موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

سؤال إلى الأخ المكرم عيسى أحمد العبيدلي: الاستغاثة بغير الله شرك أم لا؟ (٢)

21 محرم 1435 |

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد: فمازال السؤال قائماً والجواب غائباً الذي توجهت به للوكيل المساعد لقطاع الافتاء والبحوث الشرعية الأخ عيسى أحمد العبيدلي ونص السؤال: هل الاستغاثة بغير الله شرك أم لا؟

وأظن لن أظفر بالجواب، وذلك -والله اعلم- لأن أحد الدكاترة المفتين في القطاع يفتي بجواز الاستغاثة بغير الله تعالى صراحة كما هو مثبت في موقعه الرسمي، فقد سُئل سؤالاً صريحاً -ويمكن لكل قارئ الرجوع اليه ليتأكد بنفسه- عن حكم الاستغاثة بغير الله تعالى فأجاب -والعياذ بالله- بالجواز، واستدل ببعض النقولات عن بعض مشايخ الطرق الصوفية بأنه يجوز الاستغاثة بالأحياء والأموات والتبرك بهم، ويستغاث بمقاماتهم لكونهم احباء الله. وزعم ان ذلك يجوز اذا اعتقد المستغيث ان المستغاث بهم لا تأثير لهم في النفع والضر، وزعم ان الميت ينفع الحي، بل زعم ان الأموات أكثر نفعاً للأحياء منهم لهم، لأن الأحياء مشغولون عنهم بهمِّ الرزق، والأموات قد تجردوا عنه ولا همّ لهم الا فيما قدموه من الأعمال الصالحة لا تعلق الا بذلك كالملائكة الى آخر كلامه المخالف للكتاب والسنة.

أقول: نعوذ بالله من هذا القول وقائله فمن عرف التوحيد ودرسه وفهمه يدرك تماماً ان مثل هذا الكلام من جنس كلام المشركين الأوائل، الذين كانوا يدعون الأولياء من دون الله ويزعمون أنهم شفعاؤهم عند الله!! لذا لو رجعنا الى الفتوى السابقة التي صدرت من وزارة الأوقاف الكويتية برقم (3188) في المجلد 11 صفحة 36 لوجدنا الجواب صريحاً مطابقاً لكلام الدكتور الصوفي الشاذلي. فقد جاء في جواب اللجنة عن سؤال المستفتي عن حكم قول (يا رسول الله خذ بيدي) قولهم (لا بأس بالاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته ليشفع للمستغيث عند الله تعالى وعليه فلا مانع من الدعاء والاستغاثة باللفظ المسؤول عنه...).

ثم يا اخي عيسى العبيدلي كيف يتم تعيين مفتي دراسته الجامعية من كلية التجارة وتخصصه في الماجستير والدكتوراه بالفقه ثم يستفتى بالعقيدة ومسائل التوحيد؟ ثم هذا الدكتور لا يُعرف بالتتلمذ على علماء السُّنة ولا أخذ عنهم، فمن المسؤول عن تمكين الدكتور ليفتي في مسائل التوحيد والعقيدة؟

يا أخي عيسى العبيدلي جاء في الفتوى بعد التعديل قولكم (فإن الدعاء من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على السنة والاتباع)، وهذا كلام جيد ولكن كما قيل من فمك ندينك اذا كنت تقرّ ان الدعاء عبادة فكيف صرفها لغير الله لا يكون شركاً بالله؟ لماذا تقولون ان كان يقصد و ان كان يقصد؟ انها مسألة واضحة كوضوح الشمس فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول (الدعاء هو العبادة) [رواه الترمذي، عن النعمان بن بشير، سنن الترمذي، رقم: 2969، وصححه الألباني في صحيح الجامع، رقم 3407]. اذاً دعاء النبي صلى الله عليه وسلم من دون الله معناه عبادته والعبادة لغير الله شرك بالله فلماذا لا تنتهج لجنة الفتوى المنهج النبوي فتسمى كل شيء باسمه الشرعي؟! فلقد جاء في الحديث الصحيح ان رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أجعلتني لله نداً؟ قل ما شاء الله وحده) مع العلم ان قول القائل يا رسول الله خذ بيدي أشد من قول (ما شاء الله وشئت). ولما مرَّ بعض الصحابة بشجرة يقال لها ذات أنواط، كان المشركون ينوطون أسلحتهم بها، فقالوا يا رسول الله: اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط.فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (سبحان الله هذا كما قال قوم موسى اجعل لنا الهاً كما لهم آلهة، والذي نفسي بيده لتركبن سنة من كان قبلكم) [رواه الترمذي عن أبي واقد الليثي، سنن الترمذي، رقم: 2180].

أسأل الله ان يصلح حال قطاع الفتوى في وزارة الأوقاف ويتم استبدال المفتين بآخرين معروفين بالعلم وحسن الاعتقاد والتخصص الذي يؤهلهم لنصيحة المسلمين. والحمد لله أولا وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات