بيان الحقائق لما اشتمل عليه منهج عبد الرحمن عبد الخالق (٦)
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فهذا المقال السادس في بيان منهج الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق – غفر الله له ولوالديه – من خلال مقابلة أُجريت معه في جريدة الوطن بتاريخ ٢٤-٢٥ جمادى الأولى ١٤٣٢ الموافق ٢٧ - ٢٨ / ٤ / ٢٠١١ فأقول وبالله استعين:
الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يخرج من السلفية من هدم قبراً يُعبد من دون الله تعالى!!
في المقابلة نفسها لما سأله المحاور:
”وإذا وقع هذا من سلفي [أي هدم الأضرحة وقطع أذن نصراني]؟“
فأجاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:
”لا يكون سلفياً، وليسوا بسلفيين من يفعلون هذا، ولا ينبغي أن ينسب هؤلاء إلى السلفية، وسلوا رؤوس السلفية في مصر ورموزها إن كان أحد منهم قد أفتى في يوم من الأيام بجواز هدم الأضرحة أو الاعتداء على نصراني، أم أنهم يجرمون هذا! كلهم يجرمون مثل هذه السلوكيات والشيخ محمد عبد المقصود وصف مثل هذه الأفعال التي نسبت إلى السلفيين زورا، بأنها جريمة ونحن نجرم من يفعلون هذا، فالسلفيون أهل دعوة فحسب وقد يرون أن عبادة القبور والذبح لها والتوجه إليها بالطواف حول القبر والادعاء بان صاحب القبر أو الضريح يخرج من قبره ليقضي حوائج الناس مما يفعله كثير من العامة وعند القبور في مصر، لا يجوز ولا يحل وهذا من قديم ومنذ قيام الشيخ محمد حامد الفقي بتأسيس أول جمعية سلفية في مصر تحت اسم «أنصار السنة»، التي تزامنت مع إنشاء جماعة الإخوان المسلمين عام 1928 وعلى الرغم من أن السلفيين في مصر ينكرون عبادة القبور ويحرمونها، فانه لم يقم سلفي واحد من أنصار السنة منذ تأسيسها وحتى الآن، بالاعتداء على قبر أو أنكروا هذا المنكر باليد، نعم ينكرون هذا المنكر باللسان لكن لا يتجاوزونه إلى استعمال اليد، وإذا وقع هذا من شخص ما يدعي السلفية فهو عمل يهدف إلى الإساءة للسلفيين“ انتهى كلامه.
أقول: سبحان الله!! يا مَن لُقِّبت زوراً بـ ((شيخ سلفية الكويت)) كيف جعلت هدم قبر يُعبد من دون الله تعالى موجباً للخروج من السلفية؟! والله لا أدري أي سلفية تعرفها ولا أي سلفية التي أخرجتَ ذلك الرجل منها!!
يا شيخ عبد الرحمن عبد الخالق – أصلحك الله – لقد غفلت عن ما ذكره الله في كتابه من تحطيم إبراهيم خليل الرحمن – عليه السلام – للأصنام التي كانت تُعبد من دون الله تعالى، كما قال عزّ وجلّ: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ (58)﴾ [الأنبياء].
وهل نسيتَ أن النبي – صلى الله عليه وسلم - حطّم الأصنام يوم الفتح وهو يقرأ قوله تعالى: ﴿وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)﴾ [الإسراء]. فكيف تقول ”إنها جريمة و نحن نجرم من يفعلون هذا“؟!
فإن قلتَ: ليس لأفراد الناس تحطيم القبور التي تُعبد من دون الله تعالى، وإنما ذلك لولي الأمر؟
فأقول: لقد خرج الناس على حاكم مصر وأجزتم ذلك لهم حتى أسقطتموه من أجل فساد الدنيا، فكيف تنكرون على مسلم موحد قام بهدم قبر يُعبد من دون الله تعالى؟!! بل وأخرجتموه من السلفية لمجرد فعله ذلك!!
يا شيخ عبد الرحمن لقد أفسدتك السياسة حتى بلغ فيك الأمر أن تتخبط هذا التخبيط فبطلان كلامك لا يخفى على طالب علم صغير.
فمَن ذا الذي يخفى عليه أن الشرك هو الظلم العظيم كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13)﴾ [لقمان]. بل أعظم ظلم الحكام اليوم هو سماحهم للشرك أن ينتشر بين المسلمين، وإذنهم لبناء القبور والقباب التي تُعبد من دون الله تعالى. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى – :
”ومما ينبغي أن يُعلم أن كثيراً من الناس لا يعلمون كون الشرك من الظلم، وأنه لا ظلم إلا ظلم الحكام أو ظلم العبد نفسه“ انتهى من كتاب جامع المسائل [المجموعة السادسة (ص 234)].
رحم اللهُ شيخَ الإسلام، والله كأنه يحكي واقعنا اليوم، فهؤلاء الدعاة الثوريون إذا قاموا بثوراتهم و هيجوا الشعوب فلا تسمع لهم كلمة واحدة بأن الدافع لهم طلب تحقيق التوحيد و إزالة الشرك بالله، و إنما يقومون بداعي ظلم الحكام والفقر والفساد و غير ذلك.
وأغرب من هذا إخراج السلفي من السلفية بمجرد اعتدائه على نصراني بقطع إذنه كما قيل، فسبحان الله!! هل يعلم الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق معنى الكلام الذي يخرج من رأسه؟! فوالله الذي لا إله إلا هو لو أن سلفياً اعتدى على مسلم سلفي تقي نقي فقطع أذنه ما كان ذلك سبباً لخروجه من السلفية، وإنما هذه معصية فحسب، فكيف نخرج سلفياً من السلفية بمجرد اعتدائه على رجل نصراني؟! هذا لو صح الخبر.
يا شيخ عبد الرحمن لقد جئت بطوام و تابعت الإخوان المسلمين في دعوتهم و منهجهم، وما زلت تزعم لنفسك السلفية، وتقبل أن يلقبوك بشيخ السلفية، وأنت تخرج الناس من السلفية من غير موجب لذلك، فهلا اتّقيت الله عزّ وجلّ؟ ثم لماذا تهون من أمر الشرك بقولك : ”فالسلفيون أهل دعوة فحسب و قد يرون أن عبادة القبور ... لا يجور و لا يحل“؟ كان الواجب أن تقول فالسلفيون يعتقدون أن عبادة القبور شرك أكبر مخرج من الإسلام و لا يغفره الله أبدا.
الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق لا يكاد يعترف بخطأ له وكأنه معصوم!!
قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق:
”أنا بحمد الله على الدين والمنهج والدعوة الذي كنت عليها منذ عرفت الدين، وأعوذ بالله أن أرجع القهقرى عن حق هداني الله إليه، ثم إني لا أذكر لي قولاً قلته ثم تراجعت عنه في كل حياتي العلمية، وليس هذا شرفاً وفضلاً؛ فإن أكابر علمائنا من الأئمة الأربعة وغيرهم كانوا يقولون القول ثم يعودون عنه إذا ظهر الحق بخلافه“ انتهى كلامه، [جريدة الوطن الكويتية تاريخ 30/5/2011م].
فتعقّبه الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين – وفقه الله – فقال:
”يقول [أي: عبد الرحمن عبد الخالق] : «لا أذكر قولًا قلته ثم رجعت عنه». وهذا يعني: إما أنه لا يخطئ! وهذا مستحيل؛ فهي دعوة فارغة ملحقة بتزكيته نفسه: ((العادة الذميمة))، وإما أنه يخطئ ويصرّ على خطئه فلا يرجع عنه، وهذه أقرب. ورحمةً به أذكّره باعتذاره للشيخ ابن باز رحمه الله بأنه «أخطأ خطأ بالغًا» وطلب منه العفو: ((واستميحكم عذرًا)) ردًّا على تعنيف الشيخ ابن باز له: ((فاقرأ إن كنت جاهلا بهم مجموعة ابن قاسم - الدرر السنية -، وفتاوى شيخنا محمد بن إبراهيم - رحمه الله - ، واقرأ ما كتبنا في ذلك في فتاوانا وكتبنا المنشورة بين الناس. ولا شك أن ما قلته عن علماء السعودية غير صحيح، وخطأ منكر، فالواجب عليك الرجوع عن ذلك، وإعلان ذلك في الصحف المحلية في الكويت والسعودية، نسأل الله لنا ولك الهداية والرجوع إلى الحق والثبات عليه، إنه خير مسئول“ [جريدة الوطن الكويتية- تاريخ: 24/ 6/ 2011].
أقول: صدق الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين - وفقه الله تعالى - ، فكلام الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق عن نفسه يلزم منه بأنه معصوم لا يخطئ.
وأضيف هنا فأقول: إذن يا شيخ عبد الرحمن ماذا تسمّي ما ردّ به عليك الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – ؟!
أليست أخطاء وانحرافات اعترفت بها وطبعتها ونشرتها بأمر من الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى – ؟! أم أنك تظاهرت أمام الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – بأنك تراجعت، وبعد وفاته أنكرت أن تكون قد تراجعت عن قول قلته في كل حياتك العلمية؟!
أخي القارئ؛ انظر غير مأمور ردّ الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – في مجموع الفتاوى (8/240).
الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق يزعم أن رسالة صغيرة من تأليفه كفيلة بالقضاء على التصوف الشركي في العالم أجمع!!
قال الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق – غفر الله له لوالديه – في ردّه على الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين – وفقه الله – بالحرف الواحد:
”وأنا أهيب بالشيخ إن كان على سيرته الأولى في محاربة الشرك والتصوف أن يطبع هذا الكتاب في مصر ويقوم بتوزيعه كما تطوع بطبع ((فضائح الصوفية)) قبل خمس وعشرين سنة فإن هذا الكتاب كفيل إن شاء الله بالقضاء على التصوف الشركي ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع إن شاء الله تعالى“ انتهى كلامه.
فلما تعقّبه الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين – وفقه الله - بقوله:
”دعواه بأن كتابًا يكتبه ((كرامات الصوفية)) : ((كفيلُ بالقضاء على التصوف الشركي في مصر والعالم))، وهذا ما لا يدعيه نوح عليه السلام بمنهاج وخُلُق الوحي (950) سنة، ولا النبي الذي يأتي معه الرجل والرجلان أو ليس معه أحد، بل لم يدِّعه أحد من رسل الله ودعاة الحق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وقال تعالى: ﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [القصص: 56]، إذ لم يستجب أبو طالب لابن أخيه خاتم النّبيين، ولا ادّعاه أحمد بن حنبل، ولا ابن تيمية وابن عبد الوهاب ولا ابن باز ومن بينهم رحمهم الله)“
فتعقّبه الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق بقوله:
”وقلت لك أن هذا الكتاب الأخير – كرامات الصوفية - كفيل إن شاء الله بالقضاء على التصوف في مصر والعالم العربي ولم تفهم معنى العبارة فقلت انظروا عبد الرحمن يدّعي ما لم يدّعه نوح والنبيون من بعده، وجهلت أنه قضاء حجة وبرهان لا قضاء وجود كما قال تعالى: ﴿بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ﴾ [الأنبياء: 18]، ولم يفهم أحد من الآية أن القرآن سينهي وجود الباطل في الأرض“ [جريدة الوطن الكويتية- تاريخ: 24/ 11/ 2011].
أقول: لولا أن الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين – وفقه الله – قال إنه اكتفى بما تعقّب به الشيخ عبد الرحمن لما تعقّبته بما سأقول، لذا أقول و بالله أستعين:
يا شيخ عبد الرحمن الإشكال ما زال قائماً في قولك بأن رسالتك (كرامات الصوفية) تقضي على الشرك في العالم أجمع قضاء حجة وليس قضاء وجود، لأن هذا كلام أيضا باطل، فالحجة قامت على العباد بإرسال الرسل وإنزال الكتب، لا برسالتك ولا رسالة غيرك، قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النساء: 165]، فهل هذا القول أخطأت به ويجب عليك أن ترجع عنه؟ أم ما زلت تعتقد في نفسك أنك لم تتراجع عن قول قلته في حياتك العلمية؟!
تراجع الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز عن تزكيته لجماعة (فرقة) التبليغ
أصرّ الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق – غفر الله له – على أن الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى – لم يتراجع عن تزكيته لجماعة (فرقة) التبليغ، و زعم – والعياذ بالله – بأن الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين يكذب على الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى - ، و قد ذكرت له نقلاً عن الدكتور سعد بن محمد الشويعر يؤكد أن الشيخ عبد العزيز بن باز مزّق كلَّ الأوراق التي تتعلق بجماعة (فرقة) التبليغ، والذي يظهر أن الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق لم يقتنع بذلك، وإلى كل من يغترّ بكلامه هذا النقل الموثّق عن الشيخ العلامة صالح بن فوزان آل فوزان – حفظه الله تعالى – الذي يؤكد فيه ما ذكره الشيخ سعد بن عبد الرحمن الحصين والدكتور سعد بن محمد الشويعر من تراجع الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى - ، قال الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – في كتابه ((إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للإمام البربهاري)) [2/229-232] :
”و كون الشيخ محمد بن إبراهيم رخّص لبعضهم في الدعوة في المملكة في أوّل الأمر، لأنّه لم يتبيّن له أمرهم، وقد ردّ عليهم ردّاً بليغاً لمّا تبيّن له أمرهم، كما في مجموع فتاواه [مجموع فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (1/227)] ، وقد اشترط عليهم الدعوة إلى التوحيد فلم يفوا بهذا الشرط، وكذلك كون الشيخ ابن باز أثنى عليهم في أوّل الأمر لأنّه لم يتبيّن له أمرهم، فلمّا تبيّن له أمرُهم تراجع عن ذلك، وقال: (لا يخرج معهم إلا من يريد أن يدعوهم إلى الحق والتوحيد، ويُنكر ما هم عليه من المخالفة) [مجموع فتاوى ومقالات للشيخ عبد العزيز ابن باز (8/296)] ، هكذا قال رحمه الله، مع أنّ صاحب البدعة لا يَقبل الدعوة، وكذا صاحب المنهج لا يتراجع عن منهجه الذي بايع عليه شيوخه“
هذا ما تيسر في بيان منهج الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق، و الله أسأل أن يهديه إلى رشده و يردّه إليه رداً جميلاً، و الحمد لله أولا و آخراً و ظاهراً و باطناً و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.