بلدي الكويت - حفظها الله - ما زالت صامدة
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن الله أنعم علينا نعماً كثيرة، تُعد لكنها لا تحصى، كما قال تعالى: ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا﴾ [النحل: 18]، و ذلك لكثرتها و سعتها، و قال تعالى: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13]، و قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾ [لقمان: 20]، و حق الله على عباده أن يشكروه ولا يكفروه، قال تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ (152)﴾ [البقرة]، و قال تعالى: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)﴾ [إبراهيم].
ومن أعظم نعم الله على بلدي الكويت - الله يحفظها و يحفظ حكامها و أهلها - أنه لا يوجد فيها مظاهر الشرك، فلا قبور يُشد إليها الرحال، ولا قباب مبنية على القبور تُعبد من دون الله، ولا مزارات يُمارس عندها أنواع الشركيات ولا غيرها من المظاهر التي تفسد أصل الدين، ألا و هو التوحيد.
و هذا الأمر الذي حفظ الله بلدي الكويت منه والأمر الثاني أن الخمر أم الخبائث غير مسموح بها في بلدي، لا شربها ولا تصنيعها ولا بيعها حتى في الفنادق ممنوعة منعاً باتاً، بل لم يسمح بها و لا على خطوطها الجوية و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
فشارب الخمر في بلدي مستخف ذليل منبوذ حقير غير مرغوب فيه عند عامة أهل الكويت و في الحقيقة أن دولة الكويت تعتبر من الدول النادرة جداً على مستوى دول العالم الإسلامية و غير الإسلامية و العربية و غير العربية التي ليس فيها شرك ظاهر ولا مداولة للخمر «أم الخبائث» و الفضل كله يرجع إلى الله تعالى أولاً ثم إلى حكامها وأهلها الذين وفقهم الله تعالى إلى نبذ هذه المظاهر القبيحة شرعاً و عقلاً و عرفاً.
وفي هذه الأيام بدأت المطالبات تكثر باسم الحرية و الديمقراطية و غيرهما من الشعارات تطالب بمظاهر الشرك من جانب و بإباحة الخمر من جانب آخر، و الواجب علينا جميعاً أهل التوحيد و الاستقامة أن نحافظ على بلدنا من الشرك و مظاهره و الخمر و توابعها من الفواحش و الفجور، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)﴾ [المائدة]، فتدبر أخي المسلم وأختي المسلمة هذا النداء العظيم من الله الكبير المتعال لعباده المؤمنين مبيناً لهم أن الخمر والميسر - أي القمار - و الأنصاب و الأزلام و هي من مظاهر الشرك رجس - أي نجاسة - من عمل الشيطان، ثم قال: (فاجتنبوه) أي كونوا في جانب و هذه المذكورات في جانب آخر لعلكم تفلحون أي لكي تفلحوا، والفلاح هو الظفر بالمطلوب والنجاة من المرهوب. ثم بيّن الله تعالى أثر الخمر والميسر و ما يفعله الشيطان بعباد الله من العداوة و البغضاء و الصد عن ذكر الله و عن الصلاة و ختم الآية بقوله (فهل أنتم منتهون). صح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال بعد نزول الآية: «انتهينا» [رواه أبو داود وصححه الألباني في صحيح أبي داود (2/ 699)].
لذا أحببت أن أذكر نفسي وإخواني الدعاة على وجه الخصوص و العامة على وجه العموم من أهل التوحيد و السنة أن لا نغفل عن المحافظة على بلادنا و ما أكرمنا الله به من النعم ولا سيما نعمة الإسلام و التوحيد والسنة، فوالذي نفسي بيده إن الله تعالى قد جمع لنا بين نعم الدين و الدنيا فالتوحيد ظاهر والسنة ظاهرة وما زال أهل هذا البلد فيهم من الخير والاستقامة ما لا تكاد تجد مثلهم في سائر بلاد العالم فلنحذر من أولئك الذين يثيرون الفتن وينكرون النعم و ليكن حرصنا على ديننا أكثر من حرصنا على دنيانا.
فمنذ متى أصبح من يدعو إلى الشرك جريئاً في بلدنا؟! و منذ متى أضحى يُعترض على دراسة التوحيد و نبذ الشرك في مناهج مدارسنا؟! ومنذ متى أمسى من يظهر على شاشات الفضائيات و يدعو إلى إباحة الخمر و بكل وقاحة و قلة حياء؟!
إخوتي الكرام، اعلموا بأن الباطل لا مقام له إلا مع غفلة أهل الحق، فلا تغفلوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بكل وسيلة مشروعة مباحة، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)﴾ [الحج]، وقال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2]، وقال النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها ، كمثل قوم استهموا على سفينة ، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا ، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ، و نجوا جميعا" [رواه البخاري- 2381].
فحتى لا يغرق المجتمع و لا تضيع البلد ، علينا:
أولاً: أن نشكر الله تعالى على نعمه الظاهرة والباطنة.
ثانياً: أن نحافظ على التوحيد والسنة.
ثالثاً: أن نحافظ على الفضيلة ونبذ الفواحش ما ظهر منها وما بطن.
رابعاً: أن نتعاون على البر والتقوى ولا نتعاون على الإثم والعدوان.
خامساً: أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر بالعلم والرفق مع الصبر والاحتساب.
هذا و الله أسأل أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن و الحمد لله أولاً و آخراً و ظاهراً و باطناً و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.