دفاع و ليس بدفاع
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد رأيت كثيرا من الناس اذا سمع من يقرر مسألة عقدية أو شرعية سارع وحمل - بتشديد الميم - الكلام ما لا يحتمل وأخذ بالزام القائل بلوازم لو عرضت عليه لم يلتزمها وهذا خطأ في الفهم وانحراف في تصور المسائل. واليك أخي القارئ الكريم بعض الأمثلة والتي من خلالها تفهم قصدي.
المثال الأول
اذا قرر أحد بل واعتقد ما اخبر الله به بأن {الدين عند الله الاسلام} {ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين} ظهر علينا من يقول هذا الكلام لا يصلح تقريره لأن فيه دعوة للارهاب وفي تقريركم هذا تحريض للمسلمين على قتل الكفار الأجانب! فاذا قيل له ليس بالضرورة ان كل كافر يجوز قتله بل يحرم قتل الكافر المعاهد الذي بيننا وبينه عهد ألا نقتله ولا يقتلنا ظهر لنا من يقول أنتم عطلتم الجهاد وربما قال أنتم توالون الكفار أنتم تدافعون عنهم، بل قد يظهر من يقول أنتم كفار مثلهم!!
المثال الثاني
وكذا اذا قال قائل العبادة تجب لله تعالى وحده ودعاء الأولياء والصالحين شرك وأن الله تعالى وحده الذي ينفع و يدفع الضر ظهر علينا من يقول أنتم تكرهون الأولياء و تنتقصونهم! أو يقول أنتم تثيرون الفتن و تدعون إلى الطائفية!
المثال الثالث
واذا قال قائل الله تعالى له صفات الكمال والجلال نصفه بما وصف به نفسه و وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم ظهر علينا من يقول أنتم مجسمة أنتم مشبهة!
المثال الرابع
واذا قال قائل الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم بدعة لأنه أمر محدث لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأذن به ولم يفعله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ظهر علينا من يقول انكم لا تحبون النبي صلى الله عليه وسلم أو لا تعظمونه أو نحو ذلك.
المثال الخامس
واذا قلنا لا يجوز الغلو بآل بيت النبي صلى الله وسلم والادعاء بأنهم معصومون أو يعلمون الغيب ظهر علينا من يقول أنتم نواصب قد نصبتم العداوة لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم!!
المثال السادس
اذا قال أهل السنة مرتكب الكبيرة لا يكفر وهو في مشيئة الله ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه وان عذبه في النار فانما يعذبه الى امد ثم يخرج منها الى الجنة ظهر من يقول: أنتم تهونون من المعاصي وتدافعون عن أهل المعاصي من القتلة والمجرمين والزناة وشاربي الخمور!! بل يقول بعضهم: أنتم تعتقدون عقيدة اليهود الدين يقولون {لن تمسنا النار الا اياما معدودة}.
المثال السابع
واذا قلنا من لا يستطع الجهاد فانه يسقط عنه ويصبر فان لم يستطع ان يقيم شعائر دينه في بلده فعليه ان يهاجر، اذا قلنا هذا ظهر علينا من يقول أنتم تطبقون خطط اليهود وتسعون للتطبيع معهم!!
المثال الثامن
واذا قلنا لا يجوز تكفير المسلم الا بضوابط وشروط لان التكفير أمر خطير ظهر علينا من يقول أنتم مداهنون أنتم عملاء وربما كفرنا بحجة {من لا يكفر الكافر فهو كافر}!!
المثال التاسع
واذا قلنا لا يجوز التسرع في تبديع أهل السنة فالتبديع أمره خطير كما قال الامام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: {اخراج الناس من السنة شديد!} رواه الخلال في السنة (2/ 273) أقول اذا قلنا ذلك ظهر علينا من يقول أنتم متساهلون مع أهل البدع وتدافعون عنهم!!
فمتى يعقل هؤلاء و أولئك ان هذه اللوازم لوازم باطلة اذ لا يمكن ان تلزم أحدا بلازم قوله الا اذا ذكرته له فالتزمه لذا قيل لا ينسب لساكت قول فكيف ينسب له قول ينكره؟!
والخلاصة
ان من دافع عن الحق وقرره لا يلزم من دفاعه دفاع عن باطل قد يتوهمه متوهم. اسأل الله ان يحفظ لنا ديننا وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن والحمد لله أولا و آخراً و ظاهرا و باطناً، و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين .