أربع رسائل لم يحملها البريد
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فهذه أربع رسائل أحببت أن أنشرها للقراء الكرام لعل الله أن ينفع بها.
الرسالة الأولى
إلى حضرة دكتور الشريعة الأخ الفاضل عبدالمحسن بن زبن المطيري وفقك الله لهداه، السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
قبل أيام زار الكويت من المملكة العربية السعودية شاب مشبوه يدعى [ع.ط] عليه سوابق و من أصحاب المناهج المنحرفة القائمة على التهييج و الثورية وللأسف بلغني بأنك قدمته في مسجد كلية الشريعة ليلقي كلمة أو محاضرة على أسماع الشباب و الشابات. و كان من المفترض أن تتقي الله و تقدم أو تستضيف دعاة هدى يعلّمون الناس السُّنَّة و الصبر و الشكر. ولا يخفى عليك أن استضافة مثل هؤلاء المشبوهين تضر بالعباد والبلاد لاسيما في مثل هذه الظروف التي يمر بها العالم العربي و الاسلامي، و تمر بها بلادنا و كان بإمكانك أن تستضيف من هو خير منه من أصحاب الفضيلة و العلم و الحكمة.
لذا أملي كبير بالله تعالى أن يوفقك في المرات القادمة فلا تستضيف هذا الشاب و أمثاله، هذا أولا، و ثانياً: أخبرني يا دكتور عبدالمحسن بن زبن و أخبر القراء الكرام و طلابك في الجامعة ما الفرق بين دعوة نمر باقر النمر و دعوة زميلك و أخيك حامد عبدالله العلي؟ و الله الذي لا إله إلا هو عن نفسي لا أعلم الفرق بين موقف كل منهما تجاه ولاة الأمر، فنمر باقر النمر قد دعا إلى المظاهرات ضد الحكومة و ولاة أمرها وهيّج الشباب في القطيف و في العوامية على وجه الخصوص. و أما حامد عبدالله العلي فقد دعا شباب المملكة في الشمال و الجنوب و الشرق و الغرب و نجد و الحجاز ليقوموا بمظاهرات شبيهة بمظاهرات نمر النمر بل و أشد منها!! و إليك يا دكتور عبدالمحسن بن زبن نص كلام صاحبك و زميلك حامد عبدالله العلي بحروفه من غير زيادة حرف واحد أو نقصان حرف واحد يقول:
”وأما مستجدات الأخبار بالسعودية فقد ضج فضاء التغريد التويتري بخبر (بو عزيزي) السعودية! ذلك الشاب الذي أقدم على حرق نفسه تحت ضغوط الظلم الاجتماعي الآخذ بالتصاعد، وبهذا بدأ الأنين الشعبي المكتوم تحت ضغط مثلث: (القبضة الأمنية الغشومة والدين الرسمي المزيف وطوطم الحرام السياسي والاجتماعي المخترع!) بدأ يسمع ويعلو صوته أنين يعلن من جديد لمشروع حضاري عملاق قد بدأ يتشكل بالفعل...الى ان قال: لتجتمع شواهين جبال تهامة وأسود الحجاز ونمور الشمال وعرانين نجد وأبطال الصحراء وأمجاد الشرق والغرب والجنوب في نشيد نهضوي بديع واحد هناك حول الحرمين تحضنه تلك القبة المقدسة قبة حضارتنا العظمى قبة العالم ينشد النهضة الكبرى في صورتها العربية الأساس النقية من كل شوب المنفردة عن كل مثيل المنفردة عن شبهة النظير المحطمة لعبودية الأنظمة المكسرة لقيود الدين الزائف الممزقة للأعراف السياسية الموروثة من عهود الذل.في جزيرة الفرسان فرسان لم يعترفوا قط إلا بالحرية شعاراً وبالإباء دثاراً...“ إلخ كلامه. راجعه بحروفه و تمامه إن شئت لتتأكد بنفسك تحت عنوان (العيون ترمق الامارات والآذان تسمع أنينا في السعودية) و هو مقال مثبت في موقع حامد العلي الرسمي.
ثم يا دكتور عبدالمحسن بإمكانك أن تراجع العلماء من أمثال الشيخ صالح اللحيدان و الشيخ صالح الفوزان و الشيخ عبدالمحسن العباد و الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ و الشيخ عبدالعزيز الراجحي و تسألهم عن رأيهم بمن يقول عن السعودية (الدين الرسمي المزيف)، و دع عنك الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق و حامد العلي وأمثالهما لا يضيعونك كما ضيعوا غيرك.
وأخيرا يا دكتور عبدالمحسن بن زبن أكرر عليك السؤال وانتظر منك الجواب: ما الفرق بين نمر باقر النمر و بين حامد عبدالله العلي من حيث موقفيهما من ولاة الأمر؟ أسأل الله لك الهداية والتوفيق.
الرسالة الثانية
إلى الأخوة الكرام والأبناء الأعزاء: عبدالعزيز يوسف السمحان و عبدالعزيز فيصل السمحان و عبدالله محمد بوهندي و عبدالرحمن سعود السمحان حفظكم الله وبارك الله فيكم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أبنائي جزاكم الله خيرا على جهدكم المبارك و سعيكم المشكور لما زرتم سماحة الشيخ العلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان في الطائف في هذه الأيام في شهر شعبان لعام 1433هـ و أتحفتمونا و أكرمتمونا بفتوى من فضيلته نحن حقا بحاجة ماسة اليها في هذه الفترة العصيبة. نعم لقد وفق الله هؤلاء الشباب فتوجهوا بالسؤال التالي لسماحة الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى وجزاه الله عنا خيراً.
نص السؤال:
”أحسن الله إليك فضيلة الوالد بعدما تجلى و ظهر حكم المظاهرات ظهرت عندنا في الكويت ظاهرة جديدة وهي أن يجتمع حشد من الناس في ساحة يسمونها (ساحة الارادة) ويقوم جمع من أعضاء مجلس البرلمان بإلقاء ندوات يبينون فيها الفساد القائم في البلاد وما يرونه منكراً علناً. ويعتبرون الصبر على ذلك من الجهاد لأنه أمر بالمعروف ونهي عن المنكر وقد أذن به ولي الأمر“
الجواب:
”المناصحة لولي الأمر تكون بين الناصح وبين الوالي ولا يجوز الإعلان بها بين الناس لأن هذا يثير الفتنة بين المسلمين“ انتهى.
جزى الله الشيخ صالح الفوزان خير الجزاء فقد أفاد و أجاد بكلمات لا تتجاوز سطرين اثنين بجواب صريح و واضح ليس فيه أي لبس ولا غموض ولم يبق لأحد عذر كان مترددا بين الجواز وعدمه بعد هذه الفتوى و قد قال الله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ان كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)} [النحل]، و من توفيق الله و إحسانه أننا لما قلنا بأن ساحة الارادة الأولى أن تسمى ساحة الفتنة أنكر علينا بعض الناس، بل و بالغ آخرون و زعموا بأن الذهاب إلى ساحة الارادة و المشاركة فيها من الجهاد في سبيل الله و يكتب الله الحسنات لمن شارك معهم، لكن الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات جاء جواب الشيخ صالح الفوزان -حفظه الله تعالى و نفعنا بعلمه- صريحا بأن هذه الاجتماعات من إثارة الفتنة بين المسلمين.
و بالمناسبة الشيخ صالح الفوزان أفتى صراحة بعدم جواز المشاركة في خطابات ساحة الفتنة بينما لم نسمع كلمة واحدة من دكاترة كلية الشريعة في جامعة الكويت كالدكتور عجيل النشمي و الدكتور خالد المذكور و الدكتور محمد عبدالغفار و غيرهم على الرغم من أنهم في قلب الحدث يسمعون و يشاهدون و لا يخفى عليهم السب والشتم و اللعن و التشهير و الوعيد الذي يتكرر في ساحة الفتنة. فالحمد لله الذي وفَّق علماء أهل السنة إلى قول الحق والصدع به.
و أقول أيضا للأخ النائب خالد بن سلطان العيسى: لقد طالبت سابقا بفتوى صريحة لا تجيز المشاركة في ساحة الإرادة و ها هم الشباب قد جاؤوك بفتوى عالم هدى هو بحق من أكبر علماء السنة من الأحياء المعاصرين فعليك بها و اعمل بها و لا يغرك الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق و لا تتبعه فتضيع من بعده كما ضاع غيرك. واعلم بأن العمر قصير و أقصر ما فيه ما بقي منه فيا ليتك وأنت في هذه السن تعتزل السياسة وتتوجه إلى ما هو انفع لك و لآخرتك فقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ ان اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (18)} [الحشر]، و قال تعالى: {حَتَّى اذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ} [المؤمنون: 100]، و عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك» [سنن الترمذي - الجامع الصحيح (حديث: 3558)]، وأنت يا أبا الوليد قد جاوزت السبعين وتوسطت عقدك الثامن ويفترض أن تكون قدوة حسنة لتهدئة الشباب لا لإثارتهم في ساحة الفتنة. أسأل الله تعالى أن يوفقك للهدى و التقوى و يحسن لنا و لك بخاتمة حسنة طيبة. ولا يفوتني أن أشكر جريدة «الوطن» و القائمين عليها الذين بادروا بنشر الفتوى جزاهم الله خير الجزاء.
الرسالة الثالثة
إلى أخي العزيز و جاري الغالي الحبيب/ مشبب بن محمد الجلال السهلي أبي محمد الكريم ابن الكريم السلام عليك ورحمة الله و بركاته فأبشرك بأني أول ما عرفتك في المسجد في بيت من بيوت الله تعالى و أحببتك في الله و أحببت والدك رحمه الله الذي عرفته بعد وفاة والدي رحمه الله تعالى، ولا كنت أحسبه إلا مثل والدي رحمهما الله برحمته الواسعة و جمعنا بهما في جنات النعيم. و لقد جاورت إخوانك و أعمامك و بني أعمامك فنعم الجيران أنتم وما وجدت منكم إلا خيرا، بل أنتم من أكرم من عرفت و جاورت في حياتي و لكن كالعادة قد يحصل سوء تفاهم بيننا كما يحصل مع أصدق و أصلح و أنقى الناس قلوبا لأن الخطأ من سجية البشر و من طبعهم و كما قيل: فمن ذا الذي ما ساء قط ومن ذا الذي له الحسنى فقط، والواجب علينا ألا نترك الشيطان يعبث بنا و يحرش أحدنا على الآخر و لنكن قدوة لغيرنا و ليعف أحدنا عن الآخر {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)} [آل عمران]، وقد صح عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال: «وما زاد الله عبداً بعفو الا عزاً» صحيح مسلم - (2588)] أما عن نفسي فقد عفوت عنك و أرجو من الله تعالى أن يوفقك لتعفو عني. و أوصي جميع الإخوة أن يحفظوا ألسنتهم و يكفوا عن الكلام في موضوع إنهاء خدماتي من وزارة الاوقاف، وأن لا يتكلموا في الأخ مشبب و لا في آل الجلال الكرام فما يمسهم يمسني و لا أرضى بذلك أبدا.
و أيضا بمناسبة إنهاء خدماتي من وزارة الاوقاف أشكر كل من وقف معي أو دعا لي بخير أو واساني أو دافع عني أو سعى لإرجاعي أو شفع لي شفاعة حسنة أو آلمه ما أصابني و أقول لهم جميعا جزاكم الله عني خيرا و الله لا أملك ما اكافئكم به سوى الدعاء لكم.
و أقول أيضا لكل من ظلمني أو شتمني أو تشمت بي أو اغتابني بأني قد عفوت عنكم جميعا لوجه الله تعالى و أسأل الله أن يهديكم إلى صراطه المستقيم.
الرسالة الرابعة
بعد إنهاء خدماتي من وزارة الاوقاف تلقيت مكالمات و رسائل كثيرة جدا من داخل و خارج الكويت و هذه إحدى الرسائل انشرها للفائدة - بتصرف يسير- وصلتني من فضيلة الشيخ أبي عمار محمد باموسى من اليمن -الحديدة- يقول فيها:
”شيخنا الحبيب سالم بن سعد الطويل السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بلغنا ببالغ الأسى والحزن ما حصل لكم من إنهاء خدماتك من وزارة الأوقاف فاصبر إن العاقبة للمتقين و أذكرك أيها الشيخ المجاهد و الذكرى تنفع المؤمنين بفوائد المحن لعلها تسليك قليلا منها:
معرفة عز الربوبية و قهرها و ذل العبودية و كسرها.
تجريد الإخلاص لله تعالى.
صدق اللجوء إلى الله تعالى.
الإنابة و الرجوع إلى الله تعالى و تصحيح المسار.
ترويض النفس على الثبات على الحق.
تعويد النفس على الصبر و ترويضها على تحمل الشدائد.
تصفية العبد من حظوظ النفس ليبلغ درجة الصادقين.
محو الذنوب و رفع الدرجات في الجنة.
كسر كبرياء النفس.
تربية النفس على أن الدنيا لا تستقر على حال.
حصول رضا الله لمن امتحن فرضي.
معرفة قدر نعمة العافية و شكرها.
ارتفاع شأن العالم.
تبصير الأجيال أن الدين لم يصل إليهم بسهولة.
تميز الصف.
التأثير في الناس وثباتهم على الدين.
نصرة أهل الحق بعضهم بعضا.
تسلية من امتحن في ذات الله من العلماء.
تغير السيء إلى واقع حسن.
اظهار خبث أهل الباطل وغير ذلك“
شكر الله لفضيلة الشيخ أبي عمار محمد باموسى و جزاه الله خيراً، و أبشره و أبشر الإخوة القراء بأن الأمر سهل جدا و لست في بلاء و ما بي من بأس و الحمد لله، و لقد آثرت الصبر والصمت ولا أقول إلا خيراً. و بالنسبة لإنهاء خدماتي فلقد قلت و ما زلت أقول سمعت و أطعت و ليقضي الله أمرا كان مفعولا و ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن. والدعوة لن تتوقف على أحد، والمساجد في بلادنا مفتوحة و بيوت الله عامرة بالصلاة و الذكر و الدروس و المحاضرات و الحمد لله رب العالمين.
أسأل الله أن يجنب بلادنا و بلاد المسلمين الفتن ما ظهر منها و ما بطن و الحمد لله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.