الفتاوى الشرعية (٣)
أجاب عليها الشيخ سالم بن سعد الطويل
السؤال: ما حكم الصيام في السفر؟ وهل الأفضل الصيام أم الفطر؟
الجواب: يجوز للمسافر في رمضان الفطر والصيام، فإن لم يكن عليه مشقة فالأفضل أن يصوم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم في السفر فيكون قد اقتدى به عليه الصلاة و السلام كما أن الصيام مع الناس أسهل وأيسر فيما لو صام وحده وأسرع في إبراء الذمة، أما إذا كان يشق عليه الصوم في السفر فيكره له الصوم للحديث الصحيح المتفق عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً قد ظلل عليه وحوله زحام فقال: "ما هذا"؟ قالوا: صائم، فقال:" ليس من البر الصيام في السفر" أما إذا كانت المشقة شديدة فالواجب الفطر لما رواه مسلم في صحيحه أن الرسول صلى الله عليه وسلم لما شكا إليه الناس أنهم قد شق عليهم الصيام أفطر ثم قيل له إن بعض الناس قد صام، فقال: "أولئك العصاة، أولئك العصاة".
السؤال: إذا قضى الصائم معظم النهار نائماً أو مسترخياً فهل صومه صحيح؟
الجواب: الصيام صحيح إذا أمسك عن المفطرات من طلوع الفجر إلى غروب الشمس مع النية، ولا يؤثر على صيامه لكن يجب عليه أن يصلي كل صلاة في وقتها ولا يتعمد تأخيرها عن وقتها او النوم عنها كما أنه لو استغل وقته في طاعة كقراءة القرآن أو الذكر أو المكث في المسجد فهذا أفضل.
السؤال: إذا رأيت صائماً يشرب ناسياً هل أذكره أم اتركه لحديث "إنما أطعمه الله وأسقاه"؟
الجواب: من رأى صائما يأكل أو يشرب فالواجب عليه أن يذكره لأن هذا من تغيير المنكر لما في صحيح مسلم من الحديث المشهور " من رأى منكم منكراً فليغيره" وأما كون الناسي لا يؤاخذ فهذا من رحمة الله تعالى بعباده والنبي صلى الله عليه وسلم طيب خاطر الناسي فقال: "من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه" متفق عليه. لذلك الصائم أحب إليه ألا ينسى وأن يذكره أخوه إذا نسي.
السؤال: أرجو إفادتنا عن حكم كل ما يلي في حق الصائم: الكحل، السواك، الطيب والبخور، القيء، البخاخ، خروج الدم، تذوق الطعام؟
الجواب: الكحل لا يفطر، وكذا قطرة العين لأن هذا ليس طعاما ولا شرابا كما أن العين ليست منفذا للأكل والشرب. وأما السواك فمستحب للصائم وغيره للحديث الصحيح "السواك مطهرة للفم ومرضاة للرب"، ولا ينافي حديث "لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك" لأن هذه الرائحة سببها خلو المعدة من الطعام وأطيب عند الله لأنها من أثر طاعة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يؤثر عنه أنه نهى الصائم عن السواك ولا توقف عن السواك وهو صائم، بل قال: "لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة"، وفي حديث "مع كل وضوء"، وهذا على عمومه من غير استثناء لا صائم ولا غيره. والطيب والبخور لا بأس به للصائم أيضا لكن لا يتعمد استنشاق البخور. أما القيء وهو استفراغ ما في المعدة من الطعام والشراب ففيه تفصيل إذا تعمده الصائم بطل صومه أما إذا غلبه فلا يبطل لحديث "من ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء عمداً فليقضي" [رواه الترمذي وأبو داود]، وأما استعمال البخاخ والكمام لمرضى الربو وضيق التنفس فلا بأس به للصائم لأنه ليس بطعام ولا شراب ويذهب للرئة لا للمعدة. وأما خروج الدم فلا يفطر إذا كان من جرح أو خلع ضرس واختلف العلماء في حكم الحجامة والراجح عدم الفطر والأحوط تركها أثناء الصيام. نعم يفسد الصوم خروج أو نزول دم الحيض والنفاس فقط أما دم الاستحاضة فإنه لا يفسد الصوم ولا يمنع من الصلاة ولا الطواف بالبيت ولا مس المصحف. وأما تذوق الطعام فلا يبطل الصوم بل هو كالمضمضة لكن لا يفعله الصائم أو الصائمة إلا للحاجة ومن غير ابتلاعه، فإذا ابتلعه بغير قصد فلا يبطل الصوم.
السؤال: ما معنى الاعتكاف؟ وما حكمه؟ وما أهم أحكامه المتعلقة به؟
الجواب: الاعتكاف هو لزوم المسجد للطاعة والتعبد والانقطاع عن الناس بحيث لا يخرج إلا للحاجة الضرورية ويكون في العشر الأواخر من رمضان. وأما حكمه فهو مستحب لتحري ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر. وفي الصحيحين تقول عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من بعده. ويسن الدخول للمعتكف قبل غروب الشمس ليلة إحدى وعشرين وقيل ليلة عشرين احتياطيا فيما لو صار الشهر تسعا وعشرين يوماً فيكون قد اعتكف عشرة كاملة، ويستحب أن يكون في مسجد جامع لكي لا يحتاج للخروج لصلاة الجمعة، وينبغي الانشغال بطاعة الله عز وجل من صلاة وقراءة القرآن وذكر الله والاستغفار لا أن يقضي وقته بالتحدث مع الأصدقاء والضحك والمزاح. ويحرم على المعتكف الجماع ومقدماته لقوله تعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد).
السؤال: ماذا يفعل من لم يخرج زكاة الفطر في العام الماضي هل يقضيه ويخرجها مرتين؟
الجواب: ليس عليه قضاء ولا يخرجها مرتين، وإنما فاته فضلها وهذا لمن فاته أن يصوم يوماً يستحب صيامه أو فاته الحج في عامه هذا ولم يقف بعرفة، ويمكنه أي من لم يخرج زكاه الفطر العام الماضي أن يكثر من الحسنات والأعمال الصالحة. والله أعلم، والحمد لله أولا وآخر وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تنويه
ورد خطأ في العدد الماضي في باب الفتاوى الشرعية في السؤال عن حكم العمرة في رمضان؟ حيث ورد (وتجزئ عن حجة الإسلام) وسقطت سهواً كلمة [لا] والصواب هو أن العمرة في رمضان (لا تجزئ عن حجة الإسلام).