موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

التعقيب الجميل على مقابلة الدكتور نبيل (٥)

29 صفر 1433 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا المقال الخامس في التعقيب على مقابلة أجريت مع الدكتور نبيل العوضي هداه الله للحق والصواب ولقد غلط في مسائل كثيرة ولم يوفق فيما طرحه، فتعقبته نصرة للحق ونصيحة للخلق فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:

التعقيب الثالث عشر

دعا الدكتور نبيل رده الله للحق رداً جميلاً إلى إقامة دولة أو حكومة على غرار الحكومة التركية - أي حكومة رجب طيب أردوغان (الإخواني) - وهذا ليس غريباً من الدكتور نبيل فهو متابع حذو القذة بالقذة لشيخه الأكبر عبد الرحمن عبد الخالق شيخ (السلفية الإخوانية التراثية) فقد صرح في لقاء له نشرته جريدة الوطن بتاريخ 18 صفر 1433هـ الموافق 12/ 1/ 2012م فقال:

”التدرج في الأحكام أمر مشروع و من الدين، لكن لا بد أن يكون هناك أولويات، وعليهم في مصر وغيرها أن يتخذوا حزب العدالة و التنمية التركي نموذجاً في الحكم، وفي ترتيب الأولويات وفي العمل السياسي عموماً، فهذا الحزب ذو توجه إسلامي ونشأ في بلد علماني صرف يحرسه عسكر أشداء ودستور وأحزاب لا دينية، ومع هذا فقد استطاع أن يتجاوز كل هذه العقبات ليحقق تنمية ورفاهاً أحسنت كثيراً إلى الفكر الإسلامي الذي يحقق السعادة للناس ولا يشغلهم بالقشور، ولذلك أرجو من الإخوة السلفيين والإخوان المسلمين بعد أن يستقر لهم الأمر، وتنتخب مصر رئيساً، أن يتخذوا التجربة التركية نموذجاً في الاعتناء بالتنمية والاقتصاد، وفي التدرج في عملية الإصلاح عموماً“

أقول: أخي القارئ هكذا انتهى المطاف عند أصحاب هذا المنهج (اللا سلفي) بل لا علاقة له بالسلفية لا من قريب ولا من بعيد، فهو منهج إخواني صرف وأنت ترى كلامهم لا ذكر فيه للتوحيد الذي هو أصل الدين ولا المتابعة لرسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم وإنما غاية ما يسعون إليه تنمية وإصلاح ورفاهية واقتصاد، فلا إله إلا الله كم سمعنا منهم وعنهم ذماً للعلمانية والليبرالية، وها هم اليوم يدعون لها ويثنون عليها فما كان بالأمس منكراً وكفراً مرفوضاً رفضاً تاماً أصبح اليوم نموذجاً يدعون الناس إلى الاقتداء به، فالدكتور نبيل العوضي غفر الله له قرر في مقابلته بأن العلمانية هي الليبرالية وهما اسمان لحقيقة واحدة وفي المقابلة نفسها التي لا تتجاوز ساعة واحدة أثنى على حكومة تركيا العلمانية وبعده بأسابيع قليلة ظهر علينا الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق أحسن الله له الخاتمة ورزقه توبة نصوحاً قبل الموت يدعو الإخوان المسلمين والسلفيين (الإخوانيين) إلى الاقتداء بالحكومة التركية الإخوانية العلمانية!!

فمثل هؤلاء كمثل رجلٍ قال لصاحبه طلق زوجتك فهي امرأة خبيثة زانية فاجرة لا ترد يدَ لامسٍ فإن لم تفعل فأنت ديوث، وما زال يحذره ويحذر منه ويفضحه ويعيره حتى طلقها، فلما طلقها ذهب ذلك الناصح الأمين فتزوجها بعده!!

فلما أنكروا عليه وسألوه كيف تتزوج هذه الفاجرة التي طالما نصحت زوجها الأول أن يطلقها؟

قال: لعلها تتوب على يديّ ويصلحها الله تعالى فأنا لم أجد زوجة غيرها ولا خيار لي إلا أن أتزوجها.

سبحانك هذا بهتان عظيم.

قال حذيفة بن اليمان رضي الله عنه :  " إذا أحب أحدكم ان يعلم اصابته الفتنه أم لا ؛ فإن كان رأى حلالا كان يراه حراما ؛ فقد أصابته الفتنة ، وإن كان يرى حراما كان يراه حلالا ، فقد اصابته " .. واياك والتلون في الدين فإن دين الله واحد . اخرجه عبدالرزاق الصنعاني في المصنف.

أقول: استبعد جداً أن الدكتور نبيل لا يعلم أن تركيا دولة علمانية ومن باب أولى ألا يخفى على شيخه الأكبر عبد الرحمن عبد الخالق ومع ذلك استحسن كل منهما حكومة (الإخواني) رجب طيب أردوغان الذي جعلوه مثالاً يحتذى به فهل بقي شك عند من له أدنى بصيرة أن هؤلاء القوم مالوا ميلة واحدة إلى منهج الإخوان وجعلوا السلفية ومنهجها وعقيدتها وراءهم ظهرياً؟

لقد وجه محاور جريدة «الوطن » سؤالاً بالصميم للشيخ عبد الرحمن عبد الخالق فقال: ألا ترى أنه حدث تداخل بين السلفيين والإخوان المسلمين بحيث أصبح السلفيون (إخواناً) وليس العكس؟

فأجاب الشيخ عبد الرحمن إجابة دبلوماسية فأعرض عن السؤال تماماً وأجابه إجابة لا علاقة لها بالسؤال.

فائدة

سبق أن ذكرت في مقال سابق أن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق نشأ نشأة إخوانية إذ كان والده من الإخوان المسلمين وإنما قلت ذلك من خلال ما أعرفه عنه و هو القائم بذهني منذ أكثر من ربع قرن من الزمان وفي المقابلة الأخيرة لـ «الوطن» ذكر ذلك المحاور في مقدمة نشره لخبر زيارة الشيخ لمصر فقال:

”والده الشيخ السيد عبد الخالق يوسف حمل أسرته وخرج من مصر على ملاحقات أمنية طالت جماعة الإخوان المسلمين الذين كان الوالد الراحل ينتمي إلى عضويتها“

أقول: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات هذا تصديق لما كنت ذكرته آنفاً.

والمقصود من ذلك أن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق و طلابه وكثيرا من أبناء جمعيته (جمعية إحياء التراث) وما تولد منها لا تكاد تجد لهم تصريحاً في نقد جماعة الإخوان المسلمين ولا الرد عليهم وما ذلك إلا لأن التوافق والتداخل بينهم أصبح من الصعب جداً إنكاره فهم وإن تمسكوا بالسلفية فسلفيتهم (إخوانية).

نعم في الجمعية بعض طلبة العلم الذين قد لا يرتضون منهج الإخوان المسلمين لكن أين جهودهم في الإنكار على جمعيتهم؟! هل هم ممنوعون من الكلام على الجناح السياسي في الجمعية؟ أو لأسباب أخرى لا أعلمها الله يعلمها؟!

ولإقامة الحجة على الدكتور نبيل العوضي خاصة وعلى منتسبي جمعية إحياء التراث والقراء عامة أنقل لكم بعض ما قاله علماء أهل السنة في جماعة الإخوان المسلمين التي تسمى في الكويت بالحركة الدستورية الإسلامية (حدس) وفي الإمارات تسمى حركة الإصلاح وفي بعض الدول تسمى بحزب العدالة والتنمية وغير ذلك، ولا أبالغ إذا قلت إنها تسمى في الكويت (سلفية عبد الرحمن عبد الخالق) والمتمثلة بجمعية إحياء التراث في أحد جناحيها على الأقل!!

قال الشيخ العلامة المفتي الفقيه المحدث عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى:

”حركة الإخوان المسلمين ينتقدها خواص أهل العلم، لأنه ليس عندهم نشاط للدعوة إلى توحيد الله، وعدم التوجيه إلى العقيدة الصحيحة، التي عليها أهل السُّنَّة والجماعة فينبغي للإخوان المسلمين أن يكون عندهم عناية بالدعوة السلفية: الدعوة إلى توحيد الله وإنكار عبادة القبور... إلخ“ مجلة المجلة العدد 806 بتاريخ 25 صفر 1416هـ صفحة 24- مجموع الفتاوى (8/41).

ونقل عنه بصوته رحمه الله لما سُئل عن حديث «ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة» وهل جماعة التبليغ وجماعة الإخوان المسلمين منهم فقال: ”نعم، تدخل في الاثنين والسبعين ومن خالف عقيدة أهل السنة دخل في الاثنين والسبعين“، فلما أكد عليه السائل فقال: هاتان الفرقتان ضمن الاثنين والسبعين، فأجاب الشيخ رحمه الله مؤكدا فقال: ”نعم ضمن الثتنين والسبعين“.

و قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى:

”والله لا نعرف عن الإخوان المسلمين ما هي عقيدتهم“ (لقاء الباب المفتوح 10)

وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى:

”الإخوان المسلمين يحاربون السنة“

وقال الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان حفظه الله تعالى:

”فقد حاول أعداء هذه الدعوة (يقصد دعوة التوحيد) أن يقضوا عليها بالقوة فلم ينجحوا، وحاولوا أن يقاوموها بالتشكيك والتضليل والشبهات ووصفها بالأوصاف المنفرة فما زادها إلا تألقاً ووضوحاً وقبولاً وإقبالاً. ومن آخر ذلك ما نعيشه الآن من وفود أفكار غريبة إلى بلادنا باسم الدعوة على أيدي جماعات تتسمى بأسماء مختلفة مثل جماعة الإخوان المسلمين وجماعة التبليغ وجماعة كذا وكذا وهدفها واحد وهو أن تذبح دعوة التوحيد وتحل محلها، وفي الواقع أن مقصود هذه الجماعات لا يختلف عن مقصود من سبقهم من أعداء هذه الدعوة المباركة“ مقدمة كتاب حقيقة الدعوة إلى الله تعالى للشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين ص 8.

وقال الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله تعالى:

”الإخوان المسلمون نرجو الله أن لا يكون لهم شأن الحكم في مصر ولا في غيرها من بلاد المسلمين“

وقال الشيخ عبد الله الغديان رحمه الله تعالى:

”جماعة الإخوان المسلمين جاءت إلى بلادنا و فرقت الناس“

وقال الشيخ سليمان الجراح فقيه الكويت الحنبلي رحمه الله تعالى:

”البغاة و هم الخارجون على الإمام بتأويل سائغ و هم الذين يسمون إخوان مسلمين في مصر“

وقال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله تعالى:

”جماعة الإخوان لا يحترمون السنة ولا يحبون أهلها وهم أصحاب تلونٍ، والغاية عندهم الوصول إلى السلطة“

وكان الشيخ المحدث مقبل بن هادي الوادعي اليماني رحمه الله تعالى يسميهم ”الإخوان المفلسون“.

وكلام أهل العلم، علماء السنة وأئمة السلفيين ممن عاصر جماعة الإخوان المسلمين كثير جداً في ذمِّهم وبيان باطلهم والتحذير منهم وليس ذلك صادراً عمن لمزهم الدكتور نبيل بـ”النابتة السلفية ومرجئة العصر“ و غير ذلك من الألقاب المحرمة شرعاً فلا أدري أين هو من قول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (58)﴾ [الأحزاب] وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)﴾ [الحجرات]، والعجيب في أمر الدكتور نبيل - غفر الله له و لوالديه - لما كتب مقالاً عن كربلاء وتطرق لذكر أكبر رأس من رؤوس أهل البدع في الكويت لقبه بـ ”السيد“ أكثر من أربع أو خمس مرات فلا يذكر اسمه مجرداً ولم يفوت ولا مرة واحدة إلا ويقول السيد فلان والسيد فلان وبعبارات رقيقة وقمة في الأدب بينما في مقابلته كان قاسياً جداً على السلفيين ولقبهم بألقاب سيئة وسخر منهم مراراً. والله المستعان.

فائدة

الكاتب في جريدة الوطن الأخ الكريم أحمد محمد الفهد كتب مقالا بعنوان (التحالف مع الشيعة) بتاريخ 11/1/2012 قال فيه بالحرف الواحد:

”لأنني أعلم التعاطف الكبير الذي يحظى به النائب السابق حسن جوهر ولأنني أدري أن الشيخ حمد سنان حامل لواء التحالف مع جوهر“

أقول: شكراً للأخ الفاضل أحمد الفهد على هذه المعلومة لكن السؤال: ما علاقة حمد سنان الإمام والخطيب في وزارة الأوقاف بالمرشح المذكور؟! الحمد لله الذي عافانا.

أخي القارئ الكريم تابعني في الأسابيع القادمة في التعقيب الجميل على مقابلة الدكتور نبيل ولعلها لن تكون الحلقة الأخيرة لأن المآخذ على مقابلته كثيرة. و الحمد لله أولا و آخرا و ظاهرا و باطناً و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه و سلم.

المقالات