متى كان ابن عبدالغفور سلفياً ؟! (٢)
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان الا على الظالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله وسلم وبارك على نبيا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، أما بعد:
فهذا المقال الثاني في التعقيب على الذي زعم بأنه كان سلفياً ثم ترك السلفية وصار صوفياً على الطريقة الشاذلية!! ولقد بينت فيما سبق ان هذا الادعاء يُلجأ اليه عادة للطعن في السلفية عقيدة ومنهجاً وتشكيك المسلمين في دينهم، وفي مقالي هذا سأتمم كشف الحقيقة نصرة للحق ونصيحة للخلق. فأقول وبالله استعين وعليه أتوكل واليه أنيب:
ان من أساليبه أيضاً ما يزعمه دائما بأن السلفيين تكفيريون! ولا شك ان هذه التهمة متكررة على مر العصور والدهور كلما أراد أحدهم تنفير الناس من أهل الحق قال انهم تكفيريون ويريدون من الناس تكفير المسلمين!! وهذا الادعاء والله كذب على أهل السنة الذين لا يكفرون المسلمين بل يرون ان تكفير المسلم من الكبائر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اذا قال الرجل لأخيه يا كافر، فقد باء به أحدهما» [رواه البخاري- كتاب الأدب- حديث: (5758)]، لكن من كفر بالله العظيم واستحب الكفر على الايمان ومن اختار ذلك لنفسه فهو الكافر باختياره ولا يسعنا الا ان نقول عنه بأنه كافر وذلك بعد ما شهد على نفسه بالكفر كما قال تعالى {شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ} [التوبة: 17]، وقال تعالى {وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (106)} [النحل]، فمثل هذا لزاماً ان نقول عنه كافر بل ولا يجوز ان نقول عنه مسلم وهو يجاهر بالكفر ويقوله بلسانه ويعتقده بقلبه ولم يعتد عليه اهل السنة بشيء. ولبيان زيف هذا الادعاء أقول وبالله استعين:
اسألوه يا من تثقون به وقد خدعكم الأسئلة التالية:
السؤال الأول: ما حكم من يدعو غير الله تعالى في الشدة والرخاء ويطلب منه الرزق والشفاء والولد ونحو ذلك مما لا يقدر عليه الا الله تعالى، ويتخذ من دون الله نداً يعبده بأنواع العبادات من خوف ورجاء ورغبة ورهبة ودعاء وذبح ونذر وركوع وسجود وغير ذلك؟ والله تعالى يقول: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ الَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5)} [الأحقاف]. فلا أحد أضل من ذلك الذي يسأل الأموات والأولياء ويدعوهم من دون الله تعالى. ولا شك ان من دعا الأولياء فقد عبدهم، وفي الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الدعاء هو العبادة»، وقرأ: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}- الى قوله - ﴿داخرين﴾، [عن النعمان بن بشير، سنن الترمذي الجامع الصحيح- الذبائح- حديث: (2978)]، لذا يقول تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ان الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} [غافر]. فقال (ادعوني) ولم يقل ادعوا عبادي الصالحين أو انبيائي المرسلين أو آل البيت الطيبين، وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «.... اذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله» [عن ابن عباس، رواه الترمذي، حديث: (2500)].
فالمسلم الموحد يدعو الله تعالى وحده فيقول يا رب اللهم يا رحمن يا رحيم يا رزاق والمسلم لا يقول يا فلان ويا علان.فمن اختار لنفسه عبادة غير الله تعالى فدعا غير الله أو ذبح لغير الله او نذر لغير الله أو يرجو غير الله أو يخاف غير الله أو يستعين بغير الله أو يستغيث بغير الله أو يصرف أي عبادة لغير الله من العبادات التي هي حق لله على عباده، فهذا حكمه واضح ولو زعم أنه مسلم ولا يقال عمن كفره بأنه تكفيري لأن التكفيري هو الذي يكفِّر المسلمين لا الذي قال عن المشركين بأنهم كفار.
السؤال الثاني: ما حكم من قال القرآن محرف وغير محفوظ؟ أمسلم هو أم كافر؟ فهذا المدعي بأن القرآن محرف قد كذب الله عز وجل الذي قال: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَانَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر]، ولا شك بأن من كذب الله تعالى فقد كفر ولا يقال تكفيري لمن قال عن المكذب لله تعالى بأنه كافر.
السؤال الثالث: ما حكم من قال ان الصحابة- رضي الله عنهم- قد ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على بكرة أبيهم الا بعضهم؟. ولا شك في أن هذا تكذيب لله تعالى وهو القائل جل وعلا في كتابه {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ اذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)} [الفتح]، فكيف يرضى الله عنهم وقد علم ما في قلوبهم وأنزل السكينة عليهم وفتح لهم فتحاً قريباً، ثم يأتي آت ويدّعي أنهم ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ومصيرهم جهنم خالدين فيها أبداً؟ فمن اولى ان يقال انه تكفيري؟
السؤال الرابع: ما حكم من كذب الله تعالى الذي أخبر عن طهارة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وذكر براءتها في آيات عدة من سورة النور؟ وهل يُعقل ان مسلماً في قلبه قدر وحب لرسول الله صلى عليه وسلم يجرؤ على الطعن بأهله وزوجته في الدنيا والآخرة؟
السؤال الخامس: ما حكم من اعتقد ان غير الله يعلم الغيب؟ فهل هذا مسلم وهو يكذب الله تعالى بقوله {قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ الَّا اللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (65)} [النمل].
السؤال السادس: ما حكم من أنكر علو الله تعالى فوق جميع خلقه؟ ان المبتدع لا يرضى بالسؤال النبوي الذي سأله رسول الله صلى الله عليه وسلم للجارية وهو في صحيح مسلم بن الحجاج رحمه الله برقم (868) ونصه: «... وكانت لي جارية ترعى غنماً لي قبل أحد والجوانية، فاطلعت ذات يوم فاذا الذيب قد ذهب بشاة من غنمها، وأنا رجل من بني آدم، آسف كما يأسفون، لكني صككتها صكة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعظم ذلك علي، قلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال: «ائتني بها» فأتيته بها، فقال لها: «أين الله؟» قالت: في السماء، قال: «من أنا؟» قالت: أنت رسول الله، قال: «أعتقها، فانها مؤمنة». بل هناك من لا يدري عن نفسه ان كان هو تحت الله تعالى أو فوقه أو مساو له أو تحته وفوقه بمعنى أنه قد ضيع ربه وضيع نفسه وكان يكفيه ان يؤمن بقول الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)}، لكن لا شك التوفيق من الله تعالى {يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ الَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142)} [البقرة].
أخي القارئ الكريم حفطك الله تعالى توجهوا بأسئلتي هذه الى ذلك المدعي بأنه كان سلفياً ثمَّ تحوّل الى صوفي لتعرفوا عقيدته وبعد ذلك لن تنخدعوا ولن يتمكن أحد من اضلالكم باذن الله تعالى.
الأسئلة باختصار
ما حكم من يدعو غير الله تعالى؟
ما حكم من زعم ان القرآن محرف؟
ما حكم من قال بتكفير الصحابة وردتهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟
ما حكم من اتهم أم المؤمنين وزوجة رسول رب العالمين صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها بالفاحشة والخيانة وأنكر براءتها؟
وما حكم من قال ان غير الله يعلم الغيب؟
ما حكم من أنكر علو الله تعالى فوق جميع خلقه؟
فإن أجاب اجابة صحيحة صريحة ونصر التوحيد والسُّنة وأظهر ولاءه للصحابة وأظهر براءته من أعدائهم و مبغضيهم فحينئذ نقول انه سني ونفرح به والله، ونرحب به ونحبه في الله أما اذا أخذ يتهرب ويتملص من الاجابة فالحكم لك أخي القارئ.
و انتبه نحن نريد منه جواباً صريحاً في حكم من قال بتلك الأقوال الشنيعة واعتقد تلك الاعتقادات الباطلة وليس سؤالنا عن ماذا يقول هو، وبين الأمرين فرق كبير فتنبه.
اخي القارئ الكريم تابعني في مقال قادم ان شاء الله تعالى لاتمام الرد على من ادعى أنه كان سلفيا ثم تصوف واعتنق الطريقة الشاذلية. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.