احذروا الدكتور «عاشق الحرية»
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان الا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما زالت سلسلة الضلالات التي تصدر عن ذلك الدكتور صاحب الآراء الشاذة «عاشق الحرية» مستمرة، كما وصف نفسه بذلك لما قال: «أنا أعشق الحرية»، وقال: «أنا عندي الحرية مقدمة على تطبيق الشريعة»!! وهذه الجملة بحروفها قالها شيخه الأكبر الدكتور يوسف القرضاوي، ومن المؤسف جداً ما سمعنا كلمة استنكار ولا نقد من الدكتور عجيل النشمي على تلك الطوام واكتفى بتوجيه كلمة عامة نصح فيها للدكتور بأن يعيد النظر ببعض أقواله الشاذة واتبع نصيحته بثناء عطر على جهود دكتور الضلالة «عاشق الحرية» ثم الآخر بدوره شكر الدكتور عجيل على نصيحته وانتظرنا منه توبة نصوحاً لكن للأسف لا شيء!!
و في هذه الأيام انتشر مقطع صوتي لصاحب الآراء الشاذة تفوّه كعادته بالباطل فقال بالحرف الواحد:
«جزء آخر من قضية الحرية بالنسبة لي هي الحرية المتعلقة بالتعبير، حرية التعبير من حق الناس ان تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي، الدعوة الى الافكار، الاعتراض على الدولة، الاعتراض على الحاكم، الاعتراض حتى على الاسلام، ما عندي مشكلة فيه، حتى الاعتراض على الله تعالى وعلى رسول الله - العفو - أليس هذا في القرآن الكريم؟ ألم يتكلم المنافقون بكلام سيئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ووضع هذا في القرآن الكريم هذا موجود هذا موجود» انتهى كلامه الأثيم.
وغريب جداً أن يصدر هذا الكلام من مسلم يشهد ألا اله الا الله وأن محمداً رسول الله، غريب جداً ان ينطق به من رضي بالله رباً وبالاسلام ديناً وبمحمد رسولاً، وذلك لأن كلامه أشبه ما يكون بكلام الزنادقة والمنافقين - نسأل الله العافية - لكن ماذا نتوقع من رجل رضع الحضارة الغربية وأعجب بها وتربى في أحضان أهلها ويعشق الحرية، ويراها مقدمة على تطبيق شريعة رب العالمين؟!
فلا أدري أين هذا المفتون بآرائه الشاذة من قوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24)} (محمد)، بل قد يكون لا يقرأ القرآن فضلاً عن ان يتدبره وإلا كيف يعقل ان يقول هذا القول القبيح الذي قد يصل الى درجة الكفر، وهو يقرأ قوله تعالى {وَاللَّهُ يَحْكُمُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (41)} (الرعد)، وقوله {لا معقب لحكمه}، خبر بمعنى النهي أي لا تتعقبوا حكم الله تعالى وهذا أبلغ اذ جعل الأمر مفروغا منه فلا يجوز بحال من الأحوال ان يعقب أحد على حكم الله تعالى.
وهل قرأ الدكتور ذو الفكر الشاذ قوله تعالى: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (149)} (الأنعام)، فحجة الله الكاملة التامة المطلقة البالغة في الحسن أكمله لله وحده لا شريك له، فما وجه حرية الاعتراض على الله تعالى كما يقول الدكتور؟
وكيف فات «عاشق الحرية» اسم الله تعالى «الحكيم» الذي سمى الله به نفسه وذكره في كتابه عشرات المرات؟! وحكمة الله ظاهرة في خلقه و قدره و شرعه لا تخفى الا على من أعمى الله بصيرته، قال تعالى: {فَانَّهَا لاَ تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46)} (الحج).
ثم أين الدكتور «عاشق الحرية» مما وصف الله تعالى به عباده المؤمنين بقوله { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ اذَا دُعُوا الَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ان يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (51)} (النور)، وقوله: {وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَالَيْكَ الْمَصِيرُ (285)} (البقرة).
والله أعلم ان كان الدكتور قد قرأ قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ اذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا ان يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُبِينًا (36)} (الأحزاب)، ورضي الله عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فوالله ما رفعهم الله تعالى الا لطاعتهم المطلقة لله ورسوله واقتدائهم التام لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولو لم يعلموا لماذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الحديث عن أبي سعيد، ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه فصلى الناس في نعالهم، ثم ألقى نعليه فألقى الناس نعالهم وهم في الصلاة، فلما قضى صلاته قال: «ما حملكم على القاء نعالكم في الصلاة؟» قالوا: يا رسول الله، رأيناك فعلت ففعلنا فقال: «ان جبرائيل عليه السلام، أخبرني ان فيها أذى، فإذا أتى أحدكم المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه أذى و إلا فليصل فيهما» (السنن الكبرى للبيهقي - كتاب الصلاة - جماع أبواب الصلاة بالنجاسة وموضع الصلاة من مسجد وغيره - باب من صلى وفي ثوبه أو نعله أذى أو خبث لم، حديث: 3801).
فانظر وتأمل وتدبر حال أولئك الصحب الكرام نزعوا نعالهم لمجرد رؤيتهم النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك من غير معرفة الدافع لنزعه نعله، فرضي الله عنهم وأرضاهم.
وعلى كل حال لا يجوز الاعتراض على الله تعالى لقوله تعالى: {لاَ يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} (الأنبياء)، ولنعلم جميعاً ان أول من سنَّ الاعتراض على الله تعالى هو عدو الله ابليس كما ذكر الله تعالى في كتابه أنه قال: {قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (61)} (الاسراء)، وقال: {قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12)} (الأعراف)، ثم تبعه بذلك المشركون والمنافون والزنادقة واليهود والنصارى الظانون بالله ظن السوء، واليوم وللأسف الشديد على طريقهم هذا الدكتور «عاشق الحرية» اسأل الله ان ينجيه مما هو فيه.
وأقول: كذلك الأمر بالنسبة للاعتراض على رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مُبَلِّغٌ عن الله تبارك وتعالى كما قال جل وعلا: {وَمَا عَلَى الرَّسُولِ الاّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (54)} (النور)، وقال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) ان هُوَ الاَّ وَحْيٌ يُوحَى (4)} (النجم).
وأقول أيضاً: تناقض الدكتور «عاشق الحرية» في كلماته التي لا تتجاوز عشرة أسطر أكثر من مرة، فهو يقول: «من حق الناس ان تقول ما تشاء في غير الفساد الأخلاقي» ثم قال: «الاعتراض حتى على الاسلام ما عندي مشكلة فيه حتى الاعتراض على الله تعالى وعلى رسول الله» انتهى كلامه.
فانظر أخي القارئ يلزم من كلامه ان الاعتراض على الاسلام والاعتراض على الله ورسوله ليس من الفساد الأخلاقي!! فإن كان يقصد بالفساد الأخلاقي الاعتداء على أعراض الناس، فليعلم بأن الاعتراض على الله ورسوله وأحكام الاسلام أشد حرمة من الاعتداء على أعراض الناس.
ثم يتناقض الدكتور «عاشق الحرية» فيقول:
«أليس هذا في القرآن الكريم؟ ألم يتكلم المنافقون بكلام سيئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ووضع هذا في القرآن الكريم، هذا موجود هذا موجود» انتهى كلامه.
فأقول: كلام المنافقين السيئ في حق النبي صلى الله عليه وسلم الذي ذكره الله في القرآن انما ذكره على سبيل الذم للمنافقين وليس على سبيل مشروعية حرية التعبير كما زعم دكتور الحرية، لكن ماذا نقول عن دكتور بلغ في الجهل المركب ذروته؟! نسأل الله العفو والعافية.
وأخيراً أتوجه بالسؤال للدكتور عجيل النشمي عميد كلية الشريعة (سابقاً) وأمين رابطة علماء الخليج، والشيخ عبدالرحمن عبدالخالق شيخ السلفية الاخوانية، والشيخ حامد بن عبدالله العلي الأمين العام للحركة السلفية الاخوانية العلمية (سابقاً)، والدكتور جاسم المهلهل الياسين (الأمين العام للأمانة العامة للعمل الخيري لجمعية الاصلاح الاجتماعي)، وعضو الحركة الدستورية الاسلامية (حدس)، والدكتور محمد عبدالغفار عميد كلية الشريعة (سابقاً)، والدكتور خالد المذكور رئيس لجنة استكمال الشريعة، ودكاترة الشريعة التكفيريين منهم وغير التكفيريين و إلى كل المشتغلين والمهتمين بالعلم الشرعي: ما حكم الدكتور «عاشق الحرية» الذي ما عنده مشكلة بحرية التعبير في أن يقول الناس ما يشاؤون في الدعوة الى الأفكار والاعتراض على الاسلام والاعتراض على الله ورسوله؟
أفتونا مأجورين، وننتظر منكم الجواب الشافي وجزاكم الله خيراً.
والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.