يا دكاترة بأي لغة يستغاث برسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟!!
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فلقد كتبت مقالاً قبل اسبوعين بعنوان ( من المسؤول عن فتوى تُضلل المسلمين وتدعو إلى الشرك ؟ )
والتي جاء فيها بالحرف الواحد والعياذ بالله ( أنه لا بأس بالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته ليشفع للمستغيث به عند الله تعالى وعليه فلا مانع من الدعاء والاستغاثة ) انتهى المقصود منه .
أقول : بحمد الله تعالى لقد انتقدت هذه الفتوى المنحرفة التي تدعو الى الشرك بالله بالأدلة من الكتاب والسنة ونقلت فتويين للّّّجنة الدائمة برئاسة سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله تعالى في بيان أن الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم أو غيره من الأموات من الشرك الأكبر بالله .
ولما كانت الفتوى الداعية إلى الشرك بالله قد صدرت قبل ما يقارب عشرين عاما من وزارة الأوقاف الكويتية عام 1415/ 1995 استنكر علي بعض الناس نقدي للفتوى !!
بل وبعضهم ظن بي ظناً سيئا غفر الله لهم جميعا.
ولبيان سبب انتقادي للفتوى اقول :
أولاً : الشرك بالله قديم منذ زمن نبي الله نوح عليه السلام وذكر الله ذلك في كتابه كما في قوله تعالى : ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ [سورة نوح:٢٣] ومع قدمه انكره الله تعالى بعد قرون طويلة ومازلنا نقرأ القرآن، ولم يمنع قدم وقوع الشرك قديما أن ننكره حديثا.
ثانيا : فتوى وزارة الأوقاف مازالت في كتاب الأوقاف الرسمي المطبوع ولم يتم عليه أن تعديل.
ثالثا : الدكاترة الذين في لجنة الفتوى كالدكتور خالد المذكور والدكتور عجيل النشمي والدكتور عيسى زكي والدكتور احمد الكردي والدكتور محمد عبدالغفار وغيرهم إلى الآن ما سمعنا عن أحد منهم تراجع عن هذه الفتوى أو استنكرها ومازلنا ننتظر منهم ذلك.
رابعا : من الدكاترة لجنة الفتوى في وزارة الأوقاف الكويتية من يعتقد جواز الاستغاثة بالأموات الرسول صلى الله عليه وسلم وغيره وله اكثر من فتوى اثبتها في موقعه الرسمي.
خامسا : الشرك بالله هو اعظم ذنب عصي الله تعالى به، وهو أكبر الكبائر والذنب الذي لا يغفره الله تعالى، والمحبط للعمل والمخرج من ملة الإسلام والموجب لصاحبه الخلود في نار جهنم، فكيف لا ننكره ونؤكد النهي عنه والتحذير منه؟
أخي القارئ الكريم تدبر قول الله تعالى : ﴿ومنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ﴾ [سورة البقرة:١٣٠] والسفه: الجهل، والسفيه هو الجاهل، واسفه الناس واجهلهم أولئك الذين يشركون بالله ويدعون من دونه أولياء .
وملة ابراهيم عليه السلام التي أمرنا باتباعها هي التوحيد الخالص لله ونبذ الشرك بجميع انواعه وصوره واشكاله ومظاهره، ولا شك من السفه القول بجواز دعاء النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله والاستغاثة به بعد وفاته .
ومن المعلوم ضرورة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتكلم بلسان عربي مبين ولا يعرف رطانة الأعاجم وهذا في حياته؛ فكيف يدعى ويستغاث به بعد وفاته بكل لغة ولهجة ؟!!
فإن قال قائل: الله تعالى يبلغه ذلك .
قلنا له : ومن اخبرك أن الله تعالى يبلغ رسوله دعاء الداعين واستغاثة المستغيثين ؟
فهذا أمر لا يمكن أن نعلمه إلا إذا اخبرنا الله بذلك أو اخبرنا رسوله صلى الله عليه وسلم كما اخبرنا أن سلامنا عليه يبلغه.
فأين عقولكم أيها المستغيثون برسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف يعلم بكم ؟ أم كيف يسمع كل من استغاث به بعد وفاته من العرب والعجم وفي كل عصر ومصر ؟!
سبحان الله أيها الدكاترة المفتون اجيبوا مادمتم احياء ترزقون، فالمسلمون اليوم قاربوا المليار ونصف مليار نسمة هل يعقل لو استغاثوا برسول الله صلى الله عليه وسلم كل بلغته ولهجته وفي موطنه وموضعه يستجيب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
إذا كان جوابكم بنعم - والعياذ بالله - إذن فما بقي لله تعالى ؟!
ثم اعلم أخي القارئ العزيز أن الذين اجازوا الاستغاثة برسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاته كذلك اجازوا الاستغاثة بغيره كالبدوي والجيلاني والرفاعي والحسين وغيرهم، فعندهم أن لا بأس بالاستغاثة بهؤلاء وغيرهم في جميع الأوقات وفي كل عصر ومصر فأي سفه اكبر من هذا ؟!
ثم من تلبيسهم على الناس قولهم : ( أننا نستغيث بالأموات ولا نعتقد تأثيرا ولا نفعا ولا ضرا إلا لله وحده لا شريك له والأنبياء لا تأثير لهم في شيء وإنما يتبرك بهم ويستغاث بمقاماتهم لكونهم أحباء الله تعالى ...الخ ) انتهى.
ولا شك هذا من جنس شرك المشركين الأوائل الذين كانوا يدعون الأولياء من دون الله زاعمين أنها تقربهم إلى الله زلفى أو أنهم شفعاؤهم عند الله مع اعتقادهم أن الله خالقهم ورازقهم وهو الذي ينجيهم في ظلمات البر والبحر .
ولعل الله ييسر لي وأرد ردا تفصيليا على احد دكاترة الفتنة ممن يتستر بالسنة، وهو من دعاة الشرك الصريح وعسى أن يكون ذلك قريبا.
وفي هذا المقام ادعو من افتى بجواز الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى التوبة النصوح والمبادرة إلى إعلان التراجع والبراءة من الشرك وأهله، كما ادعو إلى استبعاد كل من عرف بالانحرافات العقدية حماية لعقيدة المسلمين.
اسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.