موقع الشيخ
حفظه الله
سالم بن سعد الطويل

التعليق على رسالة محمد التجار إلى محمد العنجري

29 محرم 1435 |

التعليق على رسالة محمد التجار إلى محمد العنجري

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فقد وصلتني الرسالة التالية من الولايات المتحدة الأمريكية ولاية يوتا وهذا نصها:

من محمد بن نزيه التجار إلى أخي العزيز/ سالم بن سعد الطويل السلام عليك ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

فإني أرسل لك هذه الرسالة راجيا من الله تعالى أن يوفقك لتكتب تعليقاً عليها لعل الله ينفعني وغيري بذلك.

نص الرسالة:

أخي الكريم/ لقد أرسلت- ولله الحمد- رسالة إلى الشيخ محمد العنجري عبر الواتساب- يوم الأربعاء 17 محرم 1435 هـ، الموافق21/ 11/ 2013 م، بعد اتصالات هاتفية متكررة لم أظفر بالرد وذلك لأسأله سؤالاً شخصياً، وهو كالآتي:

التجار: هل صحيح أنك لا تكفر بشار الأسد النصيري العلوي البعثي؟

فأرسل لي مقطعاً للشيخ العلامة الوالد صالح الفوزان- حفظه الله- وفيه سائل يسأل الشيخ - ويظهر أنه عامي - يقول:

في بعض الجهات بتطلق التكفير على بعض الحكام يعني أنا بسأل حد يعني مع أصحابي لما نتونس بنقول هل الرئيس المعين مثلا كافر أو لا؟ مثلا مثال بشار الأسد في ناس بيقولوا هو كافر وفي ناس بيقولوا لا، وفي الحديث اللي بيقول يا أخي العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة وبنشوف في التلفزيون أنه بعض اللقطات بتجيب إن بشار الأسد يصلي هل بشار الأسد كافر أو لا؟ باعتباركم جهه رسمية أرجو منكم الإفادة.

فأجاب الشيخ صالح الفوزان حفظه الله تعالى بقوله:

يا أخي ما كلفك الله بهذا بالكلام في الناس وتكفير فلان وعلان، ما كلفك الله بهذا، وانصح إخوانك أنه لا يدخلون في هذه المواضيع، هذه مواضيع خطرة، وأيضا هذه ليست من شأنكم، تكفير الناس لا يجوز إلا ببرهان ويكون هذا عند أهل العلم والبصيرة إذا احتيج إلى بيان الحكم، وأما إذا لم يحتج إلى بيان الحكم فلا يجوز أن يكون هذا حديث المجالس وانشغال الناس بذلك لأن هذا فتنة. انتهى كلام الشيخ الفوزان.

التجار: بارك الله فيك يا شيخ محمد العنجري، كلام العلامة الوالد الشيخ صالح الفوزان واضح والسائل عامي- كما يبدو- ونصحه بعدم خوض الناس والعوام خاصة في مثل هذه الأمور بلا سبب.

وأما سؤالي فهو موجه لك يا شيخ محمد شخصياً، لأنه بلغني أنك تقول بشار ليس كافراً أو أنك متوقف بتكفيره- أي أنه مسلم- لأن من ليس بكافر حتما سيكون مسلماً، ولا يخفى على فضيلتك أن هناك فرقاً بين المسألتين.

ثم إن كان ما نقل لي عنك صحيحاً فمعنى هذا أنك خضت في ما نهى عنه العلامة الفوزان، فوجب السؤال والبيان، وإن كنت لم تقل ذلك ولا تعتقده فانفِ ذلك لنذب عنك، فهذا من حقك علينا، وجزاك الله خيرا.

العنجري: حفظك الله لقد أجبتك بما قاله الشيخ الفوزان، وجزاك الله خيرا.

التجار: ولكن سؤالي صريح وواضح، عن بشار الأسد هل قلت أنه مسلم أو لم تقل؟ إما أنك قد قلت ذلك فقل نعم، أو لم تقله فقل لا.

العنجري: حياك الله.

هنا انتهت المراسلة بيني وبين الشيخ محمد العنجري، والسلام عليكم ورحمة الله.

فأجبته بالآتي:

من سالم بن سعد الطويل من الكويت- حفظها الله بالتوحيد والسنة وامتع أهلها بالأمن والأمان- إلى أخي الحبيب محمد بن نزيه التجار وفقه الله في أمريكا:

وعليك السلام ورحمة الله وبركاته

لقد وصلتني رسالتك- وصلك الله برحمته- فتعجبت قبلك مما تعجبت منه مما اشتهر عن الأخ الفاضل الشيخ محمد بن عثمان العنجري- حفظه الله تعالى- من توقفه في كفر بشار الأسد، ولا أقول تكفيره؛ لأن بشار الأسد أصلاً ما دخل في الإسلام حتى نحكم بتكفيره، فهو نصيري باطني، والطائفة النُّصيرية لا يتردد من عنده أدنى خلفية علمية عنهم بأنهم بعيدون كل البعد عن الإسلام، حتى قال عنهم غير واحد من أهل العلم أنهم أكفر من اليهود والنصارى، ولا أدري كيف يقول الشيخ محمد العنجري ذلك الكلام، حتى إني ما كدت لأصدق ما نُقل عنه حتى انتشر تسجيل بصوته يؤكد عدم تكفيره لبشار الأسد النصيري البعثي، وأكاد أجزم بأن الشيخ العنجري- وفقه الله تعالى- لو كلَّفَ نفسه قليلا وقرأ عن النُّصيرية لأتضح له حكم كفرهم واضحاً جلياً وجزم بلا تردد أنهم ليسوا على ملة الإسلام.

والغريب والعجيب في الأمر أنه يحيلك على كلام الشيخ العلامة صالح الفوزان حفظه الله تعالى، وليس في كلام الشيخ ما يؤيد ما ذهب إليه لا من قريب ولا من بعيد؛ فالشيخ الفوزان لم يقل بشار مسلم ولا قال ليس بكافر، وإنما وجّه له السائل سؤالاً- والذي يبدو من ركاكة سؤاله أنه عامي- فوجّهه بتوجيهات كريمة، وهي كالآتي:

الأول: أن التكفير لا يجوز إلا ببرهان.

الثاني: أن التكفير يكون عند أهل العلم والبصيرة.

الثالث: أن التكفير يتكلم به العلماء إذا احتيج إلى بيان الحكم.

الرابع: لا يجوز أن يكون التكفير حديث المجالس وانشغال الناس بذلك.

مع ملاحظة مهمة وهي أن السائل سأل عن حكم التكفير عموما وذكر بشار الأسد على سبيل المثال، لذا أجابه الشيخ بجواب عام وهذا ظاهر جدا.

فأين وجد الشيخ العنجري- غفر الله لوالديه- في كلام الشيخ العلامة صالح الفوزان ما يدل على أن بشار الأسد مسلم أو ليس بكافر أو أن الشيخ متوقف بتكفيره أو لا يجوز تكفيره مطلقاً؟!

كنت أتمنى من الشيخ محمد العنجري أن يتثبت ويتحقق ويتحرى الصواب ويلتمس الحق ويسأل أهل العلم إن كان لا يعلم عن النصيرية وحقيقة مذهبهم ودينهم وملتهم قبل أن يتكلم بكلام مرسل قد يسيء به لنفسه ولمشايخه ولإخوانه السلفيين.

ولقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى- عن النصيرية بعد أن ذكر السائل جملة من كفرياتهم وفظائعهم الجسيمة وعقائدهم الباطلة فأجاب رحمه الله بقوله:

الحمد لله رب العالمين: هؤلاء القوم المسمَّون بالنصيرية هم وسائر أصناف القرامطة الباطنية أكفر من اليهود والنصارى، بل وأكفر من كثير من المشركين وضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين مثل كفار التتار والفرنج وغيرهم، فإن هؤلاء يتظاهرون عند جُهَّال المسلمين بالتشيع وموالاة أهل البيت وهم في الحقيقة لا يؤمنون بالله ولا برسوله ولا بكتابه ولا بأمر ولا نهي ولا ثواب ولا عقاب ولا جنة ولا نار ولا بأحد من المرسلين قبل محمد صلى الله عليه وسلم ولا بملة من الملل السالفة، بل يأخذون كلام الله ورسوله المعروف عند علماء المسلمين يتأولونه على أمور يفترونها، يدعون أنها علم الباطن، من جنس ما ذكره السائل ومن غير هذا الجنس، فإنه ليس لهم حدٌّ محدود فيما يدعونه من الإلحاد في أسماء الله تعالى وآياته وتحريف كلام الله تعالى ورسوله عن مواضعه، إذ مقصودهم إنكار الإيمان وشرائع الإسلام بكل طريق مع التظاهر بأن لهذه الأمور حقائق يعرفونها من جنس ما ذكر السائل ومن جنس قولهم: إن "الصلوات الخمس" معرفة أسرارهم، "والصيام المفروض" كتمان أسرارهم، "وحج البيت العتيق" زيارة شيوخهم، وأن (يدا أبي لهب) هما أبو بكر وعمر، وأن (النبأ العظيم والإمام المبين) هو علي بن أبي طالب، ولهم في معاداة الإسلام وأهله وقائع مشهورة وكتب مصنفة، فإذا كانت لهم مكنة سفكوا دماء المسلمين، كما قتلوا مرة الحُجَّاج وألقوهم في بئر زمزم، وأخذوا مرة الحجر الأسود وبقي عندهم مدة وقتلوا من علماء المسلمين ومشايخهم ما لا يحصي عدده إلا الله تعالى، وصنفوا كتباً كثيرة مما ذكره السائل وغيره وصنف علماء المسلمين كتباً في كشف أسرارهم وهتك أستارهم، وبيّنوا فيها ما هم عليه من الكفر والزندقة والإلحاد الذي هم به أكفر من اليهود والنصارى ومن براهمة الهند الذين يعبدون الأصنام...الخ كلامه رحمه الله تعالى (مجموع الفتاوى: ٣٥ / ١٤٩-١٥٠).

أما كلام علمائنا المعاصرين فمشهور جدا ولا أدري لماذا الشيخ محمد العنجري وفقه الله لكل خير أعرض عنه وكأنه لا يعلم؟!

فالشيخ العلامة المفتي عبدالعزيز بن باز- رحمه الله تعالى- في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الميلادي الماضي كفر طاغوتين مشهورين؛ الأول الخميني كفَّره لأنه باطني، والثاني صدام حسين كفَّره لأنه بعثي، فما بال بشار الأسد لا يكون كافراً عند الشيخ محمد العنجري وهو نصيري باطني وبعثي عفلقي؟!

ولقد صرَّح الشيخ ابن باز- رحمه الله- تصريحاً فصيحاً ظاهراً واضحاً بكفر حافظ الأسد الأب وأتباعه لأنهم نصيرية علوية.

وكذلك كلام الشيخ العلامة صالح اللحيدان- حفظه الله تعالى- صريح ومطابق لكلام الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى فقد قال:

بالنسبة لحاكم سوريا، حاكم سوريا نصيري ليس بمسلم، والنصيرية جزء من الفاطميين، الدولة الفاطمية الذين يقول العلماء عنهم إن ظاهرهم الرفض يتظاهرون بأنهم رافضة وباطنهم الكفر المحض هذا من جانب.

ومن جانب آخر أيضا هو بعثي تبع حزب البعث الذين يرون أن البعث هو الرب ربهم، حتى في جرائدهم ينشدون شعراً بأن البعث هو الرب لاشريك له...إلى أن قال: لا يحل لأحد أن يخرج على الوالي المعتبر شرعا حتى ولو كان الوالي له مخالفات لا يجوز، إلا إذا حصل كفر بواح، يعني ظاهر ليس خفي يعني يكون أعلن كفره، يقول مثلا الصلاة الآن ليست بلازمة أو كما يقول القذافي السنة لا حاجة لنا إليها، القذافي يقول السنة جميعا لاحاجة إليها يكفينا القرآن، فأما سوريا فلا شك أن الحاكم نصيري ومن حزب البعث. انتهى كلامه حفظه الله.

ويشير الشيخ صالح اللحيدان حفظه الله تعالى إلى قول بعثيين:

رضيت بالبعث رباً لا شريك له *** وبالعروبة ديناً ما له من ثاني

وكذلك الشيخ العلامة المحدث ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله تعالى كلامه صريح في تكفير بشار الأسد فقد قال:

أننا ثابتون على منهجنا الإسلامي المنبثق من كتاب الله ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي سار عليه سلفنا الصالح في العقائد والعبادات والمعاملات والسياسة، فلن نزيد ولن ننقص من ذلك شيئاً، ولسنا مثلكم كالحرباوات نتلون ونتشكل مسايرة للمتغيرات وتقلبات الأوضاع والحكومات، ومن بوائق هذا الصنف أنهم يتهمون السلفيين بأنهم يؤيدون القذافي الليبي والأسد السوري ونظامه النصيري الباطني، وقد أسرفوا في ترداد هذا الإفك وينشرونه في المواقع وكذبوا وأفكوا؛ فعلماء المنهج السلفي يكفرون القذافي وهذا النصيري وطائفته النصيرية الباطنية، ولقد صرحت بهذا في دروسي مرارا. انتهى كلامه حفظه الله.

وكذلك كلام الشيخ العلامة عبيد الجابري حفظه الله صريح بكفر بشار الأسد فقال:

الكافر ابن الكافر بشار بن حافظ الأسد لعنة الله عليه وعلى أبيه، فهو الكلب وابن الكلب والكفر نهجه، فلا خير في كلب تناسل من كلب. انتهى كلامه حفظه الله.

وقبل أن أختم مقالي هذا أحب أن أوصي أخي الفاضل الشيخ محمد العنجري وأوصي نفسي المقصرة بتقوى الله تعالى، وأقول له:

اسأل ربك الهداية وأن يشرح صدرك لقبول الحق، وأتمنى أن تراجع نفسك وتسأل أهل العلم ولا تتسرع في اصدار الأحكام جزافا هكذا.

وياليتك حتى لو لم تقتنع بكفر بشار الأسد النصيري الباطني البعثي العفلقي ألا تصرح بهذا أمام عامة المسلمين الذين انكسرت قلوبهم انكسارا عظيما بسبب جرائم بشار بالأبرياء- عجل الله زواله وأراح المسلمين من شره-.

أسأل الله أن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن. والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

المقالات