موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

بيان الحقائق لما اشتمل عليه منهج عبدالرحمن عبد الخالق (٢)

5 رجب 1432 |

الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذا المقال الثاني في بيان منهج الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أردت به الذبَّ عن السلفية الحقّة لكي لا تختطف من قِبل الإخوان المسلمين!! وإنما كتبت هذه المقالات على إثر مقابلة أجرتها جريدة "الوطن" مع الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق والتي لقبه بها المحاور بـ «شيخ سلفية الكويت»!! فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:

وجّه المحاور سؤالاً للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق هذا نصه: ما رأيك كسلفي في ثورة المصريين ضد حاكمهم ونظامه؟ فكان جوابه عفا الله عنه كالآتي:

"شباب مصر قاموا بأنظف وأفضل ثورة وجدت في التاريخ، فلا توجد ثورة في التاريخ القديم أو المعاصر في النظام والأخلاق والأدبيات والأهداف التي قامت من أجلها وفي الأسلوب الذي اتبعته، الناس لم تر طول تاريخها صورة لا يقوم فيها الثوار بالاعتداء على الناس وسفك دمائهم وتخريب الممتلكات بالعبث أو غيره، ثم يجتمع فيها أطياف المجتمع المصري في تناسق وتنسيق وأدب وخلق على هذا النحو! هذا أمر غير مسبوق.... لكن الثورة المصرية خرجت لتزيح الحاكم وتنادي بنظام ديموقراطي" انتهى كلامه بحروفه.

أقول: هذا الكلام ليس عليه نورُ الكتاب والسُّنَّة ولا تظهر عليه رائحةُ السلفية وفيه مغالطات كثيرة، وانظر ما قاله المحاور ومن غير قصد لما قال: "ما رأيك كسلفي" وهذا الخطأ الشائع، فالكاف للتشبيه ولا معنى لها هنا إذ المناسب أن يقول ما رأيك بصفتك "سلفي" لا أن يقول "كسلفي" أي كأنك سلفي.

أقول: فهذه "رمية من غير رامٍ" وهذه هي الحقيقة، فالشيخ عبد الرحمن عبد الخالق ليس سلفياً في منهجه، بل هو إخواني كما قال عنه الشيخ العلامة الألباني - رحمه الله تعالى - "انحرف إلى طريق الإخوان المسلمين".

نعم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق نشأ في مصر ووالده رحمه الله تعالى بين الإخوان المسلمين ثم انتقلا إلى المدينة النبوية وهناك تأثر بعلماء أهل السنة واستفاد منهم، ثم جاء إلى الكويت وكان عمره ما بين العشرين والثلاثين، والتحق بالإخوان المسلمين في الكويت ثم اختلف معهم في بعض المسائل، ثم اعتزلهم واجتمع حوله بعض شباب الكويت فما لبث إلا سنوات قليلة حتى رجع إلى منهج الإخوان المسلمين حيث التحزب والبيعة الدعوية والتنظيم الهرمي والسمع والطاعة والتغلغل في السياسة. وهذه الحقائق إذ أكشفها لمن لم يعايشها هي معروفة لكثير ممن عاشها وأدركها وبوضوح تام. ففي زمن مضى قَدِم الكويت من المدينة الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق والشيخ الدكتور عمر الأشقر وشيخنا أبو يوسف عبد الرحمن بن يوسف عبد الصمد رحمه الله تعالى وآخرون.

فأما الشيخ الدكتور عمر الأشقر فكان وما زال مع الإخوان المسلمين، وأما الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق فتظاهر بالسلفية وربما كان على شيء منها، لكنه مغرم جداً بمنهج الإخوان المسلمين ويربي الشباب الذين حوله على ذلك المنهج. وأما الشيخ عبد الرحمن بن يوسف عبد الصمد فكان سلفياً صاحبَ سنةٍ، ومتأثراً جداً بمدرسة الشيخ المحدِّث العلّامة محمد ناصر الدين الألباني، فكان الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يتضايق منه جداً، وبطريقة أو أخرى وبالتعاون مع الإخوان المسلمين بقصد أو بغير قصد أبعدوه رحمه الله تعالى عن ساحة الدعوة في الكويت إلى قرية "الوفرة"، وكانت آنذاك منطقة مقسومة بين الكويت والسعودية، وكنت على اتصال دائم به وبعض الإخوة من الشباب وكان يقول لنا وبكل صراحة "إخواننا هم الذين أبعدوني من الكويت ويريدون بقائي في الوفرة".

والغريب والعجيب أن الشيخ أبا يوسف عبد الرحمن بن يوسف عبد الصمد - رحمه الله تعالى - كان يقول لنا: "عبد الرحمن عبد الخالق من الإخوان المسلمين وأخشى على الدعوة السلفية منه"، وكان يقول هذا قبل ما يقارب 30 عاماً، وفعلاً بعد وفاة الشيخ أبي يوسف بأقل من سنتين بدأنا نرى حقيقة إخوانية عبد الرحمن عبد الخالق ثم انتشر كلام الشيخ الألباني - رحمه الله تعالى - بأن عبد الرحمن عبد الخالق انحرف بالسلفيين إلى طريق الإخوان المسلمين فحزّبهم وأقحمهم في السياسة، والله المستعان.

عودة إلى كلام الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق عن ثورة مصر فأقول:

  • قول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق "شباب قاموا بأنظف وأفضل ثورة وجدت في التاريخ" فأقول: أي تاريخ يا شيخ عبد الرحمن؟ هل تقصد تاريخ الكفّار؟ أو تاريخ الخوارج؟

  • أما الإخوان المسلمون فقد علم القاصي والداني- ولم يعد أمرهم يخفى على أحد - أنهم طلاب سلطة وكراسٍ، ولا يهمهم أن يركبوا أي سبيل للوصول إلى الحكم أو المشاركة فيه، بل ما قامت دعوتهم وتأسست على يدي مؤسسيها إلا من أجل الحصول على الحكم، لكن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق الذي يدّعي السلفية ولقبه المحاور بـ "شيخ سلفية الكويت" يفترض فيه ألا يتكلم ولا يقرر في مسائل عظيمة مثل هذه إلا بدليلٍ من الكتاب والسُّنَّة وآثارٍ عن سلف الأمة.

    فأين الأدلة على مشروعية المظاهرات والانقلابات والثورات؟ فالسلفي بحق هو الذي لا يحرك ساكناً ويسكن متحركاً إلا بدليل من الكتاب والسُّنَّة ويشترط في كل دليل أن يكون صحيحاً صريحاً وإلا كان مجرد شبهة لا يُعوَّل عليها.

  • كل ما استدل به الإخوان المسلمون وعبد الرحمن عبد الخالق وطلابه لا يخرج عن كونه:

    • إما دليل لا علاقة له بالثورات والمظاهرات كأدلة الجهاد وكلمة حق عند سلطان جائر.

    • كلام عاطفي كقولهم (ظلمة - طواغيت - فقر - سرقات - دكتاتورية - مصادرة الحريات)، وغير ذلك مما لا يصلح دليلاً يستند إليه.

    فأقول: لا شك أن كل ما ذكروه نجد في الكتاب والسُّنَّة من الأدلة الواضحة الدالة على الموقف الشرعي الصحيح تجاه كل معضلة كالأثرة؛ وهي استئثار الحاكم بالأموال له ولأسرته وحاشيته دون الرعية، والظلم والتسلط وغير ذلك علاجه الشرعي بالصبر والدعاء والتوبة والإصلاح ما بين الرعية وبين ربهم تبارك وتعالى والنصيحة وكلمة الحق بالرفق. وإذا كان الحاكم عنده كفر بواح فيزال بالجهاد الشرعي مع القدرة، بحيث يكون المقصود إقامة شرع الله تعالى وتحكيم الكتاب والسُّنَّة ولتكون كلمة الله هي العليا. والناظر البصير إلى كل الثورات القائمة فليس فيها من هذا شيء، لا من حيث الوسيلة، ولا من حيث الغاية. فالوسائل غير شرعية، والغاية إقامة الديموقراطية الغربية، إذن من أي وجهٍ تُحمد هذه الثورات؟!

  • يقول الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وهو "كسلفي" عن ثورة مصر: "لا توجد ثورة في التاريخ القديم أو المعاصر في النظام والأخلاق والأدبيات والأهداف التي قامت من أجلها وفي الأسلوب الذي اتبعته".

فأقول: عفا الله عنك يا شيخ عبد الرحمن، هل تظن أن الناس لا أعين لهم يبصرون بها؟ أي نظام وأي أخلاق وأي أدبيات وأي أهداف أنت تتحدث عنها؟! فوضى وسفكٌ للدماء، ونهبٌ وسلبٌ وشتائم واختلاطُ الرجال بالنساء، ورفعٌ للصلبان ورفعٌ للشعارات المخالفة لأحكام الإسلام جملة وتفصيلاً، فوالله الذي لا إله إلا هو ما رأينا ولا سمعنا أحداً طالب بتحكيم شرع الله تعالى وإعلاء كلمة الله وإزالة الشرك والبدع والإباحية والقضاء على الفساد الأخلاقي، وإنما شعاراتهم ومطالباتهم لا تتعدى (الحرية - الديموقراطية - انتخابات حرة - مشاركة في الحكم - الأموال) إلى غير ذلك.

يا شيخ عبد الرحمن أَمَا رأيتَ أو سمِعتَ ما حدث في ميدان التحرير من الاشتباكات وإطلاق النار ودهس بالسيارات ونهب للمحلات وانفلات للأمن وترويع للناس؟!

يا شيخ عبد الرحمن لو أنصفت الحقَ من نفسك ونظرت في واقع المسلمين نظرةً سريعة لأدركت بأن ثورتي تونس ومصر قد جرّتا على المسلمين ويلات لا يعلم نهايتها إلا الله عز وجل، فالهروب السريع من بن علي التونسي، وسقوط الرئيس المصري السريع أيضاً أثّرا في المسلمين في ليبيا واليمن وسورية، وها هم يتجرّعون الأمرّين، ففي ليبيا قاموا بثورة سلمية (كما تزعمون) وما هي إلا أيام حتى قامت حرب شديدة البأس راح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، وتشرد مئات الآلاف وضاعت مصالح ملايين المغتربين من المصريين والتونسيين والسودانيين والأفارقة والآسيويين، واستطاع الغرب أن يتدخل وينفق ما عنده من الأسلحة ويسلب ما يشاء من خيرات بلاد المسلمين بأرخص الأثمان. وفي اليمن زاد فقرهم فقراً وفقدوا الأمان وتعطلت المصالح وزاد الفساد وسفكت الدماء، وفي سورية تأثروا بمصر ورفعوا الشعارات نفسها وتبدل أمنهم خوفاً وقُتل من قتل، وتشرد من تشرد وسُجن من سجن.

وأما البحرين فكادت تذهب بسبب تأثرهم بثورتي تونس ومصر، وأما الكويت فالله يستر عليها، فشعارات مصر يرددها طلاب عبد الرحمن عبد الخالق وغيره (ارحل - يسقط - الديموقراطية - الدستور - نريد رئيس وزراء منتخب - جمعة الغضب - جمعة الرحيل.... إلخ)، وهكذا ظهر أبرز طلاب عبد الرحمن عبد الخالق في موقعه الإلكتروني المشؤوم ودعا إلى المظاهرات في المملكة العربية السعودية.

والغريب والعجيب أن طلاب عبد الرحمن عبد الخالق يتطابقون بمطالبهم مع المعارضين لحكومة البحرين!! وكأنهم بلسان حالهم يقولون يجوز لنا ما لا يجوز لغيرنا، فهؤلاء في الحقيقة ينطبق عليهم قول القائل (لا للحق نصروا ولا للباطل كسروا)، أسأل الله تعالى أن يهديهم للحق والتمسك به ويقينا ويقيهم شر أنفسهم، وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.

أخي القارئ الكريم بهذا المقال أكون قد أتممت المائة الثانية من مقالاتي والشكر أولا وآخراً لله رب العالمين، فالحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات ثم أشكر الإخوة الكرام في جريدة (الوطن) وأسأل الله لهم الهداية والتوفيق في كل خطوة يخطونها.

والشكر موصول لأخي الكبير الدكتور/ عبد العزيز بن ندى العتيبي مشرف صفحة الإبانة، وللعلم كل مقالاتي محفوظة في موقعي وإني أدعو كل مسلم ومسلمة إن وقع على شيء من الخطأ ألا يبخل عليَّ بالنصيحة من باب التناصح والتعاون على البر والتقوى. والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات