موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

بيان الحقائق لما اشتمل عليه منهج عبدالرحمن عبد الخالق (٤)

17 شعبان 1432 |

[ المقال بتمامه من غير حذف ]

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد كتبت مقالات سابقة في الرد على مغالطات وانحرافات كتبها الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في مقابلة أجرتها معه جريدة الوطن، وبعد كتاباتي تلقيت رسائل من الإخوة لا تحمل أسماء مرسليها يحاولون إقناعي بالتوقف عن إتمام الرد على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وعلل بعضهم أن الشيخ كبير، ومريض، وشابَ في الدعوة، فالأولى عدم الرد عليه، فأقول: أسأل الله أن يشافي الشيخ، ويمد بعمره على طاعته وأن يهديه إلى الحق ويوفقه للتوبة النصوح، مما قدمت يداه، وأن يختم له بخير.

وللعلم إني بحمد الله لا أتحامل على شخص الشيخ ولا أسبّه ولا أشتمه، وإنما أردت بالرد عليه الدفاع عن السُّنة والمنهج  السلفي نصرة للحق ونصيحة للخلق، فالشيخ عفا الله عنه انحرف عن المنهج السلفي والصراط المستقيم إلى منهج الإخوان المسلمين، وما يحمله من إحداث في الدين، ومن شاء أن يتأكد من صحة ما أقول، فليقرأ كلام الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في المقابلة بالحرف الواحد لما سأله المحاور: ما الفرق بين السلف والإخوان في ظل قبولهما بالعمل السياسي؟ فأجاب بقوله: لا أرى فرقاً مهماً فهما مثلما جماعة كذا وجماعة كذا في إطار الإسلام الواحد، وقد يكون الخلاف بينهما مسألة الأولويات. انتهى كلامه.

ولما سأله المحاور تحت عنوان (أخونة) السلف: الآن يتحدث البعض عن (أخونة) السلف أي تحويلهم إلى تبني منهج الإخوان، فما رأيك؟ فأجاب قائلاً: أنا لا أرى أن هناك معركة بين الإخوان المسلمين والسلف والحديث عن هذا الأمر فيه نوع من الافتعال لمواجهة لا وجود لها. أنت لا يمكن أن تفرق أحيانا بين الإخوان والسلف... انتهى كلامه.

ولما سأله المحاور: هل من الممكن أن يجمع حزب واحد الإخوان والسلف؟

فأجاب قائلاً: الحزب عبارة عن تجمع سياسي ومن الممكن أن يضم سلفيين وإخوان مسلمين وعوام الناس، حزب الجبهة الإسلامية في الجزائر كان يضم مجموعة كبيرة من التيارات الإسلامية كالسلفيين والإخوان والجماعة الإسلامية فلا مانع أبداً في قيام جبهة كهذه في مصر ولو قامت سيكون خيراً. انتهى كلامه.

أقول: هذا بعض كلام الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في مقابلة واحدة فكيف يسكت عنه، لا سيما وقد لقبه المحاور زوراً وبهتاناً بـ (شيخ سلفية الكويت)، والشيخ هداه الله منذ ما يزيد على عشر سنوات ما سمعنا له كلمة واحدة ضد الإرهابيين والتكفيريين وكأن الأمة والعالم لم يمرا بموجات عصفت بهما هنا وهناك، أقلها تفجيرات وسفك للدماء في المملكة العربية السعودية وغيرها بل نجده مرضياً عنه عند عامة أهل الجهاد المزعوم فيحبهم ويحبونه، بل وشاركهم في افتتاح مخيمهم الربيعي (مخيم النخبة) الذي يقيمه أدعياء الجهاد وها هو اليوم يبارك الثورات المحدثة المبتدعة التي راح ضحيتها عشرات الآلاف وتشرد من تشرد فهو يزكيها  ويثني عليها ويباركها مخالفاً بذلك فتاوى علماء السنة وأئمة المسلمين، كالشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ ناصر الدين الألباني والشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمهم الله جميعا، وموافقاً لقادة الإخوان المسلمين كالدكتور القرضاوي والدكتور عجيل النشمي والدكتور طارق السويدان، فأي سلفية يحملها الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، وبأي حق يلقب بشيخ سلفية الكويت، ولما رد عليه الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين ثارت ثائرته وكاد يفقد صوابه مستعملاً هجومه العنيف، فاشتمل رده على كل شيء إلا انه خلا تماماً من الرد العلمي، فدافع عن الإخوان المسلمين وعن فرقة التبليغ الصوفية بما يعجزون أن يقوموا بمعشار ما قام به من الدفاع المستميت عنهم، لقد خطت يمينه كلاماً غريباً اتهم فيه السلفيين بأنهم يجيزون أن يُسحق الناس بالدبابات، وهذا والله ما سمعنا قال به طالب علم سلفي قط فضلاً عن أن يقوله عالم من علماء السلفية.

يا شيخ عبد الرحمن ويا حزب عبد الرحمن عبد الخالق إني في هذا المقام أعظكم بقول الله تعالى ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (112)﴾ [النساء]، قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله في تفسيره: (ومن يكسب خطيئة) أي ذنباً كبيراً (أو إثماً) ما دون ذلك (ثم يرم به) أي يتهم بذنبه (بريئاً) من ذلك الذنب وإن كان مذنباً (فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً) أي فقد حمل فوق ظهره بهتاً للبريء وإثماً ظاهراً بيناً، وهذا يدل على أن ذلك من كبائر الذنوب وموبقاتها، فإنه قد جمع عدة مفاسد، كسب الخطيئة والإثم ثم رمى من لم يفعلها بفعلها ثم الكذب الشنيع لتبرئة نفسه واتهام البريء ثم ما يترتب على ذلك من العقوبة الدنيوية، تندفع عمن وجبته عليه وتقام على من لا يستحق، ثم ما يترتب على ذلك أيضاً  من كلام الناس في البريء إلى غير ذلك من المفاسد التي نسأل الله العافية منها ومن كل شر) انتهى كلام الشيخ ابن سعدي.

أقول: والذي نفسي بيده إن في هذه الآية وتفسيرها موعظة للمتقين وذكرى لمن له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، من يا شيخ عبد الرحمن من السلفيين أجاز سحق الأبرياء بالدبابات؟ لقد سقت هذا الكلام في ردك على الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين، وأوهمت القارئ والسامع بأنه وغيره من السلفيين يجيزون سحق الشعوب بالدبابات دون أن تبين أين قالوا هذا القول؟ ومتى قالوه؟ كان الأولى أن تتقي الله عز وجل ولا ترمي الأبرياء بهذه التهمة، لقد كنت تؤيد الطاغية الكافر البعثي صدام حسين وتقول إنه بطل صنديد وفي أعناق الأمة دين للعراق، قلنا لك- وأنا ممن قال لك شخصياً-: هذا يقتل الأبرياء وجئنا لك بصور الأكراد قد أبادهم بالسلاح الكيماوي وهو أكوام أطفال ونساء، وكنت تقول: كونه قتل هذه ما هي مشكلة!! قلنا لك: هذا رئيس حزب بعث لا فرق بينه وبين رئيس حزب البعث السوري الذي قتل آنذاك الأبرياء في حماة!! فقلت: بينهما فرق هذا حزب بعث سني وهذاك حزب بعث شيعي، قلنا لك: إن حزب البعث يقول: رضيت بالبعث رباً ما له من ثاني، فقلت: أنا أعرف هذا ووالله لو كانت لي دعوة صالحة لصرفتها لصدام، وبعد كلامك هذا بأقل من سنتين احتل الطاغية صدام حسين الكويت وفعل فعلته الشنيعة، وإلا بالإخوان المسلمين في كل مكان يؤازرونه ويرفعون صوره في كل مكان، في الأردن وفي فلسطين وفي اليمن وفي السودان وغيرها، حتى لما شنق صدام حسين اتصل بك أحد الإخوة وسألك عنه فقلت الرجل قال لا إله إلا الله قبل أن يموت وما رضيت أن تقول به كلمة تسوء بها إليه، يا شيخ عبد الرحمن إن كنت نسيت هذا فالله تعالى يقول: ﴿أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾، فأنت الذي أيّدت الطاغية والآن تتهم غيرك بذلك وترمي به بريئاً، أولى لك ثم أولى أن تتوب إلى الله عز وجل قبل أن يدركك الموت فتندم في ساعة لا ينفع فيها الندم.

الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى مزّق الفتاوى المتعلقة بفرقة التبليغ بيده

لقد شنّع الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق على الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين ووصفه بأوصاف لا تليق بمثله خرج بها عن معنى الحوار العلمي كل ذلك كان بسبب ما ذكره الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين بأن الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى مزّق بيده الفتاوى المتعلقة بفرقة التبليغ.

وإليك أخي القارئ وإليك يا شيخ عبد الرحمن عبد الخالق وإلى كل منصف وإلى كل طالب للحق هذا النقل ليس عن الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين بل نقل عن الدكتور محمد بن سعد الشويعر القائم على ترتيب فتاوى سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في كتابه والذي هو بعنوان (عبد العزيز بن باز عالم فقدته الأمة.. مقتطفات من سيرته ومكانته العلمية) ص (581) وإليك نص كلامه حرفياً فقال: (وقد بان شيء من هذا، في تباينه مع الأصل، وخاصة في المحاضرات، وما تهتم به الصحف، من تعديل أو تبديل، وحذف أو زيادة، ولو اطلع أي شخص على ما يفرغ من أشرطة، ورأى كثرة تعديل سماحته، على المسودات، لظن أن هذا غير الأصل كما كان سماحته مع اهتمامه وجديته غفر الله له، يتراجع عن بعض الكلمات والفتاوى، ليلغيها أو بعضها، ويعدل كثيراً من البعض الآخر، كما حصل في فتاواه عن جماعة التبليغ، إذا أخذ مني كل ما جمعته، عن هذه الجماعة المنتشرة في الهند وباكستان، وبنجلاديش وغيرها، ومزقها بيده، ولم يقر إلا ما صدر عنه أخيرا في مجلة الدعوة، وأثبتناه في الجزء الثامن من مجموع فتاوى سماحته). انتهى كلامه.

والسؤال الذي يطرح نفسه يا شيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق: هل الدكتور سعد محمد الشويعر يكذب ويفتري على الشيخ ابن باز أيضا؟ أم هذه الحقيقة التي لم تستوعبها؟

يا شيخ عبد الرحمن قليل من التقوى أو مسحة منها تكفي أن تردعك عن اتهام الشيخ سعد الحصين بالكذب والافتراء على الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.

ولإتمام الفائدة إليك أخي القارئ فتوى الشيخ ابن باز- رحمه الله تعالى- التي نشرت في مجلة الدعوة في العدد (1438) بتاريخ 3/ 11/ 1414 هـ نقلاً عن مجموع فتاواه (8/331):

جماعة التبليغ والصلاة في المساجد التي فيها قبور

س: من م. ع. من أمريكا يقول: خرجت مع جماعة التبليغ للهند والباكستان، وكنا نجتمع ونصلي في مساجد يوجد بها قبور، وسمعت أن الصلاة في المسجد الذي يوجد به قبر باطلة فما رأيكم في صلاتي وهل أعيدها؟ وما حكم الخروج معهم لهذه الأماكن؟

ج: بسم الله، والحمد لله أما بعد:

جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها أهل السُّنة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير، لأنهم نشيطون في عملهم، لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم، وإلى من يبصرهم من علماء التوحيد والسنة.

رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه.

أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فلا تصح، والواجب إعادة ما صليت فيها، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» متفق على صحته، وقوله صلى الله عليه وسلم: «ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك» أخرجه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا الباب كثيرة.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

أخي القارئ الكريم لم أنته بعد في الرد على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وكشف حقائق منهجه، والله أسأل أن يوفقني وكل مسلم بمعرفة الحق وإتباعه، وأسأله جل وعلا أن يجنبني الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولا وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المقالات