موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

التعقيب الجميل على مقابلة الدكتور نبيل (٧)

21 ربيع الأول 1432 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا المقال السابع في التعقيب على مقابلة أجريت مع الدكتور نبيل العوضي غفر الله له ولوالديه وقد أخطأ في مسائل كثيرة فتعقبته في هذه المقالات فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل واليه أنيب:

التعقيب السابع عشر

أثنى الدكتور نبيل وفقه الله للتوبة النصوح على كثير من الفرق القائمة بالدعوة على عُجَرِها وبُجَرِها فقال:

”الحمد لله ينشرون العلم والخير بين الناس والدعوة الصحيحة فكلهم نافعون في مكانهم حتى من دخل في المجلس - الحمد لله - سواء تجمع سلفي أو الحركة السلفية أو غيرها. في الأصل أنهم «يوقفهم» الكتاب والسنة وهذا شيء طيب“ انتهى كلامه.

أقول: هذا الكلام باطل لمخالفته للواقع، إذ لو كانوا سلفيين كما زعمت لما اختلفوا فيما بينهم وانشق بعضهم عن بعض، ثم يا ليتهم كما وصفتهم بقولك «الأصل أنهم يوقفهم الكتاب والسنة» إذ لو كانوا كما زعمت لانْتَهت كثير من النزاعات القائمة بينهم وبين بعضهم وبين غيرهم، لكن الحقيقة أنهم وللأسف الشديد يتبعون أهواءهم وما تملي عليهم أحزابهم لذا تجدهم يتقلبون كثيراً في آرائهم فما كان بالأمس عندهم باطل أصبح اليوم حقاً ومن كان بالأمس عدواً أصبح اليوم صديقاً، وأكتفي بذكر بعض الأمثلة طلباً للاختصار.

  • المثال الأول: صدام حسين البعثي الهالك كان شيخك عبد الرحمن عبد الخالق يلقبه بـ «البطل الصنديد» و يعتذر له في قتله للأكراد بالكيماوي ويقول ليس هو الحاكم الوحيد الذي قتل شعبه، بل الملك عبد العزيز قتل أكثر منه. وهذا قاله أمام ملأ من الناس في ديوانية خالد السلطان وكنت أحد الشاهدين على كلامه بنفسي، فلما غزا صدامٌ الكويتَ سكت عن تزكيته فلما قُتل مشنوقاً قال: خلاص الرجل شهد أن لا إله إلا الله قبل أن يموت فلا نقول فيه شيئاً، والكلام مسجل بصوته صعب جداً أن ينكره، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

  • المثال الثاني: بعد أحداث مذبحة حماة التي استنكرها كل مسلم وربما كثير من الكفار دارت الدوائر والا بفرقة حماس ترتمي بأحضان دمشق وحاكمها البعثي العلوي المجرم ابن المجرم فسكتم على ذلك فلما حدثت الأحداث الأخيرة وأخذ نظام دمشق يسفك دماء الأبرياء من جديد من درعا مروراً بحمص و حماة الى القامشلي تذكرتم أنه بعثي و علوي و مجرم!!

  • المثال الثالث: حزب الله اللبناني الايراني أيدتموه لما أطلق بعض الصواريخ بل الألعاب النارية على اليهود كما ذكرت ذلك بنفسك يا دكتور نبيل في مقال منشور في جريدة الوطن بتاريخ 2008/2/24 قلت بالحرف الواحد:

    ”ومن بين تأييدنا لكل مقاومة ضد هذا العدو (أي اليهود) أيدنا وما زلنا نؤيد وقوف حزب الله اللبناني ضد هذا الكيان، وشكرنا وما زلنا نشكر لهم على أي دم يسيل من جنود العدو، وأي قذيفة تطلق في وجوههم. الغالبية في الكويت من السنة والشيعة يفرحون بقتال حزب الله للعدو الصهيوني، ومع علم الكثيرين من الكويتيين ضلوع بعض أفراد حزب الله في حوادث قتل وتفجير في الكويت الا أنهم لم يكونوا يثيرون هذه القضية أبداً“ انتهى بحروفه.

    ثم الآن بعد أحداث سورية تذكرت يا دكتور نبيل الله يهديك بأن حزب الله اللبناني حزب اجرامي ايراني!!

  • المثال الرابع: استنكرت في مقال لك يا دكتور نبيل وبشدة على كل من يمد يده للزعيم الفلسطيني ”محمود عباس“ وقلت بالحرف الواحد: ”أما محمود عباس فهو رجل خائن وعميل، وأي حكومة من حكوماتنا تتعامل معه فهي مثله“ انتهى من جريدة الوطن مقال بعنوان (عام الجهاد في سبيل الله) 2008/12/30، ثم لما زار محمود عباس الكويت مرة بل مرتين سكت ولم تستنكر على من استقبله وصافحه!! وأعجب من هذا لما تصالحت حركة حماس مع محمود عباس (زعيم فتح) لم نسمع منك حرفاً واحداً في استنكارك عليهم!!

  • المثال الخامس: لم نسمع منك يا دكتور نبيل ولا من التجمع السلفي ولا الحركة السلفية العلمية و لا فرقة الاخوان المسلمين كلمة واحدة في الانكار على زيارة بل زيارات فرقة حماس لايران وشكرهم المتكرر لزعمائها والترحم على مؤسسها وتقديم الزهور والورود لقبره وتلقيب مرشدها السابق بالأب الروحي «لحماس» ومرشدها الحالي بـ «أمير المؤمنين». والله المستعان.

أكتفي بهذه الأمثلة وأقول يا دكتور نبيل غفر الله لك و لوالديك متى تتقي الله عز و جل و تكف عن اتهام الآخرين بأقبح الأوصاف؟ بل قد تكون ومن تنتسب إليهم أولى بها و العياذ بالله. غير أنك و للأسف تصف نفسك ومن على طريقتك بأنكم كما تقول: ”انهم يوقفهم الكتاب والسنة“ وما هذه الا أماني و إلا أين وقوفهم للكتاب والسنة؟!

التعقيب الثامن عشر

قال الدكتور نبيل عصمه الله من الشيطان الرجيم في وصفه للسلفيين:

”لكن نبتت بينهم نبتة أهني (هنا) المشكلة...مرجئة العصر“ انتهى كلامه.

أقول: الغريب في الأمر أن الأخ المحاور وفقه الله تعالى حاول أن يثني الدكتور نبيل عن اطلاق هذا اللقب (مرجئة العصر) فقال:

”هؤلاء الناس (أي السلفيين) حريصون على عدم الخروج على ولي الأمر، ويهتمون كثيرا بقضية ولاة الأمر وعندهم الكثير من الأمور كالإهتمام مثلا في العقيدة وفي التوحيد، لماذا هذا الهجوم الصاخب يعني وصفتهم بوصف قد يكون من الصعب تحمله مرجئة العصر؟!“

انتهى كلام المحاور و الذي في الحقيقة يستحق الشكر والدعاء له بالخير على ما يظهر لي.

أقول: لكن للأسف لم و ربما لن يتوقف الدكتور نبيل غفر الله له ولوالديه عن الاعتداء و الاستطالة في السلفيين إلا أن يشاء الله فلقد أصر على الهجوم الظالم على الرغم من محاولة المحاور بايقافه فقال:

”....من هي؟ وليش ظهرت أصلاً؟ وهل هم حقاً سلفيين (الصواب: سلفيون)؟ هل هم حقاً ينتسبون للسلفية والسلفية الحقيقة؟ أو هم ينتسبون لهم أحياناً حق وأحياناً باطل؟ لهم خصائص راح اذكرها على السريع، راح اذكر عشرة كاملة“ انتهى كلامه.

أقول: الاحتقان ظاهر جداً عند الأخ الدكتور نبيل ما استطاع أن يخفيه و صدق من قال:

و مهما يكن عند امرئ من خليقة     و إن خالها تخفى على الناس تعلم

يا دكتور نبيل إذا كنت تظن أن الناس لا تعلم من تقصد بكلامك أو كنت تظن أن الناس لا يعلمون ما الذي حملك على هذا الهجوم السافر فأنت مخطئ، أما سمعت قول الله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (4)} [التغابن]؟، أما علمت قول الله تعالى: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ اذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: 108]؟، و أين أنت من قول الله تعالى: {وَاذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا} [الأنعام: 152]، و قوله تعالى: {وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: 8]، يا دكتور لقد اعتبرت بعض السلفيين أنهم نابتة وكأنك أنت الأًصل وهم خرجوا عليك ثم تشكك في سلفيتهم فتقول:

”هل هم حقاً سلفيون؟ وهل حقا ينتسبون للسلفية؟ والسلفية الحقيقية؟ أو هم ينتسبون لها أحيانا حقا وأحيانا باطلا؟“

وهذا كله بعد ان وصفتهم بأقبح البدع فقلت انهم «مرجئة» سبحان الله يا دكتور نبيل ألم تقرأ قوله تعالى: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} [المطففين].

يا دكتور نبيل ألا تخاف من الاثم؟ ألا تخشى ان يقتص الله تعالى للناس من حسناتك؟ أين أنت من حديث أتدرون من المفلس؟، نعم من حقك ان ترد على من يخالفك بالحجة والبرهان وتبين وجهة نظرك فهذا أمر مشروع فكل الناس راد ومردود عليه الا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن عليك أن تتقي الله فترد رداً علمياً لا أن تخرج الناس من السلفية لمجرد ردهم عليك وعلى مشايخك أو لأنهم خالفوك بآرائك ومنهجك، أخرج الخلال في السنة (1/ 373) رقم (513) عن الامام أحمد رحمه الله تعالى أنه قال: ”إخراج الناس من السنة شديد“.

يا دكتور نبيل الله يرضى عليك زِن ألفاظك فالله تعالى يقول: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ الَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)} [ق]، فهب أن شخصاً «ما» قال عنك «خارجي» فلا يجوز لك ان تقول عنه «يا مرجئ» فهذا محرم شرعاً كما قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:

”فلهذا كان أهل العلم والسنة لا يكفرون من خالفهم وان كان ذلك المخالف يكفرهم، لأن الكفر حكم شرعي فليس للإنسان أن يعاقب بمثله كمن كذب عليك و زنى بأهلك، ليس لك أن تكذب عليه و تزني بأهله، لأن الكذب و الزنا حرام لحق الله، و كذلك التكفير حق لله فلا يكفر إلا من كفره الله ورسوله...“

الى ان قال:

”...كما لو شهد شخص بالزور على شخص أو قذفه بالفاحشة كذباً عليه لم يكن له أن يشهد عليه بالزور ولا أن يقذفه بالفاحشة“ انتهى كلامه من كتاب الاستغاثة في الرد على البكري صفحة (252 و254).

فافهم هذا جيداً فالدنيا ليست آخر المطاف حتى تطعن بالناس كما يحلو لك.

يا دكتور نبيل والله الذي لا اله الا هو ما سمعت في حياتي قط أحداً ينطبق عليه قولك:

”يتهمون غيرهم من أكثر الجماعات بأنهم خوارج، اختلفت معاه (معه) «أنت خارجي» زعل عليك «أنت من الخوارج» انتقدت أي حاكم الحاكم اذا سمح لك ان تنتقده في البرلمان بأسلوب معين انتقدت حاكم (حاكماً) «صرت من الخوارج»“ انتهى كلامه.

أقول: إن كنت صادقاً فاثبت ما تدعيه، قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ ان كُنْتُمْ صَادِقِينَ (111)} [البقرة]، و الله تعالى يعلم و يشهد أن قولك هذا لا أساس له من الصحة. فمن أين نقلت عن السلفيين من يقول هذا الكلام الذي وصفتهم به؟!

وعلى سبيل المثال لقد كتبت أكثر من (220) مقالاً أكثرها ردود وتعقيبات على المخالفين وكل مقالاتي موثقة في موقعي فهل تستطيع يا دكتور نبيل أن تستخرج من مقالاتي سطراً واحداً لا أكثر وصفت فيه أحداً بأنه خارجي بمجرد خلافي معه أو لأنه اعتصم أو انتقد حاكماً أو ذكر رأيا؟! فإن وجدت ذلك فالحق معك و لك أن أعتذر لك علناً فإن لم تجد فأولى بك أن تتوب الى ربك توبة نصوحاً و لست بحاجة الى اعتذارك.

يا دكتور نبيل الله يغفر لك و لوالديك و لمشايخك أتدري متى سمعت في حياتي كلمة «خوارج»؟ أكيد لا تدري لذا سأخبرك، في عام 1400هـ - 1980م لما اقتحم الحرم المكي فئة ضالة باغية فعطلوا الصلاة في المسجد ما يقارب سبعة عشر يوماً و قتلوا من قتلوا، و روعوا المصلين، وكنت يومئذ في الثامنة عشرة من عمري حينها سمعت شيخك الأكبر عبدالرحمن عبد الخالق أحسن الله له الخاتمة يقول: ”مقتحمو الحرم خوارج“. إذا علمت هذا يا دكتور نبيل فهل تملك الجرأة في وصف شيخك عبدالرحمن بمعشار ما وصفت به السلفيين؟!

مع أنك قلت في المقابلة بالحرف الواحد:

”من هم الخوارج أصلا؟ الخوارج لهم أصول عقائدية يرتبط الأمر بالايمان، مفهوم الايمان عند الخوارج جزء واحد ما يتجزأ، يأتي كله ويذهب كله ولهذا عندهم من زنا كفر...هذا الغريب الخروج على ولي الأمر لا يرتبط بعقيدة الخوارج قد يخرج على ولي الأمر انسان وليس بالضرورة من الخوارج. هل كل من خرج على حاكم فهو من الخوارج؟ هذه مشكلة يظهر أنه ما فهم معنى الخوارج ولا أصول الخوارج ولا عقيدة الخوارج. هذه أول نقطة لازم ان يرجعوا الى تعلم العقيدة الصحيحة في البداية...فرق بين عقيدة الخوارج وبين من فعل بعض أفعالهم، وبهذا المفهوم راح نطلع بعض الصحابة من الخوارج وبعض التابعين نخليهم من الخوارج يطلع سعيد بن جبير من الخوارج، عبدالله بن الزبير يطلع من الخوارج، كثيرين من أئمة الهدى من الخوارج هذا خلل في العقيدة“ انتهى كلامه.

أعيد عليك السؤال يا دكتور نبيل لكي تستوعبه جيداً: هل الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق لما وصف ”جماعة جهيمان“ بالخوارج أصاب أم أخطأ؟ وهل عنده خلل في العقيدة كما تقول؟

أخي القارئ الكريم لم انته من التعقيب على مقابلة الدكتور نبيل العوضي فتابعني في المقالات القادمة بإذن الله تعالى. و الحمد لله أولا و آخراً و ظاهراً و باطناً و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

المقالات