موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

التعقيب و الإيضاح على رسالة الدكتور جاسم المهلهل لسمو الأمير الشيخ صباح (١)

20 ذو الحجة 1433 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد كتب الدكتور جاسم المهلهل الياسين رسالة -أو كتبت له- وتم نشرها في جريدة «الوطن» في عددها الصادر يوم الجمعة بتاريخ 17 ذي الحجة 1433هـ الموافق 2/ 10/ 2012 وجهّها إلى سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وفقه الله لكل خير.

ولقد دافع الدكتور جاسم المهلهل من خلال رسالته عن الإخوان المسلمين وعن جمعية الإصلاح في الكويت فوقع -عن قصد أو عن غير قصد- بمغالطات كثيرة جداً، فاستعنت بالله وحده -ولا حول لي ولا قوة إلا به- على كتابة هذا التعقيب والإيضاح لعل الله أن ينفعني وينفعه وينفع اخواني المسلمين بما أسطّره في هذه المقالات فأقول:

  • أولاً: لقد طالبت يا دكتور جاسم سمو الأمير الشيخ صباح بأن يستعمل الحكمة و بأن يعفو عن المسيئين وهذا أمر حسن، ولكن فاتك أمران.

    • الأمر الأول: أن تكون نصيحتك لسمو الأمير سراً فيما بينك وبينه وفي ذلك تطبيقٌ للسُّنَّة من وجه، و أدعى لقبول النصيحة من وجه آخر.

    • الأمر الثاني: العفو لا بد أن يكون معه إصلاح وإلا عدم العفو أولى لقوله تعالى: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40]، فكان الأولى بك أن تقول في نصيحتك سراً يا والدنا العزيز: إذا رأيت أن تعفو عن المسيئين ورأيت في العفو عنهم إصلاحا لهم وللمجتمع فاعف عنهم وتصالح معهم فذلك خير لقوله تعالى: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، والأمر بعد الله إليكم فانظر ماذا ترى.

  • ثانياً: وأما قولك يا دكتور جاسم: «أتمنى من سموكم تحقيق رغبة شعبكم المحب لكم وأن تعود الدوائر والأصوات كما هي...» فأقول :

    يا ليتك تمنيت تطبيق شريعة رب العالمين ونصحت الراعي والرعية بتطبيقها إذ إن تطبيق شرع الله هو الواجب الذي أمر الله تعالى به عباده حكاما ومحكومين وحكم الله تعالى هو الذي يحقق العدالة والسعادة في الدنيا والآخرة. أما الدوائر وكم صوت فهذه رغبة من له مصلحة بذلك خاصة وليست رغبة كل الشعب كما تقول بل وليس من حقك أن تتكلم باسم الشعب جميعاً ولا حتى باسم أكثرهم. فالشعب منهم من لا يشارك في الانتخابات أصلا لا بصوت ولا بأربعة أصوات ومنهم من رغبته بالصوت الواحد ومنهم من رغبته بصوتين ومنهم من يرغب بتغيير الدوائر ومنهم من لا يرغب بذلك.

  • ثالثاً: لا يخفى على أدنى متابع أن رغبة المعارضة ومنهم منتسبو حزب الإخوان المسلمين من مصلحتهم إبقاء الدوائر على ما هي عليه والتصويت بأربعة أصوات حتى يتسنى لهم السيطرة على الحكم فهم من أكثر الطوائف والأحزاب تنظيماً، فنصيحتك يا دكتور جاسم ليست من أجل مصلحة سمو الأمير ولا من أجل مصلحة عموم الشعب الكويتي بقدر ما هي من أجل مصلحة حزب الإخوان المسلمين الساعين إلى السيطرة التامة على جميع الدول العربية والإسلامية ولو بالتنسيق مع أمريكا أو الغرب أو مع إيران ايضاً ثم يجعلوننا وأميرنا نهباً لهم. لذا يا دكتور جاسم ما سمعنا منك كلمة إنكار على زميلك الدكتور طارق السويدان الذي صرح قائلاً في مقطع فيديو صوّره وسجله بنفسه لنفسه قال فيه : «من حق الشيعة في البحرين أن يحكموا طالما هم الأغلبية».

    أقول: ظاهر جداً بأن الإخوان مع ما يعيشون فيه من نشوة الربيع العربي يسعون جادين للاستيلاء على الحكم في الكويت ولو أنكرت ذلك لذا يطالبون برئيس وزراء شعبي منتخب وتهميش دور الأمير في الحكم ليكون دوره رمزياً فقط وهذا ما يسمونه بالدستورية الملكية فدعوتهم كدعوة المعارضة البحرينية تماماً وقد يكون بين الإخوان وطهران تنسيق بحيث تكون البحرين لإيران والكويت للإخوان. لذا من تابع تصريحات الإخوان هنا وهناك وتصريحات المعارضة وجد ذلك واضحاً، فهذا يقول لسمو الأمير: لن نسمح لك، والآخر يقول: آن الأوان للحصول على أخص الحقوق وهو حق الشعب بالمشاركة في الحكم، وآخر يقول: الشيخ جابر المبارك هو آخر رئيس مجلس وزراء من آل الصباح، ناهيك عن تصريحات الإخوان من الخارج كراشد الغنوشي التونسي وأمثاله الذين يصرحون بأن الربيع العربي قادم لدول الخليج عاجلاً أو آجلاً.

    يا دكتور جاسم المهلهل لقد أصبح الأمر واضحاً جداً في رغبة حزب الإخوان في السيطرة الكاملة على الحكم في الكويت وغيرها، حتى قال بعض أفراد بل قيادات «حدس» في الكويت: إن حكم الإخوان المسلمين سيكون كالشمس لا كالهلال في الدول العربية والإسلامية!! حقاً كما قيل: «كاد المريب أن يقول خذوني».

  • رابعاً: يا دكتور جاسم المهلهل اسألك بالله العظيم ما تعقيبك على من يقول الكلام الآتي بالحرف الواحد من غير زيادة ولا نقصان يقول:

    ”في أربعين سنة يتيهون لماذا؟ لأن أربعين سنة سيتغير جيل ويأتي جيل يقود، الأمة اليوم قاعد تشهد هذا، يعني إحنا مرَّ علينا أربعين سنة أكثر أقل من بلد إلى بلد في جيل كان يقودنا وهو الذي كَبَت الأمة وهو الذي استبد بها وهو الذي عطلها والنتائج كلها تشهد بذلك. مقدرات مصر ومقدرات الأمة ومقدرات الخليج ضيعها هذا الجيل التعبان الذي يحكم، ضيعوها وإلا كانت هذه الأمة قادرة على أن تقود هل في أمل في إصلاحه؟ وبعد التأمل العميق وجدت الجيل الحالي الذي يحكم بالأمة لا أمل في إصلاحهم هؤلاء لا يستحقوا أن يقودوا هذا جيل تربى في أحضان الاستعمار....“

    إلى أن قال:

    ”فلا أمل عندي في هذا الجيل الذي يقود الأمل عندي هو في الجيل القادم الذي سيقود لذلك جعلت كل همي والذي يتابع أعمالي سيجد هذا بوضوح، كل همي هو نشر فكر ينهض بأمة وفي إعداد جيل سيقود الأمة خلال خمسة عشر، عشرين سنة بإذن الله“ انتهى كلامه.

    أقول يا دكتور جاسم المهلهل أسألك بالله العظيم الذي لا إله إلا هو أليس هذا الكلام صريحاً في بيان رغبتكم في إسقاط الحكم في الخليج واستبداله بحكم و حكام جدد؟

    أعلم جيداً بأنك لن تجيب عن سؤالي لا سيما إذا علمت بأن هذا كلام زميلك و رفيق دربك في حزب الإخوان و تربية جمعية الإصلاح الدكتور طارق السويدان، فإن كنت تدري فتلك مصيبة وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم.

    وأقسم بالله العظيم يا دكتور جاسم بأني قلت لمسؤول في وزارة الأوقاف وهو أحد أتباعك وتعرفه جيداً قلت له: أعرف أنك من «حدس» وأنكم تخططون للسيطرة على البلاد، فردَّ عليَّ قائلاً: نعم أنا من حدس وأفتخر وسنأخذ الحكم في البلاد بالقانون!!

    أقول: فماذا بعد هذا يا دكتور جاسم يا أمين عام «حدس» الحركة الدستورية الإسلامية؟!

  • خامساً: يا دكتور جاسم المهلهل لقد طالبت سمو الأمير بالعفو وهذا حسن ولا أتدخل في شأن سمو الأمير بأن يعفو أو لا يعفو، ولكن أقول لك يا دكتور إن من عادة الذي يطلب العفو أن يقدم الاعتذار ويتأسف ويظهر الندم ويعترف بخطئه لعله يظفر بالعفو أليس كذلك؟ أما من يهدد ويتوعد ويحضر لتكرار الخطأ بل ويريد إشعال الفتنة ومصرٌ على ذلك فما وجه العفو عنه؟ لقد استمعت قبل أيام كلاما لأحدهم مسجلا في يوم عيد الأضحى وهو المدعو حامد عبد الله العلي يقول بالحرف الواحد:

    ”على خارطة نهضة الأمة ما وجدناه في الكويت من صوت الشعب المدوي الهدار الذي يطالب باحترام سلطته ووضع حد للتلاعب بإرادته، عُبث بها نصف قرن من الزمان، شعب يصيح بأعلى صوته: لقد آن الأوان لترجع للأمة سلطتها ولتصنع مستقبلها بأيدي أبنائها ولتحقق آمالها بنفسها، فلقد مضى عهد تهميش الشعوب وولى زمان إلغاء دورها ومعاملتها قطعان غنم يُمن عليها بوجبات الطعام وتجلد ظهورها بالهراوات. لقد أطلق الشعب الكويتي صيحة مدوية في مسيرة كرامة وطن التي تم قمعها بوحشية القرون الوسطى وهمجية عهود الظلام والعبودية، لقد أطلق صيحته، أشرقت شمس الشعوب فانظروا لها وضّاءة ألِقة بالكرامة والعدالة والحرية. فكفاكم مصادرة لحقوق الشعوب السياسية واحتقارا لقدرتها على التغيير فأحدثت هذه الصيحة زلزالا في الخليج أصاخ لها شعوب الخليج فتجاوبت معهم قلوبا واعية وعقول متفتحة لتبذر فيها بذرة نهضة خليجية، فنسأل الله أن يوفق شباب الحراك السياسي في الكويت ومن معهم من نواب الأمة لا سيما من ضحى منهم فاعتقل أو أوذي بلا تحقيق آمال التغيير المنشود والاصلاح الموعود..آمين. أيتها الأمة الاسلامية إن الاستبداد يريد أن يخفض دور الأمة الذي رفعه الله ويريد أن يسلب منها أعظم حقوقها وهو حقها السياسي في أن تدير نفسها لترفع شأنها وتعلي مكانتها، وبهذا جعل الاسلام الحاكم وكيلاً عن الأمة لا يحق له أن يستبد برأيه ولا يتصرف بشهوته ولا يمُن على أحد بعطائه الذي هو ثروة الوطن ولا يعتدي على أحد بصوته، فليس له أن يتصرف إلا وفق التوكيل الذي حصل عليه من الأمة بما يحدده دستور الأمة المستمد من حضارتها المنبثق من هويتها المستهدية بالقرآن والسنة. إن سكوت الأمة عن حقها السياسي هذا هو من أعظم أسباب ذلها وهوانها، وحتى شريعة الله في غياب هذا الحق قد تم تشويهها وتوظيفها للاستبداد وشهواته. وإن من أوجب الواجبات اليوم تعليم الأمة هذا الحق وحضها على استرجاعه والجهاد من أجل عودة سلطتها إليها، فإن في ذلك خيراً عظيماً عليها بل هو فتح الفتوح إذا عاد إليها، وهذا ما نتوقع حدوثه بإذن الله تعالى إذا استمرت نواه هذه النهضة المباركة التي انطلقت بالربيع العربي إلى محطتها الاخيرة حيث تجتمع الأمة على مبادئ حضارتها العظيمة القائمة على العدالة والكرامة وتحرير الإنسان من طغيان الإنسان“. انتهى كلامه.

    فأسألك بالله العظيم يا دكتور جاسم المهلهل:

    هل نحن في الكويت نعامل معاملة قطعان غنم يُمنُّ علينا بوجبات الطعام وتجلد ظهورنا بالهراوات؟

    وهل تم قمع الشعب بوحشية القرون الوسطى؟

    وهل نحن نعيش في الكويت في همجية الظلام والعبودية؟

    وهل من أوجب الواجبات اليوم تعليم الأمة حقها السياسي والجهاد من أجل عودة سلطتها إليها؟ وهل وهل وهل؟ إلى آخر ما ذكره خطيبكم من تلك المغالطات البشعة التي افتراها على أهل الكويت أميراً وحكومة وشعباً؟ وهل بعد هذا الكلام يقال ليس هناك من يسعى إلى إسقاط الحكم في الكويت والخليج!! سبحانك هذا بهتان عظيم.

أخي القارئ لم أنته من التعقيب والإيضاح فتابعني في الأسبوع المقبل إن شاء الله تعالى.

أسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات