تناقضات الدكتور طارق السويدان لا يوافقها الشرع و لا يقبلها العقل
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فلقد نشرت جريدة «الوطن» مقابلة أجريت مع الدكتور طارق السويدان وفقه الله لهداه بتاريخ 4-5 جمادى الآخرة 1433هـ، الموافق 25- 26/ 4/ 2012.
وجاءت هذه المقابلة بعد ما أثاره أخيراً وقرره بأن من حق الناس أن يعترضوا على الله ورسوله، ومن المؤسف جداً أن الدكتور طارق السويدان على الرغم من الردود التي أنهالت عليه المناشدات له من أقرب الناس الذين ناشدوه بها لكي يتراجع عن قوله أو يوضح قصده أو أضعف الإيمان أن يعدل العبارة التي في الحقيقة جرحت مشاعر كثير من المسلمين واستشكلها الموافق له قبل المخالف، وإلا به يُصرّ على أخطائه ويضيف إلى أخطائه أخطاء جديدة فلا أدري إلى متى يتمادى هذا الدكتور؟ أسأل الله أن يهديه إلى صراطه المستقيم.
وإليك أخي القارئ الكريم بيان تلك التناقضات فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل وإليه أنيب:
التناقض الأول
قال الدكتور طارق السويدان عبارتين اثنتين: الأولى التي انتقدت عليه قال فيها:
(جزء آخر من قضية الحرية بالنسبة لي هي الحرية المتعلقة بالتعبير، حرية التعبير، من حق الناس أن تقول ما شاء في غير الفساد الأخلاقي، الدعوة إلى الأفكار، الاعتراض على الدولة، الاعتراض على الحاكم، الاعتراض حتى على الإسلام، ما عندي مشكلة فيه حتى الاعتراض على الله تعالى وعلى رسول الله- العفو- أليس هذا في القرآن ألم يتكلم المنافقون بكلام سيئ عن النبي صلى الله عليه وسلم ووضع هذا في القرآن الكريم، هذا موجود، هذا موجود) انتهى كلامه.
العبارة الثانية التي قالها في المقابلة والتي أراد بها توضيح العبارة الأولى قال فيها:
(إذا اعترض المسلم على كلام الله ورسوله فقد كفر) انتهى كلامه. فانظر رعاك الله إذا كان الاعتراض على الله ورسوله كفر فكيف يحق للناس أن يعترضوا على الله ورسوله؟! أليس هذا تناقضاً لا يوافق الشرع ولا يقبله العقل؟! فيا ليت الدكتور طارق السويدان هداه الله لرشده يواجه الحجة بالحجة، كما زعم لنفسه ذلك.
فالسؤال الآن يا دكتور طارق كيف جعلت الكفر حقاً من حقوق الناس؟ وسأمهلك سنة كاملة إن أحيانا الله تعالى وإياك لتدلي لنا بحجتك الشرعية الصحيحة أو العقلية الصريحة بأن من حق الناس الاعتراض على الله ورسوله ومن اعترض على الله ورسوله فقد كفر، وإنا إن شاء الله لمنتظرون؟
التناقض الثاني
قرر الدكتور طارق السويدان هداه الله لهداه في المقابلة أن السبَّ والاعتداء على ذات الله تعالى والمقدسات جريمة كبرى فعندما سأله المحاور: ألا ترى أن عقوبة «الإعدام» أمر خطير جداً؟ فقال بالحرف الواحد:
(بالطبع لكن ماذا تفعل مع الشاتمين والمجترئين والمستهزئين بالمقدسات، هؤلاء يستحقون العقوبة حتى إن وصلت إلى الإعدام أو التوسع فيها) انتهى كلامه.
انتبه أخي القارئ الكريم لكلام الدكتور طارق السويدان يقول: ”حتى وإن وصلت إلى الإعدام“، وهذا كلام جميل لا غبار عليه لكن قال في تتمة كلامه مباشرة من غير فاصل الكلام الآتي بحروفه: ”وإنما أرجو أن تواجه مثل هذه الأمور والحالات بالفكر والحجة والتربية ومن يقترف إساءة أو سخرية بالمقدسات فلا بد أن يعاقب لكن الإعدام عقوبة أكثر من اللازم“ وقال بالحرف الواحد أيضاً: ”لذا لا بد من عقوبة أرى ألا تصل إلى الإعدام“. ثم قال في المقابلة نفسها بالحرف الواحد:
ولذلك فأنا مع الإعدام في قضايا الاغتصاب والمخدرات كرادع مهم لكل من يفكر في ارتكاب هذه الجرائم، والواقع أن الإساءة إلى المقدسات عندي أعظم من هذا كله. فيجب أن تكون هناك عقوبة رادعة وشديدة على أن يحدد درجتها وقوتها: الواقع والقضاء. وألا تكون عقوبة واحدة على الجميع، وتختلف من التائب إلى المصرّ. أنت إذا أسأت إلى والدي فهذه مشكلة فكيف بمن يسيء إلى مقدساتي إذن لا بد من عقوبة ولكن بدرجات مختلفة وأكرر ألا تصل إلى حد الإعدام) انتهى كلامه.
فانظر أخي القارئ الكريم هذا الكلام الذي لا يوافقه الشرع ولا يقبله العقل فسبُّ الله تعالى هو أكبر الإساءات على الإطلاق، فهو كفر أكبر وردَّةٌ عن الإسلام، ومن سبَّ الله تعالى يستحق القتل بالإجماع، والدكتور طارق يقول إن عقوبة الإعدام في حقه أكبر من اللازم وأرجو ألا تصل العقوبة إلى حد الإعدام، بينما وافق على أن تكون قضايا الاغتصاب والمخدرات التي هي كبيرة من الكبائر عقوبتها القتل أو الإعدام؟!
سبحان الله العظيم حقاً كلام الدكتور طارق السويدان عجيب.
التناقض الثالث
الدكتور طارق السويدان حفظه الله من الأهواء يقول عن نفسه ”حد الردة قضية فقهية شرعية ولست من أهل الاختصاص فيها“ انتهى كلامه، سبحان الله إذا كنت لست من أهل الاختصاص في المسائل الفقهية الشرعية فلماذا تتكلم فيها وفي غيرها من المسائل الكبيرة؟! بل وتخالف بذلك نصوص الكتاب والسُّنَّة؟ أليس هذا من أكبر التناقضات التي لا يوافقها الشرع ولا يقبلها العقل؟ قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا (36)﴾ [الإسراء]، ويقول تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)﴾ [الأعراف]، ويقول تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)﴾ [النحل]، وروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «.... ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت» [صحيح البخاري- كتاب الأدب، باب: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره- حديث: 5679].
فالواجب على الدكتور طارق وغيره أن لا يتكلم إلا عن علم ودراية لا مجرد الثقافة، أما أن تقول هذا رأيي وهكذا أفهم وهذا خلاصة ما قرأته فهذا لا يجوز لك شرعاً وغير مقبول عقلاً، لذا تكرر منك هذا التخبط فقلت ”إن حد الردة في الإسلام هو حد سياسي وليس دينياً، وإنه لم يطبق إلا على من حمل السلاح على الأمة“ انتهى. ولا شك أن هذا الكلام باطل محدث بدعة نكرة إذ ليس من دين الله تعالى شيء يقال له حكم سياسي وليس دينياً، ولعلك قرأت هذه الكلمة في بعض كتب المفكرين غير الشرعيين وجئت تكررها من غير أن تستوعب معناها، فالصحابة لما أقاموا حد الردة على المرتدين ومنهم من لم يقاتل ولم يحمل السلاح، ما قالوا هذا حكم سياسي وليس دينياً.
التناقض الرابع
ذكر الدكتور طارق السويدان وفقه الله للحق أن الحرية مقدسة!! مع أنه في المقابلة نفسها قال: ”إن الاعتراض على الله ورسوله كفر“، فهل الدكتور يقدس الكفر؟! حتماً سيكون جوابه بالنفي، وهذا ما يحملنا حسن الظن أن نقوله فيه، ولكن أليس من التناقض الذي لا يوافقه الشرع ولا يقبله العقل أن يقول الدكتور طارق إنه يقدس الحرية ومن الحرية الاعتراض على الله ورسوله ثم يصف ما قال بأنه مقدس عنده بـ «الكفر» إن هذا لشيء عجاب!!
و أقول أيضاً: ما الدليل من الكتاب والسنة بأن الحرية مقدسة كما تقول؟ هل تستطيع أن تذكر لنا آية من القرآن أو حديثاً من السنة يدل على قدسية الحرية؟ هذا ما ننتظره منك يا دكتور. ثم إتماماً للفائدة أنقل هنا كلاماً للدكتور طارق غفر الله له ولوالديه ليطلع عليه القراء الكرام ليتبين مدى التخبط الذي بلغه يقول:
”أنا لا أتفق مع الشيعة في الأصول والفروع أنا أختلف معهم- العفو- بعض الناس يعطيني محاضرات أنا- العفو- مسوي أبحاث وناشرها ارجعوا إلى ألبومي عن مختصر العقيدة الإسلامية وكتابي عن مختصر العقيدة الإسلامية فيما تعلمته من أستاذي الدكتور عمر الأشقر وغيره من العلماء الكبار فكتبته وعرضته على الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله وأقره ما في أحد أنا أعرف الشيعة وأقول كلمة صريحة جداً جداً أنا لا أتفق مع الشيعة لا في الأصول ولا في الفروع، في كثير من الأشياء أخالفهم فيها لكني مستعد أن أضحي بحياتي من أجل حماية عبادتهم وحماية حريتهم، هكذا أفهم الدين هكذا علمني الدين، فأرجوكم كلامي ليس منطلقاً من جهل أو عدم معرفة بهم أنا أعرفهم وعندي مكتبة شيعية كاملة، أعرفهم تماماً وأعتبرهم من المسلمين وأخلفهم وأحمي حريتهم الإنسانية والدينية أحميها“ انتهى كلامه بحروفه.
فتأمل هذه الجملة من المتناقضات في كلام الدكتور طارق وفقه الله إلى الصواب، فهو يقر بأنه يخالف الشيعة في الأصول أي العقيدة وأنه على علم ودراية ويعرفهم تماماً ومعلوم ما عند الشيعة من مخالفات في العقيدة لعقيدة أهل السنة والجماعة، ويقول بأن عنده مكتبة للشيعة ولا يحتاج إلى من يعطيه محاضرات عن الشيعة، وأنه قد كتب بحوثاً في العقيدة ومع هذا كله يقول: ”لكني مستعد أن أضحي بحياتي من أجل حماية عبادتهم وحماية حريتهم“.
أقول: سبحان الله إلى هذه الدرجة حياتك عندك رخيصة تضحي بها من أجل قومٍ لا توافقهم لا في الأصول ولا في الفروع نسأل الله السلامة والعافية، لكن الذي يخفف من هول الصدمة مما نسمع من كلام الدكتور طارق أصلح الله سريرته وعلانيته أنه قال في نهاية كلامه: ”هكذا أفهم الدين هكذا علمني الدين فأرجوكم كلامي ليس منطلقا من جهل أو عدم معرفة بهم“.
فأقول: الحمد لله هذا اعتراف منه بأنه فهمه الخاص للدين لا لأنه مستند إلى أدلة الكتاب والسنة ولا مستنداً إلى أقوال أهل العلم فتأمل هذا جيداً لتعرف الحقيقة.
التناقض الخامس
الدكتور طارق السويدان وفقه الله للتوبة النصوح ذكر مراراً بأنه ألّف كتاباً في العقيدة بعنوان مختصر العقيدة الإسلامية وقدم له الشيخ الدكتور عمر الأشقر وإنما يذكر ذلك للتدليل على صحة عقيدته.
فأقول: يا دكتور طارق كلامك هذا وتكرارك إياه يذكرني بقول القائل «كاد المريب يقول خذوني»!! وللعلم كتابك المذكور ما هو إلا ورقات وهو على اسمه «مختصر» وليس مرجعاً في العقيدة وكون الدكتور عمر الأشقر قدم له قبل أكثر من 37 سنة فلا يعني ذلك أنها تزكية مطلقة لعقيدتك لذا أنصحك أن تراجع الشيخ الدكتور عمر الأشقر أو غيره وتعرض عليه المسائل التي أخذت عليك كقولك «يحق للناس الاعتراض على الله ورسوله»، وقولك «الحرية مقدمة على الشريعة» وكقولك «أخالف الشيعة في الفروع والأصول ومستعد أن أضحي بحياتي من أجل حماية عبادتهم وحماية حريتهم» إلى غير ذلك لعلك تظفر بنصيحة ينفعك الله تعالى بها.
ثم يا دكتور طارق هداك الله لعقيدة أهل السنة إذا كنت كما تقول عن نفسك تعتقد العقيدة الصحيحة وأن شيخك الدكتور عمر الأشقر فما بالك تمدح وتثني على الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي الصوفي الأشعري نصير النظام البعثي، فهو على عقيدة مخالفة لعقيدة الشيخ الدكتور عمر الأشقر؟ أليس هذا هو التناقض بعينه فمن هو شيخك وأستاذك في العقيدة الأول أم الثاني؟
وسؤال آخر: إذا كنت على عقيدة أهل السنة والجماعة والتي كتبت فيها كتاباً في العقيدة فما السر في علاقتك الحميمة والمميزة مع كل من الحبيب الجفري والدكتور عدنان إبراهيم والدكتور محمد العوضي وأمثالهم ممن هم على خلاف عقيدة الدكتور عمر الأشقر؟!
وسؤال أخير: وماذا عن دفاعك عن عقيدة الأشاعرة والماتوردية وزعمك أنهما يمثلان ٩٠٪ من أهل السنة؟!
غرائب وعجائب وتناقضات هذه بعضها، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.