ماذا تعرف عن فرقة الإباضية ؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد لاحظت في الفترة الأخيرة عبر الشبكة العنكبوتية وغيرها نشاطاً لأصحاب المذهب الإباضي المبتدع الباطل وهو مذهب ضعيف جمع أصحابه بين الباطل والتعصب والغرور المتكلف حتى يقول احدهم:
”كل من مات على الدين الإباضي مقطوع له بالجنة.“ [قاله أبو بكر النزواني الجوهر المقتصر ص116].
والذي يظهر لي أنهم يريدون تدارك اتباعهم لما تفلتوا منهم فأخذوا يتظاهرون بثباتهم وقوة مذهبهم وأنهم على استعداد للمناظرات والمواجهة ولو مع أكبر علماء أهل السنة حتى زعم أحدهم بأن الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- ما استطاع مواجهتهم!
وأكاد أجزم أن حرصهم هذا على المناظرات لا يريدون من خلاله إحقاق الحق وزهق الباطل وإنما يريدون نشر مذهبهم ورفع مستواه لا سيما في أعين شبابهم المتفلت منهم يوماً بعد يوم.
يتلخص مذهبهم بنفي علو الله تعالى بذاته على خلقه مخالفين بذلك الكتاب والسنة والإجماع واتفاق الأنبياء والمرسلين بل ومخالفين الفطرة السليمة والعقول الصريحة فالإباضية لا يعلمون إن كان الله تعالى فوقهم أو تحتهم أو مساوياً لهم!
بل لا يعلمون عن الله تعالى إن كان موجوداً بائناً وخارجاً عن خلقه أو داخل خلقه أو داخل وخارج خلقه، ومن عقيدتهم أنهم ينفون رؤية الله تعالى، وخالفوا قول الله تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23)﴾ [القيامة]، وحرَّفوا كل النصوص الدالة على رؤية المؤمنين لربهم تبارك وتعالى.
و يزعمون أيضاً أن القرآن له حقيقة و مجاز و عامة آيات الصفات التي وصف الله تعالى بها نفسه هي من المجاز الذي يجب صرفها عن ظاهرها ويسمونه تأويلاً وهو في الحقيقة تحريف! لذا ينفون صفات الله تعالى الذاتية الخبرية كالوجه واليدين لله تعالى زاعمين بأن إثبات ما وصف الله تعالى به نفسه يقتضي التجسيم والتمثيل. وأيضا يوافقون المعتزلة في اعتقادهم أن القرآن مخلوق وأن الله تعالى لا يتكلم بحرف وصوت.
وأما مرتكب الكبيرة فكافر كفر نعمة، ويعتقدون بأنه اذا مات على كبيرته فإنه خالد مخلدٌ في النار أبداً كالكافر الأصلي ولو كان عنده من الإسلام والإيمان ما عنده، وعليه فإنهم ينكرون الشفاعة في حق من مات على الكبيرة، فعندهم لا تنفعه شفاعة الشافعين، ولا حتى شفاعة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم ولا شفاعة الملائكة المقربين ولا شفاعة الشهداء والصالحين، وذلك لأن أحاديث الشفاعة آحاد فلا يحتجُّ بها، فهم -كسائر أهل البدع- ينكرون حُجيّة الأحاديث الآحاد في العقيدة، ولو كانت من أصح الأحاديث التي تلقتها الأمة بالقبول كأحاديث الصحيحين البخاري ومسلم، زاعمين أنها أحاديث ظنيّة لا تفيد العلم.
وعليه فهم ينكرون الصراط والحوض وعذاب القبر ونعيمه وبالمقابل يعتمدون في الحديث على كتاب مسند الربيع بن حبيب وهو يشتمل على بضعة مئات الأحاديث وهو اسم على غير مسمى فهو كتاب بلا سند، لذا يضطرون الى الاعتماد على أحاديث أهل السنة من مصادرها مع لمزهم المستمر بتلقيبهم إياهم بالحشوية والمجسمة.
كذلك الأمر بالنسبة للقرآن فليس لهم إليه أسانيد متصلة وحالهم مع القرآن كحال الرافضة، لأن أسانيد القرآن كلها عند أهل السنة ليس للقرآن سند واحد إباضي ولا رافضي، ومع ذلك الروافض يسمون حملة القرآن نواصب والإباضية يسمون حملة القرآن حشوية ومجسمة.
وأما موقف الإباضية من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو مختلف عن مذهب أهل السُّنة فهم يبغضون بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ويخوضون في أعراضهم ولا يمسكون عما شجر بينهم كما يفعل أهل السُّنة. ولم يظهر لي موقفهم من مسائل توحيد الألوهية فلا أعلم إن كانوا يجيزون عبادة الأولياء والصالحين والتوسل بذواتهم والتمسح بقبورهم وآثارهم. لكن بغضهم ظاهر جداً لأهل التوحيد وذلك بلمزهم المستمر لهم بالوهابية والمجسمة والحشوية.
كذلك يُلاحظ عليهم محاولاتهم المستمرة للتقرب لأهل السُّنة وبيان أن نقاط الالتقاء كثيرة والخلاف يسير، والذي يظهر لي أنهم يقصدون بأهل السنة الأشاعرة والماتريدية فتنبه أخي القارئ، لذلك يلمعون أنفسهم بألقاب كبيرة فيها تزكية لأنفسهم كقولهم بأنهم مذهب أهل الحق والاستقامة، والحقيقة أن الإباضية في بُعْدٍ كبير عن الحق والاستقامة فقد ضلَّ سعيهم وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً، اسأل الله تبارك وتعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر وما بطن. والحمد لله أولا وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.