على خطى الإخوان المسلمين .. جمعية إحياء التراث الإسلامي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الدعوة السلفية في الكويت قبل ثلاثين عاماً كانت مميزة حتى العامة يعرفون المنتسبين لها بهيئاتهم وطرحهم وصفة صلاتهم وتمسكهم بالدليل وبعدهم عن السياسة وكانوا يتمسكون بالسنة تمسكاً عجيباً حتى أنك لا تكاد تجد فيهم مسبلاً ثوبه ولا حالقاً لحيته ! وكان هناك تباين كبير وواضح بين السلفي والإخواني وكانت تجري مناقشات كثيرة بين السلفيين والإخوان المسلمين وما زلت أتذكر كلمة قالها أحد الإخوان المسلمين لم أنسها منذ أكثر من ربع قرن! وكيف أنساها وقد رأيت حقيقتها! الكلمة هي قوله "أرأيت السلفيين فإنهم على خطى الإخوان المسلمين وسيأتي يوم يفعلون كل ما يفعله الإخوان المسلمون"! أقول: سبحان الله ثم مضت السنون والأعوام وبدأ السلفيون شيئا فشيئا يسيرون وراء الإخوان المسلمين حتى ابتلوا بالسياسة والانتخابات وطمع فيهم كل من يرغب في الوصول إلى منصب من المناصب حتى دخل فيهم من لا رغبة له بالسلفية ثم انشأوا جمعية رسمية أطلقوا عليها جمعية إحياء التراث الإسلامي ثم دب فيهم كل داء من أدواء الإخوان المسلمين كالتحزب والبيعة السرية والتعمق في السياسة والتكفير والانقسامات والاهتمام اللامحدود بالانتخابات ونقل الأصوات والتنسيق مع الإخوان المسلمين وربما مع الرافضة السبئية، وغير ذلك مما لا يخفى على كل ذي بصر وبصيرة وإنا لله وإنا اليه راجعون .
الألباني رحمه الله عالم ناقد
كان للشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني أثر كبير في سلفي الكويت، وكان السلفيون متأثرين به جداً عقيدة ومنهجاً واعتباراً لتصحيحه وتضعيفه للأحاديث بل حتى آراؤه الفقهية كان لها قبول كبير عند السلفيين إلى درجة أن المخالفين كانوا يعيّرون السلفيين بأنهم مقلدون للشيخ الألباني في كل شيء لأنهم لا يخرجون عن كلامه إلا يسيراً! وما أجمل تلك الأيام وذلك الحماس للسنة فوالله الذي لا إله إلا هو أن الشباب في تلك الفترة لا يكادون يفرطون بسنة علموها إلا وعملوا بها! ولقد حذر الشيخ العلامة الألباني سلفي الكويت وغيرهم من التدخل في السياسة وذلك عندما دخلوا الانتخابات ومدحوا الطاغية البعثي الهالك صدام حسين وبدأوا يتابعون الإخوان المسلمين في كثير من طرائقهم لكن للأسف لم يلتفت إلى كلامه وتحذيراته كثير من السلفيين، لذا صاروا وللأسف على خطى الإخوان المسلمين تماماً حذو القذة بالقذة إلا قليلا حتى لا تكاد تجد فرقا بينهم وبين الإخوان المسلمين!
الألباني يذكر حقيقة تحول السلفيين
في أوائل التسعينات زار الدكتور ( ناصر العمر ) الأردن والتقى الشيخ الألباني رحمه الله تعالى ودار بينهما حوار ربما في عدة مجالس والذي يهمنا منه الآن الحوار التالي:
العمر: يا شيخ أنا على استعداد أن أقسم بالله أن الشيخ سلمان العودة ليس من الإخوان المسلمين!
الألباني: دعنا من هذا القسم لكن هل تستطيع أن تقسم أن منهجه ليس منهج إخوان مسلمين؟
العمر: (سكت ولم يرد بكلمة)
الألباني: تعرف ( عبدالرحمن عبدالخالق؟ )
العمر: نعم أعرفه.
الألباني: هذا من طلابنا في الجامعة الإسلامية في المدينة ليس من الإخوان المسلمين لكن ((انحرف)) في إخواننا السلفيين في الكويت إلى منهج الإخوان المسلمين. انتهى الشاهد من الحوار.
أقول: هذه الحقيقة لا ينكرها إلا مكابر فالتطابق بينهم ظاهر من وجوه كثيرة أما من لم يندفع وراء الإخوان لقناعته بل لإيمانه بعقيدة السلف ومنهجهم فمواقفهم متفاوتة فمنهم من ابتعد عن جمعية إحياء التراث وما تولد منها بعدما ناصحهم وانكر عليهم ومنهم من رأى أن يبقى معهم ويحاول أن يصلح من الداخل وأن يحافظ على ما بقي من السلفية بعدما تابعت جمعية إحياء التراث الإخوان المسلمين في أمور كثيرة!
الخط السياسي يحرج الخط الشرعي
طلبة العلم الشرعي في جمعية إحياء التراث كثيرا ما يبررون (ويرقعون) لأصحاب الخط السياسي الذين زادت أخطاؤهم وانحرافاتهم وتغلغلوا بالديمقراطية الغربية وظهرت متابعتهم للإخوان المسلمين بل ومخالطتهم للرافضة السبئية حتى أصبحوا في حرج كبيرة أمام الناس! والغريب في الأمر أن طلبة العلم ليسوا بحاجة إلى جمعية إحياء التراث بل الجمعية بحاجة إليهم فإلى متى يبقى هؤلاء في مجاملة أصحاب الخط السياسي؟! والأعجب من ذلك إذا بدأت الانتخابات نجد طلبة العلم يقفون مساندين للخط السياسي كثيرا بمواقفهم السلبية فلماذا تدعون الناس إلى توصيلهم إلى هذه المناصب؟ أولى لكم فأولى أن تكونوا ناصحين للخط السياسي وللناس فأنتم طلبة علم شرعي عليكم مسؤولية كبيرة أمام الله تعالى ثم أمام الناس، فهل لا راجعتم أنفسكم؟ اسأل الله لكم التوفيق.
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً، وصلى الله وسلم على نبينا وعلى آله وصحبه أجمعين.