تبرير الطوام بحجة أنهم عوام (١-٧)
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده أما بعد:
فإن من القواعد الباطلة التي أصَّلها رجل يهودي وأخذها عنه منْ أخذها بين مقلٍ ومكثرٍ قولهم فلنتفق على ما اتفقنا عليه وذلك في قصة ذكرها الخطيب البغدادي في تاريخه (4/ 583)، وزاد بعض من لا علم له بالسنة ولم يتربَّ عليها :
(ليعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه) وهذه القاعدة المنحرفة قد استعملها كثير من الناس في بناء الأحزاب والتكتلات المذمومة شرعاً بجميع مسمياتها وتوجهاتها سواء كانت دينية أو فكرية أو نفعية
بحيث إذا أخطأ صاحبهم أو انحرف أو ضلَّ أو حتى لو كفر فتجدهم لا ينكرون عليه ولا ينهونه عن باطله ، بل ربما لا يخطؤونه بحجة أنه ينتمي إليهم وينتمون إليه ويقولون بلسان المقال أو بلسان الحال : (ليعذر بعضنا بعضاً )، وفي المقابل إذا اخطأ من ليس من حزبهم أو كتلتهم تجدهم ينكرون عليه أشد الإنكار وينزلون به أشد العقوبات ويلقبونه بأقبح الألقاب ويقاطعونه مقاطعة تامة، بل ربما تتبعوا اخطاءه ونقبوا عنها تنقيباً دقيقاً والتقطوها بالمناقيش وحفظوها بالآراشيف وجدولوها جدولةً دقيقة وفهرسوها فهرسةً رفيعة وطاروا بها فرحاً وطرباً، وذهبوا بها كل مذهب واستعملوها عند الحاجة وبلا حاجة، بل ربما كبروها وعظموها وحملوا الكلام ما لا يحتمل وصوروا الأمور بغير صورتها الحقيقة وأضافوا عليها كذبة أو كذبات وزخرفوها بالافتراءات، وهذا لا شك ليس من العدل في شيء، ولعل عامة أفعالهم ليست لله أصلاً .
ولا غرابة إن صدرت مثل الممارسات ممن لا يصلى لله ركعة لكن أن يمارس هذه الممارسات دعاة إلى الله وطلبة علم بل ممن يزعم أنه سلفي من السلفيين (الخُلص الأقحاح) فهذا غريب وقبيح جداً مع أن تلقيب المسلم نفسه بالسلفي الخالص أو القح أمرٌ مذموم شرعاً لقول الله تعالى: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: ٣٢]، أي لا يزكي بعضكم بعضاً وهذا كقوله تعالى ﴿ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ أي لا يقتل بعضكم بعضاً.
ولقد رأيت جانباً كبيراً مثل هذه الممارسات عند أخٍ لي عزيز كانت لي به علاقة حسنة طيبة وكان يدرس عندي بانتظام لكن للأسف افسدته الحزبية المقيتة، ولعل اكبر سبب، تلك الخلطة والصحبة لرجلٍ حاقدٍ حاسدٍ ممن تستر بالسلفية، وهو في الحقيقة وللأسف بعيد عنها فحربه شديدة جداً على السلفيين خاصة، ولا يكاد يذكر له جهدٌ ولا جهادٌ ضد غيرهم، بل ربما تراه لطيفاً جداً مع غير السلفيين، فوجدناه يبرر لكثير من المنحرفين في عقائدهم واخلاقهم وآماناتهم فيلقبهم بـ (العوام) تبريراً لما عندهم من الإنحرافات والطوام، فوالله الذي لا إله إلا هو لا نكاد نسمع له كلمةً في الإنكار على من يتبنى الأفكار العلمانية أو الليبرالية أو أرباب الربا والفجور أو دعاة تحرير المرأة والإباحية وأهل الكبائر والموبقات ، بل ليس له نشاط يذكر ضد أصحاب العقائد الباطلة على مختلف درجاتها في الضلال، فسبحان الله هل من يطلق عليهم (عوام) هم غير مكلفين أو قد رُفِعَ عنهم القلم أو لأنه يتعامل معهم بقاعدة (ليعذر بعضناً بعضاً )؟
ثم إلى متى يبقى هؤلاء (عوام) لا يتعلمون ويدخلون في دائرة التكليف ؟ هل دين الله صعبٌ المنال وعسيرٌ فهمُهُ على هؤلاء العوام فلمْ ولنْ يفهموه وسيبقى عذرهم معهم حتى يموتوا ويلاقوا ربهم معذورين ؟ سبحانك هذا بهتان عظيم.
والخلاصة : إني مازلت طامعاً برجوع أخي المغرر به فأرسلت له هذه الرسالة لعل الله أن يوقظه من سباته فقلت بها :
من سالم بن سعد الطويل إلى أخي الكريم (زيد بن فلان) السلام عليك ورحمة الله وبركاته
أما بعد: فإني أرسل لك رسالتي هذه راجياً من الله تعالى أن يشرح صدرك للحق ويحببه لك ويوفقك لإتباع الهدى ويقيك شر الهوى أخي العزيز كم احزنني استقبالك للدكتور (أحمد . با) من خارج الكويت- وأنا اقرب إليك منه - واحزنني أنك تسمعه يدعى زوراً وبهتاناً بأنني من الجمعية الفلانية أو لي علاقة بهم!! مع أنك من اعلم الناس بي وتعلم جيداً بأني لست مع هذه الجمعيات ولا الجماعات، بل وإني على خلاف معهم قديم وطويل فكيف تكتم هذه الحقيقة ولا تنكر على ضيفك دعواه الباطلة ؟ بل تستضيفه بين الحين والآخر بل وتبسط له ذراعيك وتأخذه بالأحضان وتفتح له مجلسك مع ظلمه وتعديه ؟
والله أتساءل متعجباً كيف لا تتقي الله في نفسك وأنت تعلم بطلان دعواه ؟
فإن قلت لأنك لا تبدع تلك الجمعية أو لا تبدع منهجهم ؟
فأقول :
أولاً: هب أني لا ابدعهم أو لا أبدع منهجهم هل يعني هذا أنني معهم ومنهم؟
ثانياً: منْ قبلي بدعهم أصلاً أو بدع منهجهم بالعموم حتى تطالبني بتبديعهم؟
ثالثاً : هل أنت ومن معك تبدعونهم بالعموم حتى تلزموني بتبديعهم؟
إن كان تبديعهم من البر فبادروا بتبديعهم قبل أن تطالبوني بذلك لأن الله تعالى يقول: ﴿ (أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)) [البقرة]، فمثلكم كمثل الذين يرسلون الشباب إلى البلاد التي فيها القتال والفتن باسم الجهاد وهم أول من يتخلف عن ذلك.
وإلا لماذا يُسمع من الصغار الذين تحت أيديكم يبدعون فلاناً وفلاناً بالتلميح الشديد الذي يكاد يكون صريحاً!! بينما أنتم لا تبدعونهم؟
أخي الكريم من العدل الذي أمرنا الله تعالى به أن لا نبدع افراد جمعية سنية بالعموم وكذلك أيضاً لا نبدع منهجهم بالعموم لأن ليس كل ما في منهجهم محدث لكي نبدعه بالعموم، فتنبه لهذا فالظلم ظلمات يوم القيامة.
رابعاًً: لماذا لا تقاطعون كل من لم يبدعهم أو يبدع منهجهم؟ ولا يخفى عليك المقاطعة بلا موجب شرعي حرام لقول ﷺ ("لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا. ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".وزاد ابن عيينة "ولا تقاطعوا") رواه مسلم رقم (2558) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
خامساً: شقيق الدكتور (أحمد . با) وهو شيخه ً لم يقاطع احدى الجمعيات في الكويت بل ومازال على إتصال بهم ويزورهم ويحاضر في مؤتمر نظمته تلك الجمعية وهذا أمر معلوم ومشهور ولو كان تحت مظلة وزارة الأوقاف فلماذا ما انكرتم عليه؟ هل هذا من باب (وليعذر بعضنا بعضاً)؟
سادساً: شقيق الدكتور (أحمد . با) يزور اصدقاءه وزملاءه الكويتين الذين كانوا معه في جامعة أم القرى وهم من الإخوان المسلمين ويجالسهم ولا تنكرون عليه لماذا ؟ هل عملاً بقاعدة (وليعذر بعضنا بعضاً)؟
حاول يا أخي أن تكون لك شخصية مستقلة لا تنخدع بكل ما يملي عليك بعض الناس الذين جعلوك تعادي من يعادون وتوالي من يوالون بلا دليل ولا برهان واحذر أن تلغي عقلك وكيانك وتمسخ شخصيتك كما قال شيخنا محمد بن صالح العثيمين : (ينبغي للمسلم أن لا يكون إمعة يتبع كل ناعق ، بل ينبغي أن تكون شخصيته بمقتضى شريعة الله) [فتاوى نور على الدرب (٥٧٧/١)].
سابعاً: أخي العزيز لما كنت تدرس عندي في بيتك لمدة سنوات ما سمعتك قط تبدع الجمعية الفلانية ولا تبدع منهجهم على سبيل العموم فما الذي تغير فيك أو تغير في الجمعية ؟ ثم إنني ما كنت ابدع تلك الجمعية فلماذا ما كنت تنكر عليَّ ؟ هل كنت لا تعتبر ذلك مأخذاً عليَّ ؟ لماذا آنذاك كنت ساكتناً ؟ هل كنت تتعامل معي بقاعدة (وليعذر بعضنا بعضاً) ثم لما هجرتني انتقل عملك بقاعدة (وليعذر بعضنا بعضا)ً مع غيري ؟
ثامناً: إذا لم ابدعهم فما الذي يضرك ويجعلك تتحامل علي؟
تاسعاً : التبديع المطلق لجماعة أو جمعية من أهل السنة غلط كبير فقد تصيب قوماً بجهالة وتبدعهم بغير حق، وانصحك أن تتدبر قول الله تعالى (وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (25)) [الفتح]، ولعلك تعلم أن منتسبي تلك الجمعية ليسوا سواء والمسلم يخشى من إطلاق الحكم العام بالتبديع والتضليل حتى لا يصيب من لا يستحق ذلك الحكم فيحاسبه الله على تبديعه وتضليله للمسلمين، فتنبه لهذا.
عاشراً: ما البدعة التي عند تلك الجمعية وليست عند غيرهم؟ هل هي التحزب والتكتل؟ لاشك أن التحزب والتكتل موجود اليوم في كثير من المسلمين وليس في منتسبي تلك الجمعية وحدهم ثم لا يخدعك من قال إن التحزبات والتكتلات ليست بدعة ولا محظورة شرعاً إلا إذا كانت دينية أو دعوية أو خيرية؛ فهذا باطل وكذب على الشرع، بل كثير من التحزبات والتكتلات هي شرٌ من الجمعيات الخيرية كالوطنية والليبرالية والشعبية والديمقراطية وغيرها فإن قال لك صاحبك تبريرا للطوام هؤلاء (عوام ) فقل له كذلك اتباع الجمعيات الدعوية أيضاً عوام أليس كذلك ؟ أو أن قاعدة (ويعذر بعضنا بعضا) تشتغل هنا وتتوقف هناك؟
حادي عشر: إن كثراً من أهل العلم بل الأكثر لا يطالبون أحداً بالتبديع ومنهم علماؤنا الكبار بل هم الأكبر كالشيخ ابن باز والشيخ الالباني وشيخنا ابن عثيمين رحمهم الله تعالى، ولقد تتلمذت على يدي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ولازمته سنوات وحضرت له مئات الدروس والخطب والمحاضرات واستمعت إلى مئات الأشرطة فوالله ما سمعته قط قال فلان مبتدع فضلاً أن يقول لأحد أريد منك أن تبدع فلاناً !!
ثاني عشر : اخي الكريم لست مضطراً لتبديع فلان أو فلان ثم افتح على نفسي باب شر من العداوة مع الآخرين لها أولٌ وليس لها آخر فهذا عمل لا اعتقد أن لي فيه أجر أو أنه يقربني إلى الله تعالى، كما أنني لا اعتقد أن علي إثم في عدم تبديعه .
ثالث عشر : كثير من العلماء كفروا بشار الأسد النصيري بل ولا اعلم إلى هذه اللحظة عالماً من علمائنا قال بإسلامه لا الشيخ صالح الفوزان ولا غيره ، ولم يقل بإسلام بشار إلا البوطي الصوفي وحسن نصر الله الباطني ونحوهما وأحد المشايخ الفضلاء مَنْ كفر بشار الأسد وبدع فلاناً والسؤال : لماذا تركتم قوله في تكفير بشار وأخذتم قوله في تبديع فلان ؟ مع أن هذا من حقكم فكل إنسان مسؤول عن عقيدته وما يدين الله تعالى به لكن لماذا يجوز لكم ما لا يجوز لغيركم؟ من حق غيركم أن يقول بتكفير بشار ويتوقف عن تبديع فلان أليس كذلك ؟ طبعاً الجواب صعب جداً.
واعلم أخي الكريم أن الرجوع إلى الحق أولى من التمادي في الباطل.
رابع عشر : هل يا أخي الكريم حفظك الله تعالى تبدعون منْ بدعه الشيخ فلان أو أنكم تبدعون من تشتهون دون من لا تشتهون ؟ إذا كنتم تبدعون كل منْ بدعه الشيخ فمن هؤلاء الذين بدعهم الشيخ فلان وبدعتموهم معه؟ لأنني لا اكاد اسمع أنكم بدعتم أحداً في الكويت فهل خلت الكويت من المبتدعة أو تخشون أحداً غير الله؟
خامس عشر : هل تبدعون منْ لم نسمع عن الشيخ فلان أنه بدعهم وإن كانوا من مشاهير المبتدعة ؟
سادس عشر : إذا توفي الشيخ الذي تعتمدون على تبديعه - ختم الله له بخاتمة حسنة - هل ينتهي التبديع ؟
سابع عشر : إذا توفي الشيخ المعتمد في التبديع فمن سيخلفه ؟ وماذا ستفعلون إذا اختلفوا على المنصب الشاغر بعد وفاته ؟ وما موقفكم إذا اختلفوا في تبديع شخص من عدمه ؟ وما موقفكم إذا بدع أحدهما الآخر؟
ثامن عشر : هل من دليل شرعي يدل على لزوم اتباع رجل بعينه في كل تبديع ٍ له بدع به شخصاً بعينه ؟ إذا كان عندك دليل فاذكره لي، فإن قلت هذا مذهب السلف فمن المراد بالسلف ؟ فهذه كلمة فضفاضة ثم مَنْ مِن السلف قال ذلك ؟ اذكر اسمه إن كنت من الصادقين. ثم هل هذا محل اجماع أو اتفاق بين السلف ؟
تاسع عشر : ما الفرق بين التكفير والتبديع بحيث يلزم اتباع العالم الفلاني في التبديع ولا يلزم اتباعه في التكفير؟ وهل العالم الفلاني يجيد التبديع فيعتمد ولا يجيد التكفير فلا يعتمد؟ اعلم أن السؤال محرج لكن الله يعينك . انتظر جوابك هذا إذا كان عندك جواب !
عشرون: اخي الكريم سمعت ضيفك الدكتور (أحمد . با ) يقول فلان ليس بسلفي لأنه لا يقول الخلاف بيننا وبين الجمعية الفلانية خلاف عقدي !! والسؤال : هل كل منْ لم يقل الخلاف مع الجمعية الفلانية ليس عقدياً يكون ليس سلفياً ؟ أو هذا الحكم خاص بشخص بعينه دون غيره؟
سبحان الله أين عقلك يا أخي الكريم؟ أما علمت أن الأحكام تُبني على القول لا على عدم القول ؟ فلو قيل فلان ليس بسلفي لأنه قال كذا وكذا فهذا مقبول لكن أن يقال فلان ليس بسلفي لأنه لا يقول كذا وكذا فهذا غريب جداً ، يا أخي الحبيب لا تدع ضيفك يعبث بعقلك فتأصيلاته باطلة ما أنزل الله بها من سلطان ركز معي قليلاً ، واسأل الله الهداية واستعذ بالله من الغواية ، أخي لا يمكن أن يُحكم على شخصٍ ( ما ) بحكم من الأحكام لأنه لم يقل كذا وكذا وإنما يحكم عليه إذا قال كذا وكذا.
ثم اعلم أن عامة المسلمين ما حكموا على تلك الجمعية بأنها بدعية أو أن منهجها بدعي ومنهم من لا يعرف عنها شيئاً بل قد من المسلمين من لا يعرف الجمعية أصلاً ولو عَرَفَها فإنه لا يعرف ما هي عليها من مخالفات ، بل ولو عرَّفتهم فلن يستوعبوا اخطاءها وانحرافاتها فبماذا تحكم عليهم؟
واحد وعشرون : الشيخ فلاح بن اسماعيل قال : خلافنا مع الجمعيات عقدي فهل سَلِمَ من لسان ضيفك ؟
ثاني وعشرون : النميمة حرام ومن كبائر الذنوب حتى جاء فيها من الوعيد ما لم يأت في كثر من الكبائر فقال النبي صلى الله عليه وسلم (لا يدخلُ الجنَّةَ قتَّاتٌ) أي نمام [رواه البخاري رقم (6056) ومسلم (105) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.
وقال شيخنا العلامة ابن عثيمين - رحمه الله-: (والنميمة كما هي من كبائر الذنوب ؛ فهي في الحقيقة خلق ذميم . ولا ينبغي للإنسان أن يطيع النمام مهما كانت حاله، قال تعالى : {وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (10) هَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ (11)}، واعلم أنَّ مَن نَمَّ إليك ؛ نَمَّ فيك أو منك ، فاحذره). [القول المفيد (١/ ٥٢٥_٥٢٦)]. فمتى تتركون النميمة وتتوقفون عنها ؟
لقد افسدتم علاقات طويلة وحميمة بين المشايخ وطلابهم بنميمتكم التي يزينها لكم الشيطان ويجعل لها مبرراً شيطاني وأراكم تصرون على النميمة وتظنون أنها من القربات إلى الله تعالى وما هي إلا تحريشات شيطانية والعياذ بالله.
ثالث وعشرون : إليك يا أخي هذين النقلين عن عالمين بصيرين وهما من اكبر علماء السنة في زماننا هذا، الأول : سئل الشيخ العلامة محمد ناصر الدين الألباني : ما رأيكم في هذه القواعد : من لم يكفر الكافر فهو كافر، ومن لم يبدع المبتدع فهو مبتدع، ومن لم يكن معنا فهو ضدنا ؟
الشيخ الألباني : ومن أين جاءت هذه القواعد؟ ومن قعَّدها ؟!، هذا يُذكّرني بنُكتة تُرْوى في بلادنا الأصيلة "ألبانيا" حكاها في بعض المجالس والدي- رحمه الله- القصة تقول : بأن رجلاً عالماً زار صديقاً له في بيته، ثم لما خرج من عنده كَفَّرهُ قيل له : لِمَ؟ عندنا عادة في بلادنا وهي عادة أظُن مضطردة في بلاد العالِمْ يُعَظِّمون ويحترمون أو يُوّقِّرُون العلماء في بعض الأعراف والتّقاليد التي تختلف في اختلاف البلاد ، منها : رجلٌ مثلاً دخل الغرفة ونزل عليه ، فهو حين يَخْرُجْ ينبغي أنْ يُدار النّعِلْ بحيث أن العالِمْ لا يتكلّف أن يَلِفْ ويدور كأنه داخل وانما يجعل النعل مهيأ لدك قدميه فيه، فهذا العالِمْ لَمَّا زار صديقه وخرج وجد النَّعِلْ كما هما ، يعني ما احترم الشيخ، تركهما كما هما ، فقال الرجل العالِمْ : أنّ هذا كَفَرْ، لماذا ؟ لأنه لم يحترم العالِمْ ، ومَنْ لا يحترم العالم لا يحترم العِلِمْ، والذي لا يحترم العلِمْ لا يحترم مَنْ جاء بالعِلمْ، والذي جاء بالعلم هو محمد - صلى الله عليه وسلم - وهكذا سلْسلَها إلى جِبْريل ، إلى رب العالمين ، فإذاً هو َ كافر ! هذا سؤال أو هذه القاعدة ذكرتني بهذه الإطلاقة، ليس شرطاً أبداً أنّ مَنْ كَفَّرَ شخصاً وأقام عليه الحُجَّة ، أنْ يكون كّلَّ النَّاس معه في التَّكْفير لأنه قد يكون هو متأوِّلاً، ويرى العالِمْ الآخِرْ أنه لا يجوز التَّكْفير، كذلك التَّفْسيق والتَّبْديع ، فهذه الحقيقة مِنْ فِتَنْ العصر الحاضر، ومِنْ تسرُّع بعض الشباب في إدِّعاء العِلْم سواءٌ مقصود أن هذا التَّسلْسُلْ أو هذا الإلزام هو اللازِم ابداً ، هذا بابٌ واسعْ قد يرى عالِمٌ أمْراً واجباً ، ويراه الآخَرُ . ْ ليس كذلك ، كما اختلف العلماء مِنْ قبل ومِنْ بعد إلا لأنه بعض الاجتهاد لا يُلْزم الآخرين بأن يأخذوا برأيهِ ، الذي يُوجِبْ الأخذَ ْ برأي الآخَرْ إنّما ذلك هوَ المُقَلِّدْ الذي لا علم عنده ، فهو يجب عليه أن يُقلِّدْ ، أمّا مَن كان عالماً كالذي كَفَّرَ أو فسَّقَ أو بَدَّعْ ، ولا يَرى مثل رأيهِ فلا يَلْزمُهُ أبداً أنْ يُتابِعَ ذلك العَالِمْ، الظاهر أن هذه المصيبة كأنها إن شاء الله ما انتشرت بعد مِنْ بلادكم إلى بلادٍ أخرى . [المصدر: شريط رقم778 السؤآل الرابع مِنْ " سلسلة الهدى والنور"].
الثاني: سُئل شيخنا العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله تعالى السؤال التالي : بارك الله فيكم؛ العقيدة السفارينية تكلم أحد طلاب العلم المعتبرين بأنها عقيدة غير عقيدة أهل السنة، وأنه من المتكلمين، فهل هذا حق ؟ الجواب: لا شك أن كل إنسان له أخطاء إلا من شاء الله، السفارينية فيها كلمات تنتقد. ولكن إذا كانت مسألة من آلاف المسائل منتقدة؛ هل يقال : إن الرجل خرج عن أهل السنة والجماعة أو خرج عن السلفية ؟!! وما ندري لعل هذا القائل هو الذي خرج عن السلفية !! إذ أن السلف يغتفرون قليل الخطأ في كثير الصواب ويحكمون بالقسط، أما أن يحكم بالجور، وإذا أخطأ إنسان ما في مسألة، وتبع فيها مذهباً مبتدعاً في هذه المسألة، قيل هذا من هؤلاء هذا أشعري ولا يؤخذ قوله ؛ هذا ليس من طريق السلف. السلف الصالح - رضي الله عنهم - ينظرون بين الحسنات والسيئات ويحكمون بالقسط. والعقيدة هي سلفية، لكن فيها أخطاء، لا شك فيها أخطاء، مثل وصف القرآن بالقدم، وفيها أيضاً بعض المسائل الأخرى نبهنا عليها في الشرح فيما سبق. [شرح العقيدة السفارينية (شريط رقم: ٢٨ - الوجه الثاني)] http://youtu.be/o-__tJeHqU0
أخي القارئ لم انته بعدُ فتابعني في المقال القادم إن شاء الله تعالى وتذكر أن قاعدة (وليعذر بعضنا بعضاً) قاعدة باطلة أصلها يهودي وقد استعملها بعض من يدعي العلم بل والسلفية كما سأبين ذلك إن شاء الله تعالى، والحمد لله أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.