رسالة من المهندس أحمد إلى المهندس طارق العيسى رئيس جمعية إحياء التراث الإسلامي
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد أرسل لي أحد الأبناء رسالة وأحببت أن أنشرها هنا للفائدة؛ لعل الله أن ينفع بها وهذا نصها:
(شيخنا الغالي حفظك الله.. السلام عليك ورحمة الله وبركاته
منذ أسبوع وأنا أريد أن أطلب منك كتابة مقال توجهه للمهندس طارق العيسى.. بعنوان «يا مهندس طارق العيسى وفقك الله فلنجتهد في طلب التغيير» أو أي عنوان تراه مناسباً.
والذي دفعني لهذا الطلب، ما رأيته وسمعته في مقطع مصور مسجل عن لقاء اجتمع فيه كل من: المهندس طارق العيسى رئيس جمعية احياء التراث والدكتور محمد الحمود النجدي رئيس اللجنة العلمية في جمعية احياء التراث والدكتور محمد هشام طاهري، والدكتور محمد بن عمر بازمول ولقد تابعت اللقاء كاملاً.. وكان عنوان المؤتمر «الإصلاح والتغيير رؤية شرعية».
واستمعت لكلام المهندس طارق العيسى الذي أدار الحوار.. فأفرحني اللقاء من وجه.. وأحزنني من وجه وتعجبت من وجه ثالث:
أما الذي (أفرحني) كون هذا البحث يُعرض بهذه الجرأة وهذا الوضوح على المستوى الرسمي وبوجود رؤوس الإخوان المسلمين ومنتسبي جمعية إحياء التراث- الشق السياسي.
(وأحزنني) كون الذي ظهر بالصورة السلفية المعتدلة هم جمعية إحياء التراث، المعروف عنهم مشاركة الكثير منهم فيما يخالف ما قُرر في ذلك المؤتمر، لم يحزني نشرهم لهذه التأصيلات ومحاربتهم الفكر التهييجي الخارجي التكفيري فهذا حق، ولا لأنهم استضافوا مشايخ وعلماء فضلاء مستقيمين فهذا فضل، وهو أمر مهم أن ينتشر الحق سواء على أيدي مشايخنا أو غيرهم، ولكن الذي احزنني أن يكره الناس السلفية والسلفيين، وتتشوه صورتهم كما حصل شيء من ذلك لما ظهر حزب الأمة وحزب السلفية العلمية، وغيرهما ممن تولد من جمعية إحياء التراث ومن طلاب الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق. وأخشى أن يكره الناس السلفيين بهذه المواقف المتناقضة كما كرهوهم في مصر، لما تحالف من يتسمى بالسلفية مع الإخوان المسلمين، ولذلك انحصرت صورة السلفية في أذهان بعض الناس أنها تكتل أو حزب أو قائمة، فإذا أحدث أحدهم أي مخالفة عُمِّمت على السلفية الحقَّة، وشوّهت هذا الاسم الراقي.
وأما الأمور الذي تعجبت منه فهو مشاركة الدكتور محمد عمر بازمول مع إحياء التراث الإسلامي، على الرغم من أنه يبدّع جمعية إحياء التراث، كما أفاد بذلك أخوه الدكتور أحمد عمر بازمول.
شيخي أتمنى أن تعالج ذلك في مقال أو أكثر إذا رأيت ذلك مناسباً:
أولاً: تناقضات جمعية إحياء التراث سواء في داخل الكويت أو في خارجها ودعمها للتكفيريين!!
ثانياً: ومن الأمور التي تحتاج إلى تغيير استمرار الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في الجماعة، الذي يحمل فكراً بل عقيدة تخالف ما تم تقريره في المؤتمر آنف الذكر ولا يخفى عليك ولا على غيرك مدى تأثرهم وحفاوتهم به، وتعظيمهم إياه لا سيما المهندس طارق العيسى نفسه.
ثالثاً: تعاونهم مع الإخوان سواء في الجامعات والمعاهد وهذا أمر ظاهر في الانتخابات وغيرها، وهذا الأمر يحتاج إلى تغيير أيضاً، حتى لا يكاد المتابع يفرق بين الإخواني والتراثي.
رابعاً: إغلاق أفرع جمعية إحياء التراث التكيفيرية والتهييجية المشهورة، إن كانوا حقاً يريدون الأخذ بتوصيات المؤتمر الآنف الذكر. وغيرها من النقاط التي أنت أعلم بها مني والتي تحتاج إلى تغيير، تغيير ظاهر حقيقي وليس كعادتهم يعدون ولا يوفون حتى ينسى الناس.
ونسأل الله أن يوفقهم لقبول نصحك، لا سيما أنهم في هذه الفترة لا يريدون أن يخسروا تقريب الحكومة لهم، وإحسان الظن بهم. فلعلك بنصيحتك لهم وبأسلوبك الطيب وبحوار شيق مع المهندس طارق العيسى وعلى حلقات، وإيقافك لهم على أخطائهم التي يظنون أنه لا يعرفها إلا هم، ولعلهم يحسنون من أدائهم حتى ولو شيئاً قليلاً، خاصة أن الكلام موجهٌ للمهندس طارق العيسى.
شيخنا الغالي في ما أعلم لا أحد يستطيع يرد عليهم ويقع تأثير كلامه فيهم كما يؤثر كلامك فيهم بعد توفيق الله تعالى .
شيخنا هذا أمر دار في نفسي، فأحببت أن أبوح به لك، والقرار فيما تراه أصلح، وسامحني على الإطالة. ابنك ومحبك المهندس أحمد .... والسلام عليك ورحمة الله وبركاته)
أقول: وعليك السلام ورحمة الله وبركاته جزاك الله خيراً يا ابني الكريم نعم حقاً ما تفضلت به فوالله الذي لا إله إلا هو إنني لأتساءل أحيانا أيهم أشد خفاء والتباساً على الناس: الإخوان المسلمون أم جماعة جمعية إحياء التراث؟
لقد رأيت المؤتمر الذي شارك فيه المهندس طارق العيسى- هداه الله لهداه- وفي مضمونه يخالف ما عليه شيخه عبد الرحمن عبد الخالق تماماً، بل وكما يقال ينافيه مائة وثمانين درجة!!
فمن الذي يؤصِّل للثّورات والمظاهرات والمسيرات والتهييج؟ أليس الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق وطلابه الذين هم من إفرازاته؟!
وهذا الشيخ بحماية من؟ وبرعاية من؟ وبكفالة من؟ أليس المهندس طارق العيسى وجماعته؟
من اقتحم مجلس الأمة؟ ومن يسيّر المسيرات؟ أليس كثيراً منهم من طلاب وأتباع الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق؟
هل سمعت كلمة منه قط ينكر عليهم؟ أو يخالفهم؟ بل هل سمعت في حياتك قط كلمة من المهندس طارق العيسى ينكر فيها على الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق؟ بل الذي بلغني أنه يدافع عنه ويعتذر له ويقول مسألة المظاهرات مسألة خلافية ولعل الذين أفتوا بعدم جوازها لأنها غير مسموح بها في بلادهم. الله المستعان!! إلى متى يتمادى المهندس طارق العيسى في دفاعه عن هؤلاء؟
المنهج السلفي لا يتحمل التلون كما يتحمله المنهج الإخواني. لقد لبث الإخوان سنوات طويلة وهم يخدعون الناس وأقرب مثال لخداعهم ومراوغتهم أكذوبة الوسطية!! التي حشدوا فيها التكفيريين والحزبيين ووظّفوا الأموال الكثيرة في دعم حزبهم. ولا نريد اليوم أن يظهر لنا حزب إخواني جديد باسم جديد ويسير حذوَ القُذَّة بالقُذَّةِ لأسلافه، فتغيير الأسماء لا يغني ولا يسمن من جوع.
فلا يكاد يخفى على أحد أن الإخوان المسلمين غيّروا اسمهم إلى الحركة الدستورية الإسلامية والتي يختصرونها بكلمة (حدس) فما الذي تغير فيهم بعد تغيير الاسم؟
يا مهندس طارق- وفقك الله لهداه- شيخك عبدالرحمن عبدالخالق يصرِّح على صفحات الجرائد ويقول: لا فرق بين الإخوان والسلفيين!! فما تعليق حضرتك؟ هل توافقه أو تخالفه؟
ننتظر منك الجواب وننتظر منك التغيير بل الرجوع إلى الحق فلقد طال انتظار عشرات بل مئات ممن ينتسبون إلى جماعتك- فضلاً عمن لا ينتسب إليكم- فهل من مجيب؟
وأما ما تعجبت منه من مشاركة الدكتور محمد بن عمر بازمول لإحياء التراث فقد وعدنا أخوه الدكتور أحمد عمر بازمول بأنه سيراجعه في ذلك، ويفيدنا بوجهة نظره ونحن ننتظر الرد منه .
فائدة : السكوت في بعض أحيانه يكون بسبب عدم وجود الجواب على السؤال فيلجأ إليه بعض الناس، ودليل هذه الفائدة في قول الله تعالى ﴿قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)﴾ [البقرة].
والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.