يا دكتور أين أنت من حديث «من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص الأمير فقد عصاني»؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من ﻻ نبي بعده، أما بعد:
فلقد قرأت مقالا بعنوان «أمة وسطاً» لدكتور في كلية الشريعة وعضو مجلس الأمة سابقا وهو عضو في احدى جمعيات النفع العام واحد المشاركين في ندوة «إﻻ الدستور»!! ضمّن اﻻخ الدكتور مقاله بمغالطات كثيرة وقلب كثيراً من الحقائق.
من ذلك قوله هداه الله لرشده:
(ليس الغريب ان تصدر مثل هذه الفتاوى الشاذة ولكن الغريب هو نسبتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى منهج السلف الصالح ورسول الله عليه افضل الصلاة والسلام ومنهج السلف الصالح منها براء وفي نفس السياق ما يحاول البعض نسبته إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم بوضع حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم لحذيفة بن اليمان تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع في غير موضعه واﻻستدلال به في غير موضوعه) انتهى كلامه.
فأقول وبالله استعين وعليه أتوكل واليه أنيب: يا دكتور هكذا كل من تكلم في غير فنه أتى بالغرائب، فأنت ليس لك عناية بالعلم الشرعي وعهدك به بعيد ومنغمس بالعمل السياسي والتجاري. بل لم تترب على منهج السلف وعقيدة أهل السنة والجماعة وانما نشأتك التي نشأت عليها أوقعتك بهذا الذي وقعت به.
أخي الدكتور ان إخفاء الحقائق بات أمراً صعباً، فمنذ متى عرفت منهج السلف في معاملة الوﻻة وموقف الرعية من وﻻتهم إذا جاروا أو استأثروا؟ ومنذ متى درست أو تعلمت وجوب طاعة ولي اﻻمر؟! بل وهل سمعت في حياتك قط ذكر هذا الموضوع في خطب الجمعة أو عقدت له الندوات والمحاضرات أو أقيمت له المخيمات أو أُذيع في الصحف والاذاعات؟! بل لما ظهرت نشاطات فردية قليلة من بعض المشايخ وطلبة علم هنا وهناك تصدى لها أصحاب منهجك وتوأم عقيدتك فأخذوا يكيلون لهم التهم والشتائم ما الله بها عليم نحو قولهم (مرجئة مع الحكام- اﻻنبطاحيون- علماء السلاطين- خوارج مع الدعاة- قدرية مع اليهود- علماء مؤتمر مدريد للتطبيع مع دولة اليهود) وغير ذلك وأكثر من ذلك لماذا لأنهم خالفوكم وأزعجوكم بتقرير عقيدة «طاعة ولي الأمر بالمعروف».
يا دكتور: - غفر الله لك - لم يعد يخفى على أحد يعرف أمور الدعوة منذ أكثر من أربعين سنة ان سائر اﻻحزاب والجماعات الدعوية تنصب أميرا لها وتدعو إلى مبايعته- وان شئت قل تدعو إلى معاهدته- على السمع والطاعة وتحشد له أدلة من الكتاب والسنة على أنه هو المقصود بتلك اﻻدلة وليس الحاكم الحقيقي الفعلي الذي يحكم البلاد!! اﻻمر الذي جعل هذه الجفوة الكبيرة بين الرعية وولاة أمورهم. وأكبر دليل على ذلك استنكارك واستنكار غيرك حديث حذيفة رضي الله عنه (تسمع وتطيع للأمير ولو ضرب ظهرك وأكل مالك اسمع واطع)! بل بلغ اﻻمر ببعض الناس بأن يسخر بمن قال بالحديث حتى سمع بعضهم يقول: «جماعة اسمع واطع» «جماعة وإن ضرب ظهرك» «جماعة فلينصحه سرا»!!
يا دكتور أنت لم تستوعب حديث حذيفة رضي الله عنه ولم توجه ولم تذكر كلام أهل العلم فيه بل اعتبرت القول به شذوذا ولم تكتف بذلك بل أخذت تثير العواطف فقلت:
(والصبر على جور الوﻻة هل بكشف ظهورنا للجلادين ليلهبوها بالسياط، أم بدعوة وﻻة الأمر إلى نهب المال الخاص بعد نهب المال العام)
وتأكيدا لتهكمك بالحديث قلت مرة أخرى
(تحريض وﻻة اﻻمر على الأمة وتأليبهم لجلد ظهور الناس وسلب أموالهم)
بل ومرة ثالثة قلت:
(أيريدون ان يقولوا للناس ان عليكم تحمل الضرب بالهراوات على رؤوسكم وعليكم الصبر على سحلكم في الشوارع وركلكم باﻻرجل لأن الحكومة أمرت بذلك)
وفي المرة الرابعة قلت:
(إن أقل ثمن يجب ان تدفعه الحكومة على ضربها المواطنين وسحلهم بالشوارع هو اﻻستقالة أو الإقالة)
الله اكبر أين أنت من قول الله تعالى { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51) } [النور]، يا دكتور كيف تعقب على حكم الله تعالى والله جل وعز يقول: { وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ } [الرعد 41]، يا دكتور غفر الله لك النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر» فما الذي يجب عليك بعد علمك بهذا الحديث؟ نعم لك الحق ان تنصح فالدين النصيحة لأئمة المسلمين وعامتهم لكن مع مراعاة آداب النصيحة وشروطها. بحيث تكون النصيحة بالتي هي أحسن للتي هي أقوم كما لك الحق ان تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر لكن بالضوابط الشرعية بحيث تأمر وتنهى على علم وبصيرة وبالرفق والحكمة ﻻسيما مع وﻻة الأمور ثم قد تؤذى فحينئذ تصبر على ما قد يصيبك كما قال تعالى: { وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (17) } [لقمان 17]، وهذا المقام أوضح من الشمس وﻻ يحتاج إلى مزيد تأمل وﻻ عمق في التفكير وﻻ ذكاء خارق بل من المسلمات البدهيات ان المنكرﻻ يجوز تغييره بمنكر اكبر منه.
يا دكتور لقد قلت في مقالك:
(ان اﻻسلام جاء للحفاظ على الضرورات الخمس الدين والعقل والنفس والمال والنسب)
كلامك هذا حق ولكن في هذا المقام والمقال اسألك بالله الذي ﻻ اله اﻻ هو: هل تهييجك للناس بهذه الطريقة يساهم في حفظ الضرورات الخمس أو يفضي إلى انتهاكها اكثر مما هي عليه؟ اتق الله يا دكتور الشريعة الناس ينتظرون منك في مثل هذه الأزمات التعقل والتهدئة ﻻ التهييج والتصعيد.
(التفريق بين الأمير ونائبه ﻻ أصل له في شرع الله تعالى)
أين أنت يا دكتور من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «اسمعوا وأطيعوا، وان استعمل عليكم عبد حبشي، كأن رأسه زبيبة»؟ [ أخرجه البخاري- (6723)]. هل تدبرت كيف أوجب النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث- وغيره من أحاديث الباب- طاعة ولي الأمر فيما أحب الانسان أو كره وأن الطاعة لا تتوقف على ايصال الحقوق بل حتى لو حرمك حقك. وتأمل يا دكتور كيف دل هذا الحديث على وجوب طاعة من استعمله ولي اﻻمر وذلك بقوله صلى الله عليه وسلم (وان استعمل) مبني للمجهول أي جعله اﻻمير عاملا عليكم سواء كان صغيرا أو كبيرا وتأكيدا لذلك قال: (عبد حبشي) وﻻ يخفى عليك ان الأئمة من قريش مما يؤكد وجوب طاعة عمال اﻻمراء كما تجب طاعتهم. ويؤكد هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من أطاعني فقد اطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعص اﻻمير فقد عصاني) [اخرجه البخاري (2957) واللفظ له ومسلم (1847)] فلا يستطيع أحد ان يقول بعد هذا الحديث ان الطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم واجبة دون أميره أليس كذلك يا دكتور؟ اذن بهذا يتبين لكل ذي لب ان التفريق بالسمع والطاعة بين اﻻمير والحكومة ﻻ يجوز ولو سمح بذلك الدستور فتنبه لهذا! وأنا اتحداك يا دكتور الشريعة ان تأتي بحرف واحد من الشريعة أو عن السلف يخالف هذا الذي قررته.
نعم قد يكون كلامك دستورياً أو ديموقراطياً أو عاطفياً أو حماسياً أو فلسفياً لكن سلفي سني ﻻ وألف ﻻ ولو زخرفته بكل زخارف الدنيا. فاذا عجزت عن هذا يا دكتور- وﻻ أظنك اﻻ عاجزا- تبين لك أنك قد تجرأت لما وصفت بالشذوذ من استدل بالأدلة من الكتاب والسنة وكلام السلف وفتاوى العلماء ولقد أخطأت بقولك (السلف براء من هذا المنهج !).
(هذا الذي ليس من منهج السلف)
سأذكرك أخي الدكتور وأذكر اﻻخوة القراء ببعض كلامك ليرى كل القراء من الذي كلامه ليس من منهج السلف والسلف منه براء؟ قال الدكتور في كلمته التي ألقاها في ديوانية الحربش في شهر محرم 1432 الموافق شهر ديسمبر 2010 بالحرف الواحد:
(أقول للحكومة وحكومة الحكومة: اذا بتخوفونا ترانا ما نخاف، وسبق اني حذرت انكم تجربونا، واذا بتجربونا ترانا مجربين كشعب لا تفنى من الطغيان والظلم ومصادرة الحريات قبل الغزو ولا خفنا من صدام يوم انحشتوا وخليتوا الديرة، قعدنا وصمدنا، وبدال لا تخلون أهل الكويت واقفين حارمينهم من جلسة على كرسي، المفروض تحترمون الشعب الكويتي المسالم المحترم وكل العنف اللي قاعد يصير في البلد والخروج عن القانون هو من الحكومة وصنائع الحكومة)
وقال:
(يوم ما كان فيه حكومة وكان فيه غزو واحتلال، في كويتي تعدى على كويتي؟ في كويتي طعن في كويتي؟ في شيعي تعدى على سني؟ أو احضري تعدى على ابدوي؟ متى جت الفتنة يا اخوان؟ يوم طلع صدام وادخلوا علينا ادخلت الفتنة معاهم والتفريق بين الشعب الكويتي ولا زالوا، لأن التفريق بين الكويتيين يقوي وضع المفسدين، وتكاتفنا وتلاحمنا يقوي وضع الكويتيين وناخذ حقوقنا)
وقال:
(يا اخواني كل واحد يثير الطائفية والقبلية، اعلم انه صنيعة حكومية، ليس من المواطنين الشرفاء، وان زعم وتظاهر بحرصه على القبيلة أو حرصه على الطائفة فهذه مزايدة من أجل اعطائه سبباً لتبرير الفتنة اللي قاعد يثيره بين أهل الكويت)، وقال: (الحكومة احضرت بوزير واحد وغيبت تسع تعش (19) من امعاتها)
وقال:
(هذوله- هؤﻻء- يا جماعة حطهم بالبلاك لست هذوله- هؤﻻء- ربع الحكومة) وقال: (أنصحكم لا تخافون ترى الخوف ما ينجي، والله يالخوف يخلي السفلة يتسلطون علينا سقط المتاع.....وسفلة القوم) انتهى كلامه.
اظن ان بعد هذا الكلام الذي صدر من الدكتور وصدر من اخوانه مثله، يتبين لكل ذي عقل من الذي كلامه ليس من منهج السلف بل والسلف منه براء؟ فكلام الدكتور ليس من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر المشروع والذي لم يمنعك منه أحد وﻻ هو من باب النصيحة وﻻ من باب اﻻصلاح بل وﻻ من باب اصلاح الحكومة وانما هو فتنة وتهييج وتحريض ومقدمة خروج والعياذ بالله.
(ﻻ شريعة طُبقت وﻻ القوانين أسلمت)
يا دكتور لقد قلت في مقالك:
(ان الكويت دولة دستور والحمد لله ففيها ضمانات قضائية لحقوق الناس وفيها برلمان يحاسب الحكومة على أخطائها وجميع أعمال المجلس الرقابية تحت سقف الدستور مشروعة)
وقلت أيضا:
(ونحن في الكويت والحمد لله كلما التزمنا بالدستور استتب الأمن واﻻستقرار وكلما انتهكت حقوقنا الدستورية دبت الفوضى)
فأقول: الله المستعان كنتم تقولون ندخل المجلس للضرورة من أجل تطبيق الشريعة واجتهدتم في جمع فتاوى العلماء، ففشلتم ثم رضيتم بأقل من ذلك فقلتم نسعى لأسلمة القوانين ولم تحققوا شيئا يذكر، ثم انتقلتم إلى المطالبة بالحقوق المالية والتنمية ولم تحققوا طموحات المواطنين واليوم جعلتم الدستور هو الضرورة الذي به اﻻمن واﻻستقرار وبانتهاكه تدب الفوضى!! أقول: رحم الله الشيخ العلامة اﻻلباني لما قال: (دخلوا المجالس النيابية ليغيروا فتغيروا)، والله ﻻ استبعد غدا ان نسمع من يقول تأخر نزول المطر بسب عدم تطبيق الدستور! لأن كثيرا من الناس لا يذكرون أي فساد في البلاد وﻻ أي تخلف من العباد اﻻ وسببه الحكومة التي ما طبقت الدستور ان هذا لشيء عجاب!!
(يا دكتور الشورى غير ملزمة وليس معناها المشاركة في الحكم)
كنا نسمع ان من الدعاة من أخذ الدين من أجل المناصب وطمعا في أمر الدنيا وكسب المال، وكنا نسمع بأن هذا كلام أعداء الدعاة وأن هذا طعن في النيات فما زلنا نحسن الظن ونكل علم السرائر إلى الله تعالى حتى أصبح اليوم اﻻمر ظاهرا شاهراً كالشمس في رابعة النهار. ولقد صرح الدكتور بكل وضوح فقال بالحرف الواحد:
(نحن والحمد لله نتمتع بدستور يحفظ لنا حقوقنا وكرامتنا وحرمة منازلنا وأموالنا وأسلوب مشاركتنا في الحكم ويقيم السلطات التي تدير البلاد) انتهى كلامه.
فهذا تصريح واضح جدا في بيان الرغبة الأكيدة في المشاركة في الحكم فأين تطبيق الشريعة وأسلمة القوانين؟! بل زاد الدكتور الطين بِلّةً لما استدل على وجوب المشاركة في صنع القرار، فقال:
(وجاء - أي اﻻسلام- في الحكم ليأمر بالشورى (وأمرهم شورى بينهم) واﻻرجح أنها ملزمة) انتهى كلامه.
وهذا غلط لأن الراجح ان الشورى غير ملزمة باﻻتفاق والدليل قوله تعالى: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) } [آل عمران]. نقل القرطبي عن قتادة أنه قال: أمر الله تعالى نبيه عليه السلام اذا عزم على أمر ان يمضي فيه ويتوكل على الله ﻻ على مشورتهم والعزم هو اﻻمر المروي المنقح وليس ركوب الرأي دون روية عزم. انتهى وقال الطبري في تفسير الآية: (فاذا صح عزمك بتثبيتنا اياك وتسديدنا لك فيما نابك وحزبك من أمر دينك ودنياك فامض لما أمرناك به وافق ذلك آراء أصحابك وما اشاروا به أو خالفها) انتهى، وقال شيخنا ابن عثيمين رحمه تعالى في تفسير سورة آل عمران (2/ 371) للآية نفسها: المسألة: قوله: (وشاورهم في اﻻمر) هل اذا أصدر المستشارون أمراً هل هو ملزم أو كاشف للرأي؟ الجواب: أنه كاشف للرأي وليس ملزماً لأنه لو كان ملزما لكان الحكم بأيدي جماعة لا بيد واحد، لكن يجب على المستشير ان يتبع ما يرى أنه اصلح وﻻ يجوز ان ينتصر لرأيه لأنه رأيه بل الواجب عليه لحق الله و لحق من ولاه الله عليهم ان يتبع ما هو اصلح حتى لو خالفوه واﻻصلح في رأيهم يجب عليه ان يتبع رأيهم لكنه ليس بملزم. بمعنى أننا ﻻ نقول ان هؤﻻء لهم سلطة على الحاكم بل الحاكم له السلطة ولهذا قال هنا (فاذا عزمت فتوكل على الله) ولم يقل اذا أشاروا عليك فخذ به اذا عزمت وهو قد يعزم على ما أشاروا به وقد يعزم على غيره. فالذي يظهر ان الشورى ليست ملزمة للحاكم بل هي معلمة وكاشفة وهو قول الجمهور بل حكى بعض أهل العلم اﻻتفاق على ذلك. انتهى. وأما استدلال الدكتور بقوله تعالى (وأمرهم شورى بينهم) فلا يستقيم أبدا لأن الآية فيها وصف للمؤمنين ان أمرهم شورى بينهم وليس فيها ما يدل على ان الشورى ملزمة. أقول: من أين لك ترجيح كون الشورى ملزمة؟! فأنت لم تنقل عن أحد قال بأن الشورى ملزمة ولعلك اعتمدت على ذاكرتك أو اعتمدت على قول بعض المعاصرين. ثم لو كلفت نفسك قليلا لظهر لك الحق جليا فسيرة النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء حافلة بالمواقف التي تدل ان الشورى غير ملزمة من ذلك صلح الحديبية وتسيير الجيش لفتح مكة. كما ان أبا بكر رضي الله عنه سير جيش أسامة رضي الله عنه وأصر على قتال المرتدين ولم يقل قائل ان الشورى ملزمة. اكتفي بهذا القدر ولعل للحديث بقية ان شاء الله تعالى.
اسأل الله تعالى ان يقينا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يصلح وﻻة أمورنا ويرزقهم البطانة الصالحة التي تأمرهم بالمعروف وتنهاهم عن المنكر بالتي هي أحسن للتي هي أقوم. والحمد لله أوﻻ و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلى و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.