موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

رسالة إلى العقلاء في التعقيب على من سمّوا أنفسهم علماء (١)

22 رمضان 1432 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:


فلقد اطلعت على مقابلة صحافية في جريدة «الوطن» يوم السبت 13 رمضان 1432 الموافق 13/8/2011 في العدد (12798\ 7244) 
لشخصين اثنين تجرآ ولقّبا نفسيهما بـ «علماء الكويت»! 
وحتى لا يغتر الناس بكلامهما لا سيما مع ما لقبا به نفسيهما بأنهما عالما الكويت بل وعالما الخليج أحببت أن أقوم بواجب النصيحة للأمة والذبِّ عن علمائها الذين نالهم من السب والشتم والاتهام الشيء الكثير في ذلك اللقاء بسبب
 التعميم الذي يفهم من ظاهر كلام أحدهما وهو الدكتور (ح . ح .ع)، 
فأقول وبالله استعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:


أولا: لا يجوز لهذين الرجلين كليهما أو احدهما ان يضعا على نفسيهما هالة من المركزية وعلو المكانة ويلقبا نفسيهما بالعلماء وبالمقابل ينتقدان العلماء الأحياء منهم والأموات ويصفانهم بأقبح الأوصاف 
من غير استثناء. 
من ذلك ما جاء في المقابلة بالحرف الواحد كما نقله الصحفي حيث قال: (من جهته شن الدكتور ح . ع هجوماً 
على علماء الأمة لإثابتهم الى التوبة الى الله توبة نصوحة [والصواب نصوحا] وخاطب إياهم بقوله "لقد وقفتم دهرا طويلا وما زلتم في عروش الظالمين وتقتاتون موائدهم وتعلمون الناس مقاصد الشرع جلب مصالح الناس ودرء المفاسد بينما تسعون في جلب مصالح الطواغيت ودرء المفاسد عنهم"). انتهى كلامه
.

الله اكبر، تأمل اخي القارئ هذا الهجوم الشرس الذي شنه الدكتور على العلماء! 
فلقد صبَّ جامَ غضبه على العلماء دون ان يستثني منهم احدا وحمّلهم كل بليّة في الأمة وهذا كما لا يخفى يؤدي إلى إسقاطهم من أعين الناس، كما لا يخفى على من له مسحة من عقل بأنه تنفير وتشكيك وطعن ظاهر، بل لا نبعد عن الحقيقة إذا قلنا إنه تكفير لهم - والعياذ بالله - وفي الوقت الذي يصف فيه نفسه ومن معه بأنهم علماء! 
فأين هؤلاء من قوله صلى الله عليه وسلم : «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ« [رواه أحمد عن عبادة بن الصامت- حديث:‏22164‏، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد(8/ص14) رواه أحمد والطبراني وإسناده حسن]، وفي رواية كما وردت عند الحاكم [حديث:‏381‏]: «ليس منا من لم يبجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه»، 
فإن قال لا اقصد علماء السنة فأقول: هذا ما نرجوه لكن يجب عليك بيان ذلك بيانا شافيا حتى لا تتهم بأنك طعنت بالعلماء الربانيين المعروفين بالفضل والاستقامة.


وهكذا لم تستثن أحدا عندما واصلت قولك بالحرف الواحد: 
(إن هؤلاء العلماء لا يحفظون من كتاب الله إلا قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) وخالطوهم في مجالسهم وركنوا إليهم ولبسوا الحق بالباطل فأحلوا لهم الدخول في دين الكفار والسير في ركاب اليهود والنصارى والمجوس والمنافقين تحت رايات وشعارات متنوعة وأخرى تحت شعار مكافحة الإرهاب وثالثة تحت شعار سماحة الإسلام حتى أصبحت الأمة بلا هوية توالي أعداءها وتسير على خطاهم وتتبنى مناهجهم) انتهى كلامه.

أقول: لا شك هذا لا ينطبق على علماء أهل السنة الذين ملأت آثارهم الدنيا وفتح الله بهم قلوباً غلفاً وآذانا صماً وأعيناً عمياً وبينهم وبين هذه الصفات القبيحة كما بين المشرق والمغرب 
لذا لا يجوز أن تسخر بهم بقولك إن العلماء لا يحفظون من كتاب الله إلا آية واحدة
 وهي قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) لا سيما أن علماء السنة هم أكثر من يستدل بالآية المذكورة خلافا للخوارج والمعتزلة، 
ثم لماذا الكلام يخرج منك بهذه الصيغة وكأن هذه الآية ليست من كلام الله تعالى، أو أن ما دلت عليه ليس من عقيدة أهل السنة والجماعة 
لقد كان الواجب أن يحمدوا على تمسكهم بهذه الآية التي أمر الله تعالى بها بطاعة ولاة الأمر ولا يستحق الذمَّ من تمسك بها تمسكاً 
صحيحاً.


ثم في هذه المناسبة أريد أن أوجه سؤالاً الى هؤلاء الذين لقبوا أنفسهم بعلماء الكويت وعلماء الخليج من الأمين العام وأمين سر وأعضاء: ما حكم كلام صاحبكم في العلماء بدون استثناء؟ 
وهل توافقونه على ما يقول أم تخالفونه؟ وإذا كنتم تخالفونه فأين إنكاركم عليه أو مطالبتكم له على الأقل بالاستثناء؟


والسؤال الأهم من هذا قول المذكور في حق العلماء بأنهم لبسوا على الأمة الحق بالباطل فأحلوا لهم الدخول في دين الكفار والسير في ركاب اليهود والنصارى والمجوس والمنافقين... إلخ، هل هذا تكفير للعلماء أم لا؟ 
وأذكركم بتقوى الله عز وجل ووجوب قول الحق ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا﴾ [الأنعام: 152]، ولا يمنعكم من قول الحق 
كونه احد أفرادكم والله يقول { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ } [المائدة 8] و نحن ننتظر إجابتكم و ننتظر من الدكتور نفسه ان يبين من يقصد بهذا الإطلاق حتى لا نفهمه خطأ، والله المستعان.


اخي القارئ الكريم ألا تتعجب مما اتعجب منه؟!
 اذا كتبت ردا علميا أو كتب غيري على هؤلاء وأمثالهم ثارت ثائرة بعض الناس، وقالوا: ما تركت أحدا إلا وتكلمت عليه و و و إلخ، هذا الكلام المستهلك الذي يريدون من ورائه السكوت عن باطلهم! 
بينما يطعن هذا الدكتور بالعلماء من غير استثناء بل يصفهم بالكفر دون استعمال لفظ "الكفر" فلا تسمع لهؤلاء كلمة في الإنكار عليه أو مطالبته بالإفصاح عمن يقصد ومن لا يقصد!!


تدبر أخي القارئ ما يقوله الدكتور ( ح . ح . ع) عفا الله عنه عن العلماء بالحرف الواحد: (أن العلماء تركوا الأمة تخوض في مستنقعات الأديان الآثمة المعاصرة من ديمقراطية وعلمانية وإباحية تتخبط في أوحال الرذيلة والفسق والفجور) 
وقال: (علماء المسلمين المتخاذلين) وقال: (انه طوال مدة اكثر من 30 عاما روابط واتحادات هؤلاء العلماء ساكنة لا تتكلم ألا بإذن ولي الأمر الأمريكي)، 
ونقل عنه أنه ( احذر أن يكون العلماء مؤتمرين بأمر الكفار والطواغيت فهذا انحراف وبعدما شعرت الأمة بخطورة ما يجري من حولها من تخاذل العلماء تمردت على أنظمتها لأنهم دورهم داعيا العلماء في جميع دول العالم الإسلامي إلى التوبة إلى الله وان يكفروا عن سيئاتهم وتواطئهم مع الأنظمة خلال الفترة السابقة منذ 90 سنة) انتهى كلامه.


أقول: ومن المعلوم أن علماء السنة ليسوا كما قال فوجب عليه وجوبا أن يستثنيهم لا سيما أن الكلام معلنا في الجريدة. 
اسأل الله تعالى ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن كما اسأله جل في علاه ان ينصر المسلمين على عدوه وعدوهم. واسأله تعالى أن يجعل تدبير العدو النصيري العلوي الباطني البعثي ومن ساندهم ورضي بفعلهم تدميرا عليهم، 
واسأل الله تعالى ان يجعل العاقبة حميدة لأهل السنة، وان يوفقهم الى
العمل بالكتاب والسنة والتمسك بهما، 
والحمد لله أولا وآخرا وظاهر وباطنا 
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

المقالات