الرد الـ "شافي" بالحجة و الـ "سلطان" على من كثر منه الروغان (٤)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فهذا المقال الرابع ولن يكون إن شاء الله الأخير في الرد على دكتور الشريعة [ش. س] - هداه الله وأمثاله ممن هو على فكره - وإنما اكتب هذه الردود نصيحة للخلق وبياناً للحق، راجياً من الله تعالى أن يرزقني الإخلاص في القول والعمل، وأن يجعله نافعاً لي ولغيري.
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
قبل ثلاثين عاما لم يكن في جامعة الكويت كلية شريعة وكان طلبة العلم الذين يرغبون في دراسة العلم الشرعي يسافرون خارج البلاد ليلتحقوا بالجامعات الشرعية.
وشاء الله تعالى في عام 1401 هـ/ 1981م تقريبا أن زار الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح - غفر الله له - المدينة النبوية والتقى الطلبة الكويتيين من طلاب الجامعة الإسلامية، وأُعجب بهم وجرى التناصح بينهم، وكان مما تناقله الحضور واشتهر عنه - رحمه الله- أنه قال: (تعالوا الكويت وهيئوا الناس وانصحوهم لتطبيق الشريعة) وبعد رجوع الأمير إلى الكويت أصدر أوامره السامية لإنشاء كلية الشريعة والدراسات الإسلامية لتكون كلية مستقلة عن كلية الحقوق وغيرها، واعْتُرض في ذلك الوقت على افتتاحها غير أن الأمر قد تم وتحجج من كان يرغب بافتتاحها بأن فتح كلية الشريعة رغبة أميرية لابد من تحقيقها.
وفعلاً تم افتتاحها واستبشر الناس بها واستفاد طلبة العلم ووجدوا غُنْيتهم فيها واقصر عليهم عناء السفر إلى الخارج والتحق بها الطلاب والطالبات الذين لا يرغبون في الاختلاط الموجود في كليات أخرى وتخرج إلى الآن خلال ثلاثين سنة ربما عشرات الآلاف.
وكانت الدفعات الأولى من الخريجين قد تهيأت لهم الأمور فحصلوا على بعثات دراسية على حساب جامعة الكويت وكلية الشريعة لإتمام دراساتهم العليا، وعادوا دكاترة ليدرِّسوا في كلية الشريعة نفسها متمتعين بكوادر ورواتب ممتازة وكما يقال (عليهم بألف عافية). لكن للأسف الشديد من بين هؤلاء الدكاترة فئات منحرفة تحمل أفكاراً سيئة من تكفير وخروج وإثارة وتهييج وتشكيك ومبالغة في السياسة والطعن في ولاة الأمور وتأييد المظاهرات والإضرابات، وتعطيل مصالح الدولة والمواطنين، وفي الحقيقة هذا ليس من الدين ولا المروءة ولا الأخلاق، فالذي يفترض من الدعاة بوجه عام ودكاترة الشريعة بوجه خاص أن يكونوا ناصحين أمينين على ما استؤمنوا عليه لا يستغلون وجودهم في هذه الكلية - التي أُسست برغبة أميرية - لتربية الناس على التمرد والتطاول وقلة الاحترام، وإنما يُفترض فيهم أن يجتهدوا لتخريج أجيال يقودون المجتمع إلى برِّ الأمان وتأليف قلوب الناس على ولاتهم وتهيئة أفراد المجتمع لتطبيق الشريعة وإقامة حكم الله ورسوله.
أقول: من المؤسف جداً أن يخرج هؤلاء الدكاترة عن أهداف كلية الشريعة من غير حسيب ولا رقيب ليزرعوا أفكارا منحرفة ومناهج باطلة في عقول الطلاب والطالبات الذين متوسط أعمارهم بين 19 و23 سنة! والغريب أن أكثر نشاط هؤلاء الدكاترة بين الطالبات وذلك لأمرين اثنين:
لأنهم يحسبون حساباً للرجال فقد ينبري لهم بعض الطلاب فيحرجهم أمام الطلبة بخلاف الطالبات اللاتي أكثرهن ضعيفات في النقاش والرد.
لأن الطالبات يخشين من خصم الدرجات بخلاف الطلاب فاهتمامهم بالدرجات أقل من الطالبات.
من المستفيد من صراع أهل السُّنَّة مع ولاتهم؟
أخي القارئ الكريم اعلم رحمك الله تعالى أن النزاع إذا اشتد بين أهل السُّنَّة وولاتهم وتباغضوا وتنازعوا فالحال حينئذ يسعد أعداء أهل السُّنَّة من الصفويين ونحوهم، بل هذا يؤهل ويمهد لذهاب دولة سُّنية وتدخل خارجي صفوي أو غربي.
ومن عاصر الأحداث التي كانت قبيل احتلال العراق للكويت أدرك أن ما يسمى بالمعارضة كانت سببا في طمع العدو في البلاد والعباد، فلماذا لا نتعظ ونفوِّت الفرصة على المتربصين بنا والطامعين بخيراتنا؟
وإني في هذا المقال اذكر الدكاترة - في كلية الشريعة على وجه العموم والخصوص - أن يتقوا الله في أبنائنا وبناتنا ويجنبوهم هذه المباحث والمسائل الخارجة أصلا عن المقررات الجامعية، فإن أولادنا ذهبوا ليتعلموا العلم الشرعي لا ليسمعوا الطرح السياسي والتحريض والتهييج ضد ولاة الأمر، وأنصحهم أن يتبعوا منهج العلماء الهداة المهتدين وأن يحفظوا الأمانة ويحذروا المناهج الدخيلة وكل ما فيه ضرر على العباد والبلاد.
أخي القارئ سأكمل ما قد وعدتك به من الإجابة عن أسئلة بعض المحبين التي وردت علي بعد كتابتي للمقالات الأخيرة في الرد على دكتور الشريعة [ش. س] فيقول السائل المحب:
هل من الممكن أن تفسر لي سبب قولك إن الدكتور [ش. س] لا يحفظ الكتب الستة أو التسعة؟
الجواب:
أولا: أكثر من شخص عرفه عن قرب وجزم بأن الدكتور لا يحفظ الكتب الستة.
ثانيا: إن كان يحفظها فهو يحفظها على طريقة يحيى اليحيى وهي طريقة لا يصدق على من سلكها بأنه حافظ للكتب الستة.
ثالثا: إذا كان لا يحفظ وزعم هو أو غيره بأنه يحفظ فهذا كذب، والكذب يسقط عدالة الرجل كما لا يخفى.
رابعا: إذا عرفت ما تقدم فستعرف الجواب على سؤالك التالي:
السائل المحب: ما دخل ذلك في ردك «العلمي»؟ وهل سمعت الدكتور قال إنه يحفظها؟
الجواب: لا ما سمعته. وأنا أسألك الآن واسأل كل من يعرفه بل واسأل الدكتور [ ش . س ] هل يحفظ الكتب الستة أو التسعة؟ وأظن لن يأتيني أحد بالجواب لأن والله اعلم يريدون ان يحمد شيخهم بما لم يعمل.
السائل المحب: و ما أدراك أنه لا يحفظها؟
الجواب: لا اعلم ولم أقل إنه لا يحفظ وإنما قلت يزعم هو أو يقر غيره بأنه يحفظ وكما لا يخفى الأصل عدم الحفظ فإن كان يحفظ فليثبت لنا ذلك. وإلا لا يلومني ولا يلوم غيري إذا قلنا أنه يزعم ذلك ليجعل لنفسه هالة كبيرة وشخصية عامة قيادية.
السائل المحب: انتقادك للدكتور على جمع التبرعات أليس هذا أمرا شخصيا بعيدا عن الرد العلمي؟
الجواب: جمع التبرعات بغير حق كما يفعله بعض الناس يعتبر مأخذا كبيرا على من يفعل ذلك، وللعلم بعضهم يجمع التبرعات بشكل عام من المساجد بغير إذن من الدولة ويطلب من المتبرعين علنا إيداع الأموال بحسابه الشخصي وبعضهم جمع التبرعات لغزة والسؤال الذي يطرح نفسه: أين ذهب بها؟ ولو سلمنا وأحسنا به الظن فلمن سيسلم التبرعات؟ هل سيوصلها لحماس الموالية للدولة الصفوية؟ أو أرسلها مع أسطول الحرية الذي صادره اليهود؟
السائل المحب: ما دليلك بأن الدكتور [ش. س] يقر العمليات الانتحارية ويقول إن استئذان ولي الأمر لا يشترط للجهاد في سبيل الله ولا يشترط استئذان الوالدين؟ وما مناسبة ذكر هذا الوصف للدكتور في هذه الأيام بالذات؟
الجواب: انتظرني الأسبوع القادم سأجيبك إن شاء الله تعالى، والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.