موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

منهج أهل السنة: الاستقامة و لو لم يصلوا.. و منهج أهل الأهواء: الوصول و لو لم يستقيموا

8 شعبان 1434 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:

فما زال علماء أهل السنة و الجماعة يبنون منهجهم على الكتاب والسنة و ما كان عليه منه حتى لا ينخدع به عامة المسلمين. سلف الأمة يستدلون له وينصرونه ويدعون الناس اليه وأيضا نصرة للحق ونصيحة للخلق يبنون منهج أهل الأهواء ويحذرون والمنهج هو الطريق والاطار العام الذي يسير عليه السائرون الى مرادهم وغايتهم وأهل السنة منهجهم الاستقامة على الصراط المستقيم والثبات عليه سواء وصلوا وبلغوا أو لم يبلغوا اذ الأصل عندهم ان يطيعوا الله ورسوله وهذا الذي أمرهم الله به وسيسألهم الله تعالى عنه يوم القيامة، قال تعالى: {فاستقيموا اليه واستغفروه وويل للمشركين} فصلت:6. وقال تعالى {فاستقم كما أمرت ومن تاب معك} هود 112. وقال تعالى {ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} فصلت: 30. وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قل آمنت بالله ثم استقم» رواه مسلم 336.

وسلوك الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم كما أمر الله و شرع لعباده. وضد الاستقامة الضلال والانحراف وسلوك صراط المغضوب عليهم والضالين. فأهل السنة الشأن كل الشأن عندهم ان يستقيم كما أمرهم الله تعالى حتى لو لم يقطفوا ثمرة في الدنيا فليس بالضرورة ان يكونوا حكاما أو تجارا أو مشاهير أو رؤوسا لهم أتباع و ذلك لأن الله تعالى أمرهم بالاستقامة و لم يأمرهم بالنتائج فكم من نبي قتل على يد قومه ولم يظفر شيئا و كم من شهيد في سبيل الله استشهد ولم يغنم شيئا و في الحديث الصحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عرضت على الأمم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل ورجلان والنبي وليس معه أحد» رواه البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما.

فليست العبرة عند أهل السنة ان يكونوا حكاماً أو ينالوا مناصبا أو تكثر أموالهم أو يزيد أتباعهم كلا وانما العبرة عندهم ان يكونوا مستقيمين على الصراط المستقيمين وليسوا على استعداد ان يضحوا بدينهم لينالوا عرضا من الحياة الدنيا قليلا.

بخلاف أهل الأهواء فمنهجهم قائم على اتباع الهوى ولسان حالهم يدل على أنهم يعملون بقاعدة «الغاية تبرر الوسيلة» فهم على استعداد ان يسلكوا أي وسيلة كانت لكي يبلغوا غاياتهم ولو كانت هذه الوسيلة محرمة أو باطلة أو فاسدة ولو ارتكبوا فيها المنكرات والمخالفات الشرعية فمنهجهم قائم على «الوصول» ولو لم يستقيموا.

لذا نجد أهل الأهواء يدعون الى الثورات من أجل الوصول الى سدة الحكم ولو كانت ثوراتهم المفسدة التي تأتي على الأخضر واليابس وتخلف عشرات بل مئات الآلاف من القتلى والجرحى واللاجئين ناهيك عن الأعراض التي تنتهك والأموال التي تهدر و الانقسامات بين المسلمين وأمور أخرى لا يعلم مداها الا الله تعالى. كل ذلك من أجل الوصول ولو على حساب الاستقامة.

ومن أفعال أهل الأهواء تبنيهم للديموقراطية الغربية و ركوبهم طريقها و جهادهم من أجلها و الموت في سبيلها ولو ضربوا بالشريعة عرض الحائط لأن العبرة عندهم «الوصول» فحسب و من أفعال أهل الأهواء أيضا تحالفهم مع الكفار و تنفيذ مخططاتهم وامتثال أوامرهم من أجل ماذا؟ من أجل «الوصول» ومن ذلك عداوتهم لأهل السنة وقذفهم اياهم بأقبح الألفاظ ووصفهم لهم بأسوأ النعوت واتهامهم بأخطر التهم كل ذلك حتى لا يعكروا عليهم طريق «الوصول».

لذا وجب علينا جميعا ان نتبصر في أمر ديننا ولنعلم بأن الواجب علينا ان نستقيم على أمر الله ورسوله ونسلك الطريق المستقيم ولو لم نصل ولنحذر من منهج أهل الأهواء الذين يسعون للوصول ولو لم يستقيموا.

أسأل الله ان يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات