{وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ ان يُرْضُوهُ ان كَانُوا مُؤْمِنِينَ}
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من ﻻ نبي بعده، أما بعد:
فإن سعادة الدنيا والآخرة إنما تكون بالعبودية التامة لله تعالى وحده ابتغاء لمرضاته عز وجل، لكن وللأسف الشديد منا من يجهل ومنا من يغفل، ومنا من يضعف، فنلتمس رضا الناس ولو بسخط الله عز وجل، وهذا الذي أردانا، فأصبحنا من الضعف والهوان بمكان وذلك لأننا ابتغينا العزة من غير الله والتمسنا العدالة في غير شرعه، فكيف نفلح وهذا حالنا؟!
ولنكن أكثر صراحة ووضوحاً هل الذين يطالبون بالديموقراطية الغربية يلتمسون رضا الله تعالى؟
الجواب: بالطبع ﻻ، لأن رضا الله تعالى إنما يكون بطاعة الله ورسوله وتحكيم شرعه. أما الديموقراطية الغربية ففيها التماس رضا الغرب والشعب والطوائف وأهل الممل والنحل والبدع والأهواء ولو كان ذلك بسخط الله تعالى! لكن هيهات هيهات أن ينالوا خيراً حتى يرجعوا إلى دينهم، ويا ليت كل مسلم يتدبر هذا الحديث. عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله الى الناس» [رواه الترمذي 2414، وصححه الألباني في صحيح الجامع 6097].
شبهات والجواب عليها
الشبهة الأولى:
لو نادينا بالإسلام والعمل بالشريعة والحكم بما أنزل الله تعالى لوأد الغرب والدول الكبرى الكافرة دعوتنا، وهي في المهد لكن نطالب بالديموقراطية ومن خلالها نطبق الشرع.
والجواب:
يريدون أن يرضوا الغرب والشعب والطوائف والله يقول: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ ان يُرْضُوهُ ان كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [التوبة: 62].
يخافون من الغرب والله يقول: {فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إن كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (175)} [آل عمران]، ويقول: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ} [المائدة- 44].
الغرب ليسوا أغبياء بالدرجة التي يتصورها بعض الناس بحيث يمكنونكم من تطبيق الشريعة عن طريق الديموقراطية.
إذا فاز باﻻنتخابات من ﻻ يرغبون به افشلوا حكومته ولم يعترفوا به.
الشبهة الثانية:
قالوا: سبق أن جربت بعض الدول تطبيق الشريعة ففشلت.
الجواب: لو طبق شرع الله الذي هو شرعه الذي أنزله على رسوله صلى الله عليه وسلم لما فشلوا وكيف يفشل من يحكم بحكم الله الذي هو أحسن حكم وأتقنه وأكمله؟ قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة]، فالذين زعموا تطبيق الشريعة إما أنهم ضلوا عن الإسلام الصحيح النقي الواضح وإما أنهم طبقوه تطبيقا خاطئا يخدم مصالح خاصة ضيقة.
الشبهة الثالثة:
قالوا: الديموقراطية هي الشورى المشروعة في الإسلام.
والجواب: ﻻ يقول هذا إﻻ جاهل، لأن الشورى تكون من أهل الحل والعقد أولي الأحلام والنهى ومن عرفوا بالنصيحة والصدق والفضل، أما الديموقراطية فيؤخذ فيها رأي كل من وصل قبة البرلمان فالأعضاء على حد سواء المسلم والكافر، والسني والبدعي، والمصلح والمفسد، والصادق والكاذب ! فكيف يقال الديموقراطية الغربية كالشورى الشرعية؟ {مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ}؟!
الشبهة الرابعة:
قالوا: الديموقراطية خير من الدكتاتورية.
الجواب: وشرع الله تعالى خير من الدكتاتورية والديموقراطية. بل وﻻ يجوز أن يشك مسلم بذلك أدنى شك.
الشبهة الخامسة:
قالوا: رأينا أن من شبه المستحيل أن تطبق الشريعة لذا نطالب بالديموقراطية.
الجواب: لن يسألنا الله تعالى عما ﻻ نستطيع فعله وتطبيقه ولم يأذن الله تعالى أن نستبدل شرعه بشرع غيره، بل قال تعالى: {فاتقوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16]، ونحن متى ما قبلنا الديموقراطية ورضينا بها فلن نعود إلى شرع الله أبدا إﻻ أن يشاء الله تعالى. وأسوأ من هذا كله أن الجيل القادم سينسى الشريعة تماما بل وربما عاداها واعتبرها أضحوكة وﻻ حول وﻻ قوة إﻻ بالله.
أخي القارئ الكريم لم انته بعد ولعل الله تعالى يمد في العمر فأكمل ما بقي إن شاء الله تعالى. اسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يهيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويهدي به أهل معصيته. والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.