سؤال إلى الأخ المكرم عيسى أحمد العبيدلي: الاستغاثة بغير الله شرك أم لا؟ (١)
سؤال إلى الأخ المكرم عيسى أحمد العبيدلي: الاستغاثة بغير الله شرك أم لا؟
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
ففي تاريخ 14/ 11/ 1434هـ الموافق 20/ 9/ 2013م كتبت مقالاً تم نشره في جريدة "الوطن" بعنوان: من المسؤول عن فتوى تضلل المسلمين وتدعو إلى الشرك بالله؟ أنتقدت فتوى صادرة من قطاع الإفتاء في وزارة الأوقاف الكويتية فيها الدعوة الصريحة إلى الشرك الأكبر بالله العظيم المحبط للعمل الموجب للخلود في النار، جاء فيها بالحرف الواحد: (لا بأس بالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته ليشفع للمستغيث عند الله تعالى). وبعد 12 يوماً من نشر مقالي أي بتاريخ 26/ 11/ 1434هـ الموافق 2/ 10/ 2013 صدرت فتوى على السؤال نفسه الذي سبق الجواب عنه قبل ما يقارب 20 عاماً وتم نشره في سنة 1415هـ- 1995م، والمفاجأة الكبرى أن الجواب بعد التعديل لم يتطرق للسؤال بتاتاً، لا من قريب ولا من بعيد.
فالسؤال تضمن أربع فقرات بأربعة حروف استفهام وأربع علامات استفهام وهي:
س1 ما حكم التغني أو ترديد الشعر الآتي: يا رسول الله خذ بيدي؟ س2 هل فيه استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم من دون الله أم لا؟ س3 وهل هذه الاستغاثة شرك بالله أم لا؟ س4 وهل في هذه الكلمات إطراء بالنبي صلى الله عليه وسلم المذموم الذي جاء في الحديث "لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم"؟
أقول: لم ننتظر طويلاً فما هي إلا أيام وإذا بهيئة الإفتاء- التي لا أعلم ممن تتكون ولا من يتحمل ما يصدر عنها من الفتاوى- أجابت بجواب جديد عن سؤال السائل بعدما يقارب 20 سنة ولا نعلم عن السائل أحي هو أو ميت.
أقول: بعد ما يقارب شهر من صدور الفتوى الجديدة أرسل لي الأخ المكرم الوكيل المساعد لقطاع الإفتاء والبحوث الشرعية عيسى أحمد عيسى العبيدلي صورة عن فتوى رسمية من قطاع الإفتاء بتوقيعه، ليس فيها جواب ولا على واحد من الأسئلة الأربعة.
فالسؤال الأول: ما حكم التغني أو ترديد الشعر التالي: يا رسول الله خذ بيدي؟ فلم يأت الجواب في بيان التغني أو ترديد الشعر يجوز أو لا يجوز سنة أو بدعة.
والسؤال الثاني: هل فيه استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم من دون الله أم لا؟ فلم يأت بالجواب بيان إن كان نعم فيه استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم من دون الله أو ليس فيه استغاثة.
والسؤال الثالث: هل هذه الاستغاثة شرك بالله أم لا؟ لم يأت بالجواب نعم شرك بالله أو ليس هذا من الشرك بالله.
والسؤال الرابع: هل في هذه الكلمات -أي يا رسول الله خذ بيدي- إطراء بالنبي صلى الله عليه وسلم الإطراء المذموم؟ لم يأت بالجواب: نعم فيه إطراء مذموم أو ليس في هذا إطراء مذموم.
كان الواجب الذي هو من تمام النصيحة التي أوجبها الله تعالى على دكاترة الإفتاء أن يقولوا باختصار مفيد: التغني وترديد الشعر في الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأنه من البدع المحدثة، والاستغاثة بغير الله من الشرك الأكبر، والاستغاثة عبادة يجب أن تكون بالله وحده لا شريك له، والقول المذكور هو من الإطراء المذموم مثل إطراء النصارى للمسيح ابن مريم. والحمد لله رب العالمين.
والآن أخي القارئ أتركك مع فتوى قطاع الإفتاء بعد التعديل لترى بنفسك كيف صاغوها متجنبين الحكم على الفتاوى السابقة وتحاشوا تماماً كلمة الشرك ولم يذكروها لا نفياً ولا إثباتاً.
فتوى قطاع الإفتاء والبحوث الشرعية بالأوقاف
(فتوى رقم 14هـ/ 2013م)
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فقد عرض على هيئة الفتوى في اجتماعها المنعقد يوم الأحد 23 من ذي القعدة 1434هـ الموافق 29/9/2013م الاستفتاء المقدم من/ فلاح نهار العجمي، ونصه: ما حكم التغني أو ترديد الشعر الآتي: يا رسول الله خذ بيدي. هل فيه استغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم من دون الله أم لا؟ وهل هذه الاستغاثة شرك بالله أم لا؟ وهل في هذه الكلمات إطراء بالنبي صلى الله عليه وسلم الإطراء المذموم الذي جاء في الحديث: (لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم)؟ أفتونا مأجورين.
وقد أجابت الهيئة بالتالي:
إن الحكم في قول القائل: "يا رسول الله خذ بيدي" بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم يتوقف على قصد القائل به، فإن قُصد به الاستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم فيما لا يقدر عليه حال حياته، فهذا غير جائز، وإن قُصد الاستغاثة به صلى الله عليه وسلم فيما يقدر عليه حال حياته، فهو غير جائز كذلك، وإن قُصد بهذا القول مجرد إطراء النبي صلى الله عليه وسلم بما خصّه الله يوم القيامة من كرامة الشفاعة لأمته، والسيادة على الناس يوم القيامة، مع تمنيه وتوسله بذلك لنيل شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم له إلى ربه حتى يريحهم من مقامهم في الموقف، لا على سبيل الدعاء والطلب، بل على سبيل الخطاب بما سيؤول إليه الحال، فهذا مما لا بأس به، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه:«يَا مُحَمَّدُ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ وَخَاتِمُ الأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ، اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلا تَرَى إِلَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ فَأَنْطَلِقُ فَآتِي تَحْتَ الْعَرْشِ، فَأَقَعُ سَاجِدًا لِرَبِّي، ثُمَّ يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ مَحَامِدِهِ وَحُسْنِ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ شَيْئًا لَمْ يَفْتَحْهُ عَلَى أَحَدٍ قَبْلِي، ثُمَّ يُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
والأولى بالمسلم أن يتحرى ويقتفي آثار النبي صلى الله عليه وسلم في أدعيته وأذكاره، فإن الدعاء من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على السُّنة والإتباع، لذا فمن أراد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم فليسألها من الله تعالى وليقل: اللهم شفع فيَّ نبيك، أو اللهم ارزقني شفاعة نبيك، أو يا رب اجعلني ممن تشفِّع فيهم نبيك، وليُتبع سؤاله الشفاعة من الله تعالى، بالعمل الموجب لها، والمقتضي تحقيقها، من الإخلاص لله تعالى في العبادة، والاجتهاد في أداء ما فرض الله عليه، وسؤال الله الوسيلة والفضيلة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبخاصة عقب الآذان للصلوات المفروضة.
وأما إطراء النبي صلى الله عليه وسلم بمدحه، والثناء عليه بأحسن ما فيه، وبما خصه الله تعالى من كرامة بين سائر إخوانه من الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين من الشفاعة العظمى، وغيرها من أنواع الشفاعات يوم القيامة، من غير أن يكون في ذلك غلوٌّ، فهذا مما لا بأس به بإذن الله تعالى، والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
الوكيل المساعد لقطاع الإفتاء ولابحوث الشرعية عيسي أحمد عيسى العبيدلي) انتهت.
وقبل أن أختم مقالي أريد أن أسأل الأخ الوكيل المساعد ثلاثة أسئلة صريحة:
السؤال الأول: الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم شرك أو لا؟ السؤال الثاني: هل غيرتم الجواب بعد ما يقارب عشرين عاماً لأن الجواب السابق كان باطلاً؟ السؤال الثالث: ما أسماء الدكاترة والمفتين الذين أفتوا بالفتوى السابقة؟ اذكرهم بالتعيين للأهمية. وجزاك الله خيراً.
أخي القارئ الكريم تابعني في المقال القادم إن شاء الله تعالى إذ لم تتم المادة بعد، والحمد لله أولا ًوآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.