موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

ماذا استفدنا من الأزمة السورية ؟

23 شوال 1433 |

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فلقد مضى على الأزمة السورية ما يقارب عشرين شهراً والله أعلم كم ستستمر، و أسأل الله تعالى أن يلطف بالمسلمين. فماذا استفدنا من هذه الأزمة؟

في مقالي هذا سأحاول قدر جهدي المتواضع أن أستنبط بعض الفوائد التي يمكن أن نستفيدها من الأزمة السورية، أبتغي بذلك وجه الله تعالى من غير أن ألتفت إلى ما سيقوله المخالفون أو المبطلون أو المتربصون، مستعيناً بالله متوكلاً عليه و هو حسبي و نعم الوكيل فأقول:

الفائدة الأولى

تبين للمسلمين أن علوية الشام و رافضة إيران بعضهم أولياء بعض لا يرقبون في مؤمن إلّاً ولا ذمة، و لا يرحمون صغيراً ولا كبيراً و لا امرأة و لا دابة، بل فعلوا ما لم يفعله فرعون في زمانه الذي كان {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [القصص: 4] بينما هؤلاء يقتلون جميع الناس و لا يستثنون أحداً عليهم من الله ما يستحقون.

الفائدة الثانية

تبين للمسلمين ما كانوا عنه غافلين بأن اليهود و النصارى بعضهم أولياء بعض كما قال تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) } [المائدة] ، فهم يتآمرون على المسلمين ولا يهمهم ما يحدث لهم فدماء المسلمين عندهم رخيصة بل لا قيمة لها.

الفائدة الثالثة

ظهر للمسلمين أن حزب الله اللبناني أولى أن يُلقب بـ «حزب الشيطان» و ذلك لتواطئه مع النصيرية في سحق المسلمين في سورية، عليهم من الله ما يستحقون، وهذه فائدة عظيمة استفادها عامة أهل السُّنَّة بعدما كان بعضهم كاد أن يقدِّس زعيم حزب الشيطان الموالي لإيران.

الفائدة الرابعة

ظهر للمسلمين الأمر جلياً و واضحاً ان المظاهرات السلمية لا حقيقة لها، و أن مآلها إلى دمارٍ و هلاكٍ و سفكٍ لدماء الأبرياء و هتكٍ لأعراضهم، و تشريدهم و تهجيرهم، حسبنا الله و نعم الوكيل.

الفائدة الخامسة

تبين للمسلمين أن الخروج على الحاكم الكافر لا يجوز من غير قدرة على إزالته و الإطاحة به، إذ أن المفسدة في الخروج عليه أكبر بكثير من الصبر عليه، فكم من مسلم اليوم في سورية أو خارجها يتمنى لو لم تقم هذه الثورة التي لا يعلم إلا الله تعالى متى تنتهي حتى لو سقط النظام البعثي العلوي الكافر.

الفائدة السادسة

تبين للمسلمين حقيقة موقف علماء الصوفية كالبوطي وغيره الذين خذلوا المسلمين و أيَّدوا الظالمين في سفك دماء المستضعفين، فلا للحق نصروا و لا للباطل كسروا ولا وَسِعَهُم السكوت فسكتوا.

الفائدة السابعة

فقد المسلمون أصوات الخطباء والدعاة الذين أجّجوا الفتنة وحرَّضوا الشعب السوري، و دعوا على المنابر و في المنتديات و اعتصموا عند السفارات، فبينما الشعب السوري يُدَكُّ يومياً دكاً نجد أولئك ينتقلون من مصيف إلى مصيف، ومن حفلة عرس الى مائدة طعام، فحسبنا الله و نعم الوكيل.

الفائدة الثامنة

تبيّن للمسلمين أن علماء السُّنَّة الهداة المهتدين الذين حرَّموا المظاهرات و الخروج بلا قُدرة هم أعلم بالحق، و أرحم بالخلق، و أفقه للواقع، و أهدى سبيلاً من أولئك الحركيين و الثوريين.

الفائدة التاسعة

تبين للمسلمين أن حزب الاخوان المسلمين حزبٌ فاسدٌ مُفْسِدٌ غرَّرَ بالمسلمين ثمَّ خذلهم، فهم يرتبون أوراقهم و ينظِّمون أنفسهم و ينتظرون سقوط النظام لينقضّوا على الحكم، و يستولوا على السلطة كما فعلوا في تونس و مصر.

الفائدة العاشرة

تبين للمسلمين أن ما سموه بـ «الربيع العربي» ليس ربيعاً و إنما هو فسادٌ و فتنٌ و قتلٌ و سفكٌ للدماء و هتكٌ للأعراض، و تشريدٌ و خوفٌ و جوعٌ، و حسبنا أن نعلم أن الكفار هم الذين أطلقوا عليه اسم «الربيع العربي» ليتسنى لهم بيع الأسلحة و تشغيل شركات الإعمار، و تحسين مستواهم الاقتصادي، فيا ليت قومي يعلمون.

الفائدة الحادية عشرة

تبيّن للمسلمين فساد بعض القنوات الفضائية و دورها في تأجيج الفتنة و قلبِ الحقائق و التغرير بالناس.

الفائدة الثانية عشرة

الأزمة السورية - والله أعلم - أوقفت زحف الثورات في الأردن و الخليج و بقية الدول فلقد قدَّر الله تعالى أن تتأزم الأمور جداً في بلاد الشام، إذ كان من المتوقع أن تنتشر هذه الفتن حتى لا تسلم و لا تنجو منها حتى مكة و المدينة. و لعل ما يدل على ما أقول أن الهروب السريع من «بن علي» الرئيس التونسي السابق، و التنازل السريع من «حسني مبارك» الرئيس المصري السابق، هو الذي شجّع قيام الثورات في ليبيا و اليمن و سورية.

الفائدة الثالثة عشرة

تبين للمسلمين فساد تحليلات كثير من المحللين السياسيين الذين يضربون الأخماس بالأسداس، فيبيعون الوهم للناس ثم تأتي الحقائق و الوقائع على خلاف ما يقولون.

الفائدة الرابعة عشرة

تبين للمسلمين كذب بعض قادة البلدان المجاورة لسورية ممن أوهم المسلمين بأنه سيمهل الرئيس السوري أسبوعين ليتوقف عن القتل وأنه لن يسمح بمذبحة كمذبحة حماة!

الفائدة الخامسة عشرة

قد يتسلط الأعداء على المسلمين فيكون في ذلك لهم خير كبير، فيتخذ الله منهم شهداء و يرجع منهم، من شاء الله له الرجوع، إلى الله بالتوبة و الإنابة.

أخي القارئ الكريم، هذه بعض الفوائد التي استحضرتها من الأزمة السورية، أسأل الله تعالى أن يفرِّج عنهم و يتقبل قتلاهم شهداء، و يُجبر كسيرهم، و يداوي جريحهم، و يبدِّل خوفهم أمناً، و ينتقم لهم من عدوه و عدوهم، و أسأل الله أن يردنا و إياهم إليه جل و علا رداً جميلاً و يهدينا و إياهم صراطاً مستقيماً، و أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها و ما بطن، و الحمد لله أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا و صلى الله و سلم و بارك على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

المقالات