«دمّاج» تستغيث!!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن للمسلم على أخيه المسلم حقوقاً كثيرة منها أن ينصره إذا استنصره بقدر ما يستطيع ومنها أن لا يسلمه لعدوه.
قبل ما يقارب أربعين عاماً وعلى حين غفلة من الناس في «اليمن» ظهر الشيخ العلامة المحدث مقبل بن هادي الوادعي- رحمه الله تعالى- قادماً من المدينة النبوية بعد ما استفاد من علمائها علماً يؤهله للدعوة إلى الله عز وجل وتعليم الناس ما ينفعهم.
أقول: رجع الشيخ العلامة مقبل إلى بلده الأصلي «دمّاج» في محافظة صعدة في اليمن الشمالي وأقام دعوة سنية سلفية بدأت ضعيفة جداً وبدأت دعوته وكأنها شمعة في وسط صحراء مظلمة مع قلة ذات اليد والفقر الشديد في بلد متواضع جداً جداً حتى الكهرباء لم تكن موجودة فيه، واستمر في دعوته وجاهد جهاداً عظيماً لا تكاد تسمع له نظيراً في العصر الحديث وما زال يجتهد ويصبر ويصابر حتى فتح الله على يديه مركزاً عامراً بالعلم والدعوة، ووفد إليه الناس وطلبة العلم من مدن وقرى اليمن واستفادوا منه ومن دعوته، واقتدوا بصبره وجهاده بل ووفد إليه ناس كثيرون من كل بقاع العالم، لا من العواصم العربية فحسب، بل حتى من العواصم الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها ومن تأمل دعوته وآثاره تيقن أن التوفيق والسداد من الله تعالى فهو الذي يبارك ويفتح لمن يشاء من عباده.
فالشيخ مقبل لم يكن سياسياً ولا غنياً ولا حزبياً وإنما كان عالماً سنيّاً داعياً إلى الله تعالى على بصيرة ومتمسكاً بالكتاب والسُّنَّة وعلى منهج السلف الصالح حتى بلغ طلابه عشرات الآلاف في محافظات ومدن وقرى اليمن.
فوالله الذي لا إله إلا هو صليت في مسجد دعيت إليه لإلقاء كلمة في الولايات المتحدة الأمريكية وفي ولاية فيلادلفيا بالتحديد أطلقوا عليه اسم «مسجد الشيخ مقبل بن هادي الوادعي»، رحمه الله تعالى، وما توفاه الله تعالى إلا وقد خلّف طلاباً هم بحق من خير أهل السُّنَّة والجماعة علماً وأدباً وجدية في طلب العلم والتأصيل يعتنون بالتدريس والتعليم والحفظ والتصنيف من أمثال الشيخ يحيى الحجوري الذي خلَّفه في مركز «دمّاج العلمي» والشيخ محمد بن عبد الله الإمام في «معبر» والشيخ محمد بن عبد الوهاب الوصابي في «الحديدة»، والشيخ محمد باموسى في «الحديدة» أيضاً، والشيخ عبد العزيز البورعي في «اب» والشيخ محمد الصوملي في «صنعاء»، والشيخ عثمان السالمي وعبد الله الذماري في «ذمار»، والشيخ عبد الرحمن العدني في «عدن» وآخرون يحصيهم ربهم الذي خلقهم.
والمقصود أنَّ الله تعالى بارك في دعوة الشيخ مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.
واليوم وفي خضم هذه الفتن التي يشهدها العالم بوجه عام، واليمن بوجه خاص، وعلى حين غفلة من العالم وتعمد من أعداء الله من وجه، والأحزاب من وجه آخر، حاصر الحوثيون وبدعم من الدولة الصفوية الرافضية «دمّاج» مركز الشيخ مقبل، حاصروهم محاصرة تامة وقتلوا منهم من قتلوا، وأرهبوا الطلاب والأهالي وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد، فدمّاج قرية فيها الآلاف من الأسر السنيّة السلفية بين قرى للحوثيين الرافضة الذين يسعون إلى قيام دولة مستقلة تهدد دولة التوحيد والسُّنَّة «المملكة العربية السعودية» ويسعون إلى إخراج أهل دمّاج من قريتهم بمحاصرة شديدة وقتال عنيف، والله المستعان.
والعجيب أن العالم في صمت تام إلا قليلاً عما يدور هناك، فلو حدث تصادم لقطار في الصين راح ضحيته عشرون قتيلاً أو سقوط مروحية في روسيا قتل فيها خمسة أشخاص أو مقتل ثلاثة أشخاص في أحد مراقص أمريكا، لنقلت وسائل الإعلام هذه الأخبار أولاً بأول، بينما يحاصر أهل السنة في «دمّاج» من قِبل الحوثيين فلا تكاد تسمع عنهم كلمة واحدة لنصرتهم، والله المستعان.
والله الذي لا إله إلا هو لو كانوا على غير السُّنَّة لوجدنا أهل الأهواء من أصحاب الأحزاب ترفع أصواتهم وأخذوا يجمعون التبرعات هنا وهناك، وأسأل الله تعالى أن ينصر أهل السُّنَّة في «دمّاج» وفي كل مكان، وهنيئاً لهم السُّنَّة التي هداهم الله تعالى إليها.
تنبيه:
بعد لقاء قناة «الوطن» أثار بعض الناس مسائل وملاحظات أرادوا من ورائها التشويش على أصل البحث الذي استضافوني من أجله، لذا سأعرض عنها تفويتاً للفرصة عليهم، وأعتذر للمحبين الذين طلبوا مني الرد والتعقيب.
والله أسأل أن يجنبنا الفتن ما ظهر وما بطن، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.