما جمع بين اللباسين في قوله تعالى: {والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ وسرابيل تقيكم بأسكم }[النحل: 81]، فكل منها وقاية من الأذى الذي يكون سموماً مؤذياً كالحر والشمس والبرد، وما يكون من بني آدم من النظر بالعين واليد وغير ذلك)) انتهى.[ص 42].
وقال أيضاً: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((المرأة عورة، فاذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها)) رواه الترمذي، وابن حبان، والطبراني في الكبير. ووجه الدلالة منه: ان المرأة اذا كانت عورة وجب ستر كل ما يصدق عليه اسم العورة وتغطيته. وفي رواية أبي طالب عن الامام أحمد: ((ظفر المرأة عورة، فاذا خرجت من بيتها لا تبن منها شيئاً ولا خُفّها)). وعنه أيضاً: ((كل شيء منها عورة حتى ظفرها)) ذكرها شيخ الاسلام ابن تيمية وقال: ((وهو قول مالك)) انتهى.[ص 74].
وقال شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في «الضياء اللامع من الخطب الجوامع» [2/ 483]: «أيها المسلمون ان مشكلة النساء ليست بالمشكلة الهينة، وليست بالمشكلة الجديدة، لأنهن الفاسق منهم شرك الشياطين، وحبائل الشر تصيد بهن كل خفيف الدين مسلوب المروءة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ان المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان» [رواه مسلم].وقال: «المرأة عورة، فاذا خرجت استشرفها الشيطان».أي: زينها في نظر الرجال (رواه الترمذي، قال الألباني: واسناده صحيح).وقال صلى الله عليه وسلم: «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» [متفق عليه]».انتهى كلامه.
والله يحكم لا معقب لحكمه
أخي القارئ الكريم من له أدنى متابعة للدكتور (ط.س) في السنوات الأخيرة يجد أنه قد سلك طريقاً خطيراً في منهجه وعقيدته. فتراه جريئاً جداً في طرح أي موضوع ولو كان حكمه ثابتاً بالكتاب والسنة على أنه قضية أو مسألة قابلة لسماع آراء الناس فيها سواء ممن يستضيفهم في برنامجه أو ممن يشارك عبر الاتصال أو الايميل والرسائل وهذا لعمر الله مخالفة صريحة للقرآن والسنة ومحاداة لله ورسوله، لأن الله تعالى يقول (انِ الْحُكْمُ الّا لِلّهِ) [الأنعام: 57]، (واللّهُ يحْكُمُ لا مُعقِّب لِحُكْمِهِ) [الرعد:41]، ويقول: (انّما كان قوْل الْمُؤْمِنِين اذا دُعُوا الى اللّهِ ورسُولِهِ لِيحْكُم بيْنهُمْ ان يقُولُوا سمِعْنا وأطعْنا) [النور: 51]، وقال تعالى أيضا: (وما كان لِمُؤْمِنٍ ولا مُؤْمِنةٍ اذا قضى اللّهُ ورسُولُهُ أمْرًا ان يكُون لهُمُ الْخِيرةُ مِنْ أمْرِهِمْ ومنْ يعْصِ اللّه ورسُولهُ فقدْ ضلّ ضلالًا مُبِينًا (36)) [الأحزاب].
وبرنامج الدكتور (ط.س) مخالف تماماً لهذه النصوص من القرآن الكريم، فتجده يناقش مسائل كثيرة نص الله عليها في القرآن وكأنها مسائل اجتهادية يسمح لكل من هب ودب ان يقول في ذلك قوله ورأيه كمسألة الحدود، والردة، وحرية الاعتقاد، وتعدد الزوجات، والحجاب، والسحر وغير ذلك مما ذكره وسيذكره الا ان يشاء ربي شيئاً لذا في مقالي هذا فاني من باب النصيحة انصحه واحذره من عاقبة هذا المسلك الخطير المنحرف واحذر كل مسلم ينخدع به.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.