موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

رد الإساءة بالإحسان في التعقيب على الدكتور خالد السلطان (٣)

7 رجب 1433 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فهذا المقال الثالث في التعقيب على الدكتور خالد بن سلطان السلطان غفر الله له ولوالديه وللمسلمين، فأقول وبالله أستعين وعليه أتوكل واليه أنيب قبل كل شيء فاني أعاهد الله تعالى ألا أرد على الباطل الا بالحق وأعاهد الله تعالى ألا أرد على الكذب الا بالصدق، {وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مسؤولا (15)} [الأحزاب]، واني أدعو الأخ الدكتور خالد السلطان وفقه الله تعالى الى هذا العهد فهل سيستجيب؟ كما اني أدعوه من جديد وأكرر عليه ان يتقي الله ويحفظ لسانه وقلمه عن السب والشتم والقذف وليتذكر حديث «سباب المسلم فسوق» وحديث «أتدرون من المفلس»، لاسيما أنه رئيس لجنة الكلمة الطيبة والكلمة الطيبة صدقة وهو كذلك امام وخطيب، فليكن قدوة حسنة وليتذكر قول الله تعالى {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ان الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ان الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْانْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا (53)} [الاسراء]، ولنجعل همنا ان نصل الى الحق ونتبعه لا مجرد الانتصار للنفس فهل من مجيب يا أخي الحبيب؟

  1. اعلم أخي القارئ ان السلفية هي دين الله الحق ومعناها التمسك بالكتاب والسنة وما كان عليه سلف الأمة، والسلفية فضل من الله تعالى يؤتيه من يشاء من عباده وليست بيد أحد من خلق الله تعالى، فلا يمكن لأحد كائنا من كان ان يهدي أحداً للسلفية ولا ان يحرمه منها ولا ان يسلبه اياها ولا ان يستأثر بها دون غيره قال تعالى {انَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)} [القصص]، وقال تعالى {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة- 272]، اذا عرفت هذا أخي القارئ الكريم أدركت ان الأخ الدكتور خالد السلطان وغيره - هداهم الله للحق من الخطأ - يعتمدون على تزكيات من هنا وهناك اعتبروها كأنها صكٌ من الوحي المبين يشهد لهم بأنهم لن يحيدوا عن السلفية الى يوم الدين.

    لذا باعتراف كثير من منتسبي جمعية احياء التراث ان عشرات بل مئات الأفراد كانوا معهم ثم غيروا وبدلوا بل ومنهم من اختلف معهم وأكبر شاهد على صحة ما أقول أولئك الذين انشقوا عن جمعية احياء التراث الاسلامي فمنهم من أنشأ الحركة العلمية السلفية ومنهم من أنشأ حزب الأمة ومنهم من تحول رسمياً الى الاخوان المسلمين ومنهم من تحول الى ناشط سياسي مستقل أو غير مستقل، ومنهم من يشارك في المظاهرات ومنهم من اقتحم مجلس الأمة ومنهم عدد كبير من طلبة العلم الأفاضل من لم يعد يحتمل وضعهم ولم يرتض منهجهم فما الذي يمنع شرعاً وعقلاً وعرفاً من انتقاد الجماعة والجمعية ومخالفتهم والاختلاف معهم؟ لاسيما وهم ينتقدون غيرهم ويردون على من خالفهم.

    وهل من المناسب كلما انتقد أحدٌ جماعة أو جمعية التراث بادروا وأخرجوا له من الأرشيف تزكيات من العلماء الأفاضل الأجلاء ليتستروا بها على أخطائهم وليبرروا بها انحرافاتهم؟ ان هذا لشيء عجاب.

    في ظني ان كل منصف يدرك خطأ هذا التصرف الذي يلجأ اليه عادة من عجز عن الرد العلمي النزيه.

  2. قد يزكي أحد العلماء شخصاً ما أو جماعة أو جمعية ما ثم بعد مدة من الزمن يتغير ذلك المزكى لاسيما بعد وفاة المزكي فحينئذ لن تكون تلك التزكية صالحة ولا ينفع الاستدلال بها على استقامة تلك الجماعة أو ذلك الفرد وذلك لأن كل انسان عرضة للخطأ والانحراف بل حتى الردة عن الاسلام ليست مستحيلة شرعاً ولا عقلاً.

  3. تذكر وتدبر أخي القارئ الكريم قوله تعالى {أَلَمْ تَرَ الَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ} [النساء- 49]، وقوله تعالى {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (32)} [النجم]، فأعمال الانسان التي يوفقه الله تعالى اليها هي التي تزكيه ولا تكفي شهادة فلان وفلان وذلك لأن البشر ولو كانوا أنبياء أو علماء قد تخفى عليهم أمور لو علموها لغيروا رأيهم وقد يحسنون الظن بل وقد يُخدعون والدليل ما رواه البخاري (2326) كتاب المظالم باب (اثم من خاصم في باطل وهو يعلمه) عن أم سلمة رضي الله عنها، ان النبي صلى الله عليه وسلم سمع خصومة بباب حجرته فخرج اليهم فقال «انما أنا بشر وانه يأتيني الخصم فلعل بعضكم ان يكون أبلغ من بعض، فأحسب أنه صدق، فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فانما هي قطعة من النار، فليأخذها أو فليتركها».

  4. حاول الدكتور خالد السلطان غفر الله له ولوالديه ان يظهر للناس بأني انتقد منهج جمعية إحياء التراث المسطور في ذلك الكتيب الصغير والذي تم عرضه على بعض العلماء وأجازوه، مع أني لم أتعرض لا من قريب ولا من بعيد لذلك الكتيب ولا ما احتوى عليه من بنود ومواد، ولم انتقد فيه حرفاً واحداً ولا قرأته أصلاً وما هذه الا محاولة جديدة أراد بها ان يثبت بأني أخالف العلماء وأني مبطل فيما انتقدتُ به جماعته أو جمعيته.

  5. أخي القارئ الكريم لم يعد يخفى على أحد عنده أدنى عناية بالدعوة وشؤونها أمر الخلافات والانشقاقات التي تتكرر بين الحين والآخر في جماعة مؤسسي جمعية احياء التراث حتى اذا قيل لبعضهم فلان من جماعتكم من جمعية احياء التراث يقول كذا وكذا أو صرح بكذا وكذا قال: ان فلاناً ليس من فرعنا وانما هو من فرع آخر فاذا قيل له أليس من جمعيتكم؟ قال: بلى ولكن نحن واياه على خلاف!! وأكبر من ذلك تلك الخلافات الدائرة بين فروع جمعية احياء التراث خارج الكويت والسؤال الذي يطرح نفسه والذي -والله أعلم- لن يجيب عنه الدكتور خالد السلطان ولا غيره ولا بعد عشر سنين: هل تزكيات العلماء التي فرحتم بها تشمل جميع فروع جمعية احياء التراث المختلفة فيما بينهم والتي داخل الكويت وخارجها؟ نسأل الله السلامة والعافية.

  6. العلماء الفضلاء الأجلاء الذين زكوا بعض أعمال جمعية احياء التراث هم أنفسهم انتقدوا كثيراً من أعمال الجمعية وأنكروا عليهم بعض المسائل التي خاضوا فيها كالتغلغل في السياسة والتحزب وغير ذلك فلماذا يعتمدون تزكياتهم ويعرضون عن جرحهم وانتقاداتهم؟! مع ان الجرح المفصل مقدم على التعديل المجمل، فالواجب على المسلم السني السلفي ان يكون منصفاً صادقاً يقول الذي له والذي عليه كما قاله عبدالرحمن بن مهدي رحمه الله وغيره: «أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم وأهل الأهواء لا يكتبون الا ما لهم» ذكره شيخ الاسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط (85/1).

  7. ومن محاولات الدكتور خالد السلطان أصلح الله حاله أنه اجتهد بكل ما يستطيع -فيما يظهر لي- ان يوهم الناس بأني طعان سباب شتام لا يسلم مني أحد...الخ، وهذه احدى المحاولات التي أعتب عليه بها فأقول: الحمد لله ما هذه الا دعاوى مجردة من الدليل واني بحمد الله احب اخواني المسلمين سواء أكانوا من جمعية احياء التراث أو من خارجها وأعرف لهم حقوقهم وأحفظ لهم حرمتهم على قصور فيَّ ومني. وأرى ان من منتسبي جماعة التراث أصحاب فضل وعلم وديانة -أحسبهم والله حسيبهم ولا أزكي على الله احداً من خلقه- ومنهم من أهل القرآن كأصحاب الفضيلة الشيخ محمد الحمود النجدي، والشيخ داود العسعوسي والشيخ ابراهيم الأنصاري والشيخ فيصل القزار وغيرهم ومنهم أولئك الذين سبق ان ذكرت أسماءهم من أصحاب الفضيلة ولا أذكر في حياتي أني تعرضت لهم بسوء ولا علمت ان أحداً منهم تعرض لي بسوء والحمد لله رب العالمين، بل ومنهم من ينتقد الأخطاء نفسها التي انتقدها على جماعة التراث فلا أدري لماذا الدكتور خالد السلطان هداه الله للايمان يسعى للوقيعة بيني وبين كل منتسبي احياء التراث بلا بينة ولا برهان؟ نسأل الله السلامة.

  8. سألت الدكتور خالد السلطان وغيره مراراً وتكراراً وما زلت أطرح سؤالي نفسه لأني ما سمعت الجواب منه الى هذه اللحظة: هل الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق مازال من جماعة مؤسسي جمعية احياء التراث الاسلامي أم تم فصله؟ وهل التزكيات التي ظفرتم بها تشمله وتشمل منهجه؟ وهو الذي صرح بعد ثورة مصر بأن لا فرق بين الاخوان والسلفيين؟!

    حسبكم يا دعاة يا مسلمون يا مصلحون أريد جواباً صريحاً من ذا الذي يمكنه الجواب عن هذا السؤال؟ مع أني أعلم كما يعلم غيري بأن الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق لم يعد له مسمى وظيفي في جمعية احياء التراث ولكن ليس هذا سؤالي وانما سؤالي بالتحديد هل مازال في الجماعة وان لم يكن في الجمعية أم تم ابعاده وفصله؟ واذا تم ابعاده فما أسباب ابعاده؟ فهل من مجيب؟

    أخي القارئ الكريم ثِقْ تماماً لن تجد جواباً صريحاً لا من الدكتور خالد السلطان ولا من غيره بل أجزم وأكاد أقسم بأن الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق أثبت في الجماعة من الدكتور خالد السلطان وطبقته!! بل هو الذي يدير الجماعة في داخل الكويت وخارجها وعامة منتسبي الجماعة يعلمون هذه الحقيقة ويعلمون أثره في المهندس طارق العيسى والنائب خالد بن سلطان العيسى بل وكثير من الاخوة الأفاضل سحب نفسه من الجماعة لما رأى تحولها الصريح الى طريق الاخوان المسلمين ومنهم من آثر البقاء رجاء ان يصلح فيها مع اعترافه بقوة التيار السياسي في الجماعة بقيادة عبدالرحمن عبد الخالق وطارق العيسى. ومن أبرز تبريراتهم الباردة التي يخدرون بها أتباعهم ويذكرونها حتى لبعض العلماء قولهم:

    • ان الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق حالياً ليس في الجمعية.

    • انه شاب في الدعوة فاحتراماً لشيبته أبقيناه.

    • انه مجمد لا أثر له في الجماعة ولا الجمعية.

    • انه تراجع عن أخطائه.

    • انه وان أخطأ فليس معصوماً وما أصاب فيه فهو أكثر مما أخطأ فيه.

    وهذه التبريرات غير مقنعة حتى عند بعض منتسبي الجماعة، والله المستعان.

  9. قبل أكثر من عشرين سنة كنت في مكة وخرجت بسيارتي قبل صلاة الظهر متوجهاً الى الحرم فرأيت رجلاً يمشي ويحمل حقيبة بيده وعليه سمات أهل العلم فوقفت له وظننت أنه سيصلي في الحرم فسلمت عليه ورد علي السلام وقلت تفضل يا شيخ اركب معي لعلك تريد الحرم، فقال: لا، أنا ذاهب الى رابطة العالم الاسلامي، فقلت: تفضل، سأذهب بك حيث شئت، فدار بيني وبينه الحوار التالي:

    قلت له: من أين حضرتك يا فضيلة الشيخ؟

    قال: من الهند ومن النيبال.

    قلت: ما اسمك؟

    قال: عبدالحميد الرحماني رئيس مركز «أبو الكلام»، وأنت من أين؟

    قلت: أنا أخوك من الكويت واسمي سالم بن سعد الطويل.

    قال: أنت من جمعية الاصلاح أو من جمعية احياء التراث؟

    قلت: أنا مسلم أشهد ألا اله الا الله وأشهد ان محمداً رسول الله ولست من احدى الجمعيتين.

    قال: ما شاء الله وأين درست؟

    قلت: درست في جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية فرع القصيم ودرست عند شيخنا محمد بن صالح العثيمين وأنت يا شيخ أين درست؟

    قال: في الجامعة الاسلامية وكنت من الدفعات الأولى التي خرجتهم الجامعة.

    قلت: ما شاء الله ذلك العصر الذهبي اذن أدركت العلماء الكبار؟

    قال: نعم الحمد لله وأعرفهم ويعرفوني وكثير من زملائي من المشايخ المعروفين فلان وفلان، وعدّد منهم جملة ثم قال لي: انظر يا أخي كل الدعوات السلفية في العالم يقودها العلماء وطلبة العلم الا عندكم في الكويت فالدعوة يقودها التجار. وقال: نعم هم الذين يقودون الدعوة في جمعية احياء التراث وهذا خطأ، حتى الأموال التي بأيديهم ليست كلها أموالهم الخاصة، بل هي أموال المسلمين ومع ذلك يتحكمون بالدعوة!! انتهى الشاهد من الحوار.

أقول: هذه من أكبر المصائب ان يتولى الدعوة من ليس أهلا لها لمجرد أنه يملك المال لذا استطاع الشيخ عبدالرحمن عبد الخالق ان يسيطر على هؤلاء العوام بأفكاره ومنهجه الأمر الذي جعل كثيراً من طلبة العلم في الكويت ينأى بنفسه عن جماعة مؤسسي جمعية احياء التراث ومنهم من بقي اجتهاداً لعله ان يصلح فيها ما أفسده السياسيون والظاهر أنهم لن يفلحوا بذلك الا ان يشاء الله تعالى.

أخي القارئ الكريم تابعني في مقالات قادمة ان شاء الله تعالى، والله أسأل ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن وأن يؤلف على الحق قلوبنا وأن يصلح ذات بيننا والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات