الفرق بين الشريعة الإسلامية و القوانين الوضعية كالفرق بين الخالق و المخلوق
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين ولا عدوان الا على الظالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإن الله تعالى لما خلق الجن والانس انما خلقهم لعبادته وحده لا شريك له فأرسل رسله وأنزل كتبه فأمرهم ونهاهم وشرَّع لهم ولم يتركهم سدى و هملاً بلا أمر ولا نهي ولا شرع، ولم يكلهم الى عقولهم وأهوائهم يتخبطون بها كما يشاؤون فهذا مما تأباه حكمة الله تعالى. والله تعالى الحكيم ذو الحكمة البالغة الكاملة التامة يعلم ما يصلح العباد وما تستقيم به أحوالهم، {أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)} [الملك]، بلى وربي يعلم لذا شرّع لعباده تشريعات عظيمة مستقيمة لن نجد خيراً منها أبداً لمصلحة العباد والبلاد، قال تعالى: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)} [المائدة]، الجواب: لا أحد أحسن حكماً من الله تبارك وتعالى، لا الدكتاتورية ولا الديموقراطية ولا الدستورية ولا الليبرالية ولا العلمانية ولا القومية ولا الاشتراكية ولا الرأسمالية ولا الامامية ولا الحزبية الاخوانية ولا غير ذلك.
إذا علمنا هذا وجب علينا ان نستقيم على أمر الله ورسوله في كل صغير وكبير في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتربوية والعلاقات الاجتماعية والعلاقات الدولية ما استطعنا الى ذلك سبيلاً، والواجب علينا عند النزاع والاختلاف ان نرجع الى كتاب ربنا تبارك وتعالى وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَانْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ الَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ان كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)} [النساء]، أي خير في الحال وأحسن في المآل أي في المستقبل.
لقد ابتليت الأمة بمن يدعون الناس الى الكتاب والسُّنَّة لكن على غير مراد الله ورسوله، وهنا تكمن البلية فتجدهم يتدثرون برداء الدين والعلم وهم من أبعد الناس عن احترام نصوص الكتاب والسُّنَّة، كل ذلك وأكثر من ذلك بسبب اتباع الهوى والطمع في أمر الدنيا، نسأل الله تعالى العافية. وسأضرب لك أخي القارئ ثلاثة أمثلة لتدرك خطورة دعاة الفتنة المتدثرين برداء العلم والشريعة.
المثال الأول
يقول أحدهم:
”يجوز ان يخرج الناس في مسيرات سلمية وقد أفتى بجوازها فلان وفلان“
ثم بعد ذلك وجدوا ان المسيرات المرخصة لا تجدي شيئاً فسوَّل لهم الشيطان ان المسيرات غير المرخصة أثرها في الضغط على الحكومة أكبر وأشد، وأنه لابد من انتشارها في أماكن مختلفة، وصعّدوا من طغيانهم فقالوا: المسيرات بلا دماء لا تجدي شيئاً ونسوا أو غفلوا أو تعمدوا وأعرضوا عن قول الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93)} [النساء]، وفي الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اجتنبوا السبع الموبقات»، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات» [صحيح البخاري - كتاب الوصايا- حديث: (2634)]، فالله المستعان على ما يصفون.
المثال الثاني
صرح أحدهم يقول:
”لا ينبغي للمسيرات ان تكون عند البيوت السكنية.“
سبحان الله كان الواجب عليه لو اتقى الله تعالى وأن ينهى عن المسيرات مطلقاً لاسيما على وضعها الحالي وما آلت اليه من التصادم الصريح.
وهذا يذكرني بما صرَّح به الرئيس الأمريكي أو أحد رجال ادارته بأن أمريكا لا تسمح للنظام السوري باستعمال السلاح الكيميائي، ففهم العالم كله ان أمريكا تسمح بأن يسحق النظام السوري البعثي الكافر شعبه كاملاً ولا بأس عليه ان يفعل ذلك بشرط ألا يستعمل السلاح الكيميائي، وهكذا نفهم من كلام من دعا الى المسيرات وجوّزها وشجعها على شرط ألا تكون عند البيوت السكنية.
المثال الثالث
ما غرّد به دكتور الفتنة (ش.س.ع) لما قال:
”الأحاديث الواردة في السمع والطاعة بسبب جمع الكلمة وقوة الدولة وتحقيق مصالح المسلمين، فاذا فرَّق الراعي الأمة وأضعفها وأفسدها وجب خلعه اذاً“ انتهى كلامه الأثيم.
أقول: ولا شك هذه دعوة صارخة صريحة الى الخروج على الحاكم وان لم يروا منه كفراً بواحاً عندهم من الله فيه برهان.
والحق ان هؤلاء مفسدون يجب التحذير منهم والتنبه من خطرهم أسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله أولاً وآخرا وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.