الشيخ ابن باز- رحمه الله- لا يدري ماذا أحدث عبد الرحمن عبد الخالق بعده
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
ففي عام 1415هـ الموافق 1994م، أرسل فضيلة الشيخ العلامة المفتي عبد العزيز بن عبد الله بن باز- رحمه الله تعالى- نصيحة إلى عبد الرحمن عبد الخالق أنكر فيها عليه بعض ما جاء في كتبه، وذكر له ما فيها من الباطل والمغالطات، والتي من جملتها ما زعمه عبد الرحمن عبد الخالق من مشروعية المظاهرات، بل ونسبة ذلك إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم .
وإليك اخي القارئ نص النصيحة :
ملاحظات على بعض كتب الشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق
(سادساً: ذكرتم في كتابكم: (فصول من السياسة الشرعية) ص31،32: أن من أساليب النبي صلى الله عليه وسلم في الدعوة التظاهرات (المظاهرة).
ولا أعلم نصاً في هذا المعنى، فأرجو الإفادة عمن ذكر ذلك؟ وبأي كتاب وجدتم ذلك؟ فإن لم يكن لكم في ذلك مستند، فالواجب الرجوع عن ذلك؛ لأني لا أعلم في شيء من النصوص ما يدل على ذلك، ولما قد علم من المفاسد الكثيرة في استعمال المظاهرات، فإن صح فيها نص فلابد من إيضاح ما جاء به النص إيضاحاً كاملاً حتى لا يتعلق به المفسدون بمظاهراتهم الباطلة. والله المسئول أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا جميعاً، وأن يجعلنا من الهداة المهتدين، إنه جواد كريم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته). [انتهى من الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز على شبكة الإنترنت]
أخي القارئ أتدري ما رد به عبدالرحمن عبدالخالق على نصيحة الشيخ ابن باز؟ إنها مفاجأة كبرى، قال: «..... لم أعن بتاتا، ولا يدور في خلدي أن أدعو إلى هذا الإفساد في الأرض الذي يسمونه مظاهرات يخرج فيها الغوغاء والرعاع بلا قيادة، ولا توجيه، فيخربون ويفسدون، فإن هذا من الإفساد في الأرض، وفرق كبير بين الجهاد في سبيل والإفساد في الأرض، ولذلك فأنا لم أدعو كل حياتي- بحمد الله- إلى شئ من هذه ( المظاهرات ) التي تخرج للإفساد . بل من فصول هذا الكتاب الذي جاءت فيه هذه العبارة ( السياسة الشرعية ) فصل بعنوان ( الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى شرف في الغاية وطهارة في الوسيلة) . ومع ذلك فسأقوم بحذف كلمة (المظاهرة) من جملة الوسائل التي استخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم منعاً لأي لبس» . انتهى كلام عبدالرحمن عبدالخالق .
قلت : أخي القارئ هل رأيت أكبر من هذه المراوغة بل اكبر من هذه الانتكاسة ؟ فبعدما أنكر عبدالرحمن عبدالخالق تأييده للمظاهرات وأبدى تراجعه عن مشروعيتها، وبعد وفاة الشيخ ابن باز- رحمه الله تعالى- عاد اليوم يؤيد المظاهرات بفسادها وغوغائيتها، بل ويعتبرها من أعظم الجهاد في سبيل الله واعتبر الاعتصامات في ميدان العدوية في مصر أفضل من الاعتكاف في مسجد الله الحرام بل، وقال إن ذلك فرض عين، وخروج الرجال والنساء جهاد مشروع وسعي مشكور، ومن سقط قتيلاً فهو شهيد وله عند الله إن شاء الله اعظم أجر الشهداء !!!
سبحان الله لقد توفي الشيخ عبدالعزيز بن باز- رحمه الله تعالى- ولا يدري ماذا احدث عبدالرحمن عبدالخالق بعده، وإلا مَنْ يخفى عليه اليوم ما يحدث من فساد في مصر مِنْ زهق للأرواح وسفك للدماء، وتفرّق واحتقان وانفجار متوقع، ونشر للخوف والرعب وتعطيل لمصالح العباد والبلاد ؟
هل يخفى على عبدالرحمن عبدالخالق ما يحصل في ميدان رابعة العدوية وغيرها من اختلاط وفضائح ورقص وغناء وتصريحات وصيحات بالباطل ؟
الله أكبر ماذا جرى لبعض السلفيين ؟ لقد انحرفتم انحرافاً مبيناً فأصبحتم إخواناً أكثر من الإخوان المسلمين، وصدق فيكم كلام الشيخ الألباني رحمه الله تعالى لما قال : عبدالرحمن عبدالخالق انحرف بالسلفيين في الكويت الى منهج الاخوان المسلمين فحزّبهم وأقحمهم في السياسة .
وللعلم عبدالرحمن عبدالخالق اعاد طباعة كتابه ولم يحذف العبارة التي وعد بحذفها والله المستعان.
ثم لاحظ أخي القارئ الكريم لا نجد الإخوان المسلمين اليوم يتأثرون بالسلفيين فيصححون عقائدهم أو يستقيمون في منهجهم، أو يعتنون بالتوحيد والسنة، بينما نجد ممن كان من السلفيين سابقا من يسارع في الانخراط في صفوف الإخوان المسلمين ويدافع عنهم ربما أكثر من الإخوان المسلمين أنفسهم. إن هذا لشيء عجاب !!
ولا املك في هذا المقام إلا أن اقول لعبدالرحمن عبدالخالق وغيره : اتقوا الله في المسلمين وحكّموا العقل والحكمة وغلّبوا المصلحة العامة وحافظوا على أرواح المسلمين في مصر وتداركوا الوضع قبل انفجاره وتجنبوا الفتن بين المسلمين، بل حتى لو رأيتم أنفسكم مظلومين وقد اغتصبت السلطة من أيديكم وتم الانقلاب عليكم، وقولوا ما شئتم، فهذا اهون من قيام حرب بين المسلمين كما حصل في سورية حتى اصبحت حالهم تصعب يتحملها على كثير من الكفار فضلا عن المسلمين، والرجوع الى الحق خير من التمادي بالباطل .
اخي القارئ الكريم اخترت لك كلاماً عجيباً من درر الشيخ العلامة المفتي عبد العزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى لعله ينفعك . ( فتوى )
هل يجوز حلق اللحية لمن يخشى الفتنة ؟ إذا كان الرجل في بلد لا يستطيع أن يرخي لحيته فتكون لحيته مصدر شبهة هل له حلقها ؟
الجواب : ليس له ذلك، بل عليه أن يتقي الله ويجتنب الأشياء التي تسبب أذاه، فإن الذين يحاربون اللحى لا يحاربونها من أجلها، يحاربونها من أجل بعض ما يقع من أهلها من غلو وإيذاء وعدوان، فإذا استقام على الطريق، ودعا إلى الله باللسان، ووجه الناس إلى الخير، أو أقبل على شأنه، وحافظ على الصلاة، ولم يتعرض للناس ما تعرضوا له، هذا الذي يقع في مصر وغيرها إنما هو في حق أناس يتعرضون لبعض المسئولين من ضرب وقتل أو غير ذلك من الإيذاء؛ فلهذا يتعرض لهم المسئولون . فالواجب على المؤمن ألا يعرض نفسه للبلاء ، وأن يتقي الله ويرخي لحيته ، ويحافظ على الصلاة ، وينصح الإخوان ولكن بالرفق، بالكلام الطيب ، لا بالتعدي على الناس، ولا بضربهم ولا بشتمهم ولعنهم، ولكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، قال الله جل وعلا : (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن ُ) [النحل: 125]، وقال تعالى : ( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِك َ) [آل عمران: 159]، وقال الله لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون : (فَقُولا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ) [طه: 44]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شأنه )) ولاسيما في هذا العصر، هذا العصر عصر الرفق والصبر والحكمة ، وليس عصر الشدة، الناس أكثرهم في جهل، في غفلة وإيثار للدنيا، فلا بد من الصبر، ولا بد من الرفق حتى تصل الدعوة، وحتى يبلغ الناس وحتى يعلموا، ونسأل الله للجميع الهداية. [انتهى من الموقع الرسمي للشيخ عبد العزيز بن باز على شبكة الإنترنت]
أسأل الله تعالى أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين .