رد الإساءة بالإحسان في التعقيب على الدكتور خالد السلطان (١)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ، أما بعد:
فلقد قرأت مقالاً للدكتور خالد سلطان السلطان وفقه الله للهدى وقبول الحق بعنوان «عمر مرسال (الطويل) (قصير)» فما وجدت فيه رداً علمياً نزيهاً ولا تعقيباً سنياً قويماً كما كنت اتوقعه منه ويتوقعه كل قارئ لأنه يفترض بالدكتور خالد ان يكون سلفياً منصفاً يهمه ان يعرف الحق ليتبعه ولو صدر من عدوه فكيف اذا قاله اخوه؟!
والدكتور خالد هداه الله للصدق ولج بنفسه مكانا ضيقا ولا اظنه باذن الله تعالى الا سيندم و يلوم نفسه لأن معدنه طيب و اعتقاده سليم احسبه كذلك والله حسيبه ولا أزكي على الله أحداً من خلقه. فأقول وبالله استعين وعليه اتوكل واليه انيب:
لقد اعرض الدكتور عما انتقدته على جماعته وكأنه لم يقرأ ما كتبته عنهم فهو أحد رجلين اما أنه يوافقني على صحة ما انتقدت به جماعته أو أنه عجز عن الرد فاختار ان يستعمل معي قاعدة «خير وسيلة للدفاع الهجوم».
ولا شك ان من حقه ان يرد علي وعلى غيري فكل الناس راد و مردود عليه الا رسول الله صلى الله عليه وسلم المعصوم والمؤيد بالوحي المبين لكن الواجب على الدكتور وغيره ان يتقي الله عز وجل في الرد والتعقيب فلا يجوز له أن يرمي الناس بالباطل ويتهمهم بما هم منه براء كما يجب عليه أيضا ان يتنزه عن الطعن والقذف فهذا حرام كما لا يخفى.
و مما يؤسفني جدا ان الدكتور اصلح الله حاله لم يتحر الدقة ولم يتثبت مما رماني وتوعدني به. وأيم الله ما غير كلامه في شيئا سوى أنني تأكدت اكثر من ذي قبل ما عليه القوم من العصبية للجماعة وعدم قبولهم للنصيحة وعدم اتساع صدورهم للنقد. وكان الواجب عليه ان يضبط نفسه ويجعل ولاءه للكتاب والسنة لا لأي شيء آخر. وأيضا يؤسفني جدا ان الدكتور خالد السلطان بعد ما كان يتظاهر لي ولغيري بالاحترام والتقدير ولين الجانب إذا به في مقاله الاخير يرد علي -سامحه الله- بأسلوب فظ غليظ وكأنني عدوه المبين.
نعم لم أقل في حياتي قط ان البيعة يدعى لها جميع الاتباع وهذا هو المنطق الذي يفعله كل من عنده بيعة سرية فلا يدعون اليها الا من وثقوا به وخضع لبعض الاختبارات التي تدل على قدرته على حفظ العهد والاسرار. وليس من العقل ولا المنطق ان يدعى لها الصغار أو المبتدئون الجدد أو المشكوك فيهم لذا لما قلت يا دكتور في المقال الاول: (فالعجيب انني لم اتلق طوال هذا العمر المديد ما يدعيه البعض من البيعات) انتهى. كانت هذه محاولة منك لنفي وجود البيعة أصلا لكن الاعجب من ذلك أنك عدت واعترفت بوجودها فقلت في المقال الثاني بالحرف الواحد: (....امراً قد انقضى وانتهى أليست اجتهادات خاطئة وتراجع اصحابها واسكتوا عنها ونحن بحمد الله ممن ينكرونها سرا وعلانية ألا يكفيك يا شيخ سالم هذا الاعتراف بالترك والتراجع فبدلا من ان تحمد الله على تصحيح اخوانك لأخطائهم فتقوم باتهامهم بها بين الحين والاخر؟ ذنب استغفر صاحبه منه فلماذا تذكر المذنب بذنبه بعد ان تاب منه وعنه يا بو سعد؟!) انتهى . ولو أنك من البداية قلت نعم قد كانت عندنا بيعة ثم تركناها لارتحت و أرحتنا معك على كل حال اعترافك اكد حقيقة وجود بيعة في جماعتكم وذلك ما كنا نبغي.
وقولك يا دكتور خالد اصلح الله لك سريرتك وعلانيتك: (هل من سمة المؤمنين الصادقين تعيير اخوانهم بذنوبهم؟! ان كان هذا منهجا أنت ترتضيه فأنا لا أرتضيه ديانة) انتهى. وهذا حسن لكن للأسف سرعان ما نقضت كلامك فقلت مباشرة: (ولكني سأركب مضطرا الى سفينتك التي ابحرت بها للتهجم على اخوانك بشيء تبرؤا منه وسأذكرك بشيء أنت تذكره جيدا) انتهى.
أقول سبحان الله بما أنك لا ترتضيه ديانة لماذا تفعله؟ وأنت لست مضطرا اليه. فان كان قصدك الدفاع عن جماعتك فيكفيك ان ترد ردا علميا تفند فيه كلامي وكان الله غفورا رحيما. وان كنت ترى أنك فعلا مضطر- كما تفضلت- فلا بأس لكن لا يحل لك ان تتقول على الناس بغير الحق فهذا حرام ديانة وعيب أدبا وعرفا وذوقا أليس كذلك؟
وقولك يا دكتور (بأني أحد رموز الامر بالمعروف والنهي عن المكر «باليد») هذا ادعاء يحتاج الى اقامة البينة عليه. أما عن نفسي فاقسم بالله العظيم لم اكن يوما من الايام اجيز تغيير المنكر باليد لمن لا سلطة له في ذلك وها أنا نفيت واقسمت فهل تملك يا دكتور خالد بينة على ما تقول؟ اخشى أنك اعتمدت على تقرير صدر من جماعتك ضدي فصدقته من غير تثبت؟! وهذا لا يجوز شرعا أليس كذلك؟
غريب جدا و غير لائق في حقك يا دكتور خالد ان تنكر على اخوانك قيامهم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر! وكان يتوقع منك ان تقول جزاهم الله خيرا على ما قاموا به من حفظ اعراض المسلمين والذب عنها. والاغرب من ذلك ان تصدق ما يقوله الفساق والفجار في حق اخوانك.
لست نادما على ما قمت به من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر واحتسب الاجر والثواب عند ربي في يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
لا ابرئ نفسي ولا اخواني من الوقوع في بعض الاخطاء فكل عمل أو نشاط لابد ان يعتريه اخطاء وقصور وهذا لا يعيبنا والحمد لله.
ما كنت اتوقع منك يا دكتور ان تتلفظ علي بقولك: (بأنك كنت أحد رموز الامر بالمعروف والنهي عن المنكر باليد في خيطان ومخفرها شاهد على هذا (السفه الكبير) انتهى. اقول: سبحان الله ألا تعلم ان (سباب المسلم فسوق)؟! غفر الله لك ولوالديك.
للعلم يا دكتور الحمد لله ما علي أي قضية في مخفر خيطان لا ضربت أحدا ولا ضربني أحد واقسم بالله أيضا على صدق ما أقول. وهذا قسمي فأين بينتك على ما تقول؟ والله يا دكتور لقد اذنت لك ان تكشف رقم القضية وتاريخها ومسماها فان كنت تملك ذلك ووجدت اثرا للقضية فمن حقك ان انشر اعترافا على صحة دعواك. لكن يا دكتور اذا لم يثبت علي من ذلك شيء فماذا أنت فاعل؟
أما قولك (من كان حولك من اصحاب الفكر التكفيري ومنهم من كان معتقلا في سجون غونتاناموا وتحرر منها قريبا) انتهى فأقول: هذه محاولة يائسة منك يا دكتور وربما أردت من ورائها الانتقام لمجرد انتقادي لجماعتك. والذي يظهر لي ان كلامك ليس لله وانما هذه حمية كحمية الجاهلية للدفاع عن جماعتك فحسب! فأسأل الله ان يغفر لك.
أخي الدكتور خالد لقد علم القاصي والداني بأني من اشد الناس حربا على التكفيريين وهم يحاربونني بكل وسيلة فكيف توهم الناس بأني احمل عقيدة التكفير فتقول: (من كانوا حولك من اصحاب الفكر التكفيري)؟! فأنت يا دكتور اما أنك لا تعرفني أو قد كذب عليك من اخبرك فصدقته. وبامكانك ان تراجع موقعي وتقرأ ما كتبته في الرد على التكفيريين ولعلك سمعت بمناظرتي المشهورة مع أحد غلاة التكفير بعد ان اعتذر عن مناظرته مشايخ جماعتك واستطاع ان يشوش على بعض الشباب فاضطر الاخوان سامي سعد بلال والدكتور راشد العميري ان يستعينا بي بعد الله تعالى لمناظرته. وبالفعل تمت مناظرته ودحرته بحمد الله وخرج ولم يعد وارحتكم منه والان جئت تتهمني بأن من حولي تكفيريون! سامحك الله.
وأما قولك ومنهم من كان معتقلا في سجون غونتاناموا فهذه أيضا محاولة يائسة اخرى لمجرد التشويش والتشويه، يا اخي لا يوجد أحد من طلابي خرج الى الجهاد المزعوم ولا اعتقل في غونتاناموا. وانما اعرف رجلا واحدا فقط لا غير وكنت قد فارقته منذ اكثر من عشر سنوات لبعض سلوكياته ولم يكن لا تكفيريا ولا جهاديا آنذاك ولكن بعد مفارقتي له تعرف إلى اصحاب ذلك الفكر وهم عصبة ممن انشقوا عن جمعية احياء التراث وكان معهم فتأثر بهم ثم خرج الى افغانستان ثم اعتقل في غونتاناموا.
وأما قولك: (فان كنت ترغب ان اذكرك باسمائهم وعناوين بيوتهم وارقامهم المدنية أيضا فلا مانع لدي) انتهى. أقول: نعم والله ارغب وبشدة أيضا واتمنى ذلك واشكرك وادعو لك اعلنهم في وسائل الاعلام. وأنا على يقين بأنك لا تملك ذلك وارجو ان تكون مخطئا أو متوهما وألا تكون قد تعمدت الكذب وحاشاك يا دكتور ان تكذب لكن الاقرب أنك متوهم. والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا ستفعل اذا تبين لك أنك مخطئ؟
يا دكتور لي طلب عندك ارجو من الله تعالى ان يوفقك لتحقيقه لي وهو: ان تحدد لي من خلال مقالي السابق ما هي النقاط التي لا توافقني عليها. لأني قد افهم ويفهم غيري من عدم ردك أنكم تقرون بصحتها أو عاجزون عن الرد عليها. اذ ليس من المعقول و أنتم جماعة كبيرة و عندكم كوادر و مشايخ أنكم ما استطعتم الرد على مقال واحد ردا علميا! الا اذا كانت المآخذ صحيحة أليس كذلك؟
أخي القارئ للحديث بقية تابعني في الاسبوع القادم ان شاء الله تعالى والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.