«إلا الدستور» كلمة باطلة شرعاً وناقصة لغةً!!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فمازال دكتور الشريعة وعضو مجلس أمة سابقا وعضو إحدى جمعيات النفع العام وأحد المشاركين في ندوة «إلا الدستور» مصراً على ما أخطأ فيه محاولاً تبرير أخطائه بزيادة أخطاء وإضافة تأصيلات غير شرعية مستعيناً ببعض الألفاظ غير اللائقة بمقامه وخارجة عن أصل مسألة الخلاف. وفي مقالي هذا سأبين جوانب الخطأ في كلامه معرضاً عن الدخول في الخلافات السياسية لأني أتناول البحث من الجانب الشرعي لا السياسي والله يغفر لي وله ولوالدي ووالديه وللمسلمين.
فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:
أولاً: كيف وافقت يا دكتور الشريعة على عنوان الندوة: «إلا الدستور»؟! مع أن هذه الكلمة باطلة شرعاً إذ لم يدل عليها كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم بل مخالفة للكتاب والسنة، فالدستور من وضع البشر فيه الحق والباطل والغث والسمين بل وأنت أحد الناس ممن يطالب بتبديل وتعديل وحذف وإضافة للدستور ومن الدستور، إذن لماذا تقول «إلا الدستور»؟ فإن قلت: لا أقصد كذا بل قصدت كذا وكذا وما أردت كذا بل أردت كذا وكذا، فأقول: إنما نحمل كلامك على ظاهره ولا نعلم ما في قلبك وقصدك ومع هذا ننتظر منك التوضيح العلني كما صرحت علناً بقولك «.. كلما التزمنا بالدستور استتب الأمن والاستقرار وكلما انتهكت حقوقنا الدستورية دبت الفوضى». لقد كنت وإخوانك في سابق ترفعون شعار «الأمن والأمان في شريعة الرحمن» هل نسيت هذا؟! فما بالكم اليوم غيرتم شعاركم إلى «إلا الدستور»؟!
ثانياً: قولكم «إلا الدستور» جملة غير مفيدة ولا معنى لها في اللغة فهي مركبة من أداة استثناء «إلا» والمستثنى «الدستور» فأين المستثنى منه؟! ومع هذا لو قدرت أي تقدير للمستثنى منه فلن يستقيم المعنى الشرعي. فإذا عرفت هذا تبين لك بطلان كل شعار يتكون من أداة استثناء ومستثنى من غير ذكر المستثنى منه، مثل «إلا الكرامة» «إلا الأمن»، «إلا الأرواح»، «إلا الوطن»، بل حتى شعار «إلا رسول الله» لا يستقيم بل لا يصح أن تقول «إلا الله» لكن يصح أن تقول «لا إله إلا الله»، «لا أعبد إلا الله»، «كل شيء باطل إلا الله»، «لا يعلم الغيب إلا الله» وهكذا أما «إلا الله»، فلا معنى لها. ولو قال قائل أقصد كل شيء أقبل التنازل عنه «إلا الدستور» فهذا باطل لأن يلزم منه التنازل عن دينك عن عقيدتك عن عبادتك عن عرضك عن والديك عن عن… الخ الا الدستور!! والذي نفسي بيده ان بطلان هذا الشعار لواضح لكن اين الذي يتواضع للحق ويقبل به؟!
من وحي الخاطر
الدكتور هداه الله لرشده له زاوية في جريدة «الوطن» اطلق عليها اسم (من وحي الخاطر)!! اخذ يذكر مسائل من وحي خاطره وليس من وحي الكتاب والسنة، لذا جاء بعجائب وزلات كبيرة لم يوفق فيها، حتى ان كثيرا من افراد الجمعية التي ينتسب اليها ساءهم ما يطرحه في السنوات الاخيرة، حتى قال بعضهم انه حقا ابتعد في هذه السنوات كثيرا في طرحه الذي لم يعهد عنه من قبل!!
الدكتور يجدد ما حدث قبل 20 عاماً
في عام 1410هـ – 1990م كان لعلمائنا علماء اهل السنة موقف مشرف ورأي سديد في فتنة احتلال الكويت بينما وقفت الجماعات الدعوية ضد تحرير الكويت وتأييدا للطاغية صدام حسين، لاسيما جماعة الاخوان المسلمين. الامر الذي جعل اهل الكويت خاصة واهل السنة عامة يحفظون لعلمائنا قدرهم فزادت ثقتهم بهم جدا حتى اذا قال قائل قال الشيخ ابن باز كذا وافتى الشيخ ابن عثيمين بكذا وقف الناس عند قولهم ثقة بهم لما عرفوا ما هم عليه من الديانة والعلم والفضل والصدق والنصيحة، حتى الدكتور العضو السابق المعني بهذا الرد لما اراد خوض الانتخابات ذهب وبعض اخوانه الى سماحة الشيخ المفتي عبدالعزيز بن باز ليستفتيه في حكم دخول مجلس الامة. والخلاصة: لم يبق مخالفو علماء السنة مكتوفي الايدي سواء من الاخوان أو الصوفية أو التكفيريين أو غيرهم بل تفننوا بالوسائل المختلفة بين الحين والآخر لزعزعة ثقة الناس بعلماء السنة، فتارة زعموا ان العلماء لا يفقهون الواقع وتارة زعموا انهم علماء السلاطين وتارة زعموا بأنهم علماء حيض ونفاس وتارة زعموا بأنهم علماء اقليم محلي تنفع فتاواهم لبلدهم ولا تنفع للبلاد الاخرى، وتارة منعوا كتبهم ولا غرابة ولا تستبعد ان من محاولاتهم لصد الناس عن علماء السنة ان قام الاخوان والصوفية والتكفيريون بإنشاء رابطة علماء – بزعمهم – لمواجهة هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للافتاء حتى يستطيعوا من خلال رابطتهم بث ونشر ما يوافق مناهجهم وعقائدهم. وهذا الامر ظاهر جدا لا يحتاج الى كثير من الذكاء والفراسة لكن المستغرب جدا من الدكتور الذي عُرف عنه انه سلفي نشأة ومنهجاً وقوفه مع هؤلاء في خندق واحد لا يكاد يخرج عن جادتهم بشيء حتى ظهر لنا بالامس القريب ليلمز علماءنا بعد ان اثنى عليهم ثناء عطرا تمهيداً لصرف الناس عن العلماء فقال بالحرف الواحد:
«وقد يستدل بعض الاخوة بفتاوى أئمة العلم بالمملكة العربية السعودية كسماحة شيخنا العلامة عبدالعزيز بن باز وسماحة شيخنا العلامة محمد صالح العثيمين رحمهما الله وهما من أئمة الهدى والتقى نحسبهما والله حسيبهما ولا نزكي على الله احداً ومع ذلك تبقى المسألة اجتهادية مع أنني أميل الى عدم جوازها دون تصريح من السلطات الرسمية الا للضرورة أو كراهتها على اقل الأحوال ورغم ذلك فكم من ترجيحات لأئمة العلم في المملكة لا يراها غيرهم من علماء الأمة ولا ينقص ذلك من قدرهم شيئاً وفقهم الله فكل يؤخذ من قوله ويرد الا المعصوم صلى الله عليه وسلم، فهم يرجحون كفر تارك الصلاة متكاسلاً كفراً أكبر، ويخرجون من الملة من يضع دستوراً يحمل عليه العباد وهو مخالف للشريعة، ويكفرون كذلك كفراً بواحا من يضع قوانين مخالفة للشريعة ويحمل الناس عليها، ويرون حرمة قيادة النساء للسيارة وغيرها من فتاوى، فهل من يستدل برأيهم على مخالفيه في مسألة المظاهرات والمسيرات أيضاً يرى رأيهم بما ذكرناه سابقاً وبذلك يكفرون ولاة أمر أكثر الدول الاسلامية كفراً بواحا لأنهم وضعواً دساتير وقوانين مخالفة للشريعة في بعض موادها كما هو معلوم وحملوا الناس عليها أم أنهم يرون رأياً آخر لاختلاف الزمان والمكان والظروف والأحوال كما نقول نحن وهل يرون حرمة قيادة المرأة للسيارة وكفر تارك الصلاة كفراً اكبر ولا يسع المجال لذكر اختيارات أئمة العلم في المملكة التي توافق ظروفهم وأحوالهم لما هو معلوم ان الفتوى تتغير بتغير الظروف والأحوال والزمان والمكان فلا يجوز نقل بعض الفتاوى من المملكة الى أماكن أخرى مع اختلاف الواقع».
«الوطن» عدد 50/7046/12600 بتاريخ 2011/1/27 من مقال بعنوان «هدي سلف الأمة».
سبحان الله تشابهت اقوالهم!! مثل هذا الكلام تماما اثير قبل 15 عاما فتوجهت بنفسي بالسؤال لشيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى فقلت يا فضيلة الشيخ عندنا في الكويت من يقول لا تؤخذ فتاوى من علماء خارج البلاد لان ظروفنا تختلف عن ظروفهم فهل هذا صحيح؟ فأجاب رحمه الله بقوله: «هذا ليس بصحيح بل الذين يقولون بهذا القول هم يأخذون باقوال علماء ليسوا في عصرهم ولا من مصرهم» انتهى جوابه. جواب مختصر مفيد فالناس ما زالوا يستدلون باقوال الائمة والعلماء المتقدمين وهم ليسوا في عصرنا ولا في بلدنا فهل يقال ظروفهم تختلف فلا نستدل بكلامهم! الجواب عند الدكتور والعضو السابق.
الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني
مجرد سؤال لا أريد عليه جوابا من الدكتور هداه الله لرشده هل الشيخ العلامة المحدث محمد ناصرالدين الألباني من علماء المملكة العربية السعودية؟
الجواب معلوم لدى كل من يشتغل بالعلم والدعوة بل وكثير من العامة، ومع ذلك الشيخ الألباني يرى المنع المطلق من المظاهرات والاعتصامات، فهل هو الآخر لا يعلم الواقع أو ليس في بلاده مظاهرات أو أو.. إلخ.
سبحانك هذا بهتان عظيم
لما أفتى الدكتور عجيل النشمي بجواز المظاهرات والاعتصامات بالشروط التي ذكرها مخالفا لفتوى علمائنا علماء السنة كالشيخ ابن باز والشيخ الألباني والشيخ ابن عثيمين رحمهم الله تعالى وغيرهم من العلماء، أقول: ظهر علينا من يفتري، تأييداً للمظاهرات فقال بعضهم هذا الذي أفتى به العلامة الدكتور عجيل النشمي الحق وهو الصحيح بالإجماع وبعضهم قال بالاتفاق وبعضهم قال هو ما عليه الأدلة وغير ذلك مما تجرؤوا به على دين الله تعالى، ولو اتقوا الله في أنفسهم لكان خيرا لهم.
اصرار ومكابرة فكيف نصنع معه؟!
بينت في مقالات سابقة للدكتور والعضو السابق إن لا منافاة بين طاعة ولي الامر بالمعروف وبين نصيحته وامره بالمعروف ونهيه عن المنكر وعدم الرضى بالظلم لكن الدكتور مازال مصرا على اظهار من خالفه بصورة سيئة وانه على مذهب باطل وانه استسلام للجلد والنهب والظلم، وعلى الرغم من التوضيح التام والادلة الصريحة والنقولات العلمية فماذا نفعل معك يا دكتور؟! لاشك ان هذه محاولات يائسة لتبرر لنفسك ومن معك بانكم ما اخطأتم فبدلا من الرجوع الى الحق اخذت تتمادى بأخطائك بل وتزيد في اخطائك حتى وصفت الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى بما يصفه اعداؤه «بانه بايع الامام محمد بن سعود مع وجود الخليفة» فأي خليفة تقصد؟ وأي خلافة تريد؟ الله يهديك يا دكتور، حقا تكتب وتقرر من وحي «خاطرك» لا من وحي الكتاب والسنة والله المستعان.
اسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولا وآخرا، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.